محللون إسرائيليون: أهداف "طموحة" للحرب على غزة وضد حزب الله

"السجال في إسرائيل حول هزم حماس سابق لأوانه، ولا يوجد دليل مقنع على انهيارها القريب"* "علينا أن نعترف بالواقع المؤلم قبل أن نتدهور إلى حرب مع حزب الله، ستبدو مختلفة كليا عن محاربة حماس ولن تقود إلى تغيير دراماتيكي"

محللون إسرائيليون: أهداف

دمار ألحقه سقوط قذيفة صاروخية أطلِقت من قطاع غزة في مدينة حولون، أمس (خدمة الإطفاء والإنقاذ)

وصف محللون عسكريون إسرائيليون اليوم، الثلاثاء، أهداف إسرائيل في الحرب على غزة بأنها "طموحة"، وألمحوا إلى صعوبة تحقيقها. ورأوا أن هذا لا ينطبق على قطاع غزة وفصائل المقاومة فيه وفي مقدمتها حركة حماس فقط، وإنما ينطبق على حزب الله أيضا، الذي إذا نشبت حرب معه ستواجه إسرائيل مخاطر كبيرة جدا، لا مقارنة بينها وبين الحرب على غزة من حيث الخسائر التي ستتكبدها إسرائيل، بحسبهم.

وأشار عاموس هرئيل في صحيفة "هآرتس"، إلى أن "تقدم المناورة البرية لا يؤدي إلى تقليص حجم الخسائر الإسرائيلية، ومقاومة حماس، في بعض المناطق، لا تزال شديدة. ويبدو أن السجال حول هزم حماس سابق لأوانه، ولا يوجد دليل مقنع على انهيارها القريب".

وأشار إلى أن "استمرار التقدم العسكري الإسرائيلي، الذي يبرز في خانيونس بالأساس، يركز الخطوات الإسرائيلية على القتال نفسه. وهذا يجري على حساب المجهود من أجل تحرير المخطوفين المتبقين وعددهم 137. ويبدو أن الحكومة وجهاز الأمن يتحركان في هذا الموضوع ببطء، بالرغم من أنه معروف أن مخطوفين يموتون في الأسر"، وادعى أنه "في بعض الحالات تقتلهم حماس عمدا".

وأضاف أنه "لم تنطلق بعد المفاوضات حول صفقة أخرى بوساطة قطر. وتتمسك إسرائيل الرسمية بالادعاء أنه من خلال تشديد الضغط العسكري فقط سيؤدي إلى تليين موقف حماس وتحرير مخطوفين آخرين".

أطفال فلسطينيون يبحثون عن أشياء يمكن إنقاذها من تحت الأنقاض في رفح بعد غارة إسرائيلية، صباح اليوم (Getty Images)

واعتبر هرئيل أن "المعارك على الأرض تعزز التقدير السائد في هيئة الأركان العامة أن بالإمكان، في مدى أبعد، تحقيق هدف تفكيك القدرات العسكرية والتنظيمية لحماس في القطاع. وتحقيق ذلك متعلق بالجدول الزمني، وبإمكانية استمرار الجيش الإسرائيلي في الهجوم على الأرض بقوة كبيرة، وبعد ذلك تغيير أسلوب العمل إلى اقتحامات، فيما ينتقل معظم القوة العسكرية إلى المكوث بالقرب من حدود القطاع".

ولفت هرئيل إلى أنه "حتى لو طبّق الجيش الإسرائيلي خططه، فإن نقطة ضعفه تتعلق بتنسيق التوقعات مع الجمهور، الذي سمع من القيادة السياسية وعودا بالقضاء على نظام حماس، إعادة جميع المخطوفين وإعادة إعمار جميع بلدات غلاف غزة، من خلال إزالة التهديد الأمني عنها".

وشدد على أن "هذه غايات طموحة، وبات واضحا الآن أن ليس جميعها ستحقق في الفترة الزمنية الأولى، بأسابيع معدودة، التي توشك إسرائيل على ما يبدو أن توافق عليها بضغط أميركي".

ورأى أن "المصاعب الاقتصادية الهائلة والآخذة بالتفاقم، والأعباء على جنود الاحتياط والتوقعات الأميركية، هذه كلها ستؤثر على ما يبدو على تقصير مدة العملية المكثفة داخل القطاع. وفي هذه الحالة، ستواجه الحكومة والجيش صعوبة مزدوجة".

وأشار هرئيل في هذا السياق إلى أن "قسما من الجمهور يرى أفضلية عليا بتحرير المخطوفين وأي تأخير بإعادتهم سيبدو بنظره أنه فشل كبير. ومن الجهة الثانية، يوجد كثيرون الذين يطالبون بحسم كامل ضد حماس وينظرون إلى تقليص القوات، من خلال تعهد مستقبلي باستكمال المهمة، أنه تهرب للقيادة من تحقيق الأهداف التي تم التعهد بها في بداية الحرب".

