البرنامج السياسي العام المقدم لمؤتمر فتح السادس قي بيت لحم

-

البرنامج السياسي العام المقدم لمؤتمر  فتح السادس قي بيت لحم

نص المشروع:


 


هنا نص مسودة مشروع البرنامج السياسي الذي نوقش في الإجتاع الأخير للجنة التحضيرية في عمان:


(مسودة)


 


حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"


البرنامج السياسي العام المقدم للمؤتمر السادس


 


 


مقدمة.........................................................................1


 


الباب الأول: حركتنا..حركة التيار الوطني الديمقراطي العام...................2


 


الباب الثاني: الصراع ومحاولات التسوية.....................................4


 


الباب الثالث: الأوضاع والعلاقات الفلسطينية الداخلية.........................11


 


الباب الرابع: الأبعاد الإجتماعية والثقافية والإقتصادية........................15


 


الباب الخامس: العلاقة مع محيطنا العربي والعالم الخارجي...................18


 


 


 


المقدمة


 


يتوج المؤتمر العام السادس لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" خمسة عقود من النضال الوطني الدؤوب وقيادة الحركة الوطنية الفلسطينية، وهو يفتح أمام الحركة


أبواب العبور بالقضية الفلسطينية صوب مستقبل مليء بالعمل والأمل وتحقيق أهداف


شعبنا. وإذ تقدم حركة "فتح" لأعضائها وأنصارها ومؤيديها، وللشعب الفلسطيني


ولجميع المعنيين في العالم، برنامجها السياسي العام، فإنها تؤسسه على وعي عميق بالمتغيرات الكثيرة التي حلت بالقضية الفلسطينية وبالمنطقة وبالعالم، متوخية أن ينهض هذا البرنامج بدور أساسي في تشكيل الوعي على نحو يستجيب لمتطلبات إنجاز مرحلة التحرر الوطني، وتحقيق الاستقلال الوطني ولمتطلبات بناء مؤسسات الدولة، والنهوض بالمجتمع الفلسطيني، وأن ينهض كذلك بدور أساسي في تحديد علاقاتنا مع العالم الخارجي، والتأثير فيه، وفي تقوية موقف الحركة، وتعزيز حضورها وإعادة تقديمها.


 


ويستند هذا البرنامج إلى تراث نضالي واسع وغني لهذه الحركة، وإلى تحليل وفهم صحيح للمراحل السابقة وللمرحلة الحالية. كما يستند إلى قيمنا العربية والإسلامية بكل ما لها من أهمية في حياتنا وحياة أجيالنا القادمة. ويحتكم البرنامج إلى القانون الدولي والشرعية الدولية ويتمسك بهما.


 


غنى عن القول أن هذا البرنامج ملزم لأعضاء الحركة بداية باستخدامات المصطلح السياسي، ووصولاً إلى وحدة الموقف. والبرنامج يشكل دليل عمل وأداة قياس لممثلي "فتح"


في الهيئات المختلفة، بما في ذلك هيئات السلطة الوطنية الفلسطينية، بحيث يخدم هؤلاء


ويساعد في تقييم عملهم. إن الحركة بحاجة ماسة لهذه الوحدة والفهم المشترك، خاصة بعد التأخر في عقد مؤتمرها العام، وما نتج عن ذلك من سلبيات كثيرة.. وأيضاً تعقد الواقع


وضرورة معالجة الشأن الاقتصادي والاجتماعي للشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى الشأن السياسي بطبيعة الحال.


 


 


الباب الأول


 


حركاتنا.. حركة التيار الوطني الديمقراطي العام


 


حركتنا التي ننتمي لها ونفتخر بها... حركة " فتح" التي فجرت الثورة الفلسطينية المعاصرة، وقادت الكفاح المسلح من أجل التحرير والعودة، وقدمت قوافل الشهداء من أجل ذلك. الحركة التي جسدت الوطنية الفلسطينية والتي دافعت عن القرار الوطني المستقل. الحركة التي اعتمدت الديمقراطية منهاجاً راسخاً للعلاقات الوطنية وقبلت التعددية السياسية والتمايز. الحركة التي قادت منظمة التحرير الفلسطينية وذهبت بها نحو الكيانية الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا. الحركة التي عادت بالقضية الفلسطينية إلى مركز الحدث وفتحت لها آفاق عربية ودولية رحبة. الحركة التي أدركت المتغيرات وسعت لحل سلمي يحقق لشعبنا الاستقلال الوطني وممارسة السيادة في دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. الحركة التي قادت بناء السلطة الوطني الفلسطينية وبنت النظام السياسي الديمقراطي على أرضنا. الحركة التي قاومت القمع الإسرائيلي والحلول الإسرائيلية التي تنتقص من حقوق شعبنا. الحركة التي انتصرت للإنسان.. نعم هذه هي حركتنا..حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".


 


ومع العودة للوطن وانتقال الثقل الحركي وثقل الحركة الوطنية إلى هنا، وتمركز مهامنا الفلسطينية في الوطن. أصبحت هذه الحركة هي حركة التيار الوطني الديمقراطي العام بحق. حركة الغالبية الكبيرة من الشعب، وحركة كل الفلسطينيين الذي يؤمنون بوطنيتهم، وبالمشروع الوطني، ويؤمنون أيضاً بالديمقراطية، بعيداً عن التشدد والتعصب والاستبداد.


 


ومع كل هذا المجد الذي ننسبه للحركة فإننا ندرك الصعوبات الهائلة التي واجهت الحركة وقيادتها وكادرها وأعضاءها وما زالت تواجهها على طريق إنجاز أهدافنا الوطنية، والمحافظة على ثقة شعبنا بنا. كما أننا ندرك وبعمق أنه ومع كبر الإنجازات التي تحققت، فإنه كان هناك الكثير من الثغرات والكثير من الأخطاء. وبرنامجنا هذا مليء بالنقد الذاتي الذي نؤمن به كآلية فعالة لتحسين الأداء وتعديل المسار.


 


وعند الحديث عن الحركة ومسارها وتراثها يجب تناول دور قيادتها التاريخية وفي مقدمتها الرئيس ياسر عرفات رحمه الله، مؤسس "فتح"، وقائدها وصاحب الدور الهائل في صياغة الحركة، بل وعموم الحركة الوطنية الفلسطينية. كان عرفات صاحب الكوفية السمراء العالية، التي صارت من علامات فلسطين، وصاحب الرؤية الفطنة، كان المقاتل الشرس، والمناضل الصلب العنيد، كان القريب من الشعب والحنون على الأهل، كان المتقشف البسيط، وكان القائد وكان السياسي. لقد كان عرفات أب الوطنية الفلسطينية. وكما قال شاعرنا محمود درويش كان "الفصل الأطول في حياتنا". سنكون أوفياء للرئيس الراحل ولرسالته، وسنعمل على تخليد ذكراه، والاستفادة من إرثه السياسي وتجربته ونقلها لأجيالنا القادمة. اسرائيل لم تدخر جهداً في مقاتلة ياسر عرفات الذي لم يدخر جهداً في الدفاع عن فلسطين، وقامت بحصار القائد وقصف مقره، لا لشيء إلا لأنه قال لا للتنازل عن الثوابت ودون ذلك الموت. علينا التوصل إلى كل الحقيقة بشأن وفاته مع إدراكنا المسبق للمسؤولية الإسرائيلية عن حصاره والنتائج المترتبة على هذا الحصار.


