24/09/2009 - 14:43

سقوط أوباما../ ساطع نور الدين

سقوط أوباما../ ساطع نور الدين
الذين تفاءلوا وما زالوا متفائلين بالرئيس الأميركي باراك أوباما ولونه الأسود وجذوره الإسلامية ولغته المحببة وابتسامة زوجته ميشال، لن يصدّقوا بسهولة أن ما فعله في نيويورك، أمس، كان يمثل ذروة الخبث والنفاق، فضلاً عن كونه قمة الخداع، من رجل ثرثري احتاج الأميركيون الى صورته المختلفة وشعاراته الفارغة، وتمكنوا من خلالها في نشر مزاعم التغيير التي بدت لبعض السذج أشبه بانقلاب شهدته أميركا.

لا يمكن العثور على أسباب تخفيفية للرئيس أوباما والاستنتاج مثلاً أن القمة الثلاثية الأميركية الفلسطينية الإسرائيلية التي عقدت في نيويورك، أمس، كانت مجرد مظهر إضافي من مظاهر ضعف الرئيس الأميركي أمام المؤسسات الحاكمة في أميركا، وبينها المؤسسة اليهودية المؤثرة، التي تمكنت منه وحولته إلى مثار للسخرية، بعدما ادعت طوال الأشهر الثمانية الماضية من عهده أنه يناصبها العداء، وبالتالي لا يبادل إسرائيل اي ود، بل هو يصر على حشرها في الزاوية ويضغط عليها علناً من أجل تجميد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة لأشهر قليلة، بينما يناشد العرب سراً أن يفتحوا أبواب التطبيع امامها.

الدلائل على ضعف أوباما لا تعد ولا تحصى، ولا يمكن لأحد أن يخطئها لا في داخل أميركا ولا في خارجها. والأرجح أن الإسرائيليين اغتنموا تلك اللحظة الحرجة للرئاسة الأميركية، لكي يعلنوا بأسلوب فظ أنهم يرفضون توسلات الرئيس، وليس ضغوطه كما يقال، من أجل تجميد الاستيطان لأشهر، ولكي يؤكدوا انضمامهم إلى معسكر خصوم أوباما الذين يزدادون قوة يوماً بعد يوم، ويمكن أن يجعلوا منه في نهاية عهده رئيساً صورياً، لا يملك من مقومات الحكم وصنع القرار سوى الشكل، أو التوقيع الأعسر والملتوي.

ثمة ما هو أخطر من الضعف في شخصية أوباما وفي رئاسته، التي طوّرت ولا تزال تطور العلاقة الاستراتيجية الأميركية الإسرائيلية إلى أبعد مما كان الإسرائيليون يحلمون به، وإلى حد أن إسرائيل ستتحول إلى قاعدة تحتوي على أهم المنظومات الأميركية الصاروخية والمضادة للصواريخ في العالم. وهو قرار اتخذته إدارته عن سابق تصور وتصميم، وبمعزل عن ذلك الخلاف المصطنع حول تجميد الاستيطان لأشهر، الذي شغل العالم كله منذ مطلع هذا العام، وكان شرطاً مسبقاً للتفاوض لا يتزحزح عنه الأميركيون.

إنه سقوط مريع لأوباما الذي تغنى كثيرون من العرب والمسلمين به وبخطابه الذي لم يقرأوه جيداً، وبسياسته التي لم يفهموها أبداً، حتى جاءتهم الصدمة الأخيرة، عندما اعترف بهزيمته الصريحة أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خلال عرض مسرحي باهت، سبق للجمهور أن شهده مراراً، وراقب تلك اليد الفلسطينية التي تدعى لمصافحة يد تريد أن تقطعها.. كان الجديد الوحيد في ذلك العرض، هو سيل الشتائم الذي وجّهه الرئيس الأميركي إلى العرب والإسرائيليين، لعدم إدراكهم مصالحهم الخاصة ومصالح أميركا الحيوية، في محاولة يائسة كي يكسب اللحظة الدرامية بعض الإثارة المفقودة، ويحفظ لنفسه بعض الرصيد في عالم التمثيل.
"السفير"

التعليقات