فينيسيا أم البندقية؟

قد يبدو اسم البندقية غريبا لمدينة وخصوصا أن معظم أسماء المدن العريقة مأخوذة من الميثولوجيا أو الإنجيل وتحمل معان عميقة أو جميلة. يعود أصل تسمية فينيسيا Venice أو بالإيطالية إلى Venezia إلى أهل فينيتي Veneti

فينيسيا أم البندقية؟

(توضيحية - unsplash)

قد يبدو اسم البندقية غريبا لمدينة وخصوصا أن معظم أسماء المدن العريقة مأخوذة من الميثولوجيا أو الإنجيل وتحمل معان عميقة أو جميلة. يعود أصل تسمية فينيسيا Venice أو بالإيطالية إلى Venezia إلى أهل فينيتي Veneti الذين قطنوا في المنطقة في القرن العاشر قبل الميلاد. أما الاسم باللغة العربية يعود إلى إطلاق لقب "الدوقية الجميلة" الذي يلفظ بـ(بونو دوكيا) أو (بونو دوتشيا) والذي تحول مع الزمن إلى البندقية.

أين تقع مدينة البندقية؟

من الطبيعي أن الجميع يعرف أن البندقية تقع في إيطاليا وأن الكثير من شوارعها عبارة عن قنوات مائية. تقع البندقية على وجه التحديد في الشمال الإيطالي وهي العاصمة الرسمية لإقليم "فينيتو". تطل البندقية على البحر الأدرياتيكي وتتكون من 118 جزيرة متقاربة ومتصلة ببعضها البعض عبر عدد من الجسور وتبلغ مساحتها الكلية 414.57 كم2 وعدد سكانها أكثر من 258.685 نسمة.

مناخ البندقية

يعتبر المناخ في مدينة البندقية شبه مداريا وذا رطوبة عالية كما أنها باردة خلال الشتاء وحارة خلال فصل الصيف. يعطيها قربها من البحر والقنوات المائية التي تتخللها جوا لطيفا ويعدله، حيث تسجل أدنى درجة حرارة خلال شتاء فينيسيا بـ3 درجات مئوية بينما ترتفع لتبلغ في فصل الصيف 24 درجة.

لذلك يوصف جوها بأنه متوسطي قاري إلا أن أهم سمات المناخ في هذه المدينة هي الرطوبة وما تسببه من ضباب خلال الشتاء وعدم سماحها للثلوج التي يمكن أن تتراكم خلال الشتاء بالتراكم. توصف أمطار البندقية بأنها شتوية خريفية بالرغم من إمكانية هطول الأمطار خلال عواصف الصيف المتفرقة. يطلق على الرياح التي تهب على المدينة عدة أسماء حسب الجهة التي تهب منها مثل ريح بورا وشيروكو وليبيشيو وكاربين.

هل ستغرق البندقية؟

هل ستغرق البندقية؟

شاعت منذ بعض العقود أخبار بأن مدينة البندقية تغرق في البحر شيئا فشيئا وأنها ستتلاشى عن الوجود بعد حين. وبالرغم من عوامل تردي المناخ عالميا وذوبان الجبال الثلجية في القطب وارتفاع منسوب مياه البحر إلا أن مقولة غرق البندقية قريبا قد يكون مبالغا بها.

تتأثر البندقية في الحقيقة بما يعرف بالمد والجزر ما أدى سابقا إلى غرق منطقة معينة فيها إلا أن هذه الحالة ليست دائمة وإنما تحدث بشكل رئيسي في الخريف والربيع وبالطبع يجعل ذلك عملية التنقل ضمن المدينة صعبة. يمكن القول إن سبب ظاهرة الغرق هذه يعود لعوامل الجو مثل الرياح والضغط الذي تسببه على المياه البحرية وعلى تناوب ظاهرتي المد والجزر بشكل طبيعي. يعتبر هذا الوضع طبيعيا وخصوصا أن فينيسيا تقع على البحر الأدرياتيكي الذي يوصف بأنه حوض مائي مغلق.

بالإضافة إلى العاملين الطبيعيين السابقين، فقد ساهمت بعض أعمال الإنسان الصناعية إلى تفاقم ظاهرة المد مثل التنقيب عن النفط وتعميق بعض الموانئ في المنطقة. وفي المقابل أدى تجفيف بعض المستنقعات القريبة بهدف إنشاء مناطق صناعية إلى الموازنة بين هذه العوامل كما جرى البدء بـ(مشروع موسى) عام 2003 إلى التقليل أيضا من آثار المد عبر إنشاء حواجز صناعية متنوعة على بعض مداخل الموانئ.

