03/10/2016 - 19:36

مهند مات: رحيل "نحلة الثورة المصرية"

أغمض الشاب المصري، مهند إيهاب، الذي تجاوز العشرين بقليل ويلقب بـ"النحلة"، على سرير طبي، في أحد مستشفيات الولايات المتحدة الأميركية، عينيه ورحل عن الدنيا.

مهند مات: رحيل "نحلة الثورة المصرية"

مهند إيهاب (فيسبوك)

أغمض الشاب المصري، مهند إيهاب، الذي تجاوز العشرين بقليل ويلقب بـ'النحلة'، على سرير طبي، في أحد مستشفيات الولايات المتحدة الأميركية، عينيه ورحل عن الدنيا، بعد معاناة مع مرض السرطان، وبينما فارق عالم الواقع، بُعث بالعالم الافتراضي بعدما تصدر الوسم الذي يحمل اسمه محادثات التواصل الاجتماعي بمصر.

مهند الذي كانت محنة مرضه، محط اهتمام رواد التواصل الاجتماعي منذ نحو أشهر قليلة، كان يطمئن نفسه وزملاءه قبيل وفاته، بحسب فيديو تنقله صفحة والده على 'فيسبوك'، أنه سيخرج قويًا من محنة مرضه بسرطان الدم، الذي فاجأه بمعتقله، في مصر، في أيار/مايو 2015، قبل أن يفرج عنه قبل عام وينتقل لمشفى أميركي، بحثًا عن علاج ينقذه من الموت.

وضع إيهاب حسن، والد مهند، في وقت متأخر مساء الأحد، نهاية لأشهر أخيرة سلّطت الأضواء على محنة نجله بالدعوات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي بنعي لوحيده، قائلًا، 'إنا لله وإنا إليه راجعون... اصطفى الله ابني مهند إلى جواره الآن'.

الوالد الذي يتواجد بنيويورك، بجوار نجله، لم يجد في محنة فقد وليده الوحيد، إلا أن يسترجع ما كتبه نجله في حسابه على موقع 'فيسبوك'، التي كانت تذيل بلقب 'نحلة'، وأشبه بيوميات تسجل معاناته ومشاعره وطلبه الدائم بالدعاء، وأطلق البعض عليه يوم وفاته 'نحلة الثورة المصرية'.

واختار والد مهند استعانة نجله ببيت شعر عربي يقول 'أي يوم من الموت أفر... من المقدور لا ينجو الحذر'، وبكلمتي 'الله كريم'، ليعرف الشاب الذي فقد حياته مبكرًا لزوار صفحته، الذين تباروا في تقديم النعي والدعاء له.

في مقبرة الرحمة بنيوجيرسي، الأميركية، كان مستقرّ جثمان مهند، بعيد ساعات قليلة، بعد أداء صلاة الجنازة عليه في مسجد مصعب بن عمير، ظهر اليوم، بتوقيت شرق الولايات المتحدة، كما يقول محمد مسعد، أحد المصريين المقيمين بالولايات المتحدة والقائمين على مراسم دفنه.
أما أحمد شحاته، صديق العائلة، المتواجد بالولايات المتحدة، وأحد المرافقين لمهند، فيسترجع رحلة علاج قاربت العام في أحد المشافي الأميركية بنيويورك، قائلًا، إن 'مهند وحيد والديه، كان لا يخشي الموت رغم آلامه من المرض الذي ابتلي به في سجنه، ويقول إنه يخشى فقط على صدمة والده لفراقه'.

وأضاف شحاته، في حديث له، أن 'مهند رمز لمعاناة جيل الشباب المظلوم، كان كلما التقيه يقارن بين علاجه في المستشفى الأميركي، وما كان يعانيه في مستشفى سجنه بمصر، ويؤكد أن التعاطف الكبير معه يجب أن يتحول لشيء يدافع عن الشباب المسجون في مصر'.

