"عام ضائع": الأزمة السياسية الإسرائيلية تمنع مداولات إستراتيجية

انتخابات الكنيست، في منتصف أيلول/سبتمبر المقبل. وبعدها، تشكيل الحكومة قد يستمر حتى نهاية العام الحالي. وهذا الوضع يمنع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، الذي بدأ مهامه مطلع العام، من طرح خططه والمصادقة عليها

نتنياهو وكوخافي (أ ف ب)

تؤثر الأزمة السياسية في إسرائيل، المتمثلة بفشل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في تشكيل حكومة جديدة وحل الكنيست والتوجه إلى انتخابات أخرى، على الجيش الإسرائيلي، وإرجاء مداولات إستراتيجية، وعلى ما يبدو أنها تُعقد حتى نهاية العام الحالي، وفقا للمحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، الذي اعتبر أن العام 2019، بالنسبة للجيش، هو "عام ضائع". وستجري الانتخابات للكنيست في 17 أيلول/سبتمبر المقبل، ويتوقع أن تستمر تشكيل الحكومة حتى نهاية العام.

وأشار هرئيل، اليوم الجمعة، إلى أن "هذه الظروف تضع رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، الذي بدأ مزاولة منصبه في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي، في وضع غير مريح أبدا". ويحاول أي رئيس أركان للجيش الإسرائيلي أن يبلور ويمرر خطط تتعلق ببناء القوة العسكرية، ويضع أحيانا خططا عسكرية متعددة السنوات. "وهذا ما أمِل كوخافي أن يحققه، لكنه سيمتنع عن ذلك بسبب التطورات السياسية. وبالنسبة لكوخافي، فإن عاما كاملا سيذهب هباء".

وأضاف هرئيل أن كوخافي التقى، هذا الأسبوع، مع هيئة مؤلفة من مئات الضباط الكبار في الاحتياط واستعرض خططه أمامهم. ويوجد لدى كوخافي خريطة طريق وهو يعرف كيف يرسمها. لكن لا يمكن تجنب السؤال حول ماذا سيتحقق من جميع الأفكار الطموحة فيما هناك أزمة اقتصادية في الأفق، وإنفاق هائل للدولة على انتخابات أخرى، وعدم استعداد مطلق من جانب نتنياهو للبحث في ما هو مطلوب للجيش. إذ توجد فروق معينة بين خطط كوخافي وبين ’رؤية 2030’، التي يفصل فيها نتنياهو وجهة الجيش الإسرائيلية كما يراها في المستقبل. لكن لن تكون هناك إمكانية له ولكوخافي لاستيضاحي حقيقي لموقفيهما قبل تشكيل الحكومة المقبلة".

ويذكر أن الأزمة السياسية جاءت في أعقاب إصرار رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" ووزير الأمن السابق، أفيغدور ليبرمان، على تعديل قانون التجنيد وإلزام الحريديين بالخدمة العسكرية، كغيرهم من الشبان الإسرائيليين.

وفي هذا السياق، كتب هرئيل، أنه "طوال العقود الأخيرة تهربت جميع الحكومات من معالجة حقيقية للتبعات الاجتماعية والقيمية الواسعة لغياب المساواة في تحمل العبء. وتهرب عشرات آلاف الشبان الحريديين من أي نوع من الخدمة العسكرية أو المدنية تحول إلى مصدر إحباط حقيقي لدى أبناء جيلهم العلمانيين. والصيغة القانونية التي سعى نتنياهو والأحزاب الحريدية إلى تمريرها - من دون عقوبات اقتصادية وجنائية – تجعل القانون عاقرا من باقي مضمونه".  

لكن من الجهة الأخرى، فإن "ضباط الجيش يتدبرون أمرهم مع الوضع الحالي ولا يشعرون بوجود حاجة ملحة لتغييره. فعدد الحريديين الذين يتجندون سنويا يقارب 2700، يخدم حاجة الجيش الإسرائيلي. وزيادة عدد المجندين الحريديين بشكل كبير يستوجب ميزانيات أكبر، بسبب الدعم المالي الكبير الذي يحصل عليه جنود لديهم عائلات. ومن شأن خطوة كهذه أن يزيد القيود على خدمة النساء، إثر مطالب الحاخامات الحريديين، ويستوجب التنازل عن نوعية المجندين الحريديين".

آيزنكوت: الجبهة الفلسطينية تشكل التحدي الأكبر لإسرائيل حاليا

قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي آيزنكوت، في مقابلة نشرتها صحيفة "معاريف"، اليوم، إنه إلى جانب "التحديات" الأمنية في "الجبهتين" الفلسطينية والشمالية، مع حزب الله خصوصا، "هناك موضوع آخر مطروح على الأجندة وهو كفاءة وجهوزية الجيش الإسرائيلي للحرب".

نتنياهو يتوسط كوخافي وآيزنكوت (أ.ف.ب.)

ووفقا لآيزنكوت، الذي سيعمل كباحث في "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط" في العاصمة الأميركية، فإن "تحدي إسرائيل الأمني الأكبر في الأشهر القريبة هو التعامل مع الجبهة الفلسطينية. وهذه الجبهة، مع التشديد على غزة، قابلة جدا للاشتعال في هذه الفترة".

وأضاف أنه فيما يتعلق بسورية وحزب الله، فإنه "بعد 13 سنة من الهدوء، ما زال حزب الله التهديد المركزي في الدائرة الأولى. ومن هنا، فإن التحدي المتعدد الجبهات يشكل تحديا كبيرا للجيش الإسرائيلي، وفي مقدمته التهديد الإيراني المضاعف – أي إمكانية العودة إلى البرنامج النووي ومواصلة مجهود التموضع والرغبة بتحقيق هيمنة في الشرق الأوسط".    

وتابع آيزنكوت أن "تحديا آخر أمام الجيش هو إظهار القوة، والردع وتوفير نافذة هدوء واستقرار لفترة طويلة، وفي موازاة ذلك استغلال الوقت من أجل زيادة التفوق النوعي على أعدائنا، على غرار العقد الهادئ بين 1957 – 1967. وأنا واثق من أنه إذا طولبنا بممارسة القوة، فإن الجيش الإسرائيلي سينتصر".

وحسب آيزنكوت، فإن المقصود بممارسة القوة هو "ممارستها وفق الحاجة وسلم الأولويات، والتحدي هو ممارسة القوة مقابل اللاعب القوي، قوة قدس (التابعة للحرس الثوري الإيراني)، من دون تجاهل اللاعب الضعيف والمزعج، حماس، حيث البدائل معقدة".

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي بنى قدرات تسمح "بتفوق إستراتيجي وقدرة على مواجهة قوة قدس وحزب الله وداعش ومفهوم الإحباط في الجبهة الفلسطينية"، لكنه أشار إلى أن "نصف الكأس الفارغة هي أنه لا تزال هناك تهديدات وتحديات كثيرة. لكن ينبغي رؤية نصف الكأس الملآنة أيضا. خمس سنوات تقريبا من دون حرب، بينما الجيش الإسرائيلي والشاباك والموساد يعملون في معركة بين حربين وبممارسة أمنية يومية، من خلال استنفاد المصالح المشتركة مع الدول السنية المعتدلة".

التعليقات