تعرف معنا على تقليد القرقيعان في الخليج العربي

تعرف معنا على تقليد القرقيعان في الخليج العربي

ينتظر الكثيرون شهر رمضان بشكل سنوي لكي يستمتعوا بأجوائه المحببة وأكلاته اللذيذة وتقاليده العريقة التي اندثر بعضها وحل مكانها تقاليدا جديدة ملائمة لزمننا المعاصر أكثر. إلا أن هناك توجها عاما بإعادة بعض تقاليد رمضان التي كانت قد بدأت بالتلاشي بسبب مشاغل الحياة وتغير النسيج الاجتماعي الحالي عما كان عليه في السابق.

على سبيل المثال نلاحظ مؤخرا عودة تقليد إطلاق المدفع على الإفطار بعد غيابه لعقودٍ في بعض المدن والبلدان، وعودة الكثيرين إلى تقليد صناعة الحلوى في المنزل بعد أن كان شراء الحلوى الجاهزة في العيد سائدا لعدة سنين خلت.

ومن أهم التقاليد التي كانت سارية في منطقة الخليج العربي في العصور السابقة نذكر تقليد القرقيعان الذي بدأ الناس يتذكرونه ويحيونه حتى في بعض المدن الكبرى بعد أن كادوا ينسونه.

ما هو القرقيعان؟

القرقيعان احتفالية رمضانية خليجية قديمة تقام بعد غروب الشمس في منتصف الشهر. تصنف القرقيعان بأنها احتفالية موجهة لإسعاد الأطفال وجعلهم ينخرطون في أجواء رمضان، إلا أنه تم تناسيها في بعض المدن لأنها تستدعي أن يتجول الأطفال ليلا وأن يطرقوا بعض أبواب الغرباء مما قد يعتبر غير مناسب للحياة المدنية الحديثة.

في السابق كان أهل البلدة يعرفون بعضهم البعض والأطفال قادرين على تمييز دور الأقارب والمعارف لأن التعداد السكاني في القرى والبلدات كان أقل من تعداد السكان في المدن، وقد يكون هذا أهم أسباب تناسي هذا التقليد الذي أصبح تنفيذه أصعب في ظل الحياة المدنية من حيث سلامة الأطفال.

ماذا يفعل الأطفال في القرقيعان؟

ماذا يفعل الأطفال في القرقيعان؟ 

يرتدي الأطفال ملابسهم المرتبة والنظيفة بعد الإفطار بوقت قليل ويحملون أكياسهم المخصصة لهذه المناسبة أو حقائبهم أو سللهم، ويتجولون في شوارع البلدة أو الحي ويطرقون أبواب الجيران والأقرباء والمعارف ويأخذون بالغناء لهم أو الدعاء أو سرد الحكايا الرمضانية القصيرة.

يقوم الكبار من أصحاب المنازل بإهداء الأطفال السكاكر والحلوى والمكسرات المحلاة أو المنكهة كنوع من الشكر لهم على تسليتهم، فيضع الأطفال هذه المكافآت في أكياسهم أو حقائبهم ويتابعون تجوالهم.

قد تختلف العادات والتقاليد من بلد إلى آخر فيما يختص بتفاصيل النشاطات التي يقوم بها الأطفال في هذه الليلة أو هيئة الطفل الخارجية التي تعود إلى اللباس التقليدي للبلد أو في الأناشيد التي يغنيها الأطفال لسكان البيوت التي يطرقون أبوابها، إلا أن الإطار العام لهذا التقليد واحد في كل دول الخليج وينطوي على تجوال الأطفال وغنائهم للناس في المنازل بهدف تلقي مكافآتٍ تتمثل بالحلوى والمكسرات.

كان الأطفال يجوبون بلداتهم وقراهم في مجموعات من الأخوة أو أولاد العمومة، أما اليوم فمن الصعب أن يجتمع عدد جيد من الأطفال في هذه المهمة كما أن الأهل قد يرافقون أبناءهم في تجوالهم حفاظا عليهم من أي خطر أو من قرع منزل شخص غريب.

في بعض مناطق الخليج يحمل الأطفال معهم أثناء تجولهم خريطة ورقية قام الأهل بصناعتها، أو قاموا هم برسمها إذا كان عمرهم يسمح بذلك، للبلدة وشوارعها وأزقتها ليتبعوا مخططا في تجوالهم.

