حلفاء الولايات المتّحدة يعرضون عن التحالُف ضدّ هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

كان الرئيس الأميركي، يأمل في تشكيل تحالف دولي قوي للتصدي لهجمات جماعة الحوثي اليمنية على السفن في البحر الأحمر من خلال تشكيل قوة عسكرية بحرية جديدة، في ظلّ الحرب على غزة، لكن نحو نصف الدول العشرين لم تُقرّ  بمساهماتها.

حلفاء الولايات المتّحدة يعرضون عن التحالُف ضدّ هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

عناصر "الحوثي" على متن سفينة استولوا عليها (Getty Images)

يبدو أن العديد من حلفاء الولايات المتّحدة، لا يريدون الانضمام؛ سواء علنا أو على الإطلاق إلى قوة المهام التي أعلنت واشنطن أنها عبارة عن تحالُف يضم أكثر من 20 دولة، بهدف ضمان حرية حركة التجارة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات عبر ممر ملاحي حيوي في البحر الأحمر قبالة اليمن، بظلّ استمرار هجمات الحوثيين في اليمن، وذلك بعد أسبوع من إطلاقها.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، يأمل في تشكيل تحالف دولي قوي للتصدي لهجمات جماعة الحوثي اليمنية على السفن في البحر الأحمر من خلال تشكيل قوة عسكرية بحرية جديدة، في ظلّ الحرب على غزة، لكن نحو نصف الدول العشرين لم تُقدم حتى الآن على الإقرار بمساهماتها، ولم تسمح أيضا للولايات المتحدة بالقيام بذلك. وتتراوح هذه المساهمات بين إرسال سفن بحرية والمشاركة بضباط.

وأصدرت دولتان من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، وهما إيطاليا وإسبانيا، بيانات تشير فيما يبدو إلى أنهما تعرضان عن المشاركة في القوة العسكرية البحرية، وذلك على الرغم من الإعلان عن أنهما من المساهمين في عملية "حارس الازدهار".

ويعكس امتناع بعض حلفاء الولايات المتحدة عن الانضمام إلى قوة المهام (التحالُف)، الخلافات الناجمة عن الحرب في قطاع غزة، إذ يدعم الرئيس الأميركي إسرائيل بقوة حتى مع تزايد الانتقادات الدولية للحرب التي تؤكّد وزارة الصحة في غزة أنها أودت بحياة أكثر من 21 ألف فلسطيني.

سفينة استولى الحوثيون عليها (Getty Images)

وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كمبلوتنسي بمدريد، ديفيد هيرنانديز، إن "الحكومات الأوروبية تشعر بقلق بالغ من أن ينقلب عليها قطاع من ناخبيها المحتملين"، مشيرا إلى أن الشعب الأوروبي ينتقد إسرائيل على نحو متزايد، ويخشى من التورط في صراع.

وهاجم الحوثيون المتحالفون مع إيران عشر سفن بالصواريخ والطائرات المسيرة منذ 19 تشرين الثاني/ نوفمبر، أو استولوا عليها، في مسعى لخلق تبعات دولية للحرب على غزة.

وأسقطت القوات البحرية للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا كل على حدة، طائرات مسيرة أو صواريخ أطلقها الحوثيون.

وقال مصدر مطلع على تفكير إدارة بايدن إن الولايات المتحدة تعتقد أن هجمات الحوثيين المتزايدة، تتطلب ردا دوليا منفصلا عن الصراع المحتدم في غزة.

والبحر الأحمر هو المدخل للسفن التي تستخدم قناة السويس، التي يمر بها حوالي 12‭‭‭‭ ‬‬‬‬بالمئة من حجم التجارة العالمية‭‭‭‭ ‬‬‬‬وهي طريق مهم لحركة البضائع بين آسيا وأوروبا. وقد أدت هجمات الحوثيين إلى تغيير مسار بعض السفن لتدور حول أفريقيا عبر طريق رأس الرجاء الصالح مما زاد بشكل كبير من وقت الإبحار والتكاليف.

وقالت شركة "ميرسك" الدنمركية العملاقة للحاويات، السبت الماضي، إنها ستستأنف عمليات الشحن عبر البحر الأحمر وخليج عدن لكن شركة "هاباج لويد" الألمانية قالت أمس الأربعاء، إنها لا تزال تعتقد أن البحر الأحمر محفوف بالمخاطر، وستواصل إرسال السفن للمرور عبر طريق رأس الرجاء الصالح.

خلاف بشأن غزة

تقول الولايات المتحدة إن 20 دولة انضمت إلى قوة المهام البحرية التي تقودها، لكنها لم تذكر بالاسم سوى 12 دولة فقط.

وقال الميجر جنرال الأميركي باتريك رايدر للصحافيين، الأسبوع الماضي: "سنسمح للدول الأخرى بالتحدث عن مشاركتها".