 


والى جانب ياسر عرفات كان هناك كوكبة من الأخوة الكبار من القيادات الأوائل أعضاء اللجنة المركزية الذين قضوا شهداء في سبيل الوطن والقضية. في مقدمة هؤلاء أمير الشهداء خليل الوزير أبو جهاد، الرجل الثاني، ورجل النضال داخل الوطن. ثم هناك صلاح خلف (أبو إياد)، وهايل عبد الحميد (أبو الهول) وأبو علي إياد، وأبو صبري صيدم، وكمال عدوان، وخالد الحسن. تعلمنا من كل هؤلاء الرواد وسنبقى على ذكراهم جميعاً.


 


والى جانب أعضاء اللجنة المركز هناك قافلة طويلة من الشهداء الذين سقطوا في ساحات النضال المختلفة، وهناك طابور طويل طويل من الأسرى والمعتقلين. رحم الله شهداءنا، وتحية لأسرانا ومعتقلينا الذين لن نستكين حتى خروجهم جميعاً.


 


ومع تعقد المهام المطروحة حالياً في الوطن على حركتنا، برزت أسئلة هامة حول بنيتها وطبيعتها ومدى ملاءمتها لإنجاز هذه المهام. نقصد بالطبع مهام بناء مؤسسات الدولة وبناء المجتمع والاقتصاد الفلسطيني. وترى الحركة هنا أنه، وبسبب استمرار الإحتلال الإسرائيلي لأرضنا، وبسبب الإستعمار الإستيطاني الذي يمنع التسوية، وكذلك بسبب الممارسات الإسرائيلية ضد شعبنا، أن هناك تداخل غير مسبوق في أي مكان في العالم بين مهمات مرحلة التحرر الوطني، ومهمات مرحلة البناء ما بعد حل الصراع. بناءً عليه فإن الحركة لن تتحول الآن إلى حزب، وذلك لحين إنجاز مهام مرحلة التحرر الوطني، أو على الأقل لحين الوقوف على أرضية صلبة لا تراجع عنها فيما يتعلق بانتهاء هذه المهام. في نفس الوقت فإن الحركة تدرك ضرورة التصدي للمهمات التي يفرضها وجود السلطة واستمرار عملها، وضرورة تطوير مؤسساتها والإرتقاء بها، وبالتالي فهي تدرك ضرورة توسيع برنامجها ليشمل رؤيتها الإجتماعية والإقتصادية حتى تتمكن من أداء المهمات المطلوبة على أفضل وجه. والحركة تطلب من كادرها وأعضائها ضرورة استيعاب هذا التغيير والعمل على اساسه.


 


مسألة هامة أخرى فرضها التغيير في الظروف الموضوعية هي انتقال التنظيم من ظروف السرية إلى العلنية. يقتضي هذا التغيير الكبير إحداث تغييرات على الهيكل التنظيمي من الشكل العنقودي إلى شكل أكثر أفقية، وهو ما سيحدده النظام الأساسي المعروض على المؤتمر، كما يقتضي أيضاً بالضرورة تغيير في طبيعة العمل التنظيمي وعلاقته بالمحيط بحيث يكون أكثر انفتاحاً على هذا المحيط وأكثر تأثراً به. ومن ضمن التغييرات المهمة في هذا المجال الدور المباشر للعضو في اختيار قيادات الحركة وممثليها للمسؤوليات المختلفة، بما في ذلك الترشيح نيابة عنها.


 


هناك أيضاً مسألة العمل العسكري. وفي الوقت الذي تقدر فيه الحركة العمل النضالي الكبير، والتضحيات التي قدمها الإخوة الذين انخرطوا في العمل العسكري المقاوم، فهي تدرك أيضاً السلبيات التي ترتبت على بعض جوانب هذا العمل وانعكاساتها على المجتمع الفلسطيني. وعلى ضوء الموقف السياسي لحركتنا تجاه أساليب النضال في المرحلة القادمة، فإنه من الواضح ضرورة معالجة هذا الموضوع بطريقة تنهي الوجود العسكري المستقل للحركة وأعضائها. ويمكن بطبيعة الحال استيعاب هذا الوجود في الأجهزة الأمنية الرسمية للسلطة الفلسطينية. غير أن تحديات الوضع الخاص القائم على الأرض بتداخلاته الداخلية والخارجية قد يفرض على الحركة الحفاظ على قدرات أمنية معينة تحسباً للظروف.


 


من الناحية الهيكلية، وبالنظر للأهمية التي تعطيها الحركة للطفل الفلسطيني والشاب الفلسطيني، فإن الحركة خصصت منظمة الطلائع للأشبال والزهرات من أطفال فلسطين حتى تسهم الحركة في اعدادهم اجتماعياً ووطنياً في مرحلة مبكرة. وخصصت الحركة كذلك منظمة الشبيبة للشباب الفلسطيني من سن ( ) إلى سن ( ). وهي المنظمة التي يتفاعل فيها الشباب وينمي قدراته ويرعى قيمه وانتمائه الوطني.


 


أما بالنسبة للمرأة، وانطلاقاً من إيمان الحركة بالمساواة في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وضرورة العمل الجاد.. ومن أجل تحقيق هذه المساواة وتمكين المرأة من لعب دورها الطبيعي باعتبارها نصف المجتمع كأم وأخت وزوجة، وأيضاً العنصر المنتج والمسؤول وحاضنة مستقبل شعبنا. انطلاقاً من كل ذلك فإن الأصل في الحركة أن تشارك المرأة في نفس الهياكل التنظيمية مع الرجل، إلا في بعض الحالات التي تختار هي ولأسباب محددة غير ذلك. في نفس الوقت وإلى جانب الأطر التنظيمية هناك بطبيعة الحال اتحاد المرأة ومنظماته والمكتب الحركي للمرأة، وهي هياكل تعنى بشأن المرأة الفلسطينية بشكل خاص.


 


أخيراً، فإن قوة الحركة وعنفوانها لا تستند فقط إلى كوادرها وأعضائها، وإنما تستند أيضاً إلى أنصارها وأصدقائها. وعلى الحركة وأعضائها أن يعملوا دائماً على توسيع دائرة الأنصار والأصدقاء، وإقامة أفضل العلاقات معهم على قاعدة الاحترام والمشاركة. وانطلاقاً من همومنا ومهامنا وأهدافنا المشتركة ترحب الحركة دائماً بكل من يعتبر نفسه صديقاً لها، وترحب بمشاركتهم ونقدهم ونقدر لهم كل عملهم.