وتابع أن 'مهند كانت أمنيته الشهادة، وأراه بعد كل أوجاعه نالها، بعد صبر على بلائه، واستمراره في حبه لوطنه رغم ما ناله منه في محبسه'.

وكتب، مروان طارق، أحد الأصدقاء المقربين لمهن'، كما يعرفه الراحل، ناعيًا صديقه، بصفحته على فيسبوك 'ربنا رحمك من أرض الظلم اللي احنا فيها... نتقابل في عالم مفيهوش سجون ولا كانسر... ولا ظلم ولا غربة ومليان بالناس اللي حبناهم... أنا وأنت يا صاحبي... في الجنة يا مهند'.

وكان الأمن المصري قد ألقى القبض على مهند، وفق صفحة والده على فيسبوك، في 27 أيلول/ ديسمبر 2013، وهو يصور إحدى المظاهرات، وكان عمره آنذاك 17 عامًا، فأودع إصلاحية الأحداث بكوم الدكة، مقر احتجاز عقابي لمن هم دون الـ18 عامًا في محافظة الإسكندرية شمالي البلاد، وصدر الحكم بسجنه 5 سنوات، تم تخفيفها في الاستئناف إلى 3 أشهر.
وفي 21 كانون الثاني/ يناير 2015، وكان عمر مهند 19 عامًا، اعتقل مرة أخرى ولنفس السبب 'تصوير مظاهرة'، بسجن برج العرب، شمالًا، في آذار/ مارس 2015، وفق المصدر السابق، وفي أيار/ مايو 2015، ظهرت علامات مرض على مهند، تم تشخيصها في مستشفى السجن بأنها 'أنيميا، ثم تايفود، ثم إصابة بفيروس في الكبد'، حتى استطاع والده الحصول على تحليل أجري له بالمستشفى وعرضه على أطباء بالخارج وعرف وقتها أن نجله مصاب بسرطان الدم.

وفي حزيران/ يونيو 2015، تلقى مهند علاجه الكيماوي بالمستشفى الحكومي، وهو رهن الاعتقال، وبعد تدهور صحته، ومع كثرة الشكاوى من أهله وأصدقائه، أُخلي سبيله مهند على ذمة القضية أواخر تموز/ يوليو، ليطير إلى الولايات المتحدة للعلاج، حتى أعلن عن وفاته اليوم، وفق ما كتبه والده.

اطَّلعَ الناشط الحقوقي المصري، أحمد مفرح، على حالة مهند إيهاب، بحكم عمله الحقوقي المختص بالسجون ومراكز الاحتجاز المصرية، وقال، إن 'قضية مهند هي مثال على ما نؤكد عليه منذ فترة، أن هناك سجناء يعانون من سوء المعيشة والرعاية الصحية داخل مراكز الاحتجاز في مصر'.

وأضاف أن 'حالة مهند ليست الأولى، هناك المئات من المصابين، وحالات وفاة عديدة جراء الإهمال الطبي بالسجون، ولكن الاهتمام الكبير بقضية مهند وتسليط الضوء الذي لاحقه على مواقع التواصل جدير بأن يدفع أصحاب الضمائر لأن يناقشوا قضية الإهمال الطبي في السجون بجدية بعيدًا عن أي تجاذبات سياسية أو حزبية، فهذه حقوق إنسانية'.

وعن موقعي التواصل الاجتماعي لم يرحل مهند، بل صار أيقونة يتصدر الترتيب الأول عبر 'تويتر'، بهاشتاغ '#مهند_مات'، بتغريدات تنيعه، مشيرة إلى أنه من لم يمت بالغرق مات بالمرض، ومحذرة من تكرار مصير مهند أيضًا في السجون المصرية.

اقرأ/ي أيضًا | عمرو أديب يعود عبر أنبوب غاز

وبعض التغريدات جعلت من مهند بطلًا، ورمزًا لدعوة معارضين في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، تحت عنوان' ثورة الغلابة'، للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية بمصر، مشبهة بينه وبين الشاب خالد سعيد، أيقونة ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بحكم المخلوع، حسني مبارك.

التعليقات