حُمَّى غرب النيل - West Nile Fever- احذروا لدغ البعوض

بروفيسور زيد عباسي

 

 

بروفيسور زيد عباسي

محاضر وباحث في كلية الطب – التخنيون

مستشفى رامبام بحيفا

 

 

 

لقد تم تشخيص حمّى غرب النيل لأول مرة في عام 1937 في اوغندا في منطقة تقع غرب النيل، ليتم بعد ذلك ظهور المرض في المناطق المحيطة بضفاف النيل ومن هنا جاء اسمه حمّى غرب النيل، وهو مرض فيروسي ينتقل من الطيور والحيوانات إلى الإنسان عن طريق البعوض.

المسبب للمرض وطرق الإصابة:

مسبب المرض هو فيروس غرب النيل الذي ينتقل من الطيور وأنواع من الثدييات إلى البعوض (من نوع الكيولكس وبعوضة النمر الآسيوي)، (كما هو مبين في الصور أدناه)، ومنها إلى البشر عن طريق لدغة البعوض الذي يحمل الفيروس، أي أنَّ المسبب المباشر للمرض هو أنثى البعوض حيت تنقل الفيروس أثناء تناولها وجبة دم من الإنسان، بعد أن تكون قد تغذَّت على طائر مصاب بالمرض.

ومن الجدير بالذكر، بأن الكثير من الطيور تهاجر في الشتاء من الأماكن الباردة إلى الأماكن الحارّة، فإنها تنقل الفيروس إلى ما أبعد من حوض النيل ومنها بلادنا ودول الشرق الأوسط وحول العالم. لذلك موسم الصيف وأوائل الخريف هما الفصلان اللذان ينشط فيهما البعوض،  حتى وإن كانت قد تظهر حالات فردية للمرض على مدار العام.

يذكر أن العدوى كانت قد انتقلت للأفراد بطرق مختلفة منها:

- وجبات دم ملوثة بالفيروس

- زرع أعضاء،

 ولكن هنالك إجماع بأن المرض لا ينتقل من شخص إلى آخر دون واسطة البعوضة.

بعوضة كيولكس

 

بعوضة النمر الآسيوي

 

 

 

 

 

بعوضة كيولكس وبعوضة النمر الآسيوي.

الوضع في بلادنا:

تم اكتشاف المرض في سنوات الخمسين من القرن الماضي في البلاد. يشهد فصل الصيف وأول الخريف، شهر آب وأيلول، ازديادا ملحوظا في أعداد الإصابات بسبب تكاثر البعوض. ففي عام 1998 أصيب المئات من الأفراد بقرص البعوض، لتنحسر الأعداد إلى عدة عشرات في السنة منذ ذلك الحين.

للأسف هذا العام تم تشخيص 7 حالات في البلاد، أدت إلى وفاة شخصين بسبب الإصابة.

أعراض المرض ومضاعفاته:

في أغلب الأحيان لا تظهر أعراض للمرض في معظم المصابين، ولكن بالمجمل معظم أعراض المرض شبيهة بأعراض الإنفلونزا وتشمل:
1. الحمّى (75% من الحالات)

2. التعب والوهن

3. الصدّاع (20% من الحالات)

4. الغثيان والقيء

5. وجع المفاصل

6. طفح جلدي (نادر)

7. تورم الغدد الليمفاوية

- الأخطر من كل هذه الأعراض، هو العارض النادر الذي يظهر على 1% من المصابين ويتجلى في مرض خطير يصيب الجهاز العصبي، وعادةً يكون مرفق بالتهاب السحايا والتهاب الدماغ نفسه، وهذا يسبب الصداع والحمّى وتصلب الرقبة واضطرابات في الذاكرة وصعوبة التفكير والرعشة وترهل الأطراف وانخفاض حالة الوعي حتى الغيبوبة، وفي الحالات النادرة قد تكون هذه الأضرار طويلة المدى وقد تؤدي إلى الموت. لذلك ظهور حمّى مرفقة بترهل الأطراف وتلف عصبي وعدم القدرة على التركيز واضطرابات الذاكرة تشكل إنذارا للمريض بوجوب وضرورة مراجعة الطبيب.

المعرضون للإصابة بشكل عام:
- المسنون واللذين يعانون من أمراض كامنة ومزمنة أكثر.

