31/10/2010 - 11:02

قصيدتان للشاعر أحمد حسين

قصيدتان للشاعر أحمد حسين

أغنية البنفسج


دفنّا أمس آخرهمْ
حملناه الى ألباب ألأخيرِ
وراء ذاكرة ألأماكنِ
بعد هذا أليوم ِ
كم سيموتُ
كم سيموتُ
كم سيموتْ !


من مات أكثرُ
أنت أم "فـِريامُ"
أنت أم الطريق إلى "هناكَ"
يمرُّ حراس المكان عليه نحوكَ
"لا تُحاولْ !"
يهتف الشبح الرمادي ّ ألقديمُ
بصوته ألخشبيِّ:
" هذا الدرب لي
لا درب لكْ
لا درب لكْ
لا دَرب لكْ"


"سأموت حين تموتُ"
قال الصوت ذو الشبح الرمادي القديمِ
" أنا وأنتَ , أنا
أتيت أريد موتكَ كي نموتَ
تعبت من وجع انتظاري فيكَ
مت لأموتَ
مت لأموتَ
مت لأموتْ ."


في آخر المشوارِ
صار يحب زنبقة المساءِ
يزور أغنية البَنَفسَجِ
مرةً في الشّهرِ
يضحك مرةً في العام ِ
كي يتذكر الفرح القديمَ
كما يقولُ
وظلَّ يحفظ من هديل القَمحِ
ما يكفي عشاءً للحمامةِ
حينَ ترجع من "هناكَ"
ويقرَعَ ألأجراسَ أحياناً
لتسمعها ألمدارسُ:
لا مفرَّ من البنفسج ِ
لا مفرَّ من البنفسج ِ
لا مفرَّ من البنفسج ْ


في شيبه الثاني توقّفَ
في دهاليزِ المخيمِ
لم يعد يمشي إلى شيءٍ
سوى قدميهِ
حدثنا عن الشبح الرمادي القديمِ
ومات عصر السبتْ .


لا أحدٌ "هناكَ" الآن َ
كم سنموتُ
كم سنموتُ
كم سنموتْ .



رباعيات الغياب


لا مفرَّ من البَنَفسَجِ
راحلونَ إلى الأبدْ.
هذا المساءُ ملاءَةٌ
لسريرِ عاشِقَةٍ تنام لوحدِها
ما كُلُّ اُمسيَةٍ جوادٌ
بعدَ هذا اليوم يصهَلُ في الحنينِ
ولا بلدْ.


يا حُلمُ
أنتَ العاشِقُ المعشوقُ
قُم لنَراكَ ثانيةً
على الغُصنِ الوَحيدِ
أمامَ نافذةِ الغريبِ على المساءْ
هذا الرمادُ يَفِّحُ كالأفعى على كُلِّ النوافِذِ
هاتِ أشباحَ الرُ عاةِ لكي نُوَدِّعَهُمْ
وأشباحَ السُفوحِ
وهاتِ سَيِّدَةَ النساءْ .


تبدو الحِكايَةُ عندَ آخِرها نٌعاسْ .
هل يترُكُ الراوي القتيلَ على الدماءِ
بدون مرثِيَةٍ
كانّا لَم نَكُن وَطَناً
عَلى الدُنيا وناسْ !!


من كل ناحيةٍ أتََوْا
شيباً وشبّاناً وأطفالاَ
ومَنْياً للحُروبِ القادمه
ولكُلِّ ناحيةٍ مَضَوْا
شيباً وشبّاناً وأطفالاَ
ومَنْياً للنُزوحِ
على ملاءات السرير الناعمة.


لا شيءَ أجمَلُ منكِ
وَيلُ العاشقينَ من الغيابْ
إنَّ الذين عََرَفتِهمْ
ماتوا على خَشَبِ المنافي
لم يَعُد حتى التُرابُ
إلى التُرابْ .


هذا الصَباحُ الخَوفُ
يَنهَضُ حَولَ خصرِكِ كالجدارْ
وحمامةٌ بيضاءُ
تَنعَفُ من جناحَيها التَحيَّةَ
للجُنودِ الطيِّبينَ وللحصارْ
ما عادَ يجمَعُ بينَنا إلا الظَلامُ
ولا يُفَرِّقُ بينَنا إلا النَهارْ.

التعليقات