28/09/2011 - 20:57

بيّان ثَوري عاشِق / علي عبيدات*

وأنَ فِلسطينَ التي تَحدَت على جبينِك الشامِخ كُل الحواجِزْ، مساحَتُها أكبَر من مِقعَدِ أزرَق، قرارُها مِن ثوارِها، ونورُها من نارِها، وليلها من نهارِها، وفَجرُها بقرارِها، ستفيقُ يوماً لتُعَلِقَ على أبوابِ القُدسِ شارَةَ النَصرِ وأُغنيَة.

بيّان ثَوري عاشِق / علي عبيدات*

 

زهرتي المُتَفتِحَة في شمالِ الوَطن، يا مَن تداعِبُ عيناكِ صَباحاًَ إشراقَةَ الشَمسِ على جَبَلِ الكَرمِل، ويزاحِمُ شَذاكِ عِطرَ بُرتقالِ الجَليلْ، ويُعانقُ صوتُكِ حَكايا الموجِ في عَكا وحَيفْا، قولي ليْ، كيفَ سأقبَلُ بدولَةٍ لا تَكونينَ فيها ؟؟!!

 

قلتُ لَكِ يوماً، بأنيْ لستُ بشاعِرٍ ولا بناثِر، وأنيْ ثائرٌ، أنفاسُكِ صارَتْ نشيدهُ الوَطني، وعَيناكِ حدودُ الحُلمِ المَمتَدِ من البَحرِ إلى النَهر، وجَبينُك عيبال وجِرزيم، وشَعركُ ليلُ أسدلَ سواتِره على داليِة الخَليل.

 

قُلتِ لَكِ، يوماً ما سَنُغازِلُ شُروقَ الشَمسِ بين القُدسِ ورام الله، ونَقضيْ وَقتَ الظَهيرَةِ بيْن المُثَلثِ والجَليْل، ونَسهرُ على شاطئ البَحرِ في حَيـفا، لنُثبَتِ لموّجةٍ واعدناها هُناكْ، أنَنْا نَحلُمُ فقطْ كي يُصبَحَ الحُلمُ حَقيقَةْ.

 

لكُلِ هذا يا جَميلتيْ، التي طالَما اختَزلتْ قَضيَتْي في عَينيْها، فأصبَح للحُريةِ طَعمٌ أجمَلْ، لَن أقبَل بدولة أنصافِ الحُلولْ، فلا أوسلو، ولا مَدريدْ، سيمنَعاني من تَقبيلِ مَكان مولِدِكِ في حيـفاْ، طَريقُ المَدرسَة، وحواريْ البيْت.

 

ولا كُل خَطوطِ الأرضِ، ستَمنَعُني من رؤيةِ بَحرِ يافا يَزدادُ جمالاً إن غازَلتيه، وسورُ عَكا يزدادُ شموخاً إن مَشيتيْ فيـه، وحديقَةُ البهائيينَ تزدادُ بهاءً إن وَقعتْ عيناكِ عليها، فتَقرَعُ الناصِرةُ أجراسَها لقُدسيةِ روحِك.

 

لَنْ يَمنعني الخَطُ الأخضَرْ من رؤيةِ الكَرمِل يَصبحُ بحضورِكِ أعلى الجِبال، ومساجِدِ المُثَلثِ تَنادي حيّ على الجَمالْ، وصَفوريةْ في عينيكِ تَعودْ، ومَعلولَ والشَجرَة شُهودْ، على فِلَسطينيةٍ عاشِقَةٍ لا تَعرفُ حواجِزاً ولا حُدودْ.

 

كيفَ سأقبَلُ بوّطَنٍ مَقسْومْ، بَعدْ أَن أسقَطتْ عيناكِ جنودُ الحاجِزْ، وأعلَنَ جَسُدكِ المُتَكوِّرِ بجِواري على مِقعدِ الحافِلةَ مِن القُدسْ إلى حيْفا دَولَةً على كامِلِ التُرابِ الوَطنيْ، وكُلُ رُكابِ الحافِلة وجومْ، أيقَنوا أنهُم حَتماً راحِلينْ.

