القدس: الدولة تصادر والجمعيات الاستيطانية تتسلم الأملاك

"دائرة أراضي إسرائيل" توفر الأملاك، ووزارة الإسكان توفر الحراسة، ومسجل الجمعيات يوفر الحصانة من الكشف عن أسماء المتبرعين بالأموال..

القدس: الدولة تصادر والجمعيات الاستيطانية تتسلم الأملاك
 
كشف تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس" أن ما يسمى بـ"الوصي على أملاك الغائبين" يقوم بمصادرة الأملاك، وتقوم ما تسمى بـ"دائرة أراضي إسرائيل" بنقل الأملاك إلى الجمعيات الاستيطانية "إلعاد" و"عطيريت كوهانيم" بدون مناقصات وبأسعار بخسة.
 
كما كشف التحقيق أن مسجل الجمعيات يمنح الجمعيات الاستيطانية حصانة، تسمح لهم بتجنيد عشرات الملايين بدون تحديد الجهة التي تدفع الأموال، في حين توفر ما تسمى بـ"وزارة الإسكان" الحراسة بتكلفة تصل إلى 54 مليون شيكل سنويا.
 
وكتبت الصحيفة أنه "تحت ستار من السرية والغطاء الممأسس، وشبكة شركات غامضة، تواصل الجمعيات إشعال القدس".
 
ولفت التقرير إلى الوضع في سلوان، باعتباره نتيجة لعملية طويلة من الاستيطان اليهودي فيها، حيث تنشط فيها الجمعيتان الاستيطانيتان اللتان أصبح بحوزتهما أملاك ضخمة؛ "إلعاد" و"عطيريت كوهانيم". وتعملان بشكل سري، وتفعّلان شركات ثانوية بعضها مسجل خارج البلاد، وتخفيان جهة المتبرعين بالأموال، وبمساعدة الدولة، من أجل السيطرة على أملاك أخرى، وخاصة بالاستفادة من قانون "أملاك الغائبين".
 
وبحسب التقرير فإن "إلعاد" جلبت نحو 500 يهودي للاستيطان في سلوان، في حين تخصصت "عطيريت كوهانيم" على السيطرة على الأملاك في البلدة العتيقة عامة، وفي الحي الإسلامي بشكل خاص، وتمكنت من إدخال 60 عائلة يهودية من المستوطنين، إضافة إلى المئات من المستوطنين طلاب المدارس الدينية التلمودية إلى الحي.
 
وجاء أن الدولة قدمت لهم عشرات الأملاك، وبدون مناقصات. واحتكرت الجمعيتان العمل في المنطقة تحت ستار كثيف من السرية لخدمة أهدافهما. وفي الوقت نفسه خصصت لهما الدولة عشرات الملاييين من الشواقل لتوفير الحماية، اشتملت على الحراس والكاميرات والجدران لفصل المستوطنين عن السكان المقدسيين.
 
وبيّن التقرير أن المعلومات التي يتم نشرها تأتي بناء على أمر من المحكمة لتسليمها إلى الناشط درور أتيكس، بعد مداولات قضائية استمرت 3 سنوات، حاولت خلالها جمعية "إلعاد" منع نشر هذه المعلومات بادعاء أن نشرها سيؤدي إلى سفك دماء، بينما دعمت الدولة موقف الجمعية بوجهات نظر مقدمة من مختصين أمنيين. وحصل أتيكس مؤخرا على قائمة جزئية تشمل 11 ملكا من الأملاك التي قامت الدولة بتحويلها إلى "إلعاد" و"عطيريت كوهانيم"، وغالبيتها في السنوات 2003 – 2008.
 
ويتضح من التقرير أن القائمة التي سمح بنشها لا تعرض الصورة كاملة، وذلك بسبب الغطاء الذي توفره الدولة للجمعيات الاستيطانية، كما يتضح أنه يكمن خلف هذه المعطيات تواصل الإجراءات التي تجعل الجمعيات مالكة لهذه الأملاك في نهاية المطاف.
 
