لبنان: الحكومة تعلن بدء تنفيذ إجراءاتها "الإصلاحية" فيما يتواصل الاحتجاج

أعلنت الحكومة اللبنانية، مساء اليوم، الثلاثاء، البدء في وضع مقررات الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء والخاصة بالإجراءات التي وصفتها بـ"الإصلاحية"، التي اتخذتها عقب الاحتجاجات "موضع التنفيذ العملي والسريع، في جميع الإدارات والمؤسسات العامة"

لبنان: الحكومة تعلن بدء تنفيذ إجراءاتها

من المظاهرات في لبنان اليوم (أ ب)

أعلنت الحكومة اللبنانية، مساء اليوم، الثلاثاء، البدء في وضع مقررات الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء والخاصة بالإجراءات التي وصفتها بـ"الإصلاحية"، التي اتخذتها عقب الاحتجاجات "موضع التنفيذ العملي والسريع، في جميع الإدارات والمؤسسات العامة"، وفق ما جاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة، سعد الحريري

وذكر بيان مكتب الحريري: "وزعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء كتبًا على جميع الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة، طلبت فيها من المؤسسات والمرافق الاستثمارية التي تدير مالا عاما بما فيها شركتي الخلوي، تجميد الإنفاق الاستثماري، وعدم القيام بأي إنفاق استثماري جديد، باستثناء ما هو ملزّم سابقا".

وأضاف: "في الحالات الاستثنائية المبررة للضرورة فيخضع الإنفاق الاستثماري لموافقة مجلس الوزراء، كما جرى الطلب إلى المؤسسات والمرافق العامة والإدارات ذات الموازنات الملحقة تحويل فائض أموالها شهريا إلى الخزينة".

اللبنانيون في الشوارع مجددًا غير آبهين بقرارات الحكومة "الإنقاذية"

وخرج اللبنانيون اليوم، مجددًا إلى الشوارع لليوم السادس على التوالي، غير آبهين بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة، في محاولة لامتصاص نقمة المتظاهرين المصرّين على التمسك بمطلب رحيل الطبقة السياسية بأكملها.

واعتمدت الحكومة اللبنانية، أمس، الإثنين، رزمة "إجراءات إصلاحية"، عبر إقرارها موازنة العام 2020، مع عجز نسبته 0.6 في المئة وإجراءات من خارجها، لا تتضمن فرض أي ضرائب جديدة. وتتمحور أبرز الإجراءات حول خفض النفقات العامة للدولة والموافقة على بدء تنفيذ مشاريع إصلاحية وردت في مؤتمر "سيدر".

وازدادت أعداد المتظاهرين تدريجيًا خلال ساعات نهار اليوم لتمتلئ ساحات بيروت وطرابلس شمالًا وصيدا والنبطية وصور جنوبًا بعشرات آلاف المتظاهرين المصرّين على مطلب وحيد، وهو إسقاط النظام.

وفي ساحة الشهداء في بيروت، ردّد المتظاهرون شعارًا جديدًا "اعتصام اعتصام حتى يسقط النظام"، ما يعكس إصرارهم على مواصلة تحركهم حتى تحقيق هدفه بإسقاط الطبقة السياسية الحاكمة، فيما كان رئيس الحكومة يعرض بنود خطته الإنقاذية على سفراء الدول الأجنبية الصديقة والمانحة.

وفشلت الحكومات المتعاقبة منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) في القيام بإصلاحات بنيوية وتأهيل المرافق العامة وتحسين الخدمات والبنى التحتية. ويجد اللبناني نفسه مضطرًا لأن يدفع كلفة الخدمات الأساسية مضاعفة. كما تعد كلفة الاتصالات الخليوية في لبنان من الأكثر ارتفاعًا في المنطقة.

ورفع أحد المتظاهرين في وسط بيروت لافتة كتب عليها "ثورة حتى النصر"، كما كرر المحتجون شعارات سابقة مثل "الشعب يريد إسقاط النظام" و"كلهم يعني كلهم"، للتعبير عن رفضهم لكامل الطبقة السياسية في البلاد.

وأمام مصرف لبنان المركزي في بيروت، تجمّع عشرات من المتظاهرين مرددين شعارات "يسقط يسقط حكم المصرف"، احتجاجًا على "السياسات المالية" المتبعة في البلاد. ويعتبر هؤلاء أن القطاع المصرفي، الذي يعود له الجزء الأكبر من ديون الدولة، شريك في إفقار اللبنانيين.

