تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن حزب الله اللبناني يعتزم الرد خلال الأيام القليلة المقبلة، على اغتيال إسرائيل للمسؤول العسكري البارز في صفوفه، فؤاد شكر، في ضربة استهدفت موقعا في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، نهاية الشهر الماضي، الأمر الذي يفسر زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، المفاجئة للمنطقة.
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"
وبحسب التقديرات التي أوردتها وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلا عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى، فإن هجوم حزب الله سينفذ بمعزل عن نتائج جولة المحادثات التي تعقد في القاهرة، في محاولة لإحراز تقدم في المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، وكذلك بشكل منفصل عن إيران.
وتترقب إسرائيل منذ نهاية الشهر الماضي لهجوم متوقع من حزب الله وآخر من إيران، للرد على اغتيال شكر في بيروت وكذلك اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران ليلة 31 يوليو/ تموز الماضي، خلال زيارة له للعاصمة الإيرانية للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الجديد، مسعود بزشكيان.
ونقلت هيئة البث العام الإسرائيلية عن المصادر ذاتها قولها: "التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن حزب الله عازم على مهاجمة إسرائيل قريبا انتقاما لاغتيال شُكر". ووفقا للمسؤولين الإسرائيليين، "حزب الله لم يتخل عن رغبته في الهجوم، وهذا يمكن أن يحدث في أي لحظة، بغض النظر عن المفاوضات الجارية في القاهرة".
وبحسب المسؤولين الإسرائيليين، فإن الولايات المتحدة رفعت حالة التأهب في المنطقة وأرسلت رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي، في زيارة مفاجئة إلى الشرق الأوسط، وذلك بعد مؤشرات وصلت إلى الغرب على نوايا حزب الله بالهجوم قريبا، ولو بشكل منفصل عن إيران، وكذلك على خلفية المفاوضات بشأن غزة.
وفي إطار التقييمات الإسرائيلية للوضع والتي بموجبها يعتزم حزب الله شن هجوم على إسرائيل قريبا، أجرت القيادات الرفيعة في الأجهزة الأمنية مداولات خاصة لإعادة تقييم الوضع خلال نهاية الأسبوع، بمشاركة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي.
وذكرت "كان 11" أنه "خلافا لهجوم مباشر من إيران التي تبعد عن إسرائيل نحو 1500 كيلومتر، بالنسبة لحزب الله، فإن الرد يمكن أن يكون فوريا"، وبالتالي فإن المداولات التي أجرتها القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب تناولت إمكانية تعرض إسرائيل لهجوم واسع من لبنان في المدى المنظور.
ولفتت إلى أن الاستنفار الأمني، خاصة في منظومات الدفاع الجوي، "بلغ ذروته منذ ثلاثة أسابيع، منذ الاغتيالات في طهران وبيروت". وأشارت إلى أن إسرائيل تستعد لعدد من السيناريوهات المحتملة منذ أسابيع، بما في ذلك هجوم من إيران، أو من لبنان، أو هجوم مشترك من إيران والمجموعات المتحالفة معها في المنطقة.
وأكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن التقديرات الإسرائيلية الحالية تشير إلى أن "حزب الله يستعد للرد خلال الأيام المقبلة على اغتيال شكر، بالتنسيق مع إيران، التي لا تخطط في الوقت الحالي للرد من أراضيها بالتوازي مع رد حزب الله"، وأضافت الصحيفة أن "إسرائيل ترى أن إيران ترغب في الرد مستقبلاً" على اغتيال هنية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين أنه "تعرض الإيرانيون لضربة قاسية من النوع الذي يسعون لتجنبه، حيث يعتبرونه مساسًا بهيبتهم واختراقًا وإظهارًا للقوة الإسرائيلية. هذا الأمر يُظهر ضعفهم أمام الداخل وأمام وكلاء إيران في الخارج، وهو ليس الموقف الذي يريدونه لأنفسهم في ظل العمل على بناء صورة قوية لإيران".
وأضاف المسؤولون أن "الرد المحتمل لا يرتبط بالضرورة بالمفاوضات حول صفقة الأسرى، إذ إن إيران لا تهتم فعليًا بما يجري للفلسطينيين، قد يستخدمون ذلك كذريعة. ومع ذلك، نحن لا نستخف بالأمر ونعتقد أنه لم يُحسم بعد. إسرائيل ليست مهتمة بتصعيد الأمور؛ لقد قمنا بما علينا؛ ليس لدينا مصلحة (بالتصعيد) حاليا".