ويشير التقرير إلى "إلعاد" بوصفها الشريك الأبرز في إقامة حزام استيطاني يهودي حول البلدة العتيقة في القدس المحتلة. ولفت إلى أن الجمعية، رغم كونها جمعية خاصة، فإنها لا تصوغ مستقبل القدس فحسب، وإنما أصبحت الهيئة التي اختارتها الدولة لتكون مسؤولة عن ماضي المدينة.
 
كما نقلت الصحيفة عن دافيد بئيري، مؤسس جمعية "إلعاد" شرحه عن إحدى طرق الاستيلاء على الأملاك العربية في المنطقة، فيقول إنه يتم شراء الأملاك من العرب بواسطة شخص يدعي أنه أحد عناصر حزب الله، وبعد شرائها يقوم ببيعها للجمعية.
 
وتبرر الجمعيات لجوءها إلى العمل السري على أنه الوسيلة الوحيدة للحفاظ على حياة البائعين والوسطاء، وحياة فلسطينيين كان لهم دور في إبرام الصفقات.
 
كما يشير التقرير إلى أن الدولة تساند ادعاءات الجمعيات في حال اقتضى الأمر الكشف عن دورها في عملية الاستيلاء على المنازل، سواء بواسطة "قانون أملاك الغائبين" أو بموجب أوراق تدعي أن الأملاك كانت ذات مرة بملكية يهودية.
 
وتتضمن القائمة 11 صفقة، أنجز منها 5 صفقات مع "إلعاد" و6 صفقات مع "عطيريت كوهانيم"، وقامت ما تسمى بـ"دائرة اراضي إسرائيل" بموجبها تحويل مبان وأراض إلى الجمعيات بأسعار بخسة للاستئجار أو الضمان أو الشراء.
 
وبيّن التقرير أنه من ضمن القائمة المشار إليها، فإن هناك منزلا يملكه موسى العباسي، وقد تم اعتبار مالكه على أنه "غائب". وبجهود جمعية "إلعاد" جرى تأميم المنزل عام 1988، وبعد 3 سنوات تم تأجيره للجمعية مقابل 23 شيكل شهريا.
 
كما يشير التقرير إلى أن التقديرات تشير إلى أنه تم عقد ما يقارب 80 صفقة بين الدولة وبين الجمعيات الاستيطانية.
 
تجدر الإشارة إلى أن التقارير المالية لجمعة "إلعاد" تشير إلى أنها من أغنى الجمعيات في البلاد. وبحسب تقارير العام 2008، فقد وصلت أملاكها إلى 104 ملايين شيكل، منها 94 مليون شيكل حصلت عليها من تبرعات سرية، بعد أن حصلت على حصانة من مسجل الجمعيات، في حين حصلت على 10 ملايين شيكل كمدخول من السياحة إلى ما يسمى "مدينة داوود".
 
أما بالنسبة للحراسة، فإن أرئيل شارون، لدى إشغاله منصب وزير الإسكان، قد ألزم الوزارة بتوفير الحراسة التي بلغت ميزانيتها في العام الأخير 2010 نحو 54 مليون شيكل، ومن المتوقع أن ترتفع في العام القادم نظرا لـ"الأوضاع الأمنية" في المنطقة.
 
وعلى صلة، لفت التقرير إلى أنه تجري حاليا مداولات في المحكمة العليا في ملف وصفته الصحيفة بأنه قد يغير دفعة واحدة من وضع المئات من الأملاك في القدس، والتي وضعت الدولة عليها اليد بموجب قانون "أملاك الغائبين".
 
ويتصل الملف بفندق "كليف" المقام على تلة في أبو ديس شرقي المدينة، في حين يعيش صاحب الفندق على بعد 300 متر إلى الشرق منه. وقامت إسرائيل بوضع خط الحدود البلدية لمدينة القدس بالضبط بين الفندق وبين منزل صاحبه، ما يعني أن الفندق بقي ضمن نفوذ بلدية الاحتلال في القدس، في حين أن صاحبه خارج مجال نفوذ القانون، وبالتالي أصبح الفندق عرضة للمصادرة. وفي العام 2003، وخلال أعمال بناء جدار الفصل في المنطقة، تمت مصادرة الفندق وبات مقرا لما يسمى بـ"حرس الحدود".

التعليقات