 


 


 


 


 


 


 


 


 


الباب الثاني


 


الصراع ومحاولات التسوية


 


منذ أكثر من مائة عام، اندلع الصراع على أرض فلسطين، وتعرض أهل البلاد الأصليين وأصحاب الأرض لظلم تاريخي قل مثيله. من الاستعمار، إلى الهجرة الإحلالية المنظمة، إلى القمع المستمر، إلى الاقتلاع من الأرض واللجوء، إلى الاحتلال، إلى الاستعمار الاستيطاني، وإلى القتل والاعتقال والطرد. وخلال كل ذلك إلى الحرمان من الحقوق الأساسية وحقوق الإنسان.


 


بدأت قصة شعبنا الفلسطيني في هذا الصراع مع بداية تكون الحركة الصهيونية التي هدفت إلى "إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين"، ثم تجاوب الحكومة البريطانية مع ذلك الهدف وإصدارها وعد بلفور عام 1917. ثم جاء احتلال بريطانيا لفلسطين خلال الحرب العالمية الأولى وقيام عصبة الأمم بعد ذلك باعتماد الانتداب البريطاني على فلسطين. ومع نهاية الحرب العالمية بدأت الهجرة اليهودية بشكل واسع، والتي استمرت بالرغم من رفض شعبنا لهذه الهجرة ومقاومته لها. وفي وقت لاحق ازدادت هذه الهجرة نتيجة للاضطهاد النازي لليهود في أوروبا. ومع نهاية الثلاثينات وصل عدد اليهود في فلسطين الانتدابية إلى حوالي ثلث عدد السكان (بالمقارنة مع 10% قبل عقدين). واستمرت بالمقابل مقاومة شعبنا وانتفاضاته المتكررة، وأشهرها إضراب عام 1936 الذي استمر لستة أشهر كاملة.


 


وفي عام 1947 قررت بريطانيا إنهاء الانتداب ورفع الأمر إلى الأمم المتحدة والتي قامت بدورها في 29 نوفمبر من نفس العام باعتماد القرار رقم 181 الذي يقسم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، مع اتحاد اقتصادي بينهما، ومع وجود نظام دولي خاص بالقدس. وخصص القرار للذين يشكلوا 70% من السكان حوالي 47% من الأرض.


 


وأعلنت بريطانيا إنهاء الانتداب في 15 مايو، قبل الموعد المحدد في القرار بعدة أشهر. وتحركت الحركة الصهيونية لتثبت سيطرتها على مزيد من الأراضي مع الانسحاب البريطاني. ووقعت مجزرة دير ياسين حيث قتل 254 فلسطينياً من بينهم نساء وأطفال، وانتشر الرعب، وقامت قوات الهاغاناة والعصابات الأخرى باقتلاع 750 ألف فلسطيني من ديارهم ومتلكاتهم سواء بالقوة المباشرة أو بالتخويف والإرهاب.


 


وفي 13 مايو أعلنت دولة اسرائيل من جانب واحد، وفي اليوم التالي تحركت قواتها وبدأت باحتلال أراض خارج تلك المخصصة للدولة اليهودية. وفي نفس الوقت دخلت الجيوش العربية إلى فلسطين فيما شكّل الحرب العربية ـ الإسرائيلية الأولى، بيد أن هذه الجيوش بعتادها المحدود، وعدم جاهزيتها، لم تستطع مجابهة الجانب الإسرائيلي، وخلال اسابيع كانت اسرائيل تسيطر على حوالي نصف الأرض المخصصة للدولة العربية. وبقيت الضفة الغربية تحت السيطرة الأردنية وقطاع غزة تحت السيطرة المصرية.


 


في منقطة القدس سيطرت اسرائيل على الجزء الغربي ودمرت 37 قرية من القرى الواحدة والأربعين الموجودة هناك، وطردت حوالي 80 ألف فلسطيني من هذه المنطقة وحدها (ثم نقلت عاصمتها في انتهاك للقرار 181 إلى القدس الغربية عام 1950). وفي 11 ديسمبر 1948 اتخذت الجمعية العامة القرار 194 الذي أنشأ لجنة التوثيق، وأكد القرار أن اللاجئين الذين يريدون العودة إلى بيوتهم، والعيش بسلام مع جيرانهم، يجب أن يسمح لهم بذلك في أقرب وقت ممكن، وأن التعويضات يجب أن تدفع للذين يختارون عدم العودة عن املاكهم، وعدم فقدان هذه الأملاك، والضرر الذي لحق بها، والتي وفقاً القانون الدولي، يجب أن تدفع من قبل الحكومة أو السلطة المسؤولة.


 


وفي الفترة من يناير وحتى يوليو 1949 تمكن وسيط الأمم المتحدة بالإنابة (بعد قيام ارهابيين يهود بقتل الكونت برنادوت) من إنجاز اتفاقيات الهدنة بين اسرائيل من جهة، وكل من مصر والأردن ولبنان وسوريا من جهة أخرى. وفي ديسمبر من نفس العام، انشأت الأمم المتحدة وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين.


 


في 29 أكتوبر 1956 احتلت اسرائيل قطاع غزة بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء خلال العدوان الثلاثي على مصر إثر تأميم قناة السويس. وفي نفس اليوم ارتكبت مجزرة كفر قاسم في المثلث، وبعد عدة أيام ارتكبت مجزرة خان يونس في 3 نوفمبر، واستمر احتلال اسرائيل للقطاع حتى 8 مارس 1957.


 


استغرق الأمر فترة طويلة للتعافي من النكبة وتأثيرها المدمر على الشعب الفلسطيني، وفي عام 1964 تأسست م.ت.ف وتم اختيار المناضل أحمد الشقيري رحمه الله رئيساً للجنتها التنفيذية. وفي الأول من يناير 1965 بدأت قوات العاصفة، الجناح العسكري لحركة "فتح" الكفاح المسلح ضد إسرائيل.


 


وفي 5 حزيران 1967 اندلعت الحرب مرة أخرى، وأدت إلى هزيمة جديدة للجانب العربي، حيث احتلت اسرائيل شبه جزيرة سيناء، ومعها قطاع غزة.. كما احتلت الضفة الغربية والجولان السوري. وشكلت الهزيمة ضربة قاسية للأنظمة العربية، وبشكل خاص للزعيم العربي الكبير الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الله. أما بالنسبة للشعب الفلسطيني، فقد أدت إلى رحيل حوالي 325 ألف فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة معظمهم إلى الأردن، ومثل هؤلاء من النازحين الفلسطينيين. عموماً فقد شكلت الحرب ونتائجها النكبة الثانية للشعب الفلسطيني بعد احتلال ما تبقى من فلسطين الإنتدابية وما تمخض عن ذلك من نتائج في الأرض المحتلة.


