"لا يوجد من يعتمد عليه"..

-

كتب يوئيل ماركوس في صحيفة "هآرتس":

إن حقيقة وجود عدد من السياسيين أكبر من اللازم، وعدد من القادة أقل من اللازم آخذة في الإنكشاف. والفارق الأبرز هو أن السياسي يفكر بعناوين الغد، في حين يفكر القائد بقضايا الأمد البعيد، ويستبق المشاكل التي ستقع بعد 5 أو 10 سنوات ويبدأ بمعالجتها اليوم.

وأضاف أن القادة المؤسسين تركزوا في "خطط التسلح" للأمد البعيد، والمفاعل النووي وإقامة ما يسمى "سلطة تطوير الصناعات الأمنية – رفائيل"، والصناعات الجوية، وحتى الاقتصاد الحر. وعندما أطلق، للمرة الأولى، صاروخ "شبيط 2"، أطلقت عليه المعارضة بسخرية "صاروخ إنتخابات". ويضيف "والآن.. نحن من منتجي الصواريخ الأكبر في العالم، والصناعات الجوية ورفائيل تخترعان وسائل تباع في كافة أنحاء العالم. لم نكن سنصل إلى إضراب المعلمين الذي لم يكن له أي داع، لو واجه القادة في وقت سابق الحاجة للإصلاح".

وبحسبه، فمنذ سنوات لا يوجد قادة يتطلعون إلى الأمام. ولا يكفي أن يقوم أولمرت بمهاتفة المسنة التي تعرضت للسرقة والعنف. فالسؤال هو لماذا لم يستعد من قبل القادة لتوفير الأمن الشخصي المطلوب للمواطن. ويضيف أن هناك تراخيا مقلقا في القوة التنفيذية في كافة مجالات الحياة، بدءا من تحصين الجبهة الداخلية والنقص الخطير في إمدادات الكهرباء، والحاجة إلى اتخاذ قرارات برفع الطاقة الإنتاجية. فهل يوجد هناك خطط لبناء محطة للطاقة الكهربائية، وتحصين الجبهة الداخلية قبل الفوضى؟

وحتى على مستوى التخطيط بعيد الأمد، فهناك أمثلة تشير إلى السذاجة المبالغ فيها. بدءا من القطار للقدس، وحتى مطار اللد 2000: والتي جرت بتأخير، وأيضا بشكل يحتاج فورا إلى ملاءمته لضرورات الجيل القادم. وتساءل عما إذا كان يجب الانتظار إلى حين تقع حادثة تحصد ضحايا كثيرين، قبل ملاءمة مطار اللد إلى احتياجات القرن الحادي والعشرين.

وأضاف أن هناك مواضيع كثيرة تتطلب معالجة جذرية من خلال رؤية بعيدة المدى. وساق مثالا على ذلك التقرير الذي أشار إلى أن هناك 200 ألف مركبة جديدة سوف تسير على الشوارع في العام القادم، الأمر الذي يعني المزيد من الازدحام في محاور الحركة. وعندما يطرح السؤال "هل ستوسع الشوارع"، يأتي الجواب السحري "لا يوجد ميزانيات". وبدلا من أن يقدم وزير المواصلات شاؤل موفاز استقالته احتجاجا على الحوادث التي يتوقع أن ترتفع في الشوارع المزدحمة، فهو يطالب يولي تمير الاستقالة من منصبها كوزيرة للمعارف.

"السياسي، وخلافا للقائد، يهتم بحياته السياسية الشخصية أكثر من اهتمامه بسلامة الجمهور. ومن المعروف، على سبيل المثال، أن عدد الأسرة للفرد في المستشفيات هو صغير بكافة المعايير المهنية. فهل تستعد الحكومة للنقص المتوقع بالأسرة في المستشفيات خلال عدة سنوات.

هناك مواضيع تتطلب اتخاذ قرارات بضغط اللحظة ذاتها، وحتى في هذه المواضيع هناك فرق بين القائد وبين السياسي. فعندما قال أولمرت إن خطة "الإخلاء والتعويض" هي جيدة و"لكن ليس الآن"، فمن الواضح أنه كسياسي لا يريد مواجهة المستوطنين. أما لماذا لم يستجب لطلب كونداليزا رايس في أنابولس بإخلاء البؤر الاستيطانية العشوائية، فلأنه يعرف، كسياسي، أنه يعرض حياته السياسية للخطر، ويجعل نفسه هدفا للابتزاز. لأن آخر ما يتمناه في هذا التوقيت هو أن يتركه يشاي وليبرمان بدون ائتلاف.

وخلافا للتوقعات المتفائلة لأولمرت، فهناك احتمالات كبيرة بأن تلقي لجنة فينوغراد في تقريرها النهائي المسؤولية عن الحرب على لبنان على أولمرت، وهو من جهته سيبذل جهده للمحافظة على كرسيه. أولمرت وباراك، اللذان لديهما مصلحة مشتركة بالبقاء سوية، لا يستطيعان أن ينسبا لحكومتهما أي تحسن في أي مجال ضمن مسؤوليتهما.

وكان قد نشر أن صواريخ حزب الله تصل إلى كافة المناطق في البلاد، وربما يكون ذلك صحيحا، وربما لا. إلا أن الخطر المستقبلي في إطلاق صواريخ إلى أبعد من سديروت لا يزال قائما. وردا على التماس تقدم به 30 من سكان سديروت لإلزام الدولة بتحصين 800 مبنى في المدينة، ادعت الدولة أن لم يقرر أن الدولة مسؤولة عن توفير الحماية المطلقة للمواطن أمام التهديدات على الجسد والأملاك.

لا يتمتع أولمرت ولا باراك بتأييد شعبي جارف. وكسياسيين بثياب قادة فهم يبثون رسالة مفادها أنه "لا يوجد من يعتمد عليه"..

التعليقات