شجرة "الكريسماس" المحروقة وشيخ العيد

يولد الأطفال في أحضان أمهاتهم لينعموا بالدفء الطبيعي والغريزي من قلوب الأمهات، هكذا ولد يسوع الذي يحتفل العالم بذكرى ميلاده هذا العام، بفرح وتهلل وأمل لحياة أفضل.

لكن للعيد هذا العام طعم الفرح المنقوص والحلم البائد في قلوب ووجدان أطفال غزة يولدون ومكتوب على جباههم الإعدام أو اليتم والتشرد، هؤلاء من سيرعاهم وينشؤهم؟ واية تنشئة ناقصة من كل عناصر الوالدية الحقيقية سوف يواجهون؟

وما الميلاد؟

يُحتفل بعيد الميلاد في 25 ديسمبر من كل عام لدى الطوائف المسيحية بعيد ميلاد يسوع المسيح، ويعتبر هذا الاحتفال بميلاد المخلص، الأكثر احتفالًا في العالم المسيحي. يتم الاحتفال به بمختلف الطرق في شتى الثقافات والمجتمعات، وكل الشعوب تدعو للعطاء والمحبة والخير.

فكم شيخ عيد يدق أبواب بيوت الأطفال هذا العام، وتمتلئ البيوت بالأحمر والزينة والأضواء، وروائح الزنجبيل والقرفة والتوابل تملأ الفضاء والسماء والمطابخ، كم بابا نويل يعبر ليترك هدية تسعد قلوب البشر والأطفال ينتظرون الهدية بفارغ الصبر من عيد لعيد. 

ما الميلاد في غزة والولادة؟

تشير عبارة "حرب على غزة" إلى سلسلة من الصراعات العسكرية بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، وهو إقليم فلسطيني صغير يقع في شرق البحر الأبيض المتوسط وعلى الحدود المصرية الإسرائيلية. وقد وقعت هذه الحروب على مر السنين وأدت إلى دمار وخسائر بشرية جسيمة. وآخر حرب على غزة وقعت في مايو 2021، واستمرت لمدة 11 يومًا وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى وتدمير كبير في المناطق المدنية.

اما اليوم فالحرب على غزة أخذت شكلا همجيا بشعا ومختلفا، القضاء على الأخضر واليابس في البلد وقتل وتدمير الناس والحجر والرمل والبشر بشكل لم يسبق له مثيل، الاعتداء على الأبرياء وقتلهم دون رادع إنساني بسيط.

لم ينج من هذا الدمار لا شيخ ولا طفل ولا وليد ولا جنين في أرحام الأمهات، بات الأمر أشبه بانعدام للطفولة وبتر للأمومة واجتياح للفرح. حتى اللعب في بيوت الأطفال باتت تقصف وتباد وتدفن تحت الأنقاض والردم.

الميلاد والولادة والموت في غزة:

حين يكون الموت مواز للولادة في الحياة ومقرون ببداية تكوين مبتورة وأمل بائد، فهل هناك مكان للفرح والأعياد والزينة والألعاب، حين تكون الأضواء الوحيدة هي لون قنابل الدمار والخوف والهلع ، فكيف سيفرح هؤلاء، حين يصبح الأولاد دون أب أو أم أو معيل، ولا سرير ولا مقعد للدراسة واللهو، أي ميلاد هذا الذي سيعيد الفرحة للقلوب، وهدية تبعث الدفء في أطرافهم العارية في الخيم والبرد والريح.

فأي عدالة هي من السماء سوف تهبط على أطفال فقدوا معنى الطفولة قبل أن تولد.

جميل أن يزور بيوتنا الفرح في كل عام وجميل أن تتجمع العائلات والأطفال والألعاب والبابا نويل وأكل وكعك العيد، والشجر والزينة والأضواء، وهو أكثر ما يبعث الدفء في نفوس البشر، ولكن بالرغم من ذلك، فحري بنا أن نتذكر ألم الآخرين وندرك:

- أن يسوع ولد في مغارة، طفل في مذود وكان غطاؤه خرقة بسيطة لا ترف فيها ولا رفاهية.

- أن الميلاد هو للمحبة والعطاء وتجدد الحياة والتصالح مع النفس.

- أن معنى الفرح هو القلوب الدافئة وليس البذخ وكثرة المصروف والمظاهر المادية الفائض عن حدها.

- أن هناك أناس وأطفال على الأرض يشتهون كسرة الخبز والملبس الدافئ ونقطة الماء.

- ومثلما قال محمود درويش حري بنا أن نفكر بغيرنا في أيام الفرح وليس بأنفسنا فقط. 

بريشة الرسامة المصرية سحر عبدالله
مجلة حادي بادي

 - من المهم كأهل أن نذكر أولادنا أن يتذكروا هؤلاء الأطفال المحرومين من أبسط دواعي الفرح والأمل، وأن نفهمهم أن في هذا العام فرحنا مدموج بمآسي الآخرين غير القادرين على الاحتفال، وأن يكون احتفالنا مقلصا جدا ورمزيا وكله دعاء وأمل ورجاء ليحمي أطفال وأهل النازحين والمشردين والبؤساء.

- أن نفتح أبوابا أمام أولادنا للتفكير بالعطاء والتبرع والمساعدة في مثل هذه الظروف، فنربيهم على عدم الأنانية والأخذ فقط بل إدراك معنى العطاء والمحبة والأمل. 

بقلم: سوسن غطاس موقع والدية برعاية موقع عرب 48