 


بيد أن هزيمة حزيران شكلت أيضاً رافعة للفكر الفلسطيني الجديد للفدائيين وللكفاح المسلح وللهوية الفلسطينية المستقلة. ولعل أهم ما نتج عن حرب حزيران هو التحول الذي حدث على العقل العربي، وأن حدث في أوقات متفاوتة، باتجاه التحول من تحرير كل فلسطين إلى استعادة الأراضي المحتلة عام 1967 وبناء الدولة الفلسطينية.


 


ومنذ احتلال اسرائيل للأرض الفلسطينية عام 1967 قامت بشكل منظم بضم القدس الشرقية وتوسيعها، وقامت ببناء المستعمرات المحرمة قانونياً، بداية كأنها اجراءات أمنية، ولاحقاً في حملة متواصلة لاستعمار الأرض شملت مصادرة الأراضي ونقل السكان الإسرائيليين إلى الأرض المحتلة، وبناء مستعمرات لهم.. ولاحقاً بناء منظومة حياتية خاصة بهؤلاء المستعمرين على حساب الشعب الفلسطيني.


 


رافق هذا الإستعمار الإستيطاني لأرضنا قمع اسرائيلي منظم بدأ بقمع الحريات الفردية وتقويض التعليم والمؤسسات واستغلال السكان اقتصادياً وضرب آفاق وإمكانات الإقتصاد الفلسطيني واتباعه للإقتصاد الإسرائيلي، بالإضافة للإستغلال غير المشروع للموارد الطبيعة، بما في ذلك المياه. ثم تصاعد هذا القمع في مواجهة النضال الفلسطيني من أجل التخلص من الإحتلال ليشمل فرض حظر التجول لفترات طويلة، والترحيل للعديد من المواطنين، والقمع المباشر، بما في ذلك إطلاق النار، وجرح وقتل اعداد كبيرة من الفلسطينيين، وتدمير البيوت، وتخريب المحاصيل وقلع الأشجار.


 


أدى كل ذلك القمع، وتصاعد النزعة التحريرية الفلسطينية إلى اندلاع الإنتفاضة الأولى في 1987، انتفاضة الحجارة التي وضعت الشعب الفلسطيني بأكمله في مواجهة قوة الإحتلال، وهو ما أدى بدوره إلى سياسة القبضة الحديدية، وتكسير العظام، والى مزيد من استخدام القوة العسكرية والأسلحة المختلفة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، والذي ما أدى إلى إلحاق خسائر بشرية كبيرة بشعبنا.


 


قامت اسرائيل، القوة القائمة بالإحتلال إذن بانتهاكات بالغة للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون والدولي والإنساني بما فيه اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وشكلت بعض هذه الإنتهاكات انتهاكات جسيمة.. أي جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني.


 


في مواجهة تلك السياسات والأعمال الإسرائيلية، تجاوب المجتمع الدولي مع التحرك السياسي الفلسطيني، وانتصر للحق الفلسطيني، وقام بإدانة كل ذلك في الكثير من المرات، وقام مجلس الأمن والجمعية العامة وهيئات الأمم المتحدة الأخرى بإصدار عدد كبير من القرارات المستندة للقانون الدولي والتي حددت مواقف واضحة بشأن المستعمرات الإسرائيلية، والإجراءات الإسرائيلية في القدس والممارسات الإسرائيلية الأخرى. بيد أن هذه القرارات خاصة قرارات مجلس الأمن لم تصل إلى نهاياتها الطبيعية باتخاذ اجراءات محددة ضد اسرائيل، وذلك أساساً بسبب الحماية التي شكلتها الولايات المتحدة لإسرائيل.


 


وفي خارج الوطن اتخذ الصراع منذ عام 1965 اشكالاً أخرى كان جوهرها المواجهات العسكرية بين قوات الثورة والجيش الإسرائيلي. ولعل أهم هذه المواجهات والتي تمت في وقت مبكر كانت معركة الكرامة في العام 1968 التي شكلت نقطة تحول لمصالح الحركة الفتية "فتح"، نتيجة الصمود البطولي لمقاتلينا، إلى جانب مقاتلين من قوات التحرير الشعبية، وبإسناد من قطاعات من الجيش الأردن. ثم انتقلت ساحة المجابهة العسكرية في النصف الثاني من السبعينات إلى الجنوب اللبناني، الذي شهد احداثاً كثيرة تميزت عن الجانب الفلسطيني بقصف قرى الشمال الإسرائيلي والتصدي للإعتداءات الإسرائيلية. أما على الجانب الإسرائيلي فقد استخدمت اسرائيل كل آلتها العسكرية، وارتكبت الكثير من البشاعات من الإغتيال إلى القصف البري والجوي والإجتياحات، والتسبب في دمار واسع وخسائر بشرية كبيرة. ولعل أهم هذه المواجهات كان الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 والذي فرض حصاراً على بيروت لمدة سبعة وثمانين يوماً كاملة، صمدت خلالها القيادة الفلسطينية ومقاتلي الثورة جنباً إلى جنب مع مقاتلي الحركة الوطنية اللبنانية، مسطرين سوياً ملحمة صمود في وجه العدوان. وانتهت المعركة بعد ذلك بعدة اتفاقات نتج عنها انسحاب اسرائيل من جهة، وخروج المقاومة من لبنان.


 


على المستوى السياسي كان هناك رحلة طويلة للبحث عن حل للصراع، وفي هذا السياق شهدنا تغييرات في المواقف الفلسطينية ومبادرات اقليمية ودولية، ومساع عديدة لتحقيق التسوية السلمية. ولعل التغيير الأول والمهم في الموقف الفلسطيني كان برنامج النقاط العشر الذي اعتمده المجلس الوطني الفلسطيني في 12 يونيو 1974، والذي دعا إلى إقامة السلطة الفلسطينية على أي أرض يتم تحريرها. البرنامج مثل بداية الإستعداد للتعايش، ولو بحكم الأمر الواقع مع اسرائيل، وقاد ذلك في حينها لتشكيل جبهة الرفض الفلسطينية. لكن آفاق سياسية كبرى تفتحت بعد ذلك، وجاء اعتراف القمة العربية بالمنظمة كممثل شرعي ووحيد، وجاءت أيضاً دعوة الأمم المتحدة للمنظمة للمشاركة في اعمالها كمراقب، وقيام ياسر عرفات بمخاطبة الجمعية العامة باسم الشعب الفلسطيني. وفي نفس العام أكدت الجمعية العامة في قرارها 3236 الحقوق غير القابلة للتصرف على الشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في تقرير المصير، وحقه في الإستقلال الوطني والسيادة، وحقه في العودة لبيوته وممتلكاته.


