29/04/2024 - 21:11

ضغوط غربية على الجنائية الدولية لثنيها عن إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين

واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون ينضمون إلى الحملة الدبلوماسية التي أطلقتها تل أبيب في محاولة لإحباط فرصة إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد كبار مسؤوليها السياسيين والعسكريين على خلفية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.

ضغوط غربية على الجنائية الدولية لثنيها عن إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين

(Getty Images)

صعّدت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الغربيون، الضغوط الممارسة على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، في محاولة لمنعها من إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين بتهم تتعلق بالحرب على قطاع غزة المحاصر المتواصلة منذ 206 أيام والتي أسفرت عن استشهاد وإصابة وفقدان أكثر من 115 ألف مدني فلسطيني.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

وحذّر الفريق القانوني الإسرائيلي الذي يتولى الدعاوى القضائية الدولية ضد تل أبيب من إمكانية إقدام المحكمة الجنائية الدولية على إصدار مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين سرا أو دون الإعلان عن ذلك، ويخشون من أن يتفاجأ كبار المسؤولين الإسرائيليين بمذكرات الاعتقال ضدهم دون سابق إنذار عندما يكونون في الخارج.

ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة" قولها إن "الولايات المتحدة وحلفاءها يشعرون بالقلق من إمكانية إقدام المحكمة الجنائية الدولية على إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين في وقت تقترب المفاوضات من التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، مما قد يعرض الاتفاق للخطر".

وأفاد التقرير أن "القلق هو أن إسرائيل ستنسحب من الهدنة إذا واصلت المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات الاعتقال"، وفقًا لما أوردته الوكالة الأميركية نقلا عن مصدرين طلبا عدم الكشف عن هويتهما، وقالت المصادر إن دول "مجموعة السبع بدأت جهدًا دبلوماسيًا هادئًا لنقل هذه الرسالة إلى المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها".

وتحقق المحكمة الجنائية الدولية، التي يمكنها توجيه اتهامات للأفراد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، في الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.

مذكرات اعتقال سرية تباغت المسؤولين الإسرائيليين في الخارج؟

وحذّر أحد أعضاء الوفد القانوني الإسرائيلي الذي يتولى الدعاوى الدولية ضد جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، في تصريحات للموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" (واينت)، من أن مذكرات الاعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين قد تصدر سرا، ما يعرضهم لـ"خطر الاعتقال دون سابق إنذار" عند وصولهم إلى دول أوروبية.

ويتعزز الاعتقاد لدى مسؤولين إسرائيليين أنّ المحكمة الجنائية الدولية تستعدّ لإصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين حكوميين كبار، بتهم تتعلّق بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفق ما أكده خمسة مسؤولين إسرائيليين وأجانب لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية؛ وعبروا عن قلقهم من التداعيات المحتملة لمثل هذه القضية.

ولا يستبعد المسؤولون الذين تحدثوا لـ"نيويورك تايمز" أن يكون رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من بين الأشخاص الذين قد يتمّ ذكر أسمائهم في مذكرة الاعتقال؛ فيما يشعر المسؤولون الإسرائيليون بقلق من احتمال أن تصدر المحكمة مذكرات اعتقال بحق مسؤولين سياسيين وعسكريين كبار بسبب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في غزة.

"حملة الضفط الإسرائيلية قد تؤدي إلى نتائج عكسية"

وبحسب "واينت"، فإن مقربين من رئيس الحكومة الإسرائيلية، يمارسون حملة ضغط عنيفة تستهدف المدعي العام الدولي، كريم خان، أو كما قال الموقع: "يهددونه ويدفعونه إلى الزاوية"، في محاولة لثنيه عن هذه الخطوة؛ وأفاد التقرير بأن مذكرات الاعتقال قد تصدر على خلفية تهديدات المسؤولين الإسرائيليين بتجويع سكان قطاع غزة ومنع المساعدات عن القطاع.

ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر قانونية رفيعة المستوى أن "محاولة نتنياهو وحاشيته التأثير على المدعي العام الدولي من خلال حملة ضغط دبلوماسية أوروبي أو أميركية، قد تؤدي إلى نتيجة عكسية"، وقالت المصادر إن "هذا المدعي العام أصدر أمر اعتقال بحق (الرئيس الروسي، فلاديمير) بوتين؛ الضغط السياسي لن يمنعه من إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، بل على العكس من ذلك، يمكنه أن يعتبر ذلك ضغطًا غير مشروع وتدخلًا في حكمه المستقل".

نتنياهو يطلب مساعدة بايدن.. البيت الأبيض: لا نؤيد التحقيق

وأشارت القناة إلى أن واشنطن استاءت من تلميح أوساط مقربة من نتنياهو أن الإدارة الأميركية تعكي المدعي العام الدولي ضوءا أخضر ولو بواسطة صمتها وعدم تعليقها على هذه المساعي، علما بأنالولايات المتحدة ليست عضوا في المحكمة؛ وفي هذا السياق، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، للصحافيين، اليوم، إن "المحكمة الجنائية الدولية مستقلة وتمارس عملها دون تواصل مع واشنطن أو تدخل منها".

بدورها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان-بيار في إحاطة إعلامية قدمتها مساء الإثنين، إن موقف الولايات المتحدة "بغاية الوضوح في ما يتعلّق بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية، نحن لا نؤيده، ولا نعتقد أنه من اختصاصها".

وذكر موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي أن نتنياهو طلب من الرئيس الأميركي، بايدن، خلال محادثة هاتفية مساء الأحد، مساعدته في منع إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكّرات توقيف يمكن أن تستهدفه شخصيا أو تستهدف وزير الأمن في حكومته، يوآف غالانت أو رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، وغيرهم من المسؤولين السياسيين والعسكريين.

وفي رد فعل على إمكانية إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق مسؤولين حكوميين وعسكريين إسرائيليين كبار، حذر وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس الأحد، السفارات والممثليات الإسرائيلية في الخارج من خطر مواجهة "موجة شديدة من معاداة السامية" مطالبا بتعزيز إجراءاتها الأمنية.

مذكرات الاعتقال المحتملة قد تكون مقدمة لعقوبات لاحقة

بدورها، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن خبراء إسرائيليين في مجال القانون الدولي يحذرون من أنّ صدور مذكرات الاعتقال بحق المسؤولين قد يتبعه صدور عقوبات على إسرائيل، مثل فرض حظر على تزويدها بالسلاح وعقوبات اقتصادية أخرى. وأشارت إلى جهود حثيثة بذلتها وزارة القضاء الإسرائيلية بهدف ثني المحكمة عن إصدار مذكرات الاعتقال.

وأوضح المحاضر في القانون الدولي بجامعة "إسيكس" بإنجلترا، ماثيو جيليت، إنه لن يتمكن أي شخص تصدر بحقه مذكرة اعتقال من السفر لأكثر من 120 دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك معظم الدول الأوروبية واليابان وأستراليا، وإلا يمكن احتجازه.

وأضاف أنه إذا صدرت مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين فقد تتخذ بعض الدول الحليفة لإسرائيل إجراءات مثل تقليص عمليات نقل الأسلحة أو تقليص الزيارات الدبلوماسية، مما يزيد من عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي. وشدد على أن ذلك سيجعل "من الصعب بشكل أكبر على الديمقراطيات الليبرالية الغربية التعامل مع إسرائيل".

وترجّح الأوساط الإسرائيلية أن تصدر مذكرات الاعتقال خلال الفترة القريبة المقبلة، وذهبت تقارير إلى أنها قد تصدر خلال الأسبوع الجاري أو الأسبوع المقبل، وقد تشمل كلا من نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، وغيرهم من المسؤولين السياسيين والعسكريين.

والقضية المنظورة أمام المحكمة الجنائية الدولية منفصلة عن قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، ومقرها لاهاي أيضا؛ وتسببت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في نزوح معظم سكان القطاع الفلسطيني المحاصر وعددهم 2.4 مليون نسمة؛ وبلغت حصيلة الضحايا في غزة 34,488 شهيدا و77,643 جريحا معظمهم من المدنيين.

التعليقات