تسعى القاهرة إلى إدخال تعديلات جديدة على اتفاقية "كامب ديفيد" الموقّعة بين الجانبين الإسرائيلي والمصري في عام 1979، بما يتلاءم مع الدور الذي قد تلعبه القاهرة في إطار اتفاقية تهدئة محتملة بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك بحسب ما ورد في تقرير لصحيفة "العربي الجديد" نقلا عن مصادر مصرية خاصة، وفي أعقاب إعلان القاهرة في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، عن تعديلها الاتفاقية الأمنية الموقعة مع إسرائيل، بهدف "تعزيز تواجد وإمكانيات الجيش المصري" في المنطقة الحدودية برفح شمال شرقي البلاد.
وأكدت المصادر أن المباحثات التي أجراها الوفد الأمني الإسرائيلي الذي زار القاهرة يوم الأحد الماضي، وعلى رأسه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إيال حولاتا، ورئيس جهاز الأمن العام ("الشاباك")، رونين بار، مع رئيس جهاز المخابرات المصرية العامة، عباس كامل، شملت إدخال تعديلات جديدة على اتفاقية كامب ديفيد، وذلك بعد التعديل الأخير الذي أجرته عليه اللجنة العسكرية المشتركة للجيش الإسرائيلي والجيش المصري على الاتفاقية الأمنية.
وحددت اتفاقية كامب ديفيد مناطق عمل القوات المسلحة المصرية في سيناء، عبر تقسيمها إلى 3 مناطق: "أ" و"ب" وهما محددتان بعدد معين من القوات، وصولا إلى المنطقة "ج" منزوعة القوات والسلاح العسكري، التي كان يوجد فيها قوات شرطية بسلاح خفيف، وهي المنطقة التي شملتها التعديلات للسماح بوجود قوات عسكرية مصرية.
وكشفت المصادر عن تشكيل لجان مصرية مشتركة من القوات المسلحة، وجهاز المخابرات العامة، ووزارة الخارجية، تعمل على إعداد تصور لتعديل بعض بنود اتفاقية كامب ديفيد، لملاءمتها للرؤية المصري للتهدئة في قطاع غزة، ومنح القاهرة مزيدا من المسؤولية بشأن القطاع المحاصر منذ عام 2007.
وقالت المصادر إن "الطبخة المصرية بشأن اتفاق تثبيت وقف إطلاق النار والتوصّل إلى تهدئة في قطاع غزة يتم تجهيزها على نار هادئة"، مشددة على أن القاهرة تعمل على التوصل إلى تهدئة شاملة، ولن تقتصر فقط على صفقة لتبادل الأسرى بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة "حماس".
وتهدف التعديلات المقترحة على اتفاقية كامب ديفيد، بحسب التقرير، إلى "تهيئة الأوضاع في شمال سيناء والمناطق الحدودية للدور الجديد المرتقب الذي تلعبه مصر تجاه قطاع غزة، والذي يتضمن التعامل مع زيادة أعداد المسافرين عبر معبر رفح الحدودي، وتجهيز بنية تحتيّة تكون قادرة على استيعاب الخطوات الجديدة، من مقرات إقامة مؤقتة للفلسطينيين المسافرين عبر المعبر، وكذلك شبكة مواصلات وطرق مؤمنة ومراقبة، وهو ما يستدعي معه تعديلات دقيقة في بعض بنود الاتفاقية".
وذكرت المصادر أن هناك تفاهمات بين القاهرة وتل أبيب حول قطاع غزة، "إذ ترغب مصر في تعظيم نفوذها، كونه أحد الملفات التي تمثل مركز ثقل للنظام المصري أمام الإدارة الأميركية، في حين تبحث إسرائيل عن علاج طويل المدى للصداع المزمن الذي يسببه القطاع لها".
ورغم التفاهم المصري الإسرائيلي بشأن القطاع، أوضحت المصادر أن "القاهرة رفضت مقترحات إسرائيلية" تتعلق بالدور الذي قد تلعبه مصر في غزة ، في حين ما زالت تعكف على دراسة مقترحات أخرى؛ في حين نفى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، وجود أي خطط لإقامة منطقة صناعية واقتصادية على الحدود بين مصر وقطاع غزة، مؤكدًا أن إعادة الإعمار ستكون داخل غزة.
وكان المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية، العقيد غريب عبد الحافظ، قد أكد الإعلان الإسرائيلي بشأن الاتفاق حول تعزيز وجود الجيش المصري في المنطقة "ج"، شرقي سيناء على الحدود مع إسرائيل، التي كانت محظورة على الجيش المصري بموجب اتفاقية كامب ديفيد.
وقال عبد الحافظ: "نجحت اللجنة العسكرية المشتركة بناءً على الاجتماع التنسيقي مع الجانب الإسرائيلي في تعديل الاتفاقية الأمنية بزيادة عدد قوات حرس الحدود وإمكاناتها بالمنطقة الحدودية برفح"، دون كشف حجم الزيادة أو موعد الاجتماع ومستوى المشاركة.
وأضاف "يأتي ذلك في إطار اتفاقية دولية بما يعزز ركائز الأمن طبقاً للمستجدات والمتغيرات"، دون الكشف عن طبيعة تلك الاتفاقية أو تلك المستجدات.
وقال إن تلك الخطوة تأتي في "ضوء المساعي المصرية للحفاظ على الأمن القومي المصري واستمراراً لجهود القوات المسلحة في ضبط وتأمين الحدود على الاتجاه الإستراتيجي الشمالي الشرقي".
التعليقات