إعادة برمجة الدماغ NLP - "الوعي واللاوعي" ماذا نعني؟

ميادة شحادة مصري

التقينا مع السيدة ميادة شحادة مصري، هي مربية تعمل كمستشارة تربوية، معالجة بالبرمجة اللغوية العصبية NLP والخيال الموجّه، لنعرف أكثر عما يعنيه ال NLP ـ هو موضوع علاجي سمعنا عنه مؤخرا، يتراوح بين الوعي واللا وعي بين العقل الباطن والعقل الواعي، كيف يؤثران في الإنسان وكيف يتم التغيير من أجل واقع أفضل وخاصة للأولاد، هل يمكن أن نغير ذلك وكيف؟

 سألناها ما يلي:

ما هو علاج البرمجة اللغوية العصبية؟ هل هو مجال علاج جديد؟
NLP اختصار لثلاث كلمات Neuro linguistics programing، برمجة لغوية للجهاز العصبي. ففي هذه البرمجة  نحن نحاول أن نغير الموجود في الذهن، لأننا نؤمن أن الإنسان يستطيع تغيير واقعه أو العالم عن طريق تغيير ما في ذهنه. بالاعتماد على الايحاءات، التأكيدات اللغوية الإيجابية الجديدة لتغيير الاعتقادات والقناعات السلبية. أي الهدف منها  تغيير العقل الباطن وليس العكس، أي برمجة جديدة للعقل الباطن.

على ماذا تعتمدون في البرمجة الجديدة؟
في البرمجة اللغوية العصبية نحن نعتمد على مجموعة طرق وأساليب تعتمد كلها على مبادئ حسية، لغوية وإدراكية تهدف لتطوير السلوك الإنساني ليصبح أكثر تميزا وابداعا وتطورا، وبذلك نساعده  على تحقيق أهدافه والوصول الى الإنجازات التي يريدها.

متى برز هذا النوع من العلاج؟
علاج البرمجة اللغوية العصبية تأسس على يد الدكتور "جون غريندر" والمحاضر "ريتشارد بندلر" منذ عام 1970، حيث قام الإثنان بفحص السبب للنجاح الكبير لبعض المعالجين النفسيين في علاجاتهم مثل "ميلتون أريكسون" و"فيرجينا ساتير"وغيرهم. في البلاد هنا  بدأ العلاج في سنوات التسعينات.

كيف يتم العلاج بالتحديد؟ 
بعلاج البرمجة اللغوية العصبية نحن نحدد هدفا معينا يحتاج الشخص لتحقيقه، والعلاج يكون من خلال تقنيات قوية من عالم البرمجة اللغوية العصبية، والعمل يكون على العقل الباطن (اللاواعي) Subconscious لأنه هو المسؤول عن كل ما نفكر به، نشعر ونؤمن أيضا، ويعتمد ذلك بالإضافة للاسترخاء والخيال الموجّه - Guided meditation والتي تُبنى بشكل ملائم للشخص المعالَج ونتائجها قد تكون مذهلة في كثير من الأحيان، وخلال وقت قصير جدا، وذلك لأنه داخل كل شخص فينا يوجد كنز اسمه العقل الباطن لا يعلم عنه الكثيرون، وعندما نعمل ونعير فيه يتفاجأ المتعالج لتأثيره على كل نفسيته ومجريات حياته.

من يلجأ لهذا النوع من العلاج؟ وفي أي جيل؟
بإمكان كل شخص التوجه لعلاج البرمجة اللغوية العصبية، كل شخص يحتاج لاجراء تغيير معين أو يريد الحصول على هدف معين بإمكانه التوجه لهذا العلاج، ما عدا الحالات النفسية الصعبة كانفصام الشخصية أو الجنون (psychosis) .
بالعلاج نحن نستقبل أطفالا من جيل خمس سنوات وما فوق، نتأكد من أن الطفل يستطيع أن يشاركنا الحديث، لأننا نحتاج إلى التواصل الكلامي معه عند تمرير التقنيات الخاصة به.
للأطفال واليافعين توجد تقنيات تختلف عن الكبار. 