 


في 21 نوفمبر 1977 فاجأ الرئيس المصري محمد أنور السادات رحمه الله العالم العربي بأسره عندما زار القدس وخاطب الكنيست الإسرائيلي سعياً وراء التسوية، وأثارت الزيارة غضباً عربياً واسعاً، وقادت إلى عزلة مصر عن العالم العربي. وفي سبتمبر 1978 استضاف الرئيس الأميركي جيمي كارتر قمة بين الرئيس السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن في كامب ديفيد، وتوصلت القمة إلى إطارين واحد باسم التوصل إلى معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، والآخر باسم السلام في الشرق الأوسط، تضمن تصوراً لمستقبل الضفة الغربية وغزة يستند إلى فكرة الحكم الذاتي الإنتقالي. وفي 26 مارس 1979 تم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في واشنطن.


 


وفي 9 سبتمبر 1982 اعتمد مؤتمر القمة العربية في فاس الخطة العربية للسلام التي تدعو لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وتدعو مجلس الأمن الدولي لوضع ضمانات للسلام بين كل دول المنطقة.


 


وفي أواخر العام 1988 قادت "فتح" تحركاً سياسياً فلسطينياً بهدف تتويج انجازات الإنتفاضة، وتحويلها إلى مكاسب سياسية ملموسة.. وأدى هذا إلى تحول سياسي هام حيث قام المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة عشر بإعلان الإستقلال، واعتمد الوثيقة التاريخية التي جاءت ممارسة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، واستندت الوثيقة إلى الحق الطبيعي والتاريخي للشعب الفلسطيني في دولته، وكذلك إلى قرار تقسيم فلسطين رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة عام 1947، وتضمنت الوثيقة مفاهيم هامة حول المجتمع الفلسطيني والواقع الفلسطيني. كذلك قام المجلس الوطني الفلسطيني في نفس الدورة باعتماد برنامج سياسي تضمن لأول مرة قبول قرار مجلس الأمن 242، وهو برنامج يمكن تسميته ببرنامج السلام الفلسطيني.


 


إثر المجلس الوطني قام الرئيس ياسرعرفات بمخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي كانت قد انتقلت إلى جنيف خصيصاً للإستماع إليه، ثم قام بعقد مؤتمر صحفي أعلن فيه قبول حق اسرائيل في الوجود ونبذ الإرهاب، وكرد فعل على ذلك أعلنت الولايات المتحدة فتح حوار مع م.ت.ف. منهية بذلك حالة العداء المطلق للمنظمة.


 


لم تستجب حكومة إسحاق شامير في اسرائيل لهجوم السلام الفلسطيني، ورفضت الدولة الفلسطينية وأية محادثات مع المنظمة وأي تغيير في المركز القانوني "ليهودا والسامرة"، وتحدثت بدلاً عن ذلك عن حكم ذاتي للسكان. وبدا واضحاً أنه لن يحدث تقدم حقيقي على طريق التسوية. من ناحية أخرى بقيت العلاقات الفلسطينية ـ الأميركية في مرحلة الحوار فقط، وتعرضت لاهتزازات إلى أن توقف الحوار في وقت لاحق.


 


المحطة الهامة التالية كانت مؤتمر مدريد للسلام، والذي حضرت له الإدارة الأميركية إثر حرب الخليج. وقد سبق هذا ورافقه تغييرات كبرى تمثلت في انهيار المنظومة الإشتراكية، ولاحقاً الاتحاد السوفياتي، وكذلك انهيار المنظومة العربية إثر قيام العراق باحتلال الكويت. ما عرض على الجانب الفلسطيني في مبادرة مؤتمر مدريد للسلام كان التفاوض بين حكومة اسرائيل وممثلين عن سكان الضفة الغربية والقطاع، مع استثناء سكان القدس، وذلك في إطار وفد فلسطيني ـ اردني مشترك حول حكم ذاتي فلسطيني مؤقت. وبعد موافقة عربية واسعة على المؤتمر الذي دعا إليه الرئيسين بوش وجورباتشوف، ووافقت القيادة الفلسطينية، التي كانت عندها في تونس بعيدة عن منطقة الصراع، على المشاركة في مدريد، وتم اختيار وفد فلسطيني تفاوضي برئاسة المناضل حيدر عبد الشافي رحمه الله، ولعب فيه دوراً رئيسياً بشكل غير معلن الأخ فيصل الحسيني، عضو اللجنة المركزية للحركة رحمه الله. أبلى الوفد الفلسطيني بلاءً حسناً في مفاوضات مدريد وبعدها في واشنطن، بيد أن الموقف الإسرائيلي حال دون حدوث أي تقدم في هذه المفاوضات.


 


في العام 1992 فتحت مفاوضات سرية بين الحكومة الإسرائيلية وممثلين عن م.ت.ف في وسلو، وتوصلت هذه المفاوضات إلى إعلان المبادئ المعروف باتفاق اوسلو الذي تم توقيعه في واشنطن عام 1993. مثل اتفاق اوسلو نقلة كبرى في تاريخ الصراع لأنه كان المرة الأولى التي يتفق فيها الطرفان رسمياً على وثيقة تهدف إلى التوصل إلى تحقيق السلام بين الجانبين ولأن الإتفاق كان قد سبقه اعتراف متبادل بين اسرائيل و م.ت.ف كممثل للشعب الفلسطيني، وإقامة سلطة فلسطينية على أن يتم التفاوض على قضايا الحل النهائي التي حددت بالقدس واللاجئين والمستعمرات والحدود بداية من السنة الثالثة، للتوصل إلى حل نهائي.


 


إثر ذلك قام المجلس المركزي الفلسطيني بإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية واختار ياسر عرفات رئيساً لها. وفي 1 يونيو 1994 عاد ياسرعرفات، وعادت القيادة الفلسطينية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة لعودة عشرات الألوف من شعبنا، وانتقل ثقل الحركة الوطنية الفلسطينية إلى الوطن. ثم بناء السلطة الوطنية الفلسطينية وجرت للمرة الأولى في عام 1996 انتخابات رئيس السلطة والمجلس التشريعي. تحسنت الأحوال المعيشية لشعبنا وبدأ نوع من أنواع إعادة البناء والإنتعاش الإقتصادي، مع الهدوء ومع المساعدات الخارجية.


 


ومع النظر إلى الأمور بأثر رجعي، يبدو الآن أن مشكلة اتفاق اوسلو كانت عدم النص على وقف الإستيطان، وعدم النص الواضح على الشكل النهائي للحل. بالمقابل بدا هذا تحصيل حاصل، وبدا أن النتيجة المنطقية الوحيدة لعملية السلام هي إقامة الدولة الفلسطينية على كل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس.


 


الإستيطان لم يتوقف بل استمر وتصاعد وبدأت اسرائيل عملية فصل تدريجية ازدادت بشكل دراماتيكي مع تدهور الأوضاع الأمنية. بالإضافة لذلك فقد وجهت ضربة قاصمة لكل عملية اوسلو من خلال قيام اليمين الإسرائيلي المتطرف باغتيال إسحاق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي.