الهدف من احتفالية القرقيعان

تهدف احتفالية القرقيعان إلى إسعاد الأطفال وجعلهم جزءًا مهما من شهر رمضان. تماما مثل عيد الفطر، تعتبر هذه المناسبة مهمة جدا بالنسبة لأطفال الخليج لأنهم يصبحون محط أنظار الكبار ومصدر فخر لأهلهم وخصوصا أنه في هذه الليلة يسمح لهم بالخروج ليلا وارتداء ملابس مميزة وإظهار مواهبهم في الغناء والإنشاد أمام الناس حتى لو كانوا غرباءً، كما أن جانب تلقي المكافآت من الحلوى لا يستهان به عند الأطفال.

يعمد الأطفال مشاركة أهلهم في الصيام ويبدأون بحفظ الأناشيد والأهازيج الدينية والفلكلورية منذ بداية الشهر لكي يكونوا مستعدين لهذا اليوم بسبب فرحتهم العارمة بقدوم رمضان وهذه هي الغاية الأساسية من تقليد القرقيعان.

أصل ومعنى اسم القرقيعان

معظم دول الخليج تشتق الاسم الذي تطلقه على هذا التقليد من نفس الكلمة بالرغم من أن بعض البلدان تطلق عليه في نفس الوقت أسماءً مثل:

  • حق الليلة.
  • الليلة الناصفة.
  • الليلة النافلة.
  • ليلة الطلبة.
  • حق الليلة.
  • ليلة المولد.
  • حل وعاد.

بالرغم من أن اللفظ الأساسي قريب جدا من فعل "القرع" الذي يقوم به الأطفال في هذه المناسبة على الأبواب، يعتقد أن التسمية الأساسية كانت "قرة العين" وتم تحويرها مع مرور الزمن والتداول العامي إلى أن أصبحت القرقيعان.

أسماء تقليد القريقعان في الدول الخليجية المختلفة

البلد

اسم تقليد القريقعان فيه

الكويت

القريقعان

الإمارات العربية المتحدة

القرقيعان

قطر

القرنقعوه

المملكة العربية السعودية

القريقعان

سلطنة عمان

القرنقشوه

العراق

القريقعان أو الكركيعان

البحرين

القرقاعون

اليمن

القرقيعان

هل أصبح القرقيعان تريند؟

هل أصبح القرقيعان تريند؟ 

يبدو أن يد الحضارة المزيفة تمتد إلى كل تقاليد وعادات حضارتنا القديمة. فبعد أن كان القرقيعان شبه منسي لسنوات طوال، تذكره الناس وأصبحوا يحتفلون به خصوصا مع تشجيع بعض المؤسسات الثقافية والاجتماعية على إحياء هذه المناسبة وهو أمر جيد وإيجابي.

تكمن المشكلة في تحويل القرقيعان إلى تريند على مواقع التواصل الاجتماعي وما يتبع ذلك من تأثيرات على التقليد بحد ذاته.

فبدل أن يكون القرقيعان مناسبة تخص الأطفال وتشجعهم على الصيام وتحببهم برمضان، أصبح سباقا للمظاهر والترف والبذخ بسبب تغطية الحدث المبالغ بها على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

على سبيل المثال أخذت محلات الحلويات الكبرى بتحضير أكياس أو صرر محضرة مسبقا من الشوكولاتة والحلوى وبيعها بأسعار ضخمة للناس ليقوموا بتوزيعها على الأطفال، ووصل الأمر إلى وضع الحلويات في صناديق مزينة ومزركشة تحضيرا لهذه المناسبة. والمضحك في الأمر أن الطفل لا يهتم حقا بشكل العبوة أو الصندوق وإنما يفرح بالحلوى ذات نفسها وبإعجاب الناس بالأهازيج التي يغنيها وتقديرهم له.

بالإضافة إلى ذلك فمن الشائع حاليا تشبيه هذا التقليد بعيد هالوين الأميركي الصنع مع أن تقليد القرقيعان أقدم منه في الحقيقة. فأصبح يتم رسم أشكال على وجوه الأطفال وإيلاء اهتمام ضخم للملابس التي يرتديها الأطفال في هذا اليوم مع أن التقليد يقتضي ارتداء الملابس التقليدية الخاصة بالخليج.

التعليقات