31/10/2010 - 11:02

تقرير بتسيلم.. وصمة عار../ وليد أيوب

تقرير بتسيلم.. وصمة عار../ وليد أيوب
يزداد عبث الإسرائيلي في مقدّرات الشعب الفلسطيني، ويتفاقم احتلاله عنجهيّة تنعكس قتلا وتدميرا وقمعا وتطاولا على عنفوان الفلسطيني الذي تشبّث بكرامته ضاربا المحتلّ بألف "صرماية" وبمليون ضمير وطني يرفض الخنوع والإستسلام، وتتحدّى عيون أصحابه مخارز المحتلّ الآثم، مصمّما على أن الموت كريما أغلى وأجدى وأبقى من العيش الذليل..

فقد ضحّى هذا الشعب شبه الأعزل إلا من يقينه، حتّى بات عضوا بارزا في صفّ الشعوب التي انتفضت على الغاصب وما فتئت تقاومه حتّى انحلّ وحلّ عن "سماها" .. لكنّها من أجل ذلك، قدّمت آلاف القرابين، بل الملايين منها فرخصت هذه مقابلا للحريّة الموعودة والمؤمّلة..

لم يقصّر الفلسطيني وراء هذه الشعوب المنتفضة، وهو مصرّ على نيل حقوقه كاملة دونما اختصار لشبر أرض في الضفة الغربية أو انتقاص لحفنة رمل من سواحل غزّة.. نقول هذا رغم إدراكنا لحقيقة أن هنالك بائعين وتجّارا ومساومين ومقاولين.. معتمدين في يقيننا هذا على أن السواد الأعظم للشعب الفلسطيني هم من فئة الأشراف الكريمة نفوسهم النقيّة ضمائرهم النظيفة فروجهم، والذين سيفرضون كلمتهم في النهاية..

إذن لا يمكن أن تتوازن المعادلة إلا بدفع المقابل، وهو في حالة الفلسطيني دم وألم وكبت وفقر وجوع وموت.. وهو يؤكّد من يوم إلى آخر أنه "قدّها وقدود".. وهو، في حالة الإسرائيلي نوم ذئاب قلق لا استقرار فيه ولا طمأنينة وأمن..

فقد صدر عن منظمة "بتسيلم" تقرير جديد يتضمّن إحصائيات عن الحصاد الفلسطيني في العام 2006، أو للدقّة، منذ بداية العام الفائت 2006 وحتى السابع والعشرين من كانون الأول للعام ذاته.. أي قبل أربعة أيام بالتمام والكمال من انتهائه..

تقول المعلومات الجافة في تقرير بتسيلم، إن قوات "الأمن" الإسرائيلية قتلت في الفترة الآنف ذكرها 660 فلسطينيّا، ما يعني أن قوات الإحتلال قتلت ما يزيد على ثلاثة أضعاف من قصفت أعمارهم في العام 2005، حيث قتلت فيه مائة وسبعة وتسعين شهيدا..

ويقول تقرير بتسيلم إنه في المقابل انخفض عدد الضحايا الإسرائيليين بشكل حاد.. حيث قتل الفلسطينيون في العام 2006 ثلاثة وعشرين إسرائيليا هم ستّة عشر مدنيّا وطفل وستّة عسكريين، ما يعني انخفاضا إلى النصف مقارنة بالعام 2005 الذي حصد خمسين إسرائيليا قتلتهم رصاصات الفلسطينيين وتفجيراتهم.

وأكّد تقرير بتسيلم على أن نحو نصف الشهداء الفلسطينيين – نحو 322 فلسطينيا – لم يكن لهم ضلع بالإقتتال الذي وضع نهاية لحيواتهم.. كما ذكر التقرير أن 141 شهيدا فلسطينيا هم قاصرون، وأن 22 قتلوا اغتيالا..

ويتّضح من تقرير بتسيلم أن معظم الشهداء قتلوا في اقتحامات جيش الإحتلال لقطاع غزة خاصة في النصف الثاني من العام 2006، أي بعد عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط، حيث استشهد في هذه الفترة 405 فلسطينيين من بينهم 88 قاصرا و 205 لم يشاركوا في عملية الإحتراب أو المقاومة.. وقد بلغ الحصاد منذ اندلاع إنتفاضة القدس والأقصى 4005 فلسطينيين من الشهداء و 1017 قتيلا إسرائيليا.. ما يعني أن الإسرائيلي لم يبلغ بعد مرتبة أن يساوي دزّينة من الفلسطينيين.

من ناحية أخرى، فقد هدمت جرافات الاحتلال في العام الفائت 292 بيتا كان يقطنها 1769 شخصا من الفلسطينيين، علما أن معظم هذه البيوت (95%) تقع في قطاع غزة..

كما أورد التقرير أن عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ في شهر تشرين ثاني/ نوفمبر من العام الفائت 9075 أسيرا، منهم 345 قاصرا، كما أن هناك 738 فلسطينيا فرض الإحتلال عليهم في العام المذكور حبسا إداريّا دون أن يتم تقديمهم إلى محكمة وبالتالي دون معرفة التهم التي توجّهها لهم سلطة الإحتلال الإسرائيلي.

إلى هنا ملخّص المعطيات الواردة في تقرير بتسيلم.. وهي وصمة عار مضاعفة في جبين إسرائيل كما في جبين المجتمع الدولي.. وهي مذبحة متواصلة معروف جزّارها، والتي لا نرى لها نهاية أو بشرى لأمل ما في حلّ ما يحقن المزيد من الدماء.. فحكومة أولمرت لا يبدو اقتراب نهايتها، حيث استطاعت أن تؤلف بين "الشامي والمغربي" فجمعت "الحمامة" بيرتس مع "الوحش الكاسر ليبرمان مع شاس مع المتقاعدين مع لملمة كديما الذين يسعى كلّ منهم إلى حماية مرتبته حيث لا وجود لبرامج أو ايديولوجيات سوى الموقع و "عمار الجيبة"..
فلا يجوز لأحد إلا أن يحمّل المسؤولية كاملة لحكومة إسرائيل، حتى عن مقتل المدنيين في طرفها، في سديروت وعسقلان وغيرهما، لأنها تدير ظهر المجن لأي صوت عقل ولأيّة بادرة انفراج، وتمعن في الوقت ذاته، بقمع الفلسطيني والتنكيل به..

يقول الفلسطيني لإسرائيل، إنه لا مجال لعودة إلى المربّع الأول أو العاشر، فقد قطع شوطا كبيرا وتجاوز هذه المربّعات، بل بات مدمنا على التضحية حتى لكأنها أضحت خبز يومه..

يقول الفلسطيني لإسرائيل، إنكم تحسنون صنعا فتخدمون أنفسكم أولا، إن أنتم أفقتم من غبائكم وحلمكم بأن الفلسطيني على وشك التسليم ورفع الراية البيضاء.. فقد يؤكّد الفلسطيني، شهيدا إثر شهيد، وبيتا مهدوما إثر بيت، وبيّارة مقلوعة أشجارها إثر بيّارة حرقت واستوت بالأرض، أن هذا هو الوجه الحقيقي للفلسطيني، الذي يعطي ويعطي ويبذل العطاء ويجزيه، في سبيل مقابل وحيد لا زحزحة عنه.. الإستقلال والحريّة في دولة مستقلة كريمة.. يقول دولة!..

التعليقات