أهم معالم البندقية السياحية

أهم معالم البندقية السياحية

تتركز معظم الآثار التاريخية في مدينة البندقية في مركزها التاريخي وفي الجزر الواقعة ضمن البحيرة التي تتوسطها أما جزءها اليابس فيعتبر خاليا من المعالم الهامة. أشهر معالم المدينة هو الميدان الموجود في مركز المدينة ويطلق عليه "ميدان القديس ماركو" أو البيازا وتعني حرفيا كلمة ميدان وخصوصا أن باقي الأماكن المشابهة له في المدينة تعتبر مجرد ساحات.

كنيسة القديس ماركو مغطاة بالفن الفسيفسائي وسطحها الخارجي مطلي بالذهب وعليها أيضا نقوش نحتية تمثل أشهر العام. وفوق بوابتها الرئيسة 4 خيول برونزية جرى نقلها من مدينة القسطنطينية خلال الحملات الصليبية كما يمكن ملاحظة الصليب اليوناني على هذه الواجهة. يعتبر داخل الكنيسة أيضا من المشاهد التي لا يتوجب على السياح تفويت رؤيتها لأنها تحف فنية مجتمعة، كما أن أجراس الكنيسة تعتبر صرحا مميزا بحد ذاته إذ أنها منارة بحرية جرى تشييدها في العام 1173.

في الحقيقة فإن زيارة مدينة البندقية قد تعني جدولا حافلا من المتعة مثل رحلات القوارب الصغيرة في قنواتها والتي لطالما كانت وجهة لمشاهد الأفلام الحالمة أو كليبات الأغاني من كل الجنسيات بالإضافة إلى فن العمارة المميز في هذه المدينة وفنادقها القديمة التي جرى تجديدها ومطاعمها ذات المطبخ الإيطالي وكافيتيرياتها. ومن المعالم التي يمكن أيضا زيارتها أثناء الوجود في فينيسيا نذكر:

  • معبد اليهود.
  • مقصورة الرخام الأحمر.
  • دار الصناعة.
  • كنيسة سانتا ماريا دي سالوتا.
  • سانتا ماريا غلوريوزا دي فيراري.
  • مقهى فلوريان في البازا.
  • جزر بورانو ومورانوا وتوشيلو.
  • جزيرة ليدو وهي معقل مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.

الأدب الفينيسي

قد يكون تاجر البندقية وعطيل من أشهر الأعمال التي تقع أحداثها أو بعضها على الأقل في مدينة البندقية إلا أن هذه الأعمال للكاتب والشاعر الإنجليزي ويليام شكسبير أي أنها ليست إيطالية ولا تعود لمدينة البندقية أبدا. من الأعمال الأدبية التي تقع أحداثها في مدينة البندقية أيضا نذكر موت في البندقية للكاتب توماس مان، ومعجم المحبين في فينيسيا من إنتاج عام 2004 للكاتب الفرنسي الذي أمضى معظم عمره في هذه المدينة فيليب سولير.

أما بالنسبة للأعمال الأدبية التي أصلها من هذه المدينة فأشهرها هو أعمال ماركو بولو الذي كان تاجرا سافر إلى الشرق وسجل تجاربه والأحداث التي مر بها بالإضافة إلى تفاصيل عن الجزر واليابسة من المتوسط حتى الصين واليابان وروسيا برفقة صديقه وشريكه في الكتابة روستشيليو دا بيزا في كتاب بعنوان II Milione.

تأتي في المرتبة الثانية من أهم الأعمال الأدبية الفينيسية شخصية جياكومو كازانوفا الذي كان كاتبا ومغامرا سجل تجاربه وقصة حياته في سيرة ذاتية شيقة بعنوان "قصة حياتي" التي تصور أسلوب حياته المثير والذي جرى ربطه تلقائيا بمدينة البندقية. ولا زالت هذه الشخصية يضرب بها المثل حتى يومنا هذا عند ذكر المغامرات العاطفية والمخيلة الخصبة والحب الجامح. من أهم الكتاب الفينيسيين المسرحيين أيضا نذكر كارلو جولدوني وكارلو غوزي وروزانتي والشاعر أوغو فوسكولو.

التعليقات