لجنة التحقيق

هذا الجزء من التحقيق يراجع مواقف وعلاقات أعضاء لجنة التحقيق الخارجيّة المكلّفة من قبل دويتشه فيله، والتي جرى التحقيق فيها مع موظّفين في القسم العربيّ بتهم تتعلّق بـ"معاداة الساميّة".

لجنة التحقيق

في بيانها الأوّل الصادر في كانون الأوّل/ ديسمبر 2021، أعلنت دويتشه فيله عن إسناد التحقيق في اتّهامات معاداة الساميّة للجنة خارجيّة مستقلّة مؤلّفة من وزيرة العدل الألمانيّة السابقة، زابينه لويتهويزر شنارينبرغر، والأخصّائيّ النفسيّ أحمد منصور. لكن مع إعلان نتائج التحقيق في بداية شباط/ فبراير 2022، تبيّن أنّ التحقيق كان مسندًا إلى مؤسّسة Mind Prevention، والتي يُديرها أحمد منصور وزوجته بياتريس منصور. هذا ما أكّده أحمد منصور لموقع عرب ٤٨ من خلال إجابته على أسئلتنا، قائلًا إن "هذا ما جرى الاتّفاق عليه في العقد المُبْرَم مع دويتشه فيله، على أن تُوكل المهمّة لـMind Prevention، وليس لي وحدي"، وقال إنّهم قاموا بالمهمّة كفريق مع لويتهويزر شنارينبرغر.

في هذا الملفّ من تحقيق موقع عرب 48، نقوم بمراجعة مواقف وعلاقات أعضاء لجنة التحقيق الخارجيّة المكلّفة من قبل دويتشه فيله، والتي جرى التحقيق فيها مع موظّفين في القسم العربيّ بتهم تتعلّق بـ"معاداة الساميّة". ويأتي هذا الملفّ لفحص مدى استقلاليّة اللجنة وانحيازها من عدمه، ومدى أهليّتها للقيام بهذه المهمّة.

زابينه لويتهويزر شنارينبرغر

وزيرة العدل الاتّحاديّة السابقة زابينه لويتهويزر - شنارينبرغر، هي حقوقيّة وسياسيّة، وعضو في المحكمة الدستوريّة البافاريّة، وتشغل منصب المفوّضة لمحاربة معاداة الساميّة في ولاية نوردراين - فيستفالن.

وزيرة العدل الاتّحاديّة السابقة زابينه لويتهويزر - شنارينبرغر

في 27 كانون الثاني/ يناير 2020 ضمن يوم إحياء ذكرى ضحايا النازيّة في ألمانيا، ادّعت لويتهويزر- شنارينبرغر عبر تغريدة لها في موقع تويتر، أنّ "حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) تدعو لمقاطعة المتاجر اليهوديّة"، (في محاولة منها على ما يبدو للربط بتحريض النازيين على مقاطعة المتاجر اليهوديّة)، علمًا أنّ حركة (BDS) لا تدعو لذلك، وإنّما تُطالب بمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، وليس اليهود، وذلك حسب صفحتها الرسميّة.

في نيسان/ أبريل 2020، أيّدت لويتهويزر - شنارينبرغر إلغاء الكلمة الافتتاحيّة للفيلسوف والمؤرّخ الكاميرونيّ، أشيل مبيمبي، وإلغاء دعوته لمهرجان رورترينالي، وذلك بسبب "دعمه لحركة المقاطعة (BDS) المعادية للساميّة، ومقارنته إسرائيل بنظام الفصل العنصريّ في جنوب أفريقيا"، حسب وصفها.

أمّا في أيّار/ مايو 2021، فقد طالبت بصفتها المفوّضة لمحاربة معاداة الساميّة في ولاية نوردراين - فيستفالن، على الموقع الرسميّ للولاية، القائمين على مظاهرات إحياء النكبة الفلسطينيّة، النأي بأنفسهم عن كافّة أشكال معاداة الساميّة، بما في ذلك "التشكيك بحق إسرائيل في الوجود وشيطنة صورتها".

