تحليل: إسرائيل فشلت في إبعاد شبهات عنها باستخدامها "بيغاسوس"

"قد تكون هناك مصلحة لأجهزة الاستخبارات أحيانا باستخدام برنامج مدني، وليس أمنيا واضحا، من أجل أن تبعد عنها دليلا وطمس الهوية الحقيقية للذين يستخدمون قدرات سيبرانية هجومية. وإذا كان هذا هو القصد، يبدو أن هذه الخطوة فشلت بشكل ذريع"

تحليل: إسرائيل فشلت في إبعاد شبهات عنها باستخدامها

مندوبون عن منظمات حقوقية إسرائيلية يتضامنون مع منظمات حقوقية فلسطينية تعرضت للتجسس بواسطة "بيغاسوس" (أ.ب.)

فشلت إسرائيل في إبعاد اتهامات ضدها بالتجسس على موظفين في وزارة الخارجية الفلسطينية وفي منظمات حقوقية فلسطينية، بواسطة برنامج "بيغاسوس" للتجسس بواسطة الهواتف الذكية الذي طورته شركة السايبر الهجومي الإسرائيلية NSO، وفقا للمحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل.

وأشار هرئيل، اليوم الأحد، إلى أن "التفسير لاستخدام إسرائيل لبرنامج التجسس، على ما يبدو، قد يكون مرتبطا بجودة الأهداف المراقبة. والحديث في كلتا الحالتين عن أهداف ’ناعمة’ – منظمات وموظفين يمارسون نشاطا سياسيا وكفاحا دبلوماسيا، وليس أنشطة إرهابية مباشرة".

وأضاف أنه "قد تكون هناك مصلحة لأجهزة الاستخبارات أحيانا باستخدام برنامج مدني، وليس أمنيا واضحا، من أجل أن تبعد عنها دليلا وطمس الهوية الحقيقية للذين يستخدمون قدرات سيبرانية هجومية. واستخدام منتوج لشركة مدنية، لديها زبائن آخرين مختلفين وغريبين في الشرق الأوسط، من شأنه أن يسمح بما يشبه ’حيز إنكار’ من جانب إسرائيل".

ورأى هرئيل أنه "إذا كان هذا هو القصد من استخدام بيغاسوس، يبدو أن هذه الخطوة فشلت بشكل ذريع. وعمليا، تم تحقيق نتيجة معاكسة". وأشار إلى أن "بيغاسوس تعتبر في الحلبة الدولية الآن كنوع من بضاعة سامة، والذي يستخدم خدماتها ينكشف إلى اهتمام دولي خاص: بسبب الغضب الذي أثاره نشاط الشركة لدى حكومات تعرض مسؤولون فيها للتجسس، وكذلك لأن رصد البرنامج في هواتفهم النقالة في أنحاء العالم يسمح بتمييز نمط مشترك، يسهل على مسح هواتف أخرى لاحقا".


مقر شركة NSO في هرتسليا (أرشيفية - أ ب)

ووفقا لهرئيل، فإن المستوى السياسي الإسرائيلي أوعز لأجهزة الأمن وجهاز القضاء بمتابعة وتحليل الدلالات النابعة من النشاط الفلسطيني في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. وخشوا في وزارة القضاء والنيابة العسكرية الإسرائيلية في الماضي بالأساس من احتمال أن تمارس دول غربية صلاحيات عالمية للمحاكمة واعتقال ضباط إسرائيليين ومحاكمتهم بسبب ضلوعهم في جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وأضاف هرئيل أن ضلوع المحكمة الجنائية الدولية يعتبر خطر ملموس أكثر، على خلفية حقيقة أن السلطة الفلسطينية عززت ضلوعها في الأمر. وعقد رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، بنيامين نتنياهو، عدة مداولات حول هذه المسألة، في السنوات الأخيرة، بمشاركة مسؤولين في وزارة القضاء والجيش الإسرائيلي.

وفيما يزداد تورط NSO في الحلبة الدولية إثر كشف فضائح متكررة حول برنامجها "بيغاسوس" في الفترة الأخيرة، وبشكل خاص في أعقاب إدخالها إلى القائمة السوداء الأميركية للشركات التي تعمل ضد مصالح الأمن القومي الأميركي، أشار هرئيل إلى وجود خلاف في جهاز الأمن الإسرائيلي حول مدى إمكانية مساعدة هذه الشركة في الاتصالات مع الإدارة الأميركية.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد نقلت، الأسبوع الماضي، عن مسؤولين إسرائيليين قولهما إن الحكومة الإسرائيلية تعتبر برنامج "بيغاسوس" عنصرا حاسما في سياستها الخارجية وتمارس ضغوطا على واشنطن من أجل إزالة NSO من القائمة السوداء الأميركية.

وعند فرض العقوبات، قالت وزارة التجارة الأميركية إن NSO تصرفت "بما يتعارض مع الأمن القومي أو مصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة". وحول ذلك قال المسؤولان الإسرائيليان إنه "إذا كانت الولايات المتحدة تتهم NSO بالعمل ضد مصالحها، فإنها تتهم ضمنيًا إسرائيل، التي ترخص البرنامج، بفعل الشيء نفسه".

التعليقات