التوتر الأميركي – الإيراني: فجوة بين مصلحتي ترامب وإسرائيل

"معهد أبحاث الأمن القومي" بجامعة تل أبيب يوصي "بحوار إستراتيجي دائم مع الولايات المتحدة وبكافة المستويات، فيما التحدي المركزي هو ضمان صوت موحد للإدارة وأن توفر السياسة التي توضع مقابل إيران استجابة لمصالح الولايات المتحدة وإسرائيل"

التوتر الأميركي – الإيراني: فجوة بين مصلحتي ترامب وإسرائيل

الرئيس الإيراني يستقبل وزير الخارجية الألماني في طهران، أمس (أ.ب.)

اعتبر "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب أن التوتر بين الولايات المتحدة وإيران سيؤدي إلى أحد ثلاثة احتمالات، وأن حيز المناورة الأميركي أوسع بكثير من الإسرائيلي، والأهم من ذلك أن الغايات التي سيضعها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من أجل تحقيق أي احتمال، "من شأنها أن تكون مختلفة عن تلك التي تريد إسرائيل تحقيقها"، علما أن التقديرات تشير إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، هو الذي دفع ترامب، العام الماضي، إلى اتخاذ قرار الانسحاب من الاتفاق النووي، الذي جرى توقيعه في العام 2015، بين القوى الكبرى وإيران.  

ورأى تقرير نشره المعهد اليوم، الثلاثاء، أن "المواجهة" بين الولايات المتحدة وإيران تجري في مستويين متوازيين:

في المستوى الأول، تتمسك الإدارة الأميركية بسياسة ممارسة "أقصى حد من الضغوط" على إيران، من خلال فرض المزيد من العقوبات، إضافة إلى ممارسة ضغوط على دول من أجل تطبيق عقوبات مفروضة. وذلك إلى جانب إرسال بوارج حربية وحاملة طائرات إلى الخليج. وفي المقابل، أعلنت إيران عن انسحابها من بنود في الاتفاق النووي، والتلويح بالعودة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة مرتفعة. كذلك سعت إيران إلى إظهار قدرتها على إلحاق أضرار، حسب تقرير المعهد، بسفن وناقلات نفط في ميناء الفجيرة وآبار نفط في السعودية.  

ويتعلق المستوى الثاني ببذل جهود لفتح قنوات حوار. وأشار تقرير المعهد إلى أن ترامب سعى منذ البداية إلى إرغام إيران على الموافقة على مفاوضات حول اتفاق مُحسّن بنظر إدارته. وفي هذا السياق، تكهنت وسائل إعلام دولية إلى احتمال وجود محادثات سرية جارية بين الجانبين، بوساطة سويسرية أو ألمانية أو عُمانية وعراقية. كذلك يتوقع أن يزور رئيس الوزراء الياباني طهران، لأول مرة منذ عقود.

ثلاثة سيناريوهات  

الاحتمالات أو السيناريوهات الثلاثة التي يتوقعها تقرير المعهد، استنادا إلى تقديرات حالية أن إيران ليست معنية " "بكسر قواعد اللعبة"، هي التالية:

أولا: استمرار تآكل تدريجي وحذر للالتزامات الإيرانية في الاتفاق النووي، وخاصة بما يتعلق بالعودة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة عالي يمكن أن تصل إلى 20%؛ تمسك الإدارة الأميركية بتطبيق العقوبات وربما تشديدها، "انطلاقا من تقدير أو أمل بأنها ستجلب في النهاية إيران إلى طاولة المفاوضات. وعلى الأرجح أن الشريكات الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، مضطرة، ستبعث رسائل إلى إيران بأنها ستنضم إلى مجهود الضغوط".  

حاملة الطائرات "أبراهام لنكولن" في الخليج (أ.ب.)