حاولنا التواصل مع السيدة لويتهويزر شنارينبرغر، وطرحنا عليها أسئلتنا في ما يخصّ التحقيق، إلّا أنّها لم تقم بالردّ.

بياتريس منصور

أمّا بياتريس منصور، فلم يكن دورُها في لجنة التحقيق مفهومًا أو واضحًا لكافّة الموظّفين الذين أجرينا اللقاءات معهم، وعلى ما يبدو أنّها مثّلت المؤسّسة المكلّفة بمهمّة التحقيق. هذا ما يُشير إليه البيان الإعلاميّ الصادر حول نتائج التحقيق على الموقع الرسميّ لدويتشه فيله، في شباط/ فبراير 2021 بشكل غير مباشر، إذ كان اسمها مدرجًا كجهة تواصل باسم المؤسّسة.

بياتريس منصور

وفي سياق مشابه، أخبرنا زوجها أحمد منصور، أنّ "بياتريس منصور تعمل معي في هذا المجال منذ عام 2010، وتشغل منصب المديرة التنفيذيّة لـMind Prevention منذ عام 2017". المتحدّث الإعلاميّ باسم القناة الألمانيّة، كريستوف يومبيلت، تجنّب الإجابة عن مؤهّلات بياتريس واتّصالها بالتحقيق، وأحالنا لمنصور للحديث في ما يخصّ مؤسّسته، واكتفى بالتعليق أنّ "الخبرة كانت السبب في تكليفها"، دون الإشارة إلى هذه الخبرة.

بعد اطّلاعنا على عمل مؤسّسة Mind Prevention، فإنّنا لم نجد أُسُسًا مهنيّة تؤهّلها للقيام بتحقيق معقّد وحسّاس مثل الذي قامت به دويتشه فيله. فبحسب الصفحة الرسميّة لموقع Mind Prevention، فهي مؤسّسة "تقدّم المشورة للمتخصّصين والمسؤولين في مجالات العلاج النفسيّ والتربية والإدارة، وتقدّم مساعدة عمليّة للتعامل مع التطرّف والإسلامويّة ومعاداة الساميّة، وكذلك التدابير اللازمة من أجل اندماج ناجح متعدّد الثقافات"، إلى جانب مشاريعها الكثيرة المتمثّلة في ورشات عمل وتدريبات حول الوقاية من الإسلامويّة والتطرّف تخصّ الشباب السجناء من خلفيّات مسلمة، والتلاميذ الذين لديهم تجارب في الهجرة أو اللجوء ومعلّميهم، وتدريب المعالجين النفسيّين والمتخصّصين في مجالات الاندماج وتعدّد الثقافات، وكانت ثمّة ورشة عمل وحيدة بالتعاون مع مدرسة مهنيّة في ولاية بافاريا لـ"دعم الديمقراطيّة والوقاية من معاداة الساميّة والتطرّف".

حاولنا التواصل مع السيدة بياتريس منصور، وطرحنا عليها بعض الأسئلة المتعلقة بالتحقيق، إلّا أنها لم تقم بالرد.

أحمد منصور

أمّا العضو الأبرز في لجنة التحقيق، أحمد منصور، والذي عرّف عن نفسه من خلال إجاباته لعرب 48 على أنّه "عربيّ إسرائيليّ مسلم"، فهو شخصيّة عامّة في ألمانيا، تتمّ استضافته بشكل دائم في وسائل الإعلام، ويكتب في الصحافة، ويتمّ تعريفه من خلال مسمّيات وظيفيّة مختلفة حسب السياق المطروح؛ "خبير في الإسلام أو الاندماج أو الإسلامويّة أو التطرّف أو الإرهاب أو معاداة الساميّة أو أخصائيّ نفسيّ". لديه عدّة مؤلفات، أبرزها كتابان؛ "جيل الله: لماذا نحتاج إلى إعادة التفكير في مكافحة التطرّف الدينيّ"، وكتاب "عمليّة الله: كيف يريد الإسلام السياسيّ تقويض ديمقراطيّتنا".