- زارعو  الأعضاء

- الذين يعانون من جهاز مناعي مثبط.

- يصاب الأطفال أيضاً بحالات صعبة.

فترة الحضانة وظهور الأعراض

فترة الحضانة تتراوح ما بين 5 -21 يوما ولكن بالمعدل تكون حوالي الأسبوع. في الغالبية العظمى للحالات (80%) لا تظهر أعراض جدية، وإن كانت حمّى خفيفة، وفي وجود عارض مميز يظهر في 75% من الحالات. في الحالات النادرة التي تتميز بتلف الأعصاب، الدماغ, المرض قد يستمر لأسابيع أو حتى أشهر وقد يكون غير قابل للتعافي.

تشخيص المرض:

معظم الحالات غير مشخصة وذلك بسبب عدم ظهور أعراض جديّة, أو ظهور حمّى خفيفة تذهب من تلقاء نفسها. ولكن في الحالات الصعبة المرفقة بعوارض عصبيّة والتي تستوجب الاستشفاء، يتم أخذ عينة من السائل الشوكي ليتم الكشف عن وجود أجسام مضادّة (من نوع IgM) للفيروس، بالإضافة إلى إجراء تحليل للتحرّي عن وجود أجسام مضادّة للفيروس في الدم أو النسخ العكسي (PCR).

العلاجات:

لا يوجد علاج موجه لفيروس حمّى غرب النيل ولكن في الحالات الصعبة بين المسنين واللذين يعانون من أمراض مزمنة، فالعلاجات الداعمة التي تشمل التروية بالسوائل والحفاظ على مجاري الهواء الرئوية سالكة، والأدوية المخفضة للحرارة والحفاظ على ضغط الدم، هذه إجراءات متبعة.

طرق وقائية: 

الإجراءات الوقائية مهمة جدا في حال وجود حمى غرب النيل، وهي أفضل الطرق لمكافحة هذا المرض وتتلخص بما يلي:

- اتقاء وتحاشي لدغة البعوض بمحاولة منع تكاثرها بعدة طرق نذكر منها،

-  تكافل الجهود من السلطات ومن السكان. فعلى مستوى السلطات يجب العمل على تجفيف مجمعات المياه الراكدة أو رشها بالمبيدات من قبل السلطات المؤتمنة على عمليات مكافحة الآفات. لذلك في حالات ظهور أي إصابة يتم إبلاغ الجهات الصحية ووزارة حماية البيئة لكي يتم التعرف على مصدر الإصابة عن طريق أخذ عينات من البعوض المنتشر بالمنطقة المعنية وفحص إذا البعوض تحمل الفيروس.

- على صعيد الأفراد يمكن مكافحة البعوض وتقليل خطر الإصابة به بالطرق التقليدية، على شاكلة استعمال الناموسيات، والأجهزة الطاردة أو القاتلة للبعوض، وخصوصاً في ساعات المساء والليل. 

- يجب التحقق من عدم وجود خزانات ماء وبرك مكشوفة أو مستنقعات حول المنازل وحتى قوارير الزهور والإطارات والأواني المرميّة حول المنزل التي قد تشكل مرتعاً لتكاثر البعوض الذي يزدهر في البيئات الرطبة.

مُلَخَص وعِبَر:

مرض حمّى غرب النيل هو مرض فيروسي خفيف الأعراض، الذي يحاكي (يشبه) أعراض الإنفلونزا، ويختفي عادةً تلقائياً.

ينتقل الفيروس من الطيور أو الحيوان إلى الإنسان عن طريق البعوض. هناك حالات خطيرة لكنها نادرة لمضاعفات هذا المرض وتشمل، التهاب السحايا أو الدماغ، قد تودي بحياة المصاب.

وبما أن البعوض هو ناقل للمرض من الطيور إلى الإنسان فإن تجفيف مصادر المياه الراكدة بالقرب من المجمعات السكانية يعد الحل الأفضل، بالإضافة إلى تحاشي لدغة البعوض عن طريق استعمال الناموسيات والأجهزة الطاردة التي قد تساعد في مواجهة هذا المرض.

تقديم: سوسن غطاس موقع والدية برعاية موقع عرب 48