 

أّتذكُرينَ، حيّنَ ألقيْنا الهُوّيةَ ومَشيناْ في القُدسِ تُغازِلُنا أحجارُ السُورْ، كيفَ التَفتْ شوارِعهاْ، وابتَسَمَتْ أزِقَتُها، فصَفقَ الدَرجُ للعَلمِ الفِلَسطيني المُعانِقِ لمِعصَمينا، في سوقِ العطارين، وباب خانِ الزيتِ، في شارِعِ يافا، ولِفتْا، ودير ياسينْ.

 

الجنودُ الواقِفونَ في بابْ العامودْ، طِفلٌ يَحلمُ بالبَحرِ، مَسنةٌ باسِمَةٌ في الخَمسينْ، وأنا وأنتِ وشارِعُ صَلاحْ الديْن، نُعلنُ أمام الجَميع، أننا سنُنجِبُ طِفلَةً نُسميْها وَطنْ، لا تَعترفُ إلا بفِلَسطين واحِدة، لا تُقسِمها ألوانُ هُويّة.

 

 

 

قوليْ لَهمْ جَميعاً في أروقةِ الأُمَمِ المُتَحدة، أننا مَشينْا من القُدسِ إلى حيـفا نَزرعُ وَرد الثورَة، ونزيلُ أشواكَ العارْ، حَتىْ باتَتْ ابتسامَتكِ بمسافةِ الدَولة، تُسقِطُ المُحتَلَ جَولَةً بَعدَ جَولَة، لتبقيْ قاعِدةَ الوَطنِ بمسافَةِ الثَورَة.

 

وأنَّ فِلَسطينَ التي رُسِمَتْ في عينيكِ فجَعلتْ لكُلِ شيءِ طَعماً مُختَلفاً، للصبحِ .. لليلِ .. للَحنِ الأُغنيَة، للفجرِ .. للحُلمِ على أعتابِ الأمنيَة، للحُبِ لقصائِدِ الغَزلْ، لا تَحتاجُ لاعترافِ الدُوّلْ، ولا يوقِفُها فيتو أمريكا.

 

وأنَ فِلسطينَ التي تَحدَت على جبينِك الشامِخ كُل الحواجِزْ، مساحَتُها أكبَر من مِقعَدِ أزرَق، قرارُها مِن ثوارِها، ونورُها من نارِها، وليلها من نهارِها، وفَجرُها بقرارِها، ستفيقُ يوماً لتُعَلِقَ على أبوابِ القُدسِ شارَةَ النَصرِ وأُغنيَة.

 

قُولي لَهُم في النهايْة، أنَنْا لَن نَقبَلَ بدَولةٍ لا تَحمِلُ رائِحةَ البُرتقالِ الحَزينْ، ولا تَذكرُ يوماً كنتُ بيافا، وتُنكِرُ أحمَدْ العَربيْ، ولا تَمسحُ دَمعَةُ أُم سَعد، وتقيّد حَنظَلة، وتَلعنُ تُرابَ مَحمودْ دَرويشْ في البَروَه، وتَصَمُ أُذُنيها عَن نِداءات تَوفيق زيّاد.

 

وأنَنْا سنُرَبيْ أبنائَنا على النَشيدِ الوَطني كُلَ صَباحْ، سيَحفظونَ نشيدَ العَودَة، وسيَنقَشونَ عَلم الألوانِ الأربَعَةْ عَلى قُلوبِهِم، سيَتعَلمون أبجديات الثَورَة قَبل الكِتابة والقراءَة، ولَن يسَلموا إلا لقاعِدة واحِدَة، غيرْ قابِلة للجمِع والطَرح والحِساب، أن فِلَسطينْ لا تَقبَلُ القِسمَة.

 

قوليْ لَهم يا قَضيتيْ الباسِمَة، أنَنْا نَهزِمُهم في اليومِ عَشراتْ المَراتْ وسنَستمِرْ، نُحَرِرُ مَع كل ابتسامَةٍ شِبْر، ونًسقِطُ بكَلمَة "أحبُك" عَشراتْ الجُنودْ، فلا زِلنا نَحنُ الفِلِسطينيونَ أقدَرُ الناسِ على التَحديْ والصُمودْ، نًسقِطُ بدَقاتِ قُلوبِنا كُلَ الحُدودْ.


التعليقات