أحمد منصور

ينحدر منصور من عائلة فلسطينيّة من مدينة الطيرة في المثلّث، ويدّعي أنّه كان منتسبًا لجماعة الإخوان المسلمين، وكاد أن يصبح متطرّفًا إسلاميًّا، حيث كان يتردّد في شبابه على مسجد في مدينته، وتتلمذ على يدي إمام حاول تجنيده في ذلك الوقت، بحسب ادّعائه. درس علم النفس في تل أبيب، وانتقل للعيش في ألمانيا عام 2004 لمتابعة دراسته الجامعيّة.

أجاب منصور عن سؤالنا حول مؤهّلاته للقيام بالتحقيق، بأنّه "يعمل مع اليافعين في مجالات العنصريّة والاندماج والتطرّف ومعاداة الساميّة"، كما أشار إلى كتبه ومقالاته المتعلّقة، وأنّه "عمل ضمن مشاريع بحثيّة، وألقى محاضرات جامعيّة في هذه المجالات"، وأشار كذلك إلى قبول نتائج التقرير والإشادة بها من قبل الخبراء والصحافيّين والسياسيّين في ألمانيا، وأنّه "لم يكن هناك أيّ نقد موضوعيّ" بحسب تعبيره.

كان من اللافت في أثناء بحثنا حول منصور ضمن هذا التحقيق الاستقصائيّ، العثور على العديد من الانتقادات في ما يخصّ عمله ودوره الإعلاميّ؛ فمثلًا، المفوّضة الاتّحاديّة لمكافحة التمييز العنصريّ، فيردا أتامان، والتي عارض منصور ترشيحها لهذا المنصب عام 2022 بشدّة، من خلال تغريدات ومقالات ولقاءات إعلاميّة قام بها، نعتته قبل أن تشغل منصبها عبر تويتر عام 2020 مع شخصيّات أخرى بأنّهم "شهود ملوك (زور) في نقد الإسلام".

تغريدة فيردا أتامان، التي تولت لاحقًا منصب المفوضة الاتحاديّة لمكافحة التمييز
العنصري

الصحافيّة وبروفيسورة العلوم الإسلاميّة، كاتايون أميربور، انتقدت منصور عام 2015 أيضًا ضمن مادّة نشرتها بعنوان "الاسلام يساوي العنف: الانسجام القاتل بين المحاربين والنقّاد"، وتحدّثت فيها عن مدى خطورة مساواة الإسلام بالتطرّف الإسلاميّ، بسبب مقال نشره منصور يدّعي فيه أنّ أفكار تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش) تستند إلى الإسلام السائد، الذي يمارسه الكثيرون من المسلمين في ألمانيا.

مبادرة بريدج من جامعة جورج تاون في واشنطن، وهي مشروع بحثيّ متخصّص في الإسلاموفوبيا، أفردت عام 2020 بيان حقائق موسّع تنتقد فيه دور منصور، حيث اتّهمته بنشر الإسلاموفوبيا وكراهية المسلمين، ووثّقت له عدّة كتابات ولقاءات إعلاميّة وصحافيّة، استشهدت من خلالها بتعزيزه للمناخ المعادي للمسلمين في ألمانيا، وأنّه يرى في المسلمين الألمان واللاجئين المسلمين معادين للساميّة بشكل مميّز، مقارنةً بالمجتمع الألمانيّ عمومًا.

بعد تقديمنا لهذه الانتقادات التي وُجّهت للقناة، علّق المتحدّث الإعلاميّ لدويتشه فيله، كريستوف يومبيلت، بأنّ منصور كشخصيّة عامّة يتلقّى الثناء والنقد على مواقفه، "بِما في ذلك التهديدات المخيفة وخطاب الكراهيّة"، وأكّد على أنّ "المعتقدات الدينيّة أو نقد الإسلام لم تكن جزءًا من التحقيق". لكن الغريب في الأمر، هو أنّ المتحدث الإعلاميّ، وبعد سؤالنا عن مؤهّلات منصور للقيام بالتحقيق، أحالنا إلى البيان الصحافيّ لدويتشه فيله، والذي جرى تقديم منصور فيه على أنّه خبير في الإسلام السياسيّ، ويعمل في مجال الاندماج، خصوصًا مع الشرطة والمرافق الإصلاحيّة (السجون)، وأشير فقط إلى أنّه يكافح معاداة الساميّة، ولم يتمّ ذكر أنّه خبير بها أبدًا.

