12/04/2017 - 15:31

نضالُنا... بين الوطني والسياسي

تأتي قضية الأسرى في صلب اهتمامه، وهو ضمن موضوعات وقضايا أرادت المؤسسة أن تكون خارج لعبتها، ولكن رغم ذلك فإن فرض القضية أعطى نكهة خاصة في توسيع الحيّز الشعبي والجماهيري بموازاة البرلماني نصرةً لقضية الأسرى التي تتبوأ مكانة هامة في قضيتنا.

نضالُنا... بين الوطني والسياسي

تحاول المؤسسة الإسرائيلية، كلّ مرّة من جديد، رسم ملامح إطار العمل السياسي التي تريده لنا كفلسطينيين، وبطبيعة الحال، تفشل في رسم حدودها وفرض ذلك علينا، وتتفاجأ من مدى تمسّكنا في عمل ونضال أصعب مما أرادت لنا، والذي يحمل في طياته بعدًا وطنيًا ما يجعلها أكثر ارتباكًا وينعكس ذلك في محاولاتها المستمرة من النيل من العمل الوطني ومحاصرته في أدوات عديدة باتت لنا روتينية.

عندما اخترنا نضالنا السياسي إيمانًا منّا بأهمية تفكيك المشروع الصهيوني، إذ تجاوزنا مفهوم المواطنة التي فرضت علينا وانطلقنا في نضالنا من أن المواطنة مشتقة من الوطن وأصحابه.

ومن الأشكال التي أبدعَ فيها الفلسطيني، هي استثماره لنشاط فيه أشكال مُستحدثة من العمل السياسي، والكفاحي، والمجتمعي، والمبادرات الفردية، والجماعية، التي تتبلور خارج المنظومة السياسية التقليدية، مثل عشرات المبادرات التطوعية، وحركة مقاطعة إسرائيل، ومبادرات ولجان حق العودة، ولجان مقاومة الاستيطان، والنهوض الثقافي والأدبي الفلسطيني في الابتكارات العلمية والمسرح والرواية والسينما والفنون الشعبية، وهي أشكال من العمل السياسي والكفاحي، التي من الممكن أن تسهم في إعادة تشكيل الحقل الوطني الفلسطيني.

إن سياق المواطنة لم ولن يمنعنا من أن نعرّف أنفسنا جزءًا من المشروع الوطني الفلسطيني والحركة الوطنية، فنحن منخرطون في الوعي بأهمية النضال لتحقيق ما نريد، لذلك بات من البديهي أن يكون لعملنا السياسي بعدٌ وطنيٌ في كافة قضايانا.

ويأتي العمل البرلماني ضمن اعتبار أن كل المنابر النضالية متاحة أمام هذا الواقع المركّب. ويشغل البرلمان منبرًا احتجاجيًا هامًا لدخول اللعبة السياسية، ولكن المفارقة في حين يكون الخطاب والسلوك السياسي خارج حدود هذه اللعبة في محاولة إلى خلق واقع مغاير من العمل السياسي الوطني.

ترتبك المؤسسة الإسرائيلية من وجود صوت وخطاب وسلوك وطني من داخل البرلمان، بالإضافة إلى طرح موضوعات لها بوصلة وطنية وليست فقط خدماتية كما أرادت للعمل السياسي أن يكون. الخطاب الوطني الذي يتحدى الموجود، وتأتي قضية الأسرى في صلب اهتمامه، وهو ضمن موضوعات وقضايا أرادت المؤسسة أن تكون خارج لعبتها، ولكن رغم ذلك فإن فرض القضية أعطى نكهة خاصة في توسيع الحيّز الشعبي والجماهيري بموازاة البرلماني نصرةً لقضية الأسرى التي تتبوأ مكانة هامة في قضيتنا الفلسطينية، لذلك عندما ننظر إلى قضية النائب د. باسل غطاس واهتمامه الميداني البرلماني في قضية الأسرى قد يكون في مفهوم المؤسسة الإسرائيلية أنه تجاوز حدود المسموح والممنوع في أروقة البرلمان الإسرائيلي وتغليب الوطني على السياسي، إيمانا منه بعدالة قضية الأسرى ضمن مشروعنا الوطني الفلسطيني، مقابل مشروع صهيوني يحاول نهش كل ما في الخط الوطني الفلسطيني. وبذلك تحدى باسل مفهوم منظومة العمل السياسي وحطّم حدود روتين اللعبة السياسية واختار الموقف الوطني الإنساني. خصوصًا أنه صرّح بأن ما قام به نابع فقط من دوافع إنسانية وضميرية وأخلاقية، ومن هذا المنطلق تحمل المسؤولية عن ذلك لوحده، التي سيدفع ثمن حريته بها.

ويبقى السؤال في نهاية المطاف إلى أي مدى نحن قادرون على تطوير أدوات نضالنا مقابل نظام كولونيالي يحمل مشروعًا اقتلاعيًا واستيطانيًا تهميشي يحاول باستمرار أن يتعامل معنا ضمن مواطنة منقوصة في قواعد لعبة سياسية، أرادت لنا أن نكون فيها دون البعد الوطني ودون إدراكنا بوعي أننا أصحاب هذا الوطن.

 

التعليقات