وفي تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، سي.كيو براون، الذي بدأ زيارة لم تكن معلنة إلى الشرق الأوسط، اليوم السبت، إنه يهدف إلى مناقشة سبل تجنب أي تصعيد جديد للتوتر لئلا تتسع رقعة الحرب، معتبرا أن التوصل إلى اتفاق بشأن غزة من شأنه أن "يساعد في خفض حدة التوتر".
وأوضح براون الذي بدأ زيارته في الأردن، ويعتزم كذلك زيارة مصر وإسرائيل،"أبحث مع نظرائي ما يمكننا القيام به لمنع أي نوع من التصعيد وضمان أننا نتخذ كل الخطوات المناسبة لتجنب صراع أوسع نطاقا"، وقال براون "عززنا قدراتنا (في المنطقة) لتوجيه رسالة ردع قوية بهدف منع اتساع نطاق الصراع ولحماية قواتنا إذا ما تعرضت لهجوم".
وعزز الجيش الأميركي في الأسابيع الماضية وجود قواته في الشرق الأوسط لتوفير حماية لإسرائيل من وقوع هجمات كبرى جديدة من إيران أو حلفائها، وأرسل حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" إلى المنطقة لتحل محل الحاملة "تيودور روزفلت". كما جلبت واشنطن للمنطقة سربا من الطائرات "إف-22 رابتور" ونشرت غواصة مزودة بصواريخ كروز.
بدوره، زعم الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري، في مؤتمر صحافي عقده مساء السبت، أن قوات الاحتلال "تواصل عملها الحازم والقوي ضد حزب الله. لقد استهدفنا على مدى الأيام الأخيرة نحو 70 هدفًا، بينها مستودعات ومخازن للأسلحة والذخيرة التي كانت موجَّهة ضد إسرائيل. كما قمنا بتصفية أكثر من 20 عنصرا بعضهم من قيادات كبيرة في وحدات القذائف الصاروخية الخاصة بحزب الله".
وادعى أنه "نعتمد أسلوبًا مُمَنهجًا ومنتظمًا في العمل الهجومي ونضرب حزب الله. أما فيما يتعلق بالدفاع، فإننا نركّز جل اهتمامنا في إزالة التهديدات، إلى جانب استهداف دوائر المخربين الذين كانوا قد شاركوا في إطلاق النار أو خرجوا من مناطق تم التحقق من استخدامها في الممارسات الإرهابية، علمًا بأن بعضهم من القادة الكبار".
وشدد على أن جيش الاحتلال يحتفظ "بخطط عمل هجومية متنوّعة، وسوف نعمل بمقتضى أي قرار صادر عن المستوى السياسي"، وأضاف "نحن على مشارف أسبوع حاسم إثر المفاوضات الجارية في القاهرة والقتال المتواصل في غزة وعلى الحدود الشمالية. إننا على درجة عالية جدًا من الجاهزية، هجوميا ودفاعيًا"، وطالب "جمهور المواطنين بالحفاظ على اليقظة والتأهب إلى جانب ممارسة الحياة الطبيعية".
وفي وقت سابق اليوم، قال وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، إن طهران سترد على جريمة اغتيال هنية على نحو يمنع اتساع الحرب في المنطقة الأمر الذي اعتبره هدفا إسرائيليا، مشيرًا إلى الهجوم الإيراني المباشر على مواقع في إسرائيل، في منتصف نيسان/ أبريل الماضي ردًا على استهداف السفارة الإيرانية في دمشق.
وأضاف عراقجي في معرض رده عن سؤال بشأن الرد على اغتيال هنية، أن الخارجية الإيرانية "في تنسيق كامل مع القوات المسلحة لأن الدبلوماسية والميدان مكمل بعضهما لبعض، ومعاً سنتحرك بشكل يحقق المصالح الوطنية وأمن البلاد والعزة الوطنية"، مشددًا على أن بلاده "ستوظف جميع قدراتها في دعم محور المقاومة، وبخاصة غزة".
التعليقات