أجاب منصور الذي توجّهنا إليه تحديدًا ببيان الحقائق الصادر عن مبادرة بريدج حول دوره قائلًا إنه "إذا بحثتم بشكل أكبر، ستجدون أنّ القائمين على هذا الموقع مشتبه بهم أن يكونوا جزءًا من شبكة الإسلام السياسيّ، ويجري التحقيق معهم في النمسا. لكن من المثير للاهتمام، أنّكم تتجاهلون آلاف الموادّ، وتبحثون فقط عن تلك التي تصوّرني على أنّني كاره للإسلام. أنا مسلم، وأنتقد الأشكال المتطرّفة للإسلام، وليس الدين بحدّ ذاته، وهذا أمر تتوافق معه أغلبيّة البلدان المسلمة ومعظم المسلمين في جميع أنحاء العالم. أنا شخص سياسيّ، وأتحدّث في العديد من المواضيع. هناك أشخاص يشاركونني الرأي، وآخرون يختلفون مع ذلك - وهذه هي الديمقراطيّة. كذلك من المثير للاهتمام، أنّ محاميًّا يشارك أيضًا في جلسات المحكمة، يقوم بالتشهير بي على أنّني كاره للإسلام. لهذا السبب، توجّهت للقضاء وكسبت الدعوى".

بعيدًا عن مزاعمه بأنّنا نبحث فقط عن الموادّ التي تصوّره على أنّه كاره للإسلام، فإنّنا نحاول الإجابة عن التساؤل بشفافيّة، في ما إذا كانت لجنة التحقيق مؤهّلة للقيام بهذه المهمّة الحسّاسة، وإن كان دورها محايدًا بالفعل. منصور نفسه يؤكّد "قبول نتائج التحقيق والإشادة بها من قبل الخبراء والصحافيّين والسياسيّين في ألمانيا". قمنا بالبحث وفق ما توجّه به منصور إلينا في ما يخصّ القائمين على مبادرة بريدج، ووجدنا أنّ فريق عمل المبادرة يتكوّن من ستّة أكاديميّين:

- مدير المبادرة جون إل إسبوزيتو، وهو عالم إسلاميّات أميركيّ ينحدر من أصول كاثوليكيّة

- نائبة مدير المبادرة، مباشرة تزامل، وهي باحثة أميركيّة في الإسلاموفوبيا، وتقيم في العاصمة واشنطن

- باحثة الدراسات العربيّة الأميركيّة سوزان دوغلاس، وتقيم في الولايات المتّحدة

- عالمة الديانات واللاهوت الأميركيّة، جوردان ديناري دافنر، وتقيم في العاصمة واشنطن

- الباحث الأميركيّ في مجال الإسلاموفوبيا، أرسلان افتخار، ويقيم في الولايات المتّحدة

الوحيد الذي يقيم في النمسا ضمن فريق مبادرة بريدج، هو عالم السياسيات النمساويّ فريد حافظ، وقد جرى بالفعل التحقيق معه على مدار أكثر من سنتين في اتهامات باطلة تتعلّق بالانتماء لمجموعة إرهابيّة، ضمن ما عُرِف بعملية الأقصر التي قام بها المستشار النمساويّ الحاليّ واليمينيّ المحافظ، كارل نيهامر، عندما كان يشغل منصب وزير الداخليّة، ضدّ شخصيّات ومؤسّسات مسلمة بارزة بتهمة "الإرهاب الإسلاميّ"، والتي توقفت ولم يتم فيها توجيه الاتّهام لأيّ شخص أو مؤسّسة، ووصفها الإعلام والوسط السياسيّ النمساويّ بالفاشلة.