(Getty Images)

وأبدى الاتحاد الأوروبي دعمه لقوة المهام البحرية ببيان مشترك يندّد بهجمات الحوثيين.

وعلى الرغم من أن بريطانيا واليونان ودول أخرى عبّرت علنا عن انضمامها للعملية العسكرية الأميركية، فإن العديد من الدول التي ورد ذكرها في الإعلان الأميركي سارعت إلى القول إنها لا تشارك في العملية بشكل مباشر.

وقالت وزارة الدفاع الإيطالية إنها سترسل سفينة إلى البحر الأحمر استجابة لطلب ملاك السفن الإيطاليين وليس في إطار العملية الأميركية. وقالت فرنسا إنها تدعم الجهود المبذولة لتأمين حرية الملاحة في البحر الأحمر، لكن سفنها ستبقى تحت القيادة الفرنسية.

وتقول إسبانيا إنها لن تنضم إلى عملية "حارس الازدهار"، وتعارض استغلال عملية "أتالانتا" العسكرية الحالية لمكافحة أعمال القرصنة والتابعة للاتحاد الأوروبي لحماية الشحن في البحر الأحمر. لكن رئيس الوزراء، بيدرو سانتشيث، قال أمس الأربعاء، إنه مستعد للنظر في إطلاق مهمة مختلفة للتصدي للمشكلة.

ولم تبد السعودية والإمارات اهتماما بالمبادرة.

الرئيس الأميركيّ، بايدن (Getty Images)

ويساعد الغضب العام تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة في تفسير قدر من معارضة القادة السياسيين. فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة "يوجوف" مؤخرا، أن أغلبية كبيرة من مواطني غرب أوروبا ـ خاصة إسبانيا وإيطاليا ـ يعتقدون أنه يتعين على إسرائيل وقف العمليات العسكرية في غزة.

وهناك أيضا خطر أن تتعرض الدول المشاركة لانتقام من جماعة الحوثي. ويقول الشخص المطلع على تفكير الإدارة الأميركية إن هذا الخطر - وليس الخلافات حول غزة - هو ما يدفع بعض الدول إلى الابتعاد عن هذه العملية.

ويبدو أن هذا هو الموقف نفسه للهند التي لن تنضم إلى العملية الأميركية على الأرجح، وفقا لمسؤول عسكري هندي كبير. وقال مسؤول حكومي هندي إن الحكومة تشعر بالقلق من أن التحالف مع الولايات المتحدة قد يحولها إلى دولة مستهدفة.

الدعم الدوليّ اللازم

في الواقع، تشارك العديد من الدول الأوروبية والخليجية بالفعل في أحد التحالفات العسكرية العديدة التي تقودها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومن بينها تحالف القوات البحرية المشتركة الذي يضم 39 دولة.

ووفقا لمتحدث باسم عملية "أتالانتا" التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن العملية تتعاون بالفعل مع تحالف القوات البحرية المشتركة في إطار "علاقة متبادلة".

ويعني هذا أن بعض الدول التي لم تنضم رسميا إلى قوة المهام البحرية في البحر الأحمر، لا يزال بإمكانها تنسيق الدوريات مع البحرية الأميركية.

وعلى سبيل المثال، لم تعلن إيطاليا، وهي عضو في عملية أتالانتا، أنها ستنضم إلى عملية "حارس الازدهار"، لكن مصدرا حكوميا إيطاليا قال لـ"رويترز"، إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة راض عن المساهمة التي تقدمها روما.

(Getty Images)

وأضاف المصدر أن قرار إرسال فرقاطة بحرية في إطار العمليات الحالية بمثابة وسيلة لتسريع نشر القوات العسكرية ولم يتطلب القرار موافقة جديدة من البرلمان.

وتأتي المساعي الأميركية لجذب الدعم الدولي لجهودها الأمنية في البحر الأحمر في ظل ضغوط متعددة تواجهها الولايات المتحدة من "وكلاء إيران العسكريين" في المنطقة.

وإلى جانب الحوثيين في اليمن، تشن الفصائل المدعومة من إيران هجمات على القوات الأميركية في سورية والعراق.

وحتى الآن، شنت الولايات المتحدة ضربات جوية انتقامية محدودة ضد الفصائل في العراق وسورية، لكنها امتنعت عن القيام بذلك في اليمن.

وقال مايكل مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط في عهد إدارة ترامب، إن هدف البنتاغون من التحالف البحري الجديد، هو جعل أي هجمات مستقبلية يشنها الحوثيون قضية دولية، وفصلها عن الحرب على غزة.

(Getty Images)

وأضاف: "بمجرد أن تبدأ عملية حارس الازدهار في حماية سفن الشحن الدولية وتتعرض لهجوم مباشر، فإن (الحوثيين) سيهاجمون التحالف بأكمله وليس الولايات المتحدة فقط".

التعليقات