المخابز والأفران تحذر من "أزمة خبز"

ناشد اتحاد نقابات المخابز والأفران في لبنان، قيادة الجيش، التدخل والعمل على تأمين الوسيلة اللازمة للسماح بنقل الطحين إلى الأفران، محذّرا من "أزمة خبز" كبيرة تطال كل المناطق اللبنانية.

ودعا الاتحاد، في بيان صدر عنه، قيادة الجيش لـ"المساعدة بنقل القمح من أهراء (صوامع/ أماكن التخزين) الحبوب في مرفأ العاصمة بيروت إلى المطاحن، ومن ثم نقل الطحين إلى الأفران والمخابز في كل المناطق اللبنانية.

ولفت إلى أن "الأفران بدأت تحصل على الطحين من أفران أخرى متوقفة بسبب الأوضاع، وذلك للاستمرار في إنتاج الرغيف (الخبز)".

وستواصل المصارف إغلاق أبوابها، يوم غد، الأربعاء، وسط دعوات من متظاهرين لتنفيذ عصيان مدني يشل البلاد.

من مظاهرات أمس (أ ب)

والتقى الحريري، اليوم الثلاثاء، سفراء الدول الأجنبية الداعمة للبنان. وأكد المستشار الاقتصادي للحريري نديم المنلا، في حديث للصحافيين، أن رئيس الحكومة ينتظر ردًا دوليًا إيجابيًا بشأن الإصلاحات الاقتصادية الجذرية التي اعتمدتها حكومته. وأضاف أن تلك الإصلاحات "كانت المطلب الأساسي للعديد من أعضاء المجتمع الدولي".

وتعهدت الحكومة، العام الماضي، أمام المجتمع الدولي، بتخفيض النفقات العامة وبمشاريع إصلاحية مقابل حصولها على قروض وهبات بقيمة 11.6 ملَيار دولار أقرها مؤتمر سيدر، إلا أن تباين وجهات النظر إزاء تطبيق هذه المشاريع والخلاف على الحصص والتعيينات داخل الحكومة التي لا يحظى فيها الحريري بأكثرية، حالت دون وفاء الحكومة سابقًا بالتزاماتها.

وتتضمن خطة الحكومة الإنقاذية، وفق خبراء اقتصاديين، إصلاحات جذرية، لم يكن ممكنًا التوصل إليها لولا خروج اللبنانيين من مختلف المناطق في تحرك غير مسبوق على خلفية قضايا مطلبية ومعيشية.

ومن أبرز بنود هذه الخطة، أن يساهم القطاع المصرفي والمصرف المركزي بخفض العجز بقيمة تتجاوز خمسة آلاف مليار ليرة (3.3 مليارات دولار) خلال العام 2020، وزيادة الضريبة على أرباح المصارف. كما تتضمن إجراء دراسة لخصخصة جزئية أو كلية للعديد من المؤسسات والقطاعات العامة، ضمنها قطاع الهاتف المحمول، ومرفأ بيروت.

ويلفت المحلل الاقتصادي في مجموعة الأزمات الدولية، هيكو فيمن، إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة "عبارة عن تدابير تقنية قد تحسن الوضع المالي في البلاد، ولكنها لا ترقى إلى مستوى التحدي الذي يفرضه المحتجون".

ويصرّ المتظاهرون على مطلب رحيل الطبقة السياسية كاملة، في وقت لا يبدو واضحًا أفق استمرار تحركاتهم ومدى قدرتهم على الاستمرار في شلّ البلد ومؤسساته.

ويتحدث الأستاذ في العلوم السياسية، كريم المفتي، عن "كباش" حاليًا بين الشارع والسلطة. ويقول "بعد سماع ردود الفعل الأولى، يبدو أن الشارع لم يبتلع الطعم". ويرى أنه كان حريًّا بالحكومة أن تبادر بالإضافة إلى التدابير الاقتصادية العاجلة، لاتخاذ "إجراءات أكثر جذرية"، تقنع اللبنانيين الذين يطالبون بإصلاح شامل للنظام.

واتخذت التحرّكات منحى تصاعديًا منذ الخميس مع ازدياد أعداد المتظاهرين تباعًا، في تحرك شلّ البلد وأغلق مؤسساته كافة.

وشكل سعي الحكومة لفرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات الهاتف الخلوي منها تطبيق المراسلات الفورية "واتسآب"، الشرارة التي أطلقت هذه التحركات الغاضبة، إذ لم يعد بإمكان المواطنين تحمل غلاء المعيشة والبطالة وسوء الخدمات العامة.

التعليقات