31/10/2010 - 11:02

حملة إسرائيلية../ ساطع نور الدين

حملة إسرائيلية../ ساطع نور الدين
الحملة الاسرائيلية على قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 والقوات الدولية المعززة في الجنوب وقائدها الجنرال كلاوديو غراتسيانو لن تتوقف هذا الأسبوع اثر التجديد لهذه القوات، لانها ابعد وأخطر مما كان يعتقد حتى الآن. هي بالطبع تعبر عن ضيق إسرائيلي من حصر المهمة العسكرية الدولية داخل حدود »الحزام الأمني« السابق، وعدم توسيعها نحو الحدود مع سوريا، كما انها تعكس الصراعات السياسية داخل الائتلاف الحكومي الاسرائيلي المهدد بالتفكك الشهر المقبل.. لكنها أساسا، تدخل في سياق المراجعة التي يجريها الاسرائيليون لتجربة الحرب الأخيرة على لبنان قبل عامين.

كان القرار 1701 نجاحا لبنانيا، متواضعا، ليس فقط لأنه جرى تضمينه النقاط السبع الشهيرة أو إدراج اقتراح وضع مزارع شبعا في عهدة الأمم المتحدة .. بل لان حكومة الرئيس فؤاد السنيورة قاومت في حينه ضغوطا أميركية وإسرائيلية للسماح بنشر قوات متعددة الجنسيات، وأصرت بمساعدة الرئيس الفرنسي جاك شيراك، على الاكتفاء بتعزيز قوة »اليونيفيل« التي كانت منتشرة في الجنوب، ورفضت بشكل خاص توسيع مهام هذه القوة نحو الداخل اللبناني او نحو الحدود السورية، وقبلت فقط بمساعدات تقنية لمراقبة هذه الحدود وضبطها من قبل الأجهزة اللبنانية.

وبالقدر نفسه، كان القرار 1701 إنجازا إسرائيليا، متواضعا ايضا، لانه جلب جيشا اوروبيا مصغرا الى »الحزام الامني« الذي اضطرت اسرائيل الى الانسحاب منه في ايار العام ،2000 وأعاد الجيش اللبناني بقوة الى الجنوب اللبناني للمرة الاولى منذ منتصف الستينات، ليتحمل مسؤولية الامن، ويشكل حاجزا نفسيا على الاقل امام انتشار المقاومة وسلاحها الذي بات تركيزه شمالي نهر الليطاني.
وعلى الرغم من ان القرار 1701 كان ولا يزال خارج الجدل الداخلي اللبناني، فإن اسرائيل استأنفت مؤخرا النقاش حوله، حتى أفرغته من مضمونه، وصارت القوات الدولية موضوعا للاستخفاف والتندر، وبات قائدها الحالي الجنرال غراتسيانو شخصا غير مرغوب فيه في وزارة الدفاع الاسرائيلية، التي رفضت في الآونة الاخيرة اكثر من سبع محاولات من جانبه لمقابلة وزير الدفاع ايهود باراك.

قيل في البداية ان هذه الحملة هي من طقوس وداع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت الذي لا يزال يصر على ان ذلك القرار هو احد اهم انجازاته السياسية طوال فترة حكمه التي بدأت قبل اشهر من حرب العام 2006 ، وهي ايضا من أدوات عرقلة انتقال خلافته الى وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، التي فاخرت اكثر من مرة بأن الـ1701 هو من مكتسباتها، وهو من اهم اسلحة معركتها على زعامة حزب كاديما.

وقيل ايضا ان الحملة تهدف الى استباق التجديد "لليونيفيل" بالضغط على مجلس الامن لتوسيع انتشارها وتعديل تفويضها، لكنه سرعان ما تبين ان اسرائيل سلمت بطلب الامين العام للامم المتحدة التجديد لهذه القوات من دون تعديل او تبديل.. لكنها بلورت ما يشبه الإجماع الداخلي، الذي لا يستثنى منه سوى اولمرت، على ان القرار 1701 فشل تماما.

يقال الآن ان اسرائيل استخلصت دروس حرب العام 2006 وهي الآن تبلغ المجتمع الدولي ان فشل تجربته اللبنانية، التي لا تقتصر على جنوبي الليطاني، يحررها من التزاماتها الواردة في القرار 1701 ويستدعي التأسيس لتجربة اخرى.
"السفير"

التعليقات