03/09/2016 - 19:58

عندَ آخرِ ما لمْ تصلْهُ القصيدة*

وكنتُ أحبُّكِ/ تكتبينَ بإصبعِكِ جملةً في ضبابِ الزّجاج/ تنبضينَ بروائحَ ساخنةٍ/ حولَ بردي الّذي يقصِفُ/ رمشَ الدّفءِ/ ويطفئُ عودَ الثّقاب.

عندَ آخرِ ما لمْ تصلْهُ القصيدة*

كستناء | عدسة Arbyreed

1

محمّد عريقات

كنتُ في اللّيلِ

أهذي

وكنتِ تمسحينَ بالماءِ الباردِ

قلبي/

قلبي كثيرُ الخدوشِ

مثل ركبةِ الطّفلِ.

 

وكنتُ أحبُّكِ

تكتبينَ بإصبعِكِ جملةً

في ضبابِ الزّجاج/

تنبضينَ بروائحَ ساخنةٍ

حولَ بردي الّذي يقصِفُ

رمشَ الدّفءِ

ويطفئُ عودَ الثّقاب.

 

هناكَ.

عندَ آخرِ ما لمْ تصلْهُ القصيدةُ

يجلسُ القلبُ على ركبتيْهِ

وتهوي المشاعرُ كالمِدَقَّةِ فوقَهُ

أقشّرُ الكستناءَ لسنجابٍ

يشاكسُ بينَنا

وأحملُ عنْ يديْكِ ثِقَلَ الهواءِ

ومرضي...

 

وأترنّمُ بلحنٍ أجشَّ:

السّماءُ تتنفّسُ منْ منخرٍ واحدٍ/

والأرضُ بالعدوى ستمرضُ/

أينَ تختبئُ السّناجبُ

لانتظارِ الصّيف؟

ستضيعُ دموعي معَ المطرِ الزّاخّ.

 

وكنتُ أحبُّكِ...

الأزرقُ تحتَ جفنيَّ

لا يملُّ التّشكّي منْ سهرٍ

دسَّ إصبعَهُ في عيني/

يدفعُني الحبورُ

لأنْ أملأَ اللّيلَ بالعواءِ

وأنْ أرقصَ مع صديقٍ ثملٍ

يحملُ

عنّي العواءَ

لحظةَ أبكي.

 

لستُ بهلولًا

أنا مخمورٌ ومتّسخُ الثّيابِ

أغنّي:

انتشلْتُ البئرَ منَ الزّجاجةِ...

وسكبتُها في فراغِ جمجمتي/

كيفَ حالُ ابنِكَ يا أبي؟

صفّقْ لنطفتِكَ

إنّها ترقصُ فوقَ الرّصيف.

 

2

الحلمُ يخترقُ المسافةَ

بين الدّلوِ والقاع/

بينَ عتمتي وقطعةِ ضوئِكِ

المتعربشةِ بثريّا السّقف

بينَ يدي وثمارِكِ والسّلّةِ

المجهولةِ الصّاحبِ

بينَ منامتِكِ وخفيرِ سهري

بينَ خدوشِ قلبي وباردِ مائِكِ

بيني وبينَكِ ليسَ أكثرَ

منْ إغماضةٍ

تجيءُ بلصوصِ المسافةِ

على فرحٍ منّي...

والصّحوُ هوَ اليأسُ

بينَ قلبي المكشوفِ لثمانينَ

جلدةٍ

ورحمةٍ واحدةٍ سيكشطُها

إصبعُكِ

عنْ جبينِ الجلّاد.

 

طيلةَ اللّيلِ

وأنا أتوقّعُ مجيءَ اللّصوص/

لصوصِ المسرّةِ

سأغادرُ البيتَ

أنا أقلُّ وأجبنُ

منْ أنْ أواجهَهم

همُ الآنَ يغادرونَ

بعدَ أنْ سرقوا

قلبي...

 

أسمعُ قشورَ الكستناءِ

تخشُّ

تحتَ أقدامِهم.

 

* من مجموعة "أكلتني الشّجرة" الصّادرة حديثًا عن المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر.

** شاعرٌ وصحافيٌّ فلسطينيٌّ يقيم في الأردنّ.

التعليقات