31/10/2010 - 11:02

"خوف" القرضاوي../ أحمد أبو حسين

حذر الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي، من اختراق الشيعة لمصر، منبهاً إلى أنهم يحاولون نشر مذهبهم في مصر لأنها تحب آل البيت وبها مقام الحسين والسيدة زينب. وأكد في لقائه بالصحفيين أواخر الأسبوع الماضي في القاهرة، أن الشيعة أخذوا من التصوف قنطرة للتشيع، وأنهم اخترقوا "مصر في السنوات الأخيرة من هذا الجانب". وأضاف بالقول أنه يؤيد حزب الله في مقاومته لكن ذكّر أن «حسن نصر الله لا يختلف عن الشيعة المتعصبين، فهو متمسك بشيعته ومبادئه، ولا يمكن أن ننكر هذا".

قد يفهم قارئ هذا الخبر الذي تناقلته الصحف المصرية أن "ما وراء الخبر" مَن يريد أن يحرّض على الداعية القرضاوي، لكن ما يستدعي أن نتوقف عند هذا الكلام أن الشيخ القرضاوي لم ينف الكلام، وقد أثارت تصريحاته تساؤلات واستغراب من نوع ماذا كان يقصد القرضاوي في هذا الظرف بالذات؟ خاصة وأن الشارعين العربي والمصري تضامنا وتفاعلا مع المقاومة اللبنانية برغم الفتاوى "السنية" التي خرجت من السعودية، والتي هدفت في حينه إلى إضعاف الإلتفاف الشعبي العربي حول المقاومة اللبنانية، في المقابل استكمل القرضاوي خلال اللقاء الصحفي عملية الجمع بين "التجديد والسلفية" في إطار عملية الإصلاح التي يمر بها التيار الإسلامي، فأشاد بالأديب الراحل نجيب محفوظ ووصفه بأنه "موهبة فذة أثبتت قيمتها، داعياً الأجيال القادمة لأن تستفيد من إيجابياته".

لا نبغي هنا مناقشة القرضاوي حول "أولاد حارتنا" فنحن سعداء بإنضمامه إلى الأستاذ عبد المنعم ابوالفتوح ممثل الأخوان المسلمين وكاتب مقدمة الكتاب المذكور بطبعته المصرية الأخيرة، ونعتبر تصريحه بخصوص محفوظ تطورا ملحوظا نحو التجديد والإصلاح، لكن تصريحه المركزي حول "إختراق الشيعة" يحصره في "السلفية البحته" ولا يشفع له تصريح عن "كاتب الإلحاد والكفر والعهر " بنظره قبل أعوام قليلة. والحديث عن هذا الإختراق يعيدنا إلى الفتوى الشهيرة القائلة:" لا يجوز تهنئة المسلم للمسيحي بعيد القيامة لأن في ذلك إعترافا بقيامة المسيح". فعدم التهنئة تسقط "التعايش المشترك" بين أبناء الأمة الواحدة، والتخوف من الإختراق المزعوم يعني التربص مما يعني الشك بعدم صدقية دعم المقاومة.

لا نسعى هنا لإستحضار يزيد وكربلاء، ونبش التاريخ العربي لأن نقاش المذاهب طائفي في المجمل، ومتعصبو المذاهب الدينية يغنون موالهم، ولا جدوى من النقاش المتعصب، ولا اقصد هنا النقاش بمعنى لغة الحوار، ولا أقصد أيضا دراسة المذاهب الدينية. لكننا أردنا فقط التساؤل بعد ما قاله القرضاوي من كلام هو يعرف أنه لا يروق لأمة كاملة، أردنا أن نسأل القادة الإسلاميين المصريين العقلاء أمثال عصام العريان وعبد المنعم أبوالفتوح ومحمد سليم العوا، لمصلحة من هذا التخوف وهذه التصريحات ؟ وما معنى أن القرضاوي يؤيد حزب الله في مقاومته لكنه يحّذر من "خطر الشيعة الداهم" في مصر برغم وجود مقام الحسين والسيدة زينب في مصر القديمة منذ مئات السنين ولم يقم أبناء الشيعة العرب بالإنقضاض عليها؟ ولماذا الخوف من الإختراق الآن؟ ما الذي جرى؟ هل من وراء ذلك إعتذار وتسديد فاتورة حساب للسعودية؟ أم هي مجرّد نشاط للتخفيف من إتساع الإلتفاف الشعبي الذي حظيت به المقاومة؟ ثم ماذا يعني عرض سيناريو مستقبلي للمنطقة العربية مفاده أن الولايات المتحدة ستقوم بفرض عقوبات على السعودية لأنها قامت بدعم المقاومة الإسلامية في فلسطين وساهمت في زرع بذور "التيارالسلفي الجهادي" الذي يقوده أسامة بن لادن !!!! هل هناك سيناريو كهذا ؟ أم أن النظام في السعودية بدأ بمراجعة حساباته وسيقوم بمحاسبة التيار الإسلامي على "خطيئته بدعم المقاومة اللبنانية".

نحن واثقون أن وقوف حماس وقيادة التيار الإسلامي في العالم العربي وراء المقاومة اللبنانية ساهم في صمود المقاومة، وفي الوقت نفسه ساهم بإحترام التيارات الأخرى، وخاصة القومية منها، للحركات الإسلامية وإن كان بعض قليل من قياداتها قد تلكأ بإتخاذ موقف منحاز لصالح المقاومة من منطلقات "عصبية" ومذهبية.

لا خوف على مصر من "إختراق الشيعة"، فهذا الإتهام يراد منه باطل. ومن يتخوف من هذا الخطر المزعوم يتخوف من الأقباط أصلا، والتخويف يهدف الى التعصب والفتنه والسكاكين، لقد انتصرت ثورة الخميني ولم يتشيّع الناس الذين ناصروها في حينه، فما الداعي أن تتشيّع الآن؟ فهموم الناس اليومية وخاصة في مصر أقوى من هَم إلتعصب للمذاهب المختلفة إيا كانت. والناس التي خرجت تناصر المقاومة خرجت بالأساس لعروبتها، ( قارن عزيزي القارئ بين التضامن العربي مع طالبان "السنية" برغم رفض العدوان على أفغانستان وبين التضامن العربي مع المقاومة الإسلامية في لبنان).

كنا نتوقع من الشيخ القرضاوي كمنظّر، أن يمضي في عملية الإصلاح داخل تياره والإستفادة من تجربة حزب الله وتوجيه سهامه لأعداء المقاومة الفعليين بدل فتح النار على السيد حسن نصرالله ووصفة بالمتعصب، والإشتراك في لعبة إضعاف المقاومة بحجة شيعيتها وحصر تأييدها في لبنان فقط.

التعليقات