" بيرس على يمين نتتنياهو"

-

في الربيع الماضي، وصل الرئيس بيرس بعيدا، حتى البيت ألأبيض، من أجل إقناع الإدارة الأمريكية بأن السلام على «رأس سلم أولويات» رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. قد يكون هذا ما عناه الرئيس أوباما حينما قال لمجلة "تايم" بأنه لو توقع المشكلات السياسية في الجانبين في وقت مبكر، لكان سيحذَر من رفع سقف التوقعات بهذا الشكل. فإذا كان مهندس أوسلو يشهد بأن الرجل الذي لم يدخر جهدا لإلقاء اتفاقه(في ولايته الأولى) إلى مزبلة التاريخ، ينشد سلاما تاريخيا. لماذا ينبغي أن نشكك في نواياه؟ ليس منذ وقت بعيد استطاع بيرس أن يقنع حتى المصريين المتشككين بأن نتنياهو قبل أن يقول لزوجته صباح الخير يسألها.. هيا سارلي.. ماذا سنفعل اليوم من أجل السلام التاريخي مع الجيران؟

ولكن لماذا في واقع الأمر لا يوجد سلام؟ الجواب متعلق بمن تطرح عليه السؤال. حسب أوباما، الجانبان – الإسرائيلي والفلسطيني – يجدون صعوبة في الشروع في مفاوضات جادة. وفي مقابلة مع "تايم" تحدث أوباما بنفس الروح عن حماس التي تنهش برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وعن ائتلاف نتنياهو الإشكالي. عباس كما هو معروف يرفض ضم حماس لحكومته بسبب رفضها تبني حل الدولتين على أساس حدود 1967، وبالمقابل في ائتلاف نتنياهو وحتى في حزبه، يوجد تمثيل واسع للمعترضين على تقسيم البلاد. هذا فضلا عن أن نتنياهو (وإيهود باراك) يفضلان الائتلاف مع اليمين المتشدد، عن حكومة وحدة مع حزب المركز "كاديما".

حسب الرئيس بيرس، أبو مازن وحده المذنب. ولا ينبس ببنت شفة عن نتنياهو. الفلسطينيون هم من تسلقوا شجرة عالية بشأن تجميد الاستيطان في القدس الشرقية. وخلال زيارته للقاهرة قبل شهور تعهد بيرس بأن نتنياهو لن يكتفي بعد تجديد المفاوضات بتجميد تام للبناء "القانوني" في المستوطنات بل سيعمل على إخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية. لا يُصدّق! رئيس الحكومة على استعداد حقا وبصدق لتطبيق التعهدات الدولية(خارطة الطريق) التي وقعتها إسرائيل قبل سبع سنوات؟ حقا يستحق ميدالية ذهبية من مركز بيرس للسلام.

وما هو مصير الأحياء العربية في القدس الشرقية بعد بدء المفاوضات(حسب خطة بيرس المرحلة الأولى لن تشمل مفاوضات حول القدس)؟ لا شيء، الرئيس على استعداد للتعهد بأنه بعد خروج عباس من اللقاء مع نتنياهو لن يستمع في الإذاعة إلى نبأ عن إقامة حي يهودي جديد في جبل الزيتون؟
إذا كان مسموحا للرئيس التعاطي مع قضايا سياسية محل خلاف ، لماذا يفضل الصمت "برسمية" في قضايا أخلاقية وقيمية كإلقاء لاجئي الـ48 من غرب القدس من بيوتهم في شرق القدس؟ هل سمع أحد بيرس يقول شيئا عن اعتقال مجموعات من اليسار يحتجون ضد ازدراء العدالة في الشيخ جراح؟ وليس لديه ما يقول عن قرارات صديقه الجديد إيهود باراك برفع مكانة وترقية معهد أرئيل؟

قد يكون الرئيس منهمكا في الإعداد للهجوم على القاضي ريتشارد غولدستون مع اقتراب موعد المداولات التي ستعقد في الأمم المتحدة الأسبوع المقبل حول تقريره عن "الرصاص المصبوب". ماذا كان بيبي سيفعل بدونه؟ لماذا يرسل وزير الخارجية المثير للمشاكل الذي اختاره إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، مع وجود الحائز على جائزة نوبل للسلام وهو على أهبة الاستعداد دائما لإطفاء الحرائق؟ لقد انتقل بيرس من «مباي» لـ «رافي»، عاد للـ «معراخ»، حاول التنافس على رئاسة الحكومة باسم «ميرتس»، شارك في حكومة شارون وانتقل معه لـ «كاديما». طبيعي جدا أنه مستعد لخدمة حكومة الـ «ليكود».. ولكنه استطاع الأسبوع الماضي مفاجأة الجميع..

حسب تقرير نشر في صحيفة "هآرتس"، الرئيس حذر عباس، من أنه «يلعب بالنار»، لأن استمرار الجمود السياسي قد يؤدي إلى انتفاضة ثالثة. أي بدل أن يركب على أمواج تأييد «الشعب»، الذي يتباهى به، ويقف بشجاعة أمام الجمهور الإسرائيلي ويحذر من استمرار الاحتلال، ومن الخطر المحدق بإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، يفضل الرئيس إلقاء مسؤولية فشل العملية السياسية على الفلسطينيين، بل ويبدأ في إعداد "الخط الدعائي" لجولة العنف القادمة. بيرس حقا فريد في «جيله».





التعليقات