- مع الأطفال نحن نستعمل أدوات ليعبر عن نفسه من خلالها مثل (المعجونة, القصة, الرسم, البطاقات وتمثيل أدوار بواسطة الدمى وغيرها)، نلائم التقنيات للجيل، ومدة العلاج تكون أقل من 45 دقيقة للصغار، بينما 60 دقيقة للكبار. وقد يجد الحلول لمشكلته هناك أيضا، أي أثناء هذه التقنيات المناسبة، طبعا العمل مع الطفل يكون بالتأثير على العقل الباطن الخاص به.

كم يحتل العقل الباطن من تفكير الإنسان ويتحكم بتصرفاته بمقابل الظاهر؟
-العقل الباطن (اللاوعي) بحسب عالم النفس فرويد، هو بمثابة طبقة نفسية أخرى موجودة داخل الوعي، وهو يظهر بواسطة الأحلام، عمليات عقلية تحدث دون مستوى الإدراك الواعي, وهو بمثابة مخزن أو مستودع لغرائز الإنسان، وهو يشمل مشاعر مكبوتة، تصورات مموهة، أفكار ومعتقدات قديمة، رغبات خفية، وهو مصدر الأحلام
(جزء من الحدس).
- اللاوعي يتحكم بكل أفعالنا الواعية. يتواصل معنا بواسطة الأشكال، الصور والرموز التي تصل اليه المعلومات عن طريق الحواس الخمس (استيعاب حسي لصورة، لحن، شعور، رائحة وغيرها. أحيانا كثيرة عن طريق أغنية معينة أو رائحة لطعام تذكرنا بالماضي أو ببيت الأجداد وغيرها.

- العقل الباطن ممكن التواصل مع الآخرين, هو المسؤول في كثير من الأحيان عما يصيب الشخص من أزمات نفسية ومشاكل صحية.أن يخلق للشخص المشاكل كونه يشمل الذكريات المكبوتة, المشاعر السلبية كالغضب والسلوك القهري, صعوبة

في الصورة أعلاه نرى جبل الجليد, الجزء الأعلى فوق المياه هو أشبه بالعقل الواعي بينما الجزء الأسفل والكبير تحت المياة يمثل اللا وعي او العقل الباطن. وهو الذي يتحكم بأكثر من 90% من تصرفاتنا وسلوكنا.
كيف يمكن أن يتحكم الأهل او المربين على العقل الباطن للأولاد بشكل علمي سليم؟
للأهل والمعلمين والبيئة المحيطة بالطفل التأثير الأكبر لما يحصل معه ولما يخزنه في اللاوعي
الخاص به. الطفل يخلق لوحة بيضاء بحسب علم النفس (Tabula Rasa)، ومن ثم يبدأ بإدخال الأمور وتخزينها في العقل الباطن. الطفل يكتسب معظم الأمور وتجارب الحياة من البيئة المحيطة والقريبة جدا منه وخاصة الأم والأب والعائلة ومن ثم المدرسة والمعلمين والأصدقاء، لذا هام جدا أن نعطي الطفل المساحة ليبدع والأهم أكثر أن نعطيه التشجيع والكلام الإيجابي، وأن نبحث عن نقاط القوة ونعززها وليس العكس.

- هام جدا أن ننتبه للغة التي نتحد,ث بها مع الطفل او الطالب في الصف.

- هام ان تكون لغة إيجابية وألا تشمل النفي (بدلا من ان نقول للطفل مثلا:

عليك الا تخاف أو بالعامية (تخافش) نقول له : كن هادئا، كل شيئ على ما يرام.

