ما بعد إلغاء مسيرة العودة: تضييقات وملاحقات ومحاولات لمحو الهوية

تتعمد السلطات الإسرائيلية التضييق على العرب الفلسطينيين في أراضي الـ48 وتكثف محاولاتها المتكررة الهادفة إلى محو الهوية الوطنية وسلخهم عن شعبهم الفلسطيني.

ما بعد إلغاء مسيرة العودة: تضييقات وملاحقات ومحاولات لمحو الهوية

مسيرة العودة الخامسة والعشرون إلى ميعار (أرشيف "عرب 48")

تواصل السلطات الإسرائيلية تضييقها على النشاطات الوطنية السنوية للفلسطينيين في أراضي الـ48 بشتى الوسائل، فبعد منع رفع العلم الفلسطيني خلال مسيرة يوم الأرض في 28 آذار/ مارس الماضي، وانتشار مكثف لقوات الشرطة في محيط الفعالية، فرضت الشرطة شروطًا تعجيزية على مسيرة العودة التي كان من المزمع تنظيمها في الأول من أيار/ مايو على أراضي قرية كفر سبت المهجّرة في قضاء طبرية، شمالي البلاد.

وأمام هذه الشروط وتهديدات الشرطة، اضطرت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين إلى إلغاء المسيرة هذا العام، في سابقة هي الأولى منذ أكثر من عشرين عامًا، معلنةً عن إقامة فعاليات محلية مصغّرة في 21 قرية ومنطقة مهجّرة بدلاً من المسيرة المركزية.

سوسن زهر

وعن كواليس التجهيزات للمسيرة، قالت المرافقة القانونية لجمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، المحامية سوسن زهر لـ"عرب 48" إن "التحضيرات للمسيرة بدأت في شهر آذار/ مارس، عبر تقديم طلب رسمي للشرطة للحصول على تصريح، إلا أن الشرطة ماطلت في الرد ووضعت عراقيل متوقعة".

وأضافت زهر أنه "في مرحلة معينة بدأ تدخل بن غفير، وأدلى بتصريحات إعلامية حول المسيرة، ما أدى إلى تشديد تعامل الشرطة وزيادة العراقيل والشروط التعجيزية، عندها، قدّمت الجمعية طلبًا جديدًا لإقامة المسيرة في قرية هوشة المهجّرة بدلًا من كفر سبت".

وتابعت زهر أنه "على الرغم من نقل موقع المسيرة، زادت الشرطة شروطها، كمنع رفع العلم الفلسطيني، وتحديد عدد المشاركين بـ700 فقط، واشتراط قدومهم بالحافلات حصرًا".

وأردفت أن "هذه الشروط تُفرغ المسيرة من مضمونها، وتهديدات الشرطة بأن 'لن يحصل خيرا' في حال تجاوز التعليمات دفعت اللجنة، بالتشاور مع لجنة المتابعة، إلى اتخاذ قرار بإلغاء المسيرة هذا العام، حفاظًا على سلامة المشاركين من جميع الأعمار".

وعن سبب عدم التوجه للمحكمة العليا للطعن بشروط الشرطة، قالت زهر إنه "على الرغم من توفر الإمكانية، قررت اللجنة عدم الالتماس، نظرًا لرفض المحكمة التماسات مشابهة في السابق، ولعدم فتح الباب أمام فرض شروط إضافية، الشرطة عدائية وبن غفير عدائي والمحكمة العليا عدائية".

سامي أبو شحادة

وأكدت أن "الشرطة تدّعي أنها منعت إقامة المسيرة للترويج لنفسها في أوساط المجتمع اليهودي، لكننا نؤكد أن قرار تعليق المسيرة صدر من الجمعية، بهدف حماية المشاركين".

من جانبه، قال رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، سامي أبو شحادة، لـ"عرب 48" إن "الملاحقة السياسية للفلسطينيين في الداخل مستمرة، بل تصاعدت خلال فترة الحرب، ضمن سياسة تهدف إلى محونا وسلخنا عن شعبنا، هذه المحاولات فشلت في الماضي وستفشل في الحاضر والمستقبل".

ودعا أبو شحادة إلى "تنظيم نشاطات بديلة، وخاصة في يوم الأرض، تتضمن جولات وعرض معلومات في القرى المهجّرة عن النكبة وتاريخ الشعب الفلسطيني".

وفي ما يخص العمل السياسي في أراضي 48، أوضح أبو شحادة أن "التضييق على القيادات، وإعادة الاعتقالات الإدارية، والسياسات العنصرية التي فرضها بن غفير على الشرطة والمحاكم، كلها أدّت إلى تقليص هامش العمل السياسي، لذلك، أطلقنا مبادرة لتنظيمه، عبر لقاءات متعددة مع قيادات وأحزاب من مختلف التوجهات".

وأضاف أبو شحادة أن "التضييقات لن تتوقف بعد الحرب، بل ستستمر بوتيرة عالية، الأجهزة الأمنية اعتادت على القمع، والمجتمع الإسرائيلي انزلق نحو الفاشية، ولم يعد يكترث بحقوق المواطنين الفلسطينيين في الداخل".

طلب الصانع

أما رئيس لجنة التوجيه لعرب النقب، طلب الصانع، قال لـ"عرب 48" إنه "نشهد تراجعًا غير مسبوق في ما تبقى من الحيز الديمقراطي، السلطات الإسرائيلية لا تحارب الفكر المقاوم فحسب، بل تحارب كل تعبير عن الهوية الفلسطينية. نحن في قلب معركة على الرواية والسردية الفلسطينية، وهناك محاولات مستمرة لطمسها وتجريمها".

وأضاف الصانع أن "هذه السياسات لا ترتبط بالحرب فقط، بل هي نتيجة لتوجه فاشي متصاعد، يسعى لمحو هوية الفلسطينيين في الداخل وإنكار حقهم في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية، وإذا استمرت الحكومة الحالية، فإننا سنواجه مزيدًا من التضييقات".

وختم الصانع بالقول إنه "عندما يواجه تيار المياه عراقيل، فإنه ينحرف يمينًا أو يسارًا، لكنه لا يتوقف، لذا علينا أن نبحث عن وسائل لتعزيز الهوية والانتماء، من خلال طرق أخرى، مثل الندوات المحلية والحلقات البيتية، وتفعيل دور الأحزاب بشكل مباشر ورئيسي في هذه النشاطات".

التعليقات