 


عادت معاناة الشعب الفلسطيني جراء استمرار الإستيطان الإسرائيلي، ثم بدأت معاناة أخرى جراء تدهور الأحوال المعيشية والأوضاع الإقتصادية بالإضافة إلى اجراءات اسرائيلية قمعية مباشرة من قبل قوات الإحتلال، فيما بدا جميعة كعمل منظم أفقد شعبنا ثقته في عملية السلام وآفاقها، خاصة بعد مرور الفترة المتفق عليها للمرحلة الإنتقالية دون أي تحرك جدي للتوصل إلى الحل النهائي.


 


ثم بدأت ظاهرة جديدة في النضال الفلسطيني، وهي ظاهرة التفجيرات الإنتحارية الموجهة ضد المدنيين في اسرائيل. أدى هذا إلى تدهور حاد في الدعم الدولي للقضية، وأدى إلى حلقة عنف مغلقة ارتكبت اسرائيل خلالها الكثير من الأعمال البشعة والمدانة، بما في ذلك جرائم حرب ضد شعبنا. وبغض النظر عن تقييم كل ذلك فقد كان واضحاً أن التفجيرات تخدم أهدافا سياسية محددة، حتى من حيث توقيتها، وتعمل على تقويض أية امكانية لتقدم حقيقي في عملية السلام. المدهش هنا أن اسرائيل دأبت على تدمير السلطة وأجهزتها الأمنية مقابل هذه التفجيرات. وفي وقت لاحق ظهر أيضاً وفي نفس السياق ظاهرة الصواريخ العشوائية التي تطلق إلى داخل اسرائيل.


 


ثم دعا الرئيس الأميركي كلينتون لقمة ثلاثية في كامب ديفيد للتوصل إلى اتفاق نهائي فيما بدا أنه استجابة لإلحاح رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود براك، وبالرغم من التحفظات التي أبداها الجانب الفلسطيني بسبب غياب التحضير الكافي للقمة. في القمة طرح الجانب الإسرائيلي استعداده للإنسحاب من نسب مئوية من الأرض المحتلة بلغت حوالي ( ). ولكن حتى هذا تم افساده بعدم طرح أية خرائط، وبالفكرة المستهجنة، وهي تأجير حزام يحيط بالضفة الغربية لإسرائيل لمدة 99 عاماً وذلك بما يلغي الحدود الخارجية للدولة.


 


المسألة الإضافية التي ضربت امكانية حصول تقدم كانت القدس، بما في ذلك مطالبة اسرائيل بالسيادة على أجزاء من القدس القديمة تشمل المنطقة أسفل الحرم القدسي الشريف. وغنى عن القول أنه لم يحدث أي تقدم في مسألة اللاجئين. رفض الرئيس ياسرعرفات والوفد المفاوض هذه المواقف، واعتبر أنه لا يوجد ارضية كافية للإتفاق.


 


فشلت قمة كامب ديفيد إذن بالرغم من الجهود الشخصية التي بذلها الرئيس الأميركي، وقامت اسرائيل بشن عملية تضليل وتشويه واسعة هدفها تحميل الجانب الفلسطيني والرئيس عرفات شخصياً المسؤولية عن ذلك، وعن كل التدهور الذي تلى.


 


في وقت لاحق قام الرئيس الأميركي كلينتون بطرح مبادرة حملت إسمه وافق عليها الجانب الفلسطيني مع بعض التحفظات، وهو تقريباً نفس الموقف الذي اتخذه الجانب الإسرائيلي. وأدى ذلك إلى عقد مفاوضات طابا التي بدا أنها أكثر جدية من أية مفاوضات سابقة، غير أنها لم تتمكن من إنجاز المطلوب، نظراً لضيق الوقت المتاح للجانب الإسرائيلي بسبب الإنتخابات هناك.


 


قبل طابا بقليل، وخلال كل هذه الأجواء المتوترة وتصاعد العنف، قام قائد المعارضة الإسرائيلية آنذاك آرئيل شارون بزيارة استفزازية غير مسبوقة للحرم القدسي الشريف، وأدت الزيارة لاندلاع الإنتفاضة الثانية. تعاملت اسرائيل مع انتفاضة الشعب الثانية بعنف بالغ لم يسبق له مثيل، وقامت بقتل عشرات الفلسطينيين وجرح المئات منهم في الأسبوعين الأولين دون أن تطلق رصاصة واحدة من الجانب الفلسطيني. أدى القمع الدموي الإسرائيلي لشعبنا من جانب، ووجود السلاح من جانب آخر، إلى رد فعل مسلح، ولاحقاً إلى تصعيد كبير في السمة العسكرية الإسرائيلية للإنتفاضة على حساب الطابع الجماهيري الأعزل الذي امتازت به الإنتفاضة الأولى. وأدت الأعمال العسكرية الإسرائيلية اللاحقة إلى تعزيز هذا التحول، خصوصاً مع تولي آرئيل شارون رئاسة الحكومة. وبلغت تلك الأعمال حد اجتياح المدن الفلسطينية، وإعادة احتلال كافة المناطق الفلسطينية الخاضعة للسلطة الوطنية، وقصف وتدمير مقار السلطة ومؤسساتها. لقد كان واضحاً أن حكومة شارون تعمل ضمن تصور واضح، وبشكل منظم، لتفكيك نتائج اوسلو والعودة عنها، وإلى إعادة الأمور إلى نقطة الصفر، ومنع قيام دولة فلسطينية حقيقية.


 


وجاءت إدارة الرئيس جورج بوش التي لم تكن ترغب من حيث المبدأ في الإنخراط الجدي في عملية التسوية، ناهيك عن استكمال ما كانت الإدارة السابقة قد بدأته. وفيما يتعلق بالوضع على الأرض، اتخذت الإدارة مواقف معقولة تجاه التصعيد العسكري الإسرائيلي واحتلال المدن، غير أنها لم تتمسك بهذه المواقف، واستمر بالتالي ذلك التصعيد.


 


في وقت لاحق اتخذ الرئيس بوش موقفاً معادياً للرئيس عرفات، ودعا علنا إلى ضرورة تغيير القيادة الفلسطينية. ثم قام الرئيس بوش فيما مثل تغييراً هاماً، بطرح رؤية تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع اسرائيل، مشترطاً في ذلك تغيير القيادة ووقف العنف والإرهاب.


 


ثم جاءت خارطة الطريق التي وضعتها الإدارة الأميركية بالتعاون مع أطراف اللجنة الرباعية الآخرين، وهم الإتحاد الروسي، والإتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام. والخارطة تقوم على أساس تحديد مهام الطرفين وتقييم هذا الأداء كشرط للتقدم، وتطلب الخارطة من الجانب الفلسطيني تغيير النظام السياسي، واستحداث منصب رئيس الوزراء، وتوحيد الأجهزة الأمنية، والقضاء على الإرهاب، وتفكيك بنيته التحتية. ثم تطلب من اسرائيل وقف الإستيطان، بما في ذلك النمو الطبيعي. وتتضمن الخارطة أيضاً في المرحلة الثانية مفهوماً جديداً هو خيار الدولة بحدود مؤقتة، ثم تتضمن في المرحلة الثالثة والأخيرة إقامة الدولة الفلسطينية، وحل قضايا الحل النهائي. وتحتوي الخارطة على جدول زمني بحيث تقوم الدولة عام 2005.