حافظ تحدّث عن القضيّة والاتّهامات الموجّهة إليه للجزيرة الإنجليزيّة، كما ورد في تقرير صحافيّ، بأنّ محكمة نمساويّة خلصت إلى أنّ أبحاث حافظ في الإسلاموفوبيا "لا تحمل ميولًا إرهابيّة أو معادية للدولة".

مبادرة بريدج نشرت بحثًا خاصًّا بالمستشار النمساويّ نيهامر، تتّهمه فيه بمعاداة الإسلام، وتحدّثت فيها أيضًا عن عملية الأقصر، ونوّهت لاتّهام نائب وصحافيّ استقصائيّ نمساويّ بأنّ العملية خدمت مصالح أجهزة استخبارات أجنبيّة، خاصّة إسرائيل ومصر.

المثير أكثر للاهتمام، أنّ منصور نفسه كان ضيفًا في مناظرة صحافيّة جمعته مع فريد حافظ في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، وذلك قبل تقديم إجابته عن أسئلتنا، وحملت عنوان "مناظرة: أحمد منصور يحارب الإسلام السياسيّ، فريد حافظ ضد الإسلاموفوبيا" حيث اتّهم حافظ منصور بالترويج للعنصريّة ضدّ المسلمين.

أمّا في ما يخصّ ادّعاء منصور كسبه دعوى قضائيّة ضدّ محامٍ "يشهّر فيه على أنّه كاره للإسلام"، فقد قمنا بالتواصل شخصيًّا مع المحامي المعنيّ، وأخبرنا أنّ هذا غير دقيق، فمنصور كان قد رفع دعوى قضائيّة ضدّه بسبب وصفه إيّاه على موقع تويتر بأنّه "عنصريّ كاره للإسلام". محكمة المقاطعة في برلين، وضمن إجراءات مستعجلة، خلصت إلى منع هذا التصريح، ذلك أنّ "الجمع بين ’عنصريّ’ و’كاره للإسلام’ انتهاك لحقوق منصور الشخصيّة"، ولكنها أقرّت بوضوح، وفي ضوء الأدلّة التي قُدّمت، بأنّ مصطلح "كاره للإسلام" يعتبر مقبولًا في حالة منصور، و"لم تعلّق المحكمة على ما تمّ تقديمه من براهين تؤكّد دعم منصور لنظام الفصل العنصريّ الإسرائيليّ من خلال ترويجه لمنظّمات استيطانيّة، بالإضافة إلى تصريحاته العنصريّة ضدّ المسلمين". محكمة الاستئناف تقوم بفحص القرار، ولم تصدر النتيجة بعد.

ينشط منصور على موقع تويتر ويحظى بمتابعة كبيرة في الأوساط الألمانيّة، وبما أنّ اتّهامات معاداة الساميّة ضدّ الموظّفين في القسم العربيّ لقناة دويتشه فيله استندت بالأساس إلى تغريدات وتصريحات على حساباتهم الشخصيّة في مواقع التواصل الاجتماعيّ، فقد كان مثيرًا للاهتمام أن نبحث في ما ينشره هو أيضًا، وكان من اللافت أن نعثر على العديد من التغريدات الجدليّة له والتي تدعم الانتقادات السابقة، بالإضافة إلى مواقف مريبة في ما يخصّ القضيّة الفلسطينيّة. ننشر بعضها هنا:

في كتابه "جيل الله"، يصف منصور "مؤشّرات" على نزعة متطرّفة لدى الجيل المراهق المسلم في ألمانيا، مثل رفع السبّابة، أو استخدام كلمات عربيّة مثل "أخي". بحسب مبادرة بريدج من جامعة جورج تاون الأميركيّة، ابتكر منصور مصطلح "جيل الله" لوصف "مشكلة نفسيّة ثقافيّة عامّة لجميع المسلمين". وزعم أنّ "التهديد الذي تواجهه ألمانيا