دماغ الطفل والعقل الباطن مثل الحاسوب, نحن نشتري حاسوبا فارغا ومن ثم يتم إدخال
البرامج فيه، وهكذا العقل الباطن فهو يخزن كل التجارب والذكريات التي يمر بها الشخص، كما
ويخزن كل الذكريات وخاصة المؤلمة والصعبة.
- الكثير من تصرفاتنا ترتبط بتجارب مررناها بها سابقا أو بأمور تخزنت في اللاوعي، أحيانا كثيرة
قد ترفض التعامل مع شخص معين وليس هناك سببا لذلك، لكن ممكن جدا أنه يذكرك بأخ لك وقد كان هو الأخ المفضل لوالديكما على سبيل المثال.
هل هنالك نصائح للأهل والمعلمين؟
بإمكان الأهل والمعلمين اتباع النصائح التالية وسوف تلحظون التغيير الإيجابي والتجاوب الكبير لأبنائكم ولتلاميذكم:
- الكلام الإيجابي دائما, أن نقول للشخص ماذا نريد، وليس ما لا نريد، لغة إيجابية لا تشمل النفي، مثلا المعلم في الصف، بدلا من ان يقول للطالب الذي يصيح بالصف، لا تصيح أو بالعامية (تصيحش)، يقول له، تحدث بصوت منخفض.
- الأم في البيت بدلا من أن تقول لابنها الصغير، لا اريد فوضى في البيت، فهي تقول: أريد ان تكون الغرفة مرتبة. 
- الإيمان بقدرات الطفل وتعزيزها وتكرار ذلك أمامه، أنت تستطيع، بامكانك انجاز المهمة.
- تعزيز نقاط القوة لديه والحديث عنها وليس الضعف، نعزز ما لدية وما يستطيع فعله وليس ما لا يستطيع فعله، ويجب الا نقارنه بغيره بل نقارنه مع نفسة اليوم وسابقا.
- نطلب من الطفل أن بتحدث عن نفسه بشكل إيجابي فقط مثلا، انا استطيع ،انا قوي، سوف أنجح، أنا أحب نفسي، انا موهوب، أنا رائع.
- نطلب منه ان يفعل ذلك صباحا ومساءً (ممكن امام المرآة) مع التكرار لتصبح تأكيدات وليؤمن بها العقل الباطن وبعدها تصبح حقيقية.
- كأهل وكمعلمين نحن لا نعمل من الحبة قبة، (كما قال المثل ) ونهول الأشياء أكثر من حجمها الطبيعي، الأم التي تقول لطفلتها (توكليش)، لا تأكلي، بإمكانها أن تقول: الأفضل أن تأكلي كميات ملائمة لك، أو يسرني أن تحافظي على جسم صحي لك.

 - لا يوجد نجاح أو فشل، بل هي تجارب نتعلم منها، نقول للطفل في حال لم ينجح أنه تعلم درسا وسوف ينجح أكيد مستقبلا.
 للمعلمين هام جدا، الانتباه لكل طالب يتعرض للتنمر والمضايقة سواء كان ذلك من طلاب وأحيانا من بعض المعلمين وللأسف، يوجد لهذا الأمر تأثير سلبي طويل الأمد على تطور شخصية الطفل وحياته ونفسيته فلا تدمروها لكي لا يحتاج العلاج مستقبلا.
- قاعدة هامة واساسية بالبرمجة اللغوية العصبية, الإنسان هو ليس ما يبدو من سلوكه الظاهر، فسلوك الشخص عندما يهاجمه سارق مثلا يختلف عن سلوكه في مكان العمل.
 - لكل شخص يوجد هدف إيجابي من وراء كل تصرف يقوم به، حتى لو لم يعجبنا التصرف، فمن قام به له هدفه الخاص، مثلا ولد يضرب زميله بالصف، نحن لا نقبل هذا السلوك لكن نعلم ان الطالب الذي استعمل العنف يريد بذلك أن يثبت للآخرين أنه الأقوى وليمنعهم من إيذائه.
- هام للاهل والمعلمين تقبل الإنسان كما هو، عدم إصدار الأحكام على الآخرين، فكل شخص يعيش ظروفا تختلف عنك وعن الآخر.
- هام أيضا عدم المقارنة بين الطلاب مجاهرة أو بين الإخوة، بل أن نقارن الشخص مع نفسه وكيف كان سابقا وكيف أصبح اليوم، المقارنة تزيد من شعور الغيرة وتضر بالعلاقة بين الأشخاص.
- وأخيرا التقبل والتفهم والتعاطف مع كل طفل، تقبله مع الإيجابيات والسلبيات، فمن منا بلا خطيئة؟
- الطفل يقيِّم نفسه بحسب ما يتلقى من الأهل والمدرسة والمحيط، لذا هام فقط تشجيعه وإعطاؤه الدعم والحب وبنفس الوقت وضع الحدود الصحية اللازمة أيضا.

