هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بظلّ الحرب على غزّة... معضلة إستراتيجيّة أمام التحالُف الدوليّ

يقول فابيان هينز من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، إن "التقدم في تكنولوجيا الصواريخ والمسيرات" يعني أن "الدول والمجموعات ذات القوات الجوية الضعيفة أو المعدومة، بإمكانها تنفيذ ضربات بعيدة المدى، باستخدام مسيرات أو صواريخ مضادة للسفن". وأضاف: "إنه واقع جديد بالنسبة للغرب".

هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بظلّ الحرب على غزّة... معضلة إستراتيجيّة أمام التحالُف الدوليّ

طائرة للحوثيين قبيل السيطرة على سفينة بالبحر الأحمر (Getty Images)

ما هي كيفية التصرف وبأي وسيلة؟ من ينبغي حمايته وبأي عواقب؟ على التحالف الدولي ضد المتمردين الحوثيين اليمنيين في البحر الأحمر، إظهار قدراته العملياتية في بيئة عسكرية وإستراتيجية مفخخة.

أعلن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الإثنين، تشكيل تحالف دولي يضمّ عشرة بلدان، للتصدّي لهجمات الحوثيين المتكررة على سفن يعتبرونها "مرتبطة" بإسرائيل؛ لكن بعيدا عن وقع الإعلان، تحوم تساؤلات حول فعالية الجهاز.

ويعطل الحوثيون حركة السفن التجارية من خلال مضاعفة الهجمات بالقرب من مضيق باب المندب، وخصوصا عبر تنفيذ ضربات بالصواريخ والمسيرات.

يقول فابيان هينز من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، إن "التقدم في تكنولوجيا الصواريخ والمسيرات" يعني أن "الدول والمجموعات ذات القوات الجوية الضعيفة أو المعدومة، بإمكانها تنفيذ ضربات بعيدة المدى، باستخدام مسيرات أو صواريخ مضادة للسفن". وأضاف: "إنه واقع جديد بالنسبة للغرب".

وثمة مصدر آخر ممكن للضربات، بحسب تحذير ديرك سيبلز، المحلّل في مجموعة "ريسك إنتليجنس" الدنماركية، والذي تساءل: "هل سيتحول التركيز إلى التهديد الحالي المتمثل في الهجمات الجوية؟ قد يشجع هذا الحوثيين على استخدام مسيراتهم البحرية التي سبق أن أثبتت فعاليتها الكبيرة".

مقاتلو "الحوثي" على متن سفينة سيطروا عليها (Getty Images)

وأضاف أن "مجرد إمكانية استخدام المسيرات البحرية تزيد بالتأكيد الأمر تعقيدًا".

يتعين على التحالف فعل الكثير لضمان حرية الملاحة في المضيق. ويبرر الحوثيون هجماتهم بـ "التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد الحصار المفروض على قطاع غزة" من قبل إسرائيل. لكن الواقع أكثر تعقيدا.

ورأت الخبيرة المستقلة إيفا كولوريوتيس عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، أن "هذه الهجمات أصبحت عشوائية والسفن المستهدفة ليس لها أي صلة بإسرائيل، ولا تتجه نحو ميناء إيلات" الإسرائيلي، وفق ما ترى.

وتوفّر الصناعة البحرية أيضًا تركيبات صناعية معقدة.

وقال سيبلز: "قد تكون السفينة مملوكة لشركة مسجلة في جزيرة ما، وتشرف عليها هيئة في ألمانيا قامت بتعيين مشرف بحري مقره في سنغافورة لتشغيل السفينة التي ترفع علم ليبيريا، والمؤمنة في بريطانيا".

اقتياد السفينة بعد السيطرة عليها (Getty Images)

وبما أن التحالف لن يمتلك الوسائل العسكرية لحماية كل سفينة، فعلى ماذا يستند الاختيار والفرز وتحديد الأولويات؟ قد يمكنه أن يحاول ردع الحوثيين وصدّ عدد من الهجمات، لكنه سيجد صعوبة في ضمان الحركة الآمنة للمشغلين.

ويتم بالضرورة التطرق إلى قضية ضرب الحوثيين لتدمير قدراتهم البالستية. وقد لا يكون الخيار مطروحا بشكل رسمي ولكن تجري مناقشته.

تؤكد كولوريوتيس أن "الحكومة الإسرائيلية مستعدة لشن ضربات جوية (...) في صنعاء وصعدة في اليمن، لكن واشنطن منعت العمل العسكري رغبة منها في احتواء الخسائر المرتبطة بهذه القضية".

ويشير مركز صوفان للأبحاث، المتخصص في القضايا الأمنية ومقره في نيويورك، إلى أنه "في الوقت الحالي، لاتنوي الولايات المتحدة وحلفاؤها شن هجمات انتقامية ضد أهداف للحوثيين، في اليمن أو على سواحلها".

(Getty Images)

ويرى أن التحالف "يقدّم بديلا لهذا الخيار المُستَحسَن، ولكنه أكثر خطورة".

إلا أنه اشار إلى أن تكرار الهجمات في البحر الأحمر، الممر الرئيسي للتجارة العالمية، يزيد من هذا الاحتمال، معتبرا أن ردع المتمردين عن تنفيذ المزيد من الهجمات يتطلب ما هو أبعد من العقوبات المتوقعة أو الإجراءات الدبلوماسية.

وضرب الحوثيين ينذر بفتح جبهة جديدة ضد أحد أعضاء "محور المقاومة" لإسرائيل، إلى جانب حركة حماس وحزب الله اللبناني.

(Getty Images)

غير أن الغرب يريد تحديدا منع النزاع بين حماس وإسرائيل من زعزعة الاستقرار في المنطقة برمتها، وجرّ إيران إليه في نهاية المطاف.

وتحاول السعودية والحوثيون مواصلة محادثات السلام الهشة لإنهاء الحرب في اليمن، والتي أودت بحياة 400 ألف شخص منذ عام 2014.

وعَدَّ سيبلز أنه "من غير المرجح أن يعرض الحوثيون للخطر اتفاقا محتملا من خلال تصرف من شأنه أن يثير رد فعل سعودي".

وأكد هشام الغنام من جامعة "نايف العربية للعلوم الأمنية" في الرياض، أن السعودية "ليس لديها أي نية لتجميد مفاوضاتها مع الحوثيين واستئناف الحرب معهم".

(Getty Images)

التعليقات