31/10/2010 - 11:02

"خريطة طريق" مصرية لإنهاء الانقسام../ مصطفى إبراهيم


الأخبار القادمة من القاهرة مع الوفود الفلسطينية التي شاركت في الحوارات الثنائية مع القيادة المصرية، تبشر بقرب إنهاء حال الانقسام في الساحة الفلسطينية، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وتشير الأخبار أن مصر وضعت رؤية لحل الأزمة الفلسطينية الداخلية بناء على الردود، والإجابات التي قدمتها، قبل عدة اسابيع، القوى والفصائل الفلسطينية المشاركة في الحوارات على الأسئلة المصرية.

الأخبار تؤكد على جدية المصريين، وتوجههم بأن يكون الحوار الفلسطيني الداخلي شاملاً وجدياً ومجدياً، من خلال إعطاء وقت كافٍ للحوار والنقاش وعدم الاستعجال في إنهاء الانقسام، نظراً لخطورة ذلك على الوضع الفلسطيني.

المصادر الفلسطينية المشاركة في الحوارات المصرية تشير إلى تطابق في وجهات النظر لبعض الفصائل مع وجهة النظر المصرية، لإنهاء الأزمة النابع من العلاقة التاريخية الفلسطينية المصرية، ومن خلال معرفة مصر تفاصيل الخلاف الفلسطيني، خاصة بعد سيطرة "حماس" على قطاع غزة العام الماضي.

وحسب ما نشرته "صحيفة الحياة اللندنية" في عددها الصادر الجمعة الموافق 12/9/2008،إن الرؤية المصرية تمثل "خريطة طريق جديدة" لحل الأزمة الفلسطينية والآليات الكفيلة لتنفيذ ذلك بعد التوافق عليه مع طرفي الصراع حركتي "فتح"، و"حماس"، وسيتم في لقاءات منفصلة ستعقد في القاهرة بعد عيد الفطر المبارك.

"خريطة الطريق" المصرية تستند إلى ثلاثة نقاط رئيسية، انطلاقاً من حرص مصر على وضع حد نهائي للانقسام الفلسطيني لما فيه من مصلحة قومية مصرية، وكذلك مصلحة إسرائيل في تعميق الانقسام وتكريسه، وعدم إنهائه.
وترى مصر أن "إسرائيل غير معنية في إنهاء حال الانقسام وتعمل على تعزيزه، تستفيد في ذلك من عنصرين أولها "ضعف الرئيس جورج بوش، والإدارة الأميركية الحالية التي ستغادر البيت الأبيض قريباً"، وثانيها "عدم رغبة حركة "حماس" في إنهاء الانقسام و الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، الامر الذي يمنع الرئيس عباس من توقيع اتفاق سلام مع اسرائيل والوطن مقسم الى شطرين". هذا ما أكده وزير الأمن الإسرائيلي إيهود باراك بالقول "أنه لا أمل بالتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين وحماس ما تزال تسيطر على قطاع غزة".

إلا أن الخطير في ذلك هو التزام السلطة الفلسطينية بقرارات الرباعية الدولية والشروط الإسرائيلية بعدم عودة حركة "حماس" الى السلطة، وألا تكون هناك حكومة جديدة تشارك فيها حركة "حماس"، واذا تم ذلك فلن يتم رفع الحصار المفروض على الفلسطينيين في قطاع غزة، وفي حال تم الاتفاق بناء على الرؤية المصرية، فإن التزام الرئيس عباس بعدم عودة "حماس" يؤكد على الفصل ويعزز الانقسام، ولن يوفر أرضية للتوافق، لأن "حماس" ترفض تخليها كلياً عن المشاركة في الحكومة وتقبل اشراك شخصيات عير "محروقة" فيها.

وبناء على ما ذكرته "الحياة اللندنية" فإن "خريطة الطريق المصرية تهدف إلى تحقيق أربعة أهداف، أولاً: تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية لتسيير الأعمال، ستكون قادرة على رفع الحصار، ولديها مهمتان: التهيئة للانتخابات التشريعية والرئاسية المتوافق عليها من جهة، ومعالجة الملف الأمني من جهة أخرى".

