27/06/2016 - 11:01

إعلانات رمضان: إيحاءات وتحرش وهبوط بالذوق العام

يأتي شهر رمضان من كل عام ومعه كم هائل من الإعلانات والمسلسلات التي تدخل كل بيت، ويشاهدها الكبار والصغار، حيث الجلوس أمام التلفاز لمشاهدة المسلسلات والبرامج، حيث يتخللها الكثير من الإعلانات بمحتواها الإيجابي والسلبي

إعلانات رمضان: إيحاءات وتحرش وهبوط بالذوق العام

إعلان شركة جهينة - رمضان 2016 (يوتيوب)

يأتي شهر رمضان من كل عام ومعه كم هائل من الإعلانات والمسلسلات التي تدخل كل بيت، ويشاهدها الكبار والصغار، حيث الجلوس أمام التلفاز لمشاهدة المسلسلات والبرامج، حيث يتخللها الكثير من الإعلانات بمحتواها الإيجابي والسلبي، لتكون صاحبة تأثير مباشر على الحالة المجتمعية والأخلاقية والسلوكية التي تسود في المجتمعات العربية.

كانت محصلة إعلانات الفضائيات العربية ، وخاصة المعنية بالدراما، لهذا العام كبيرة ومتنوعة، فقد استخدمت الشركات أفكارا مختلفة ومتنوعة، بعضها متميز والبعض الآخر تعرض للكثير من الرفض والانتقادات، لما يحمله من إيحاءات يرفضها المجتمع، بعضها جنسية وأخرى تحرض على التحرش، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل استخدم الأطفال للترويج لمثل هذا النوع من الإعلانات التي تشكل خطرا على المجتمع وسلوكياته، وهو ما دفع جهاز حماية المستهلك في مصر إلى إلغاء عرض أكثر من إعلان على شاشات الفضائيات خلال شهر رمضان، لما تحتويه من ألفاظ وعادات لا تليق بالذوق العام، أيضا إيقاف بث إعلانات أخرى لعدم احترامها للذوق العام والعادات والتقاليد المجتمعية.

من جانبه، يقول عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك: إن الجهاز تلقى عدة شكاوى ضد مجموعة من الإعلانات التي أذيعت على التلفاز خلال شهر رمضان، بعضها يتضمن إيحاءات جنسية صريحة، بالإضافة إلى استخدام الأطفال بالمخالفة للمواصفات، وكذلك الترويج لنتائج غير حقيقية، كما تضمنت الشكوى إعلان لشركة ملابس سيدة عارية ترتدي ملابس داخلية فقط.

وحول التقييم الإعلامي والمهني لهذا النوع من الإعلانات، يؤكد د. محمود علم الدين، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أنه لأول مرة يكون هناك تجاوزات بهذا الشكل في الإعلانات المقدمة خلال شهر رمضان الكريم، مشيرا إلى أن الإعلانات أصبحت تأخذ أكثر من مستوى في التجاوز، فهناك مستوى الألفاظ، وذلك من خلال الهبوط بمستوى الحوار، والتعمد في استخدام لغة الشارع التي تعد غير لائقة بالنسبة للمشاهد والمتلقي، وهو ما يخالف وظيفة الإعلان، والتي تتمثل في تقديم فكرة مبتكرة جديدة ترتقي بمستوى المشاهد مثل الإعلان الذي تم عرضه قبل شهر رمضان، والخاص بمنتج الدجاج لإحدى الشركات المصنعة.

وأضاف علم الدين: هناك تجاوز آخر يتم استخدامه في الإعلانات ويتجسد في مستوى الفكرة المقدمة للمشاهد، وهذا يتمثل في الإعلانات التي استغلت الأطفال والمرأة سواء في إعلانات شركة الملابس أو إعلان الشركة الخاصة بمنتجات الألبان، حيث أنهم أظهروا الطفل بصورة موحشة فظة، وبشكل لا يتناسب مع أعمارهم وطبيعتهم البريئة، وكل هذا من أجل جذب المشاهد وإثارة الجدل، لافتا إلى أن هناك تجاوز آخر ويظهر من خلال الإيحاءات، ويبدو ذلك من خلال استغلال المرأة والسخرية من 'طبيعتها' بوضوح في أكثر من إعلان، لافتا إلى أن هذه الإعلانات فقدت قيمتها الأخلاقية وأصبح شعارها الانفلات وإفساد الذوق العام، متمنيا إصدار قانون الإعلام الموحد الذي سينظم مجال الإعلانات ويخضعها للعديد من الجهات الرقابية قبل السماح بعرضها على شاشات التلفاز.

كما أوضح د. حسن مكاوي، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقا، أن الإعلانات وصلت إلى حالة من الابتذال، والتي أصبحت السمة الغالبة على جميع الإعلانات تقريبا التي يتم عرضها حاليا، وهو ما يدل على الانحدار والإسفاف وانخفاض الذوق العام، مشيرا إلى أن تلك العبارات المستخدمة تعلم الأطفال سوء الخلق والألفاظ الخارجة وتدعوهم إلى التحرش، والسبب في ذلك يعود إلى الدولة التي تخلت عن الإعلام الرسمي وأفقدته قدرته على التواصل مع المجتمع وسمحت للقنوات الخاصة والشركات المنتجة بأن تختار نجوم الشاشة الذين يظهرون على التلفزيون، فالإعلان أصبح هو من يتحكم في الإعلام، مؤكدا أن مثل هذه الشركات المبتذلة تعد وسيلة للهدم، وعلى الدولة تطبيق قانون جديد ينص على فصل العمل الإعلاني عن العمل الإعلامي.

وعلى خلاف ذلك، يرى د. ياسر سرحان، الخبير في المجال الإعلاني، أن مثل هذه الإعلانات لا تحمل طابعا أو إيحاءات مبتذلة، فليس كل ما يتم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي يعبر عن المجتمع ككل، لأن المنظور الإعلاني لا يؤخذ بحسب ما يصل للمشاهد، لأنه يفهمه بطريقته الخاصة ومستواها الثقافي والأخلاقي، مشيرا إلى أنه لا يجوز الحد من تلك الأفكار الجديدة والإبداعية للإعلان، لأننا بذلك نقتل الإبداع المستوحى مما سيؤدي إلى وقف الإعلانات بشكل كلي.

هذا ويشكل مثل هذا النوع من الإعلانات خطرا كبيرا على المجتمع، خصوصا الأطفال، لأن الطفل يتأثر بالبرامج والمسلسلات والإعلانات المرئية بشكل مباشر، ويحول كل الخيالات التي يراها على شاشة التلفاز إلى واقع يحاكيه في أحلامه ويقظته، حيث يقوم بتحويل تلك القصص إلى وقائع حقيقية قد تؤثر بشكل كبير على سلوكياته وعلى النمو العقلي للطفل، كما أن الكثير من الأطفال يعملون على تقليد كل ما يرونه أمامهم على شاشات التلفاز، وهذا قد يسبب لهم الكثير من الضرر عند محاولتهم القيام بالأمور التي لا تمت للواقع والقدرات الطبيعية بصلة، كذلك يستمعون إلى ألفاظ ويرون مشاهد إيحائية يقدمون على تقليدها مما يشكل تأثيرا سلبيا على سلوكياتهم، ومن ثم على المجتمع ككل.

اقرأ/ي أيضًا| 'الزمن الأغبر' ... ما لا تعرفه عن الإعلام السعودي

التعليقات