ترامب يواجه المظاهرات بعقلية حربيّة

أثارت تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قلق الكثيرين بشأن تعليماته التي وصفها البعض بـ"التحريض العنيف" للشرطة والجيش في قمع الاحتجاجات الشعبيّة التي تتظاهر ضد جريمة قتل المواطن الأميركي، جورج فلويد، على يد الشرطة.

ترامب يواجه المظاهرات بعقلية حربيّة

اعتقالات في نيويورك (أ ب)

أثارت تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قلق الكثيرين بشأن تعليماته التي وصفها البعض بـ"التحريض العنيف" للشرطة والجيش في قمع الاحتجاجات الشعبيّة التي تتظاهر ضد جريمة قتل المواطن الأميركي، جورج فلويد، على يد الشرطة.

وأبلغ ترامب حكام الولايات "إذا كنتم لا تسيطرون، فأنتم تضيعون وقتكم". لكن ماذا إذا حاول الحكام السيطرة على زمام الأمور وفشلوا. قال قطب العقارات الثري "حينها سأقوم بنشر الجيش الأميركي وحل المشكلة لهم بسرعة". لطالما كان لدى ترامب إعجاب بالقوة المادية وإعجاب بقادة العالم الذين لا يخشون استخدامها.

وهو ما يعتبر في كثير من الأحيان هذه مسألة أسلوب. ومنذ أيام بنائه للعقارات، صاغ ترامب صورة لنفسه كرجل أعمال متهور ومتسلط سيفعل أي شيء للفوز. فهو يحب مشاهدة نزالات المصارعة والفنون القتالية المختلطة. وكرئيس، يملأ خطاباته بكلمات مثل "قوية" و "صارمة".

وعمد ترامب إلى كسر المعايير الدبلوماسية الأميركية من خلال تعبيره عن الإعجاب بالقادة الديكتاتوريين والأقوياء، بدءا من زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

ومع تبقي خمسة أشهر فقط حتى الاستحقاق الانتخابي، يخشى نقاد أن يكون ترامب يستخدم أزمة وطنية في معرض نزعته الاستبدادية. بعد أن أعلن ترامب نفسه رئيسا في زمن الحرب في مواجهة جائحة كوفيد-19، ينخرط الآن في وضع عسكري فعلي في شوارع الولايات المتحدة.

وحذّر حكام الولايات يوم الإثنين، من أن الضعف في مواجهة الاحتجاجات التي شابتها عمليات التصعيد سيجعلهم "يبدون وكأنهم مجموعة من الحمقى".

ثم هدد باللجوء إلى "قانون التمرد" الذي نادرًا ما يستخدم، والذي يسمح للرئيس بنشر الجيش على الأراضي الأميركية بدلا من قوات الحرس الوطني المنتشرة حاليا في مدن عدة، حتى خلافا لإرادة حكام الولايات.

اعتقالات في نيويورك (أ ب)

وعوضًا عن التركيز على ما يقول المحتجون أنه أصل الاضطرابات، عقود من العنصرية والعنف ضد الأميركيين من أصل أفريقي، صوّب ترامب على أعمال التصعيد العنيفة التي يقوم بها المحتجون، واصفًا ذلك ب"الإرهاب المحلي".

وردّد وزير دفاعه مارك إسبر هذا النهج المرتبط بعرض القوة، طالبا من حكام الولايات "السيطرة على ساحة المعركة". وظهر رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي في البيت الأبيض مرتديا زيا عسكريا مموها.

وفي واشنطن، حلّقت المروحيات العسكرية على ارتفاع منخفض فوق المتظاهرين، فيما انتشرت مجموعة من وحدات الأمن المختلفة في شوارع العاصمة الفدرالية.

وأخيرا وفي بادرة قوة، ضربت الشرطة في الغالب المتظاهرين السلميين خارج ساحة لافاييت قرب البيت الأبيض، حتى يتمكن ترامب من السير بأمان إلى كنيسة متضررة جراء الأحداث ويلوّح بالكتاب المقدس أمام الكاميرات.

واعتبر البعض سيره صوب الكنيسة مجرد تجول، لكن بالنسبة لترامب، فقد كانت حقا لحظة تبجح باستخدام القوة. ولا يزال ترامب متأخرا في استطلاعات الرأي قبل انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر.

ويعتقد محللون أنه يأمل أن ينقذه شعاره الجديد "القانون والنظام"، الذي سبق واستخدمه الرئيس ريتشارد نيكسون في العام 1968 المضطرب وساعده على الفوز بعد أن شجع قاعدته على التصويت بكثافة.

وشبهت المتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكناني صورة ترامب خارج الكنيسة برئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل في حقبة الحرب العالمية الثانية أثناء جولته في حطام لندن خلال القصف النازي.

وأوضحت أنه "عبر العصور رأينا رؤساء وقادة شهدوا لحظات قيادة ورموزا قوية جدا كانت مهمة لبلد ما مثل تشرشل الذي ذهب لتفقد الأضرار الناجمة عن القنابل" في لندن خلال الحرب العالمية الثانية". لكن كثيرين لا يزالون تحت وقع الصدمة.

واتهمت النائبة الديمقراطية، أبيجيل سبانبرغر، التي كانت تعمل في أجهزة الاستخبارات ترامب "بخيانة أسس حكم القانون". وقالت إنه "بصفتي ضابطة سابقة في وكالة الاستخبارات المركزية أعرف هذه الاستراتيجية".

بدوره، شنّ وزير الدفاع السابق لترامب الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس، هجوما لاذعا الأربعاء على ترامب واصفا الحادث بأنه "إساءة استخدام للسلطة التنفيذية". وكتب ماتيس أنّ "دونالد ترامب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الأميركيين، بل إنه حتّى لا يدّعي بأنّه يحاول فعل ذلك". وأضاف "بدلًا من ذلك، فإنه يحاول تقسيمنا".

وتابع: "يجب أن نرفض التفكير في مدننا على أنها ساحة معركة". وأضاف العسكري الذي يحظى باحترام واسع "عسكرة ردة فعلنا، كما شاهدنا في واشنطن العاصمة. تنشأ ‘صراعا خاطئا‘ بين الجيش والمجتمع المدني".

وفي كثير من الأحيان مع ترامب، من الصعب تمييز أين ينتهي أسلوب تلفزيون الواقع الخاص به وحيث يبدأ الواقع الحقيقي. على مدى السنوات الثلاث الماضية، فجر الأزمات في شكل متكرر على الأزمات التي تتراوح من محاولته بناء جدار على الحدود المكسيكية إلى التهديد بشن حرب ضد إيران.

وخرج إسبر بعبارات واضحة بشكل مدهش، اليوم الأربعاء، أنه عارض التلويح بقانون التمرد، في إشارة منه كما يبدو إلى أنه على ترامب أن يخفف من موقفه العدواني. لكن سياسيا، يشعر ترامب أنه في الصف الرابح.

وصرح لتلفزيون "نيوزماكس" اليميني بأن الديمقراطيين "سيخسرون الانتخابات لأنهم ضعفاء فيما يتعلق بالجرائم". وتابع "أنا القانون والنظام... هم ليسوا كذلك".

التعليقات