"أنابوليس- رؤيا كبيرة وقدرات محدودة.."

-

يخلص الكاتب يوئيل ماركوس في مقالة نشرها في صحيفة هآرتس يوم الجمعة إلى أن أنابوليس أدت مهمتها بنجاح. ولكن المشكلة تكمن في قدرة قائدين ضعيفين على تنفيذ ما هو مطلوب منهما.

ويقول منطلقا من أن السلطة الفلسطينية ستسير نحو المواجهة مع حركة حماس بناء على ما يعتبره تطبيق المرحلة الأولى من خارطة الطريق: هل سيكون أبو مازن الذي لا يسيطر على الدولة التي يعتبر قائدها، قادرا على مواجهة حماس وإعادة غزة إلى سيطرته. وهل سيكون لأولمرت الذي لم يرتفع تأييده فوق الـ 30% في استطلاعات الرأي القوة السياسية لتنفيذ التنازلات المطلوبة منه؟

وينتهي ماركوس إلى القول: عرضت في أنابوليس رؤيا كبيرة مقابل القدرات المتواضعة لقادة المنطقة. وفي أجواء عيد "الحنوكا" القريب يمكن القول أنه لن تكون معجزات كبيرة هنا.

ويعتبر في سياق مقالته أن مؤتمر انابوليس يسجل كنجاح للرئيس الأمريكي جورج بوش، من خلال عزل إيران وحماس، وحشد تأييد واسع لجهود إنهاء الصراع.

ويشير ماركوس إلى أن رفض القادة الإسرائيليين على مر التاريخ للمؤتمرات الدولية نابع من خشية أن تفرض حلولا على إسرائيل. إلا أنه يرى أن القادة الإسرائيليين في أنابوليس كانوا أكثر من مرتاحين، إذ اهتمت الإدارة الأمريكية أن لا تسمي الاجتماع مؤتمرا دوليا. ويقول عن المؤتمر إن "الجميع تحدثوا عن أنابوليس وكأنه اسم فيلم سينمائي أو اسم عرض مسرحي".

ويقول الكاتب: "البيان المشترك الذي تمخض عنه لقاء أنابوليس، وككل بيان من هذا النوع لا يساوي الورق الذي كتب عليه. ولكن بوش ضغط وتم التوقيع على الوثيقة دقائق معدودة قبل قراءته. ويتضمن البيان إلى جانب المواعيد الوهمية فيه، صياغات مستهجنة، مثلا الفقرة التي تقول " يجب مواجهة الإرهاب والتحريض إذا كان إسرائيليا أو فلسطينيا"، ويعتبرها مستهجنة لأنها برأيه "اعترافا غريبا من نوعه، فإسرائيل توقع على وثيقة تعرف نفسها فيها بأنها دولة إرهاب".

ويضيف: صياغة مستهجنة أخرى هي: "دفع حل الدولتين للشعبين"، وهي مستهجنة برأيه لأن "في فلسطين تقوم دولتان دولة فتح ودولة حماس ولن تنجح تسوية طالما أن أبو مازن يتحدث باسم الدولتين".

ويقول: هناك من رأوا في اللقاء بداية لحل يتم فرضه. وقد يأتي يوم كهذا، ولكن لم تظهر سماته في أنابوليس. فمن يعرف بوش عن كثب يقول أنه لن يفرض علينا حلا. وأنه لن يبدل جلده ويتراجع عن رسالة تعهده بشأن قضيتي القدس واللاجئين. وسيطالبنا بأقصى حد بتفكيك البؤر الاستيطانية. وينبغي أن تقوم إسرائيل بذلك في فترة وجوده في البيت الأبيض إذا كانت ترغب في التسوية.

ويضيف: حدد بوش، ليس من باب الصدفة، الموعد النهائي حتى نهاية ولايته. فهو من ابتكر الرؤية، ووضع خارطة الطريق ومنحنا في أنابوليس الحضور الدولي التجميلي. وهو بذلك قال لنا عمليا: شغلت المحرك، والآن واجب الإثبات ملقى على عاتقكم. وكمن ينهي ولايته الثانية من فشل إلى فشل، بالأساس في العراق، يتوقع أن يكون السجل الأخير له في البيت الأبيض تحقيق تسوية سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

ويتابع: بوش جعلنا نفهم، أنه ليس من المؤكد أن يكون الرئيس القادم ودودا ومؤيدا مثله وقد يمارس ضغوطا على إسرائيل. يذكر أننا مررنا بتجربة من هذا النوع في فترة الرئيس فورد، دون أن ننسى أن الرئيس الفرنسي ديغول، الذي تحولت فرنسا في عهده من صديقة وحليفة إلى دولة تفرض حظرا على إرسال الأسلحة الضرورية لإسرائيل.

ويضيف: "حينما تختار الولايات المتحدة أن تتدخل لمساعدة الطرفين في حل القضايا الجوهرية يجب أن نتذكر أن بوش لديه طموح شخصي بأن ينهي رئاسته بإنجاز يسجل في التاريخ. ويتوقع منا أن نساعده بإخلاء مستوطنات مثلا. وذهبنا في اليوم الذي وافقنا فيه على دولة فلسطينية في أنابوليس في طريق لا عودة منه. والبديل قد يكون بأن يقف العالم ضدنا بما في ذلك الولايات المتحدة في عهد الرئيس القادم.

التعليقات