ثانيا: انسحاب إيران بشكل سريع من التزاماتها، بما يشمل الانسحاب من تطبيق البروتوكول المتعلق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقليص التعاون مع الوكالة بشكل كبير. "وفي سيناريو كهذا، يتوقع ألا يكون رد الفعل الدولي موحد. وعلى الأرجح أن تنظر الدول الأوروبية إلى وضع جديد على أنه خطر، وأن الخيار الوحيد أمامهم سيكون، على ما يبدو، الانضمام إلى الولايات المتحدة وفرض عقوبات على إيران. ولكن، في المقابل سيكون هناك من يبدي تفهما ’لدوافع’ إيران، وفي مقدمتهم روسيا والصين".

ثالثا: العودة إلى المفاوضات مع إدارة ترامب. "هذا السيناريو قد يتحقق كتطور من أحد السيناريوهين السابقين أيضا. وهذا المسار المفضل بالنسبة للولايات المتحدة، وعلى الأرجح أن الرسائل السرية التي تبعثها الولايات المتحدة إلى إيران لا تقول إن غاياتها النهائية هي المفاوضات".

استبعاد مواجهة عسكرية

وأضاف التقرير أن الولايات المتحدة وإيران ليستا معنيتين بتدهور الوضع وأن التخوف من سوء فهم يحتم عليهما إبداء الحذر وبذل جهود من أجل ضمان ألا تتدهور خطواتهما إلى صدام واسع بينهما. كذلك فإن ترامب وإدارته باتوا يظهرون إحباطا من عدم النجاح في تحويل العقوبات إلى مسار دبلوماسي مثمر. "والمنطق الذي تعمل الإدارة الأميركية بالاستناد إليه حتى الآن، لا يشمل الحاجة إلى رد فعل عسكري... وبالنسبة لترامب على الأقل، فإن التهديد بخطوة عسكرية يأتي من باب رفع العتب، لكنه ليس معنيا بخطوة كهذه. وبحلول نهاية العام الحالي، ستدخل الولايات المتحدة إلى معركة انتخابية رئاسية، وثمة شك في ما إذا كانت ستسمح للإدارة بأن تختار بين خيارات متطرفة ومحل خلاف".

وتابع التقرير أنه إلى جانب الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة وإيران على بعضهما، فإنه "تجري في موازاة ذلك عملية تبادل رسائل حول شروط المفاوضات. وبالإمكان رصد تلميحات خفيفة لإمكانية أنه من الجائز أن إيران ستوافق على مفاوضات أولية، إذا سمحت الولايات المتحدة لها ببيع نفط. ومجرد بدء مفاوضات سيسمح لإيران بكسب الوقت على أمل ألا ينتخب ترامب لولاية ثانية؛ ومجرد إجراء مفاوضات يمكن أن يخفف الضغط على إيران؛ كافة الجهات الدولية المعارضة للعقوبات الأميركية ستكون سعيدة بالعودة لحالة ’الأعمال كالمعتاد’ مع إيران؛ وستتعزز مصلحة إدارة ترامب بالتوصل إلى اتفاق أفضل من الذي حققه أوباما وإثبات أن الاتهامات ضد أوباما بأنه كان متساهلا ولذلك جلب ’الاتفاق الأسوأ’، كانت صحيحة".  

وخلص التقرير إلى أن "على إسرائيل أن تأخذ بالحسبان الفجوات المحتملة بين مصلحتها وبين المصلحة الأميركية، وحقيقة أن حيز مناورة الإدارة الأميركية أكبر بكثير من الحيز الإسرائيلي، والغايات التي وضعها ترامب في كل واحد من السيناريوهات، وخاصة في حال بدء مفاوضات بين واشنطن وطهران، ستكون مختلفة عن تلك التي تريد إسرائيل تحقيقها. وعلى هذه الخلفية، ثمة أهمية لإجراء حوار إستراتيجي دائم مع الولايات المتحدة وبكافة المستويات، فيما التحدي المركزي أمام إسرائيل يكون ضمان تحدث الإدارة بصوت واحد وأن توفر السياسة التي توضع مقابل إيران استجابة لمصالح الولايات المتحدة وإسرائيل".  

التعليقات