ما هي عدد لقاءات العلاج مع الشخص المحتاج لذلك؟ وما هو مسار العلاج، أي كيف يتم ذلك؟
بعلاج البرمجة اللغوية نحدد هدف معين يحتاج الشخص تحقيقه، العلاج كما ذكرت سابقا يكون من خلال تقنيات قوية من عالم البرمجة اللغوية العصبية وبالتواصل مع العقل الباطن، أحيانا كثيرة نطلب من الشخص تغميض عينيه للدخول لعالم اللاوعي والتواصل معه. اللقاءات تكون لمدة ساعة وجاها أو بواسطة الزوم.

ليحصل الشخص على الهدف الخاص به يحتاج 12 لقاءً للكبار و 6 لقاءات للصغار. 
بداية اللقاءات, عادة تكون لتقوية وتعزيز الشخص ليؤمن بنفسه ومن ثم نعود للماضي ونجمله في حال كان صعبا، ويصبح بإمكان الشخص تذكر الماضي بشكل لطيف أكثر. ومن ثم نعمل بتقنيات تخص الحاضر والمستقبل.
- من خلال تقنيات البرمجة اللغوية العصبية نحن نغير بالصورة والحدث الأليم الذي تعرض له الشخص سابقا، نغير سيناريو الفيلم المحفوظ باللاوعي، لآخر إيجابي ولطيف أكثر.
- في قسم من اللقاءات نطلب من الشخص تغميض عينيه ليتواصل مع عقله الباطني, كما وتشمل اللقاءات تمارين استرخاء وخيال موجَّه، والاستلقاء واتباع تعليمات الشخص الموجِِّه (مع الاستماع الى موسيقى هادئة في الخلفية).

الاسترخاء يشمل ثلاث مراحل:
1. مرحلة الاسترخاء التأملي - استرخاء ذهني وجسدي يساعدنا في الدحول للعقل الباطن.
2. مرحلة التصور العميق - نعمل على قيادة الشخص الى تصور جميل وتدخل بعمق فيها.
3. بالمرحلة الأخيرة يتم قيادته للوصول الى الهدف المرغوب فيه.

للتأمل والاسترخاء فوائد عديدة منها: تقليل التوتر والقلق، تطور ونمو روحي، زيادة الثقة بالنفس, تحسين الشعور الذاتي, توسيع للوعي, التخلص من المشاعر والأفكار السلبية، تخفيف ضغط الحياة، توسيع الآفاق لحل المشاكل، تعزيز الإبداع، الاستمتاع باسترخاء عميق، علاج نفسي وجسدي، تحسين الأداء بالعمل، لتتشافي من الآلام.
في الختام:

نذكر أن العقل الباطن له قوانينه ونحن نتواصل معه لنفهم ألاعيبه ولنؤثر عليه وليس العكس.

العقل الباطن لا يميز بين الحقيقة والخيال، يستند على آخر تجربة يتذكرها الشخص، يتأثر بالإيحاء، الاسترخاء والتنفس العميق، حب التكرار والتوكيدات.

أعدت اللقاء وحررته: سوسن غطاس : موقع والدية برعاية موقع عرب 48