05/06/2017 - 10:59

انتفاضة 1987 قادها جيل الهزيمة...

لقد شكلت نتائج حرب حزيران 1967، على الأدب الفلسطيني والعربي صدمة صاعقة ومفاجأة حرفت الأحلام والواقع بدرجة 180، فبعد البلاغات الإعلامية الكاذبة التي انطلت على المنتظرين المصدقين، انهارت أحلام الأقلام وأصحابها فبدأت – على تفاوت نسبي

انتفاضة 1987 قادها جيل الهزيمة...

لقد شكلت نتائج حرب حزيران 1967، على الأدب الفلسطيني والعربي صدمة صاعقة ومفاجأة حرفت الأحلام والواقع بدرجة 180، فبعد البلاغات الإعلامية الكاذبة التي انطلت على المنتظرين المصدقين، انهارت أحلام الأقلام وأصحابها فبدأت – على تفاوت نسبي – تخطّ وتراجع وتسأل وتحاول أن تشخّص بحثا عن حلّ وسبب وتوصيف.

هناك من بكى وعاد إلى سيرة أدب البكاء الذي أعقب النكبة الأولى 1948. وهناك من تحامل متسلّحا بفكر لا يعرف اليأس فكتب رافضا استدخال الهزيمة إلى الذّات، وهناك من بدأ ينتقد القيم التي سادت والإعداد الذي سبق، فكانت حركة من البحث يقابلها حالة يأس وحزن وخيبة في انتظار ما ستسفر عنه الأيام. ويُسجّل هنا الوعي المُرسل من شعراء الأرض المحتلة (1948) وأدبائها ممن خبروا التجربة والقادم الجديد فرفعوا المعنويات وواصلوا مسيرة الأدب المواجِه المنتمي.

كتب محمود درويش وقتها مخاطبا فدوى طوقان ليخبرها أنهم من عشرين عاما يقاتلون بالأدب والصمود والتفاؤل، وفعل زملاؤه فعله. وهنا كان الالتفات الإيجابي لمجموع الشعب الفلسطيني الباقي في أرضه وحلمه وأصالته. وكتب صادق جلال العظم منتقدا المنظومة الفكرية التي قادت إلى الهزيمة، وبدأ شاعر الطفولة سليمان العيسى العمل على كتابة قصائد وأناشيد للأطفال الذين سيخلفون جيل الهزيمة، وشاعت قصيدة نزار قباني "هوامش على دفتر النكسة" التي يطلب فيها من الأطفال العمل بعيدا عن النماذج المهزومة وطلب "جيلا ثائرا عملاقا يفلح الآفاق..." ولأن الأدب وكاتبه لا يستسلمان وإن غامت الرؤية وتشوشت الرؤيا فإن أدباء الأرض المحتلة في العام 1967م. وهم في ميدان المواجهة المباشرة واصلوا حمل راية التغيير والتنوير.

توجّه بعضهم إلى العمل السياسي والحزبي واهتموا بإصدار نشرات توعوية ونقابية وثقافية بروح الإعلام الآني مما أثّر على أساليبهم وأساليب من بدأ يكتب مع السنوات الأولى للهزيمة.

ولعبت المقاومة التي كانت على تخوم الوطن دورا في رفع المعنويات وإعادة الثقة للواقعين تحت الاحتلال مما دعا الأدباء للتّغني بها (المقاومة) بديلا للأنظمة المهزومة. وكان أن حملت الإصدارات الأولى لأدباء الضفة الغربية وقطاع غزة ما يشير إلى هذا التوجه الجديد. ومع البدء بإصدار الصحف اليومية ومجلة "البيادر" ثم "الكاتب" في سبعينيات القرن الماضي نشطت حركة التأليف والترميز لمواجهة مقص الرقيب المتربّص بأي كلمة أو جملة تحمل روح المقاومة.

 باختصار أقول: هي مرحلة يجب دراستها بعمق وهي التي لم يستسلم أهلها فكانت انتفاضة عام 1987م. بقيادة الجيل الجديد الذي ولد مع هزيمة الأنظمة قبل عشرين عاما من الحزن والصدمة.

إبراهيم جوهر كاتب وصحفي من القدس المحتلة

التعليقات