حزب الله

من جانبه، تطرق يوسي يهوشواع في "يديعوت أحرونوت" إلى القتال في جبهة إسرائيل الشمالية مقابل حزب الله، حيث يجري تبادل قصف ولا يتجاوز ذلك إلى سقف حرب طاحنة. واعتبر يهوشواع أنه "بخلاف وضع الحرب في غزة، سيتوقف تبادل الضربات بين إسرائيل وحزب الله بسرعة على الأرجح في ظل ضغط دولي".

وأضاف أنه "بعد ذلك بعدة أشهر، سيعيد حزب الله قواته، مثلما فعل بعد الحرب السابقة، ولكن هذه المرة سيستغرق وقتا أقل بكثير. ولذلك، قبل أن نتدهور إلى حرب كهذه بسبب سوء فهم، من الصواب استنفاد العملية السياسية، أي محاولة التوصل إلى معادلة تُبعد تهديد حزب الله عن الحدود حتى من دون جلوس ملايين الإسرائيليين في الملاجئ لفترة طويلة، وفي المقابل ألا تبدو لبنان مثل مدينة غزة بعد عناية سلاح الجو بها" أي بعد القصف الجوي الإسرائيلي الذي خلف دمارا رهيبا.

قصف إسرائيلي في جنوب لبنان، السبت الماضي ( Getty Images)

ووصف يهوشواع إجلاء سكان البلدات الإسرائيلية الحدودية بأنه "حزام أمني" أقامه حزب الله من دون أن يحتل هذه البلدات.

وأضاف أن إحدى الخطوات التي بإمكان إسرائيل تنفيذها ولن تقود إلى حرب، "هي ضمان مجموعة خطوات اقتصادية، تعزز صورة حزب الله كـ’حامي لبنان’ في الوقت الذي تعاني فيه الدولة الفاشلة من أزمة شديدة، إلى جانب تعديلات حدودية في نقاط الاحتكاك في مزارع شبعا وقرية الغجر".

وتابع أن "علينا أن نعترف بالواقع المؤلم قبل أن نتدهور إلى حرب، ستبدو مختلفة كليا عن محاربة حماس وكذلك لن تقود إلى تغيير دراماتيكي. فحزب الله مسلح بـ150 ألف قذيفة صاروخية – عشرة أضعاف قذائف حماس – وبإمكانها أن تظهر الشهرين الأخيرين كأنهما اختبار. هذه هي الحقائق".

وألمح يهوشواع إلى أن هذا أحد توجهين في الجيش الإسرائيلي. "وعلى دولة تنشد الحياة، تواجه تحد هائل في قطاع غزة، في العام 2024، ووضع اقتصادي بما يتلاءم مع ذلك، أن تدرس حلولا جزئية أكثر ومبتكرة، تستند إلى مبدأ إبعاد قوات حزب الله لعدة كيلومترات لكن ليس إلى ما وراء نهر الليطاني، ومن خلال التوضيح أن إسرائيل لن تعاود الثقة بالأمم المتحدة أو بقوات دولية أخرى، وإذا خرق حزب الله تفاهمات فإن الجيش الإسرائيلي سيعمل ولن يقف بهدوء عند الحدود، بكل ما يعني ذلك".

ولفت إلى أن "التحدي الإسرائيلي هو إعادة السكان إلى بيوتهم في البلدات الحدودية. وفي هذا الإطار، يعتزم الجيش الإسرائيلي بناء خط حدودي جديد في الشمال، وزيادة حجم القوات والوسائل المتاحة، وكذلك تزويد السكان بعناصر دفاعية متطورة. ويبدو أن هذا ليس كافيا من أجل منح حد أقصى بالأمن. لكن البديل هو حرب من دون أي ضمان لنتائجها".

وتابع يهوشواع أن التوجه الثاني في الجيش الإسرائيلي هو أن "ضباطا كبار يعتقدون أنه لا جدوى من التهرب وأن تهديد حزب الله لن يزول إلا بواسطة حرب. وادعاؤهم الأساسي هو أنه بالرغم من أن الخطر الذي تشكل منذ العام 2006 لا يحتمل، لكنه سيشتد في المستقبل. ولذلك ينبغي التخطيط لحرب قصيرة نسبيا".

ونقل عن ضباط يؤيدون هذا التوجه قولهم إنه "إذا تراجعنا، سندفع أثمانا باهظة أكثر في المستقبل. وإذا عملنا بإصرار وحرفية، سنضعف المحور الشيعي بشكل كبير. وبما يتعلق بالأمن القومي، فإن الاختيار يكون أحيانا بين ’سي’ و’أسوأ’. ولذلك، فإن ما لم ننفذه في العام 2006، تلقيناه بقوة أكبر في العام 2023، وإذا لم نفعل شيئا في العام 2023، فسنواجه خطرا وجوديا بعد سنوات ليست كثيرة".

وخلص يهوشواع إلى أنه "في جميع الأحوال، حزب الله ليس مختلفا عن حماس. فهو لن يذهب إلى أي مكان، وبالطبع لن يختفي من تلقاء نفسه. والسؤال هو هل استوعبنا أنه يحظر دفن الرأس في الرمل".

التعليقات