23/05/2015 - 08:54

القاتل الأخطر في اليرموك: فقد عيناً ويبحث عن ثأر (2)

بحجم علبة دخان، زرعت القنبلة بيدي في الجثة الأخيرة، وهي تعود لمقاتل في الجيش الحر من آل النادر، العبوة تفجر عن بعد، تركتها في المكان المتفق عليه لاستلامها وانتظرت لنصف ساعة، بعد ذلك فجرتها..

القاتل الأخطر في اليرموك: فقد عيناً ويبحث عن ثأر (2)

قشلق الثاني من اليمين والمؤذي في أقصى اليسار

مباشرة بعد أن خرج حياً من معركة كبيرة حوصر فيها لخمسة أيام في شارع اليرموك، خرج ماهر المؤذن إلى دمشق ليوسع فيها من تعداد عناصر مجموعته المسلحة، 'سرايا المؤدن'، حاملاً إصابات ستجعله يبحث عمّا يسميه الثأر من المخيم، عين لا ترى وشظايا في الجمجمة.

كانت الفصائل الفلسطينية المتواجدة في دمشق في حالة تخبط كبير بعد أن سقط المخيم كاملاً بيد المعارضة السورية المسلحة، فيما أهتز العالم حين قصف النظام المخيم بطائرة الميغ، أربك النظام في دمشق، وكان القرار الدولي يمنعه من دخول المخيم.

وحتى موسكو وطهران رأتا في أي دخول لقوات النظام إلى مخيم اليرموك محرقة سياسية كبيرة له، فكان قراره تسليح ودعم الفصائل الفلسطينية، ومن ضمنها الجبهة الشعبية القيادية العامة التي كان المؤذن حتى ذلك الوقت جزءا منها.

على أسوار مخيم اليرموك تحالف المؤذن سريعاً مع عناصر من شارع 'نسرين' في منطقة التضامن المجاورة، عناصر الحي الذين يعرفون باسم 'شبيحة نسرين'، كان قد نصبوا حاجزاً عسكرياً على أول شارع اليرموك كما يسميه السكان، وقيدوا عبره حركة الدخول والخروج من اليرموك.

المدنيون ظلوا لأشهر يدخلون سيراً على الأقدام إلى المخيم عبر هذا الحاجز، تستقبلهم في الداخل حواجز جبهة النصرة والجيش الحر ولواء الحجر الأسود الذي يقوده 'أبو عمر بيان'، وتشكيلات مسلحة أخرى، لم يكن المدني يشتكي في هذه الفترة من مسلحي الداخل بقدر ما يعانيه من حاجز أول اليرموك.

الملثمون

وقف عناصر شارع نسرين على الحاجز العسكري، فيما وقف معهم عناصر القيادة العامة الجبهة الشعبية، أشهرهم الملقب بـ'العشماوي' الذي كان يكسر كل بيضة تزيد عن خمس بيضات مما يحمله السكان، ويحصي عدد أرغفة الخبز التي تدخلها النساء إلى المخيم، ويرمي ما هو فوق المسموح به كي 'لا يأكل المسلحون في الداخل'.

مارس العشماوي الإذلال لأشهر بحق الداخلين، إلى أن قتل بنيران قناص.

ويقف ملثم من عناصر الجبهة على ذات الحاجز، ويعمل على إرشاد عناصر نسرين على من يرى أنهم يدخلون الطعام إلى 'مسلحي' الداخل.

 لم يكن المؤذن مهتماً بكل هذا، بل كان ينصب قناصيه عند جامع الرجولة بشارع فلسطين.

 علاقته في هذا الفترة تجاوزت أحمد جبريل وباتت مباشرة مع فرع المخابرات الشهير المسمى 'فرع فلسطين'. كان حراً في القتل والقنص باتجاه المخيم. يشاركه في هذا عناصر دربهم بنفسه وعلمهم استخدام القناصات الروسية.

اقرأ أيضا: القاتل الأخطر في اليرموك: فقد عيناً ويبحث عن ثأر (1)

تبادل الجثث

بعد اشتباكات عنيفة على طول خطوط التماس في المخيم، وبالذات في ساحة الريجة، توصل المؤذن عبر وسطاء إلى اتفاق تبادل جثث مع مسلحي المخيم، كان الاتفاق يقضي بتبادل جثث لمقاتلين من كلا الطرفين.

قال المؤذن في جلسة خاصة عن هذه الصفقة إنه اشترط أن تخرج الجثة الأولى من الداخل، قبل أن يدخل هو الجثة الأولى من جهته، الخطوة التي فهمت في داخل اليرموك على أنها بهدف إثبات حسن النية، كان المؤذن ينوي منها أن تكون الجثة الأخيرة التي ستُبادل بحوزته، وهذا ما كان.