أما "الهدف الثاني، فهو الاتفاق على ميثاق قومي فلسطيني يتضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة العام 1967، وحل قضية اللاجئين، وإنهاء الانقسام الداخلي"، وهي فكرة جديدة لم تُطرح من قبل، تهدف إلى وضع ميثاق جديد تشارك حركة "حماس" وبقية الفصائل في صوغه.

والهدف "الثالث يؤكد على أن الرئيس عباس ومنظمة التحرير الفلسطينية مفوضان بإجراء المفاوضات التي يجب أن تستند إلى الميثاق القومي الذي يفترض التوافق عليه، على رغم أنه ليس المتوقع ومن غير المنتظر أن تصل المفاوضات الجارية حالياً إلى نتائج، لكن المصلحة الفلسطينية (من وجهة نظر مصر) تتطلب عدم توقفها، بل العمل على توريثها للإدارة الأميركية القادمة".

والهدف "الرابع يسعى إلى بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية على أساس مهني، وأن يتم توفير قدرات عربية، سواء كانت على شكل قوات تدخل، استعانة بخبرات أمنية عربية، أو أموال ودعم مادي".

كل ما ذكر يشكل بارقة أمل لدى الفلسطينيين في إنهاء حال الانقسام، والبناء عليه، لكن الأسئلة المشروعة، هل سيوافق طرفا الصراع على تلك الرؤية من خلال الشروط التي يضعها الجانبان كل على الأخر؟ خاصة حركة "حماس" وموقفها المعلن من تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية لتسيير الأعمال، التي لن تكون ممثلة فيها، وتعتبر نفسها صاحبة الحق في الحكم بناء على فوزها الساحق في الانتخابات التشريعية، ولن تستطيع رؤية نفسها خارج الحكم، وكذلك موقفها وبعض الفصائل الرافضة فكرة استقدام قوات عربية إلى قطاع غزة، كذلك عدم ثقتها بالرئيس عباس فيما يتعلق بإعادة بناء منظمة التحرير، وما تم الاتفاق عليه في القاهرة في العام 2005.

الرئيس عباس الذي تعهد للمجتمع الدولي بالتزامه بشروط "اللجنة الرباعية الدولية"، وما صرح به أكثر من مرة للدولة العبرية بعدم المصالحة مع حماس إلا إذا وافقت على شروط الرباعية، وكذلك عدم التزامه بما تم الاتفاق عليه في القاهرة العام 2005، والمماطلة في إعادة بناء المنظمة لقناعته بأن "حماس" تطمح للسيطرة عليها.

وتظل هناك أسئلة اخرى يطرحها كثير من الفلسطينيين: هل سيتخلى الرئيس عباس عن شروط الرباعية الدولية، وعن قناعاته أن المفاوضات هي الحل الوحيد للقضية الفلسطينية؟

وعليه لا تكفي جدية الموقف المصري، بل ما هو مطلوب جدية من قبل طرفي الصراع بالحل وإنهاء حال الانقسام، خاصة الرئيس عباس وفريقه الذي ما يزال يعتمد على معالجة حال الانقسام بالعودة إلى الوضع الفلسطيني السابق، وهو لا يريد أن يصدق أو يقتنع أن الواقع على الأرض اختلف منذ ثلاث سنوات، وانه لن يكون بإمكانه العودة إلى الوراء إلا من خلال الشعب الفلسطيني صاحب القرار بالتغيير.

فعلى طرفي الصراع أن يقتنعا أن صاحب القرار هو الشعب الفلسطيني، وأن طريق الخلاص من الأزمة الحادة التي يعيشونها هي الاحتكام إليه، وإلى مرجعياته الوطنية ومن خلال إستراتيجية وطنية يتفقون عليها، وإلا لن تنفع "خريطة طريق" مصرية من دون التوافق على العودة، إلا بالحوار الوطني الشامل، وتكاتف كل الجهود في إطار الحوار الشامل بين كل الفلسطينيين في شتاتهم، وبناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس وطنية جديدة، وعدم التركيز فقط على حكومة توافق وبناء الأجهزة الأمنية وكأن مشكلة الفلسطينيين هي في إعادة بناء الأجهزة الأمنية.

التعليقات