 


الجانب الفلسطيني قبل خارطة الطريق بالرغم من كل شيء، أما الجانب الإسرائيلي فقد قبلها مع وضع أربعة عشر تحفظاً منعت عملياً امكانية التقدم في تحقيقها، وهو بالفعل ما حدث. في وقت لاحق قامت حكومة ارئيل شارون بعمل غير مسبوق دمر أية امكانية للعودة إلى طريق العقلانية والسلام، عندما قامت القوات الإسرائيلية يوم ( ) باقتحام المقاطعة، وتدمير أجزاء منها، وفرض الحصار على الرئيس عرفات، الرئيس المنتخب للشعب الفلسطيني. إستمر الحصار اربعين يوماً كاملة، صمد خلالها الرئيس، ولم يتم تسليم أي شخص من المطلوبين للجانب الإسرائيلي في المقاطعة. وفي تلك الفترة ارتكبت قوات الإحتلال الإسرائيلي مجــزرة مخيم جنين، وقامت بمحاصرة كنيسة المهد. ثم عاد الحصار مرة ثانية يوم ( )، واستمر ( ) يوماً. وبشكل عام فإن الرئيس عرفات لم يخرج من مقره في المقاطعة لفترة سنتين ونصف تقريباً، ثم غادرها إلى فرنسا للعلاج، وعاد من هناك ليدفن شهيداً بجوار مكتبه.


 


مع بداية الحصار على الرئيس عرفات عقدت القمة العربية ببيروت، وقامت القمة باعتماد مبادرة السلام العربية التي تشكل محطة هامة في تاريخ الصراع ومحاولات حله، وتشكل اساساً للعمل العربي المشترك في هذا المجال. المبادرة تطالب اسرائيل بالإنسحاب الكامل من كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن الجولان العربي السوري، وحتى خط الرابع من حزيران 1967. وتطالب بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. كما تدعو لحل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين وفقاً للقرار 181 (المقصود القرار 194). وتعرض المبادرة بالمقابل في حال قيام اسرائيل بعمل ذلك علاقات سلام طبيعية بينها وبين جميع الدول العربية. رد فعل اسرائيل حينها كان سلبياً تماماً، ولم نشهد وقتها إلا استمرار الحصار والتدمير والقتل والإغتيالات.


 


كأن كل ذلك لم يكن كافياً، فقامت اسرائيل بالبدء في بناء جدار يقتطع مساحات واسعة من اراضي الضفة الغربية، ويعزل القدس عنها بشكل كلي، ويدمر حياة عشرات الألوف من الفلسطينيين. وقامت اسرائيل ببناء جدران اضافية للجدار الأساسي، تحيط بالعديد من المدن والمجتمعات الفلسطينية، مثل بيت لحم وقلقيلية وتعزلها تماماً، واستمرت اسرائيل في بناء الجدار، وما زالت، حتى بعد قيام محكمة العدل الدولية، وبناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار فتوى قانونية تاريخية اعتبرت فيها الجدار غير قانوني، وحددت الإلتزامات القانونية المترتبة على اسرائيل قوة الإحتلال، وهي إزالة الجدار، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، والتعويض عن عملية بنائه. في كل الأحوال فإن الجدار يبدو الآن وكأنه خط فصل أحادي الجانب، أو كأنه حدود أمر واقع تضغط بها اسرائيل على الجانب الفلسطيني في أية مفاوضات.


 


كان آخر مشاريع رئيس الوزراء شارون هو الفصل أحادي الجانب في قطاع غزة. ومن الواضح أن الهدف كان التخلص من العبء الديموغرافي، والعبء الأمني لغزة، مع عزلها وتعريضها لأوضاع صعبة. لقد تم ذلك بالفعل في سبتمبر العام 2005 وقامت اسرائيل بتدمير المستعمرات الإسرائيلية هناك، وسحب المستعمرين، وقامت بإخراج الجيش من كل القطاع. غير أن اسرائيل احتفظت بالسيطرة على القطاع من خلال التحكم بالحدود البرية والبحرية والجوية، الأمر الذي يعني قانونياً استمرار القطاع كجزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، يخضع لأحكام القانون الدولي الإنساني.


 


لا شك أن ما حدث في غزة كان نتيجة الضغط المتزايد الذي شكلته الحالة النضالية والديموغرافية هناك على اسرائيل، ولكن يبدو عند النظر إلى الأمور بأثر رجعي أن فرحة ذهاب المستعمرات والجيش الإسرائيلي أدت لبعض المبالغة في فهم ما حدث ووصفه في سياقه الصحيح.


 


ومؤخراً في السنة الأخيرة للإدارة الأميركية أو قبلها بعد أشهر، بدا أن الإدارة مستعدة أخيراً للإنخراط في مساعي السلام، وقامت وزيرة الخارجية كونداليزا رايس بزيارات عديدة للمنطقة. ثم دعا الرئيس بوش إلى اجتماع دولي للسلام. وقد عقد هذا الإجتماع أو المؤتمر بالفعل في أنابوليس بالولايات المتحدة، وحضره عدد كبير من الدول العربية، بما في ذلك الدول العربية المعنية. وقد توصل الجانب الفلسطيني والإسرائيلي إلى وثيقة تفاهمات مشتركة مختصرة عرضها الرئيس بوش على المؤتمر، وأبرز ما جاء في الوثيقة هو التزام الطرفين بالبدء فوراً في مفاوضات جادة تشمل كل قضايا الحل النهائي المتفق عليها، على أن يتوصلا إلى اتفاق قبل نهاية عام 2008.


 


تلا مؤتمر أنابوليس مؤتمر للمانحين في باريس، توصل إلى نتائج هامة بشأن تمويل ميزانية السلطة ومساعدة الشعب الفلسطيني بشكل عام. وبالرغم من نجاح أنابوليس في إعادة تسليط الأضواء على القضية، قامت اسرائيل فور انتهاء المؤتمر بالإعلان عن مزيد من النشاطات الإستيطانية، وقامت بتصعيد العدوان العسكري على قطاع غزة. من ناحية أخرى يبدو أن بعض الأطراف في اسرائيل، وفي الولايات المتحدة ما زالت ترى أن الحل هو الدولة بحدود مؤقتة على الطريقة الإسرائيلية.. أي داخل الجدار، بدون القدس، وبدون حدود خارجية، وبدون أي حل للاجئين، ويرى أنه حتى وعند التوصل إلى اتفاق، فإن هذا سيتم تأجيل تنفيذه لما بعد إنهاء الوضع القائم حالياً في غزة. مقابل هذه المواقف هناك موقف حاسم من الرئيس محمود عباس والجانب الفلسطيني يرفض كل ذلك.