قال المؤذن 'بحجم علبة دخان، زرعت القنبلة بيدي في الجثة الأخيرة -تعود لمقاتل في الجيش الحر من آل النادر- العبوة تفجر عن بعد، تركتها في المكان المتفق عليه لاستلامها وانتظرت لنصف ساعة، بعد ذلك فجرتها فقتلت عدد من المسلحين' كل رواية المؤذن صحيحة، باستثناء أن العبوة قتلت أطفالاً ومدنين وليس مقاتلين من أي جهة مسلحة داخل المخيم، وذلك أثناء دفنها في مقبرة اليرموك.

في صفقة أخرى تشمل جثتين من بينها ضابط لدى النظام اسمه الأول ريبال، مقابل إدخال الخبز وتحرير معتقلتين من نساء المخيم، ضرب المؤذن قذائف الهاون على ساحة الريجة أي نقطة التبادل التي كان ينتظر فيها مدنيون دخول الخبز. وكان من بين الضحايا جعفر محمد، وأبو بسام زيدان، ،محمود عزيمة، وعدد من المصابين.

من جبريل إلى الرابعة

خالد جبريل المسؤول العسكري في القيادة العامة، وابن أحمد جبريل، اشتبك مع المؤذن. فالأخير كان يرى أن جماعات جبريل لا تريد القتال بل تريد التجارة على خطوط النار. وأدى الاشتباك في النهاية إلى ضرب المؤذن لجبريل الابن الملقب بـ'أبو العمرين'.

وأتت هذه الحادثة لتزيد من علاقة جبريل الأب بالمؤذن سوءاً، بالذات مع الدعم بالسلاح والأموال الذي تمتع به المؤذن مباشرة من النظام السوري.

ذاع صيت الرجل، الذي كان يمشط ساحة الريجة، ويقتل كل من يتحرك فيها، حتى لو كانوا مدنيين ييحثون عن أي شيء يؤكل بين أنقاض الساحة. ينقل عنه مقربون أنه كان يتمتع بصبر لا مثيل له، وقد يجلس لساعات خلف قناصته بلا حراك قبل أن يصطاد الهدف الذي يدخل مجال رصاصه.

كبر نفوذه وبات متمرداً على ميليشيا جبريل، الذي لم يعد يستطيع السيطرة عليه، فرشحه ليكون ضمن صفوف مقاتلي النظام غير التابعين لجيشه، والذين يعرفون بـ'قوات الدفاع الوطني'، فأُلحق المؤذن بالفرقة الرابعة الشهيرة في الجيش التي يترأسها ماهر الأسد، وبات سلاحه وما معه من مال يخوله ليكون أمير حرب في المناطق التي يكلف بالقتال فيها، فأرسل إلى برزة وداريا والمعضمية بريف دمشق وإلى دير الزور، وخاض فيها معارك لم تكن تثير شهيته كمعارك المخيم.

معامل للسلاح و'الجدو'

لم تكن مؤهلات المؤذن في القتال الشرس وحدها ما جعلته قريباً من النظام، بل هو ما تمكن من تحقيقه على مستوى التسلح الذاتي إن صح التعبير، فالمؤذن قال في ذات الجلسة، أنه يمتلك معلمين لتصنيع قذائف الهاون، أولهما في منطقة زليخة في حي التضامن، والثاني في الصبورة بريف دمشق.

وبحسبه فإن القذائف التي كان يصنعها في المكانيين كان يلقيها على المخيم ساعة يشاء أن يعطل هدنة أو يوقف توزيع مساعدات أو ربما في ساعة ضجر بين عناصره، بهذه القذائف قتل المؤذن العشرات من المدنين في مخيم اليرموك، إلا أنه أيضاً حقق انقلابه على الفصائل الفلسطينينة الموالية للنظام، والتي لم تكن تملك إلا الحد الأدنى من الذخيرة والسلاح لأسباب عدة، منها أن النظام لا يثق حتى الآن بها، ولا يريد تسليحها.

'الجدو' عمّ المؤذن الذي كان يشرف بشكل مباشر على إطلاق صواريخ 'الفيل' وقذائف الهاون، أشهرها تلك اللي أطلقت على ساحة حمدان أمام 'ملحمة المليون'، التي ذهب ضحيتها أم وثلاثة أطفال في نهاية حزيران (يونيو) 2013، كان هذا أكبر دمار خلفه قصف على المخيم حتى الآن.

مع المليونير

بعد غياب طويل عن خطوط النار في مخيم اليرموك، عاد المؤذن إلى أرض المعركة التي يحب، هذه المرة حين بات المؤذن قائد الجناح العسكري لحركة فلسطين حرة التي يترأسها المليونير الفلسطيني السوري ياسر قشلق، وظهر في جولة مع الأخير لعناصره المنتشرين في ساحة الريجة التي باتت نقطة تنازع بين النظام السوري من جهة، ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية - داعش من جهة أخرى.

التعليقات