 


ما سبق كان خلفية مختصرة للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وأهم المحطات في مجال محاولة التوصل لحل سلمي لهذا الصراع. ومنه يبدو واضحاً أن الجانب الفلسطيني، و"فتح" تحديداً، قد طرح وبصدق رؤية واضحة لحل الصراع. في البدايات طرحت "فتح" رؤيتها الأولى، وكانت الدولة الديمقراطية التي رفضت بشدة من قبل اسرائيل والدوائر الدولية المتنفذة. ثم جاءت رؤية الدولتين على أساس حدود 1967 والتي حققت اجماعاً دولياً مستنداً إلى الشرعية الدولية. بالمقابل لم يطرح الجانب الإسرائيلي ولفترة طويلة أية رؤية للحل، وعلى العكس عمل بشكل منظم على خلق وقائع على الأرض تعيق امكانية الحل.. وبشكل خاص من خلال الإستعمار الإستيطاني والإجراءات في القدس وبناء الجدار. وخلال السنوات الأخيرة الماضية بدا أن التيار العام في اسرائيل يقبل بوجود دولة فلسطينية، وهو ما مثل تطوراً هاماً. حتى بدون حدود خارجية وهو قطعاً لا يعني قبول حدود 1967 أو خط الهدنة لعام 1949 كحدود لتلك الدولة. لهذا استمرت اسرائيل في الإستيطان، ولهذا عملت وبجدية على التخلص من الأساس القانوني للقضية وعزل هذا الأساس عن عملية السلام، كما عملت على تحييد الأمم المتحدة، وبالتالي منع المجتمع الدولي من طرح حل معقول يستند إلى القانون الدولي.. أي منعه من فرص حل الدولتين على أساس حدود 1967.


 


المشكلة الأكبر أن اسرائيل من خلال سياساتها وممارساتها قد نجحت في خلق أوضاع قد تقود قريباً في حالة استمرارها إلى القضاء على حل الدولتين. إذا حدث هذا ستتحمل اسرائيل وحدها المسؤولية كاملة، وسيكون علينا وعلى العالم أجمع البحث عن حل آخر سيكون بالتأكيد مؤلماً للجميع، إذ أن شعبنا لن يختفي من أرضه، ولن يرضى بباتوستانات ومعازل كحل لمشكلة اسرائيل ذاتها.


 


وفي مجال مواجهة السياسات الإسرائيلية، تعتقد الحركة أنه علينا إيصال وجهات نظرنا وتوضيح المخاطر المحدقة بنا جميعاً للقوى الإسرائيلية السياسية والشعبية، خاصة قوى السلام، التي بالرغم من ضعفها النسبي حالياً، يمكن لها أن تلعب دوراً هاماً في تغيير السياسات والمواقف الإسرائيلية.


 


وعلى الجانب الفلسطيني أيضاً أن يستفيد من الدروس المستفادة عن التجربة المريرة السابقة. وهنا فإن "فتح"، وإن ما زالت متمسكة بالحل السلمي التفاوضي، فإنها ترى أنه لا مجال للمضي قدماً في هذا الطريق دون أن يتوقف أولاً النشاط الإستيطاني كافة، والذي هو نقيض الوجود الوطني الفلسطيني. كما أن الحركة ترى أنه لا بد من إعادة الإعتبار للقانون الدولي وأحكامه ذات الصلة، ولا بد من التمسك بالفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية، وبقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وترى أيضاً ضرورة التمسك بالموقف العربي المشترك، وتأكيد مسؤوليات المجتمع الدولي. في نفس الوقت فإن "فتح"، وفي الوقت الذي تؤكد فيه على حق الشعب الفلسطيني من حيث المبدأ في مقاومة الإحتلال، وهو حق ثابت لا جدال فيه، فإنها ترى ومن واقع التجربة وفهمها لموازين القوى وللوضع على الأرض ضرورة التوصل إلى وقف متبادل وشامل لإطلاق النار بين الجانبين. وترى "فتح" أنه، ومع تحقيق ذلك، سيتم التركيز على المسار السياسي بفاعلية أكبر، وهو ما يمكن أن يقود إلى نتائج أفضل نحو تحقيق حقوقناً الوطنية. ومن الطبيعي أن هذا كله سيقود إلى استبعاد تدريجي للسلاح من الساحة الفلسطينية ككل، باستثناء أجهزة الأمن. حتى يمكن تحقيق ذلك تدعو "فتح" كافة الفصائل والقوى لتبني هذا الموقف وعزل الخارجين عنه.


 


في نفس الوقت، فإن "فتح" ترى ضرورة ترسيخ رفض الإحتلال، ورفض الوجود الإستيطاني، وتحريم التعاون معه، وضرورة تعبئة جماهير شعبنا للتصدي للإحتلال والإستيطان والجدار ومقاومتها بكافة أشكال المقاومة الشعبية. وترى أن على القوى السياسية والفصائل ومؤسسات م.ت.ف ومؤسسات السلطة، ومنظمات المجتمع المدني، وكل التجمعات الفلسطينية واجب التركيز على هذه المهمة والمشاركة الجادة في هذه المعركة. معركة الوجود الفلسطيني.


 


بعد كل ما سبق، يجدر بالحركة أن تضع الآن مرة أخرى تصورها للحل، وهو التصور المنسجم مع المبادرة العربية للسلام. إننا نعيد تأكيدنا على حل الدولتين على أساس حدود 1967 أو خط الهدنة لعام 1949. يعني هذا بالضرورة أن تكون القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة. ويجب أن يكون هناك اتصال بري تحت السيادة الفلسطينية بين الضفة الغربية والقطاع، باعتبار ذلك شرطاً لوجود دولة حقيقية. ونحن لا نرفض امكانية إدخال تعديلات متبادلة متفق عليها على الحدود، ولكن التفاوض على ذلك يقتضي أولاً قبول اسرائيل بخط الحدود كأساس للدولتين. كما أننا لا نرفض البحث في ترتيبات مشتركة للقدس الشرقية والغربية.


 


أما بالنسبة للاجئين، فإنه يجب أن يكون واضحاً أن حق المواطنة لكل فلسطيني في دولة فلسطين هو حق طبيعي لا علاقة له بحل مشكلة اللاجئين. نحن نؤمن من أنة لا بد من احترام الحقوق الجماعية والحقوق الفردية للاجئين، بما في ذلك حق العودة، وحق الملكية، وهي الحقوق المنصوص عليها في القانون الدولي. ولا بد أن يكون هناك وعلى هذا الأساس حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين وفقاً لقرار الجمعية العامة رقم 194.


 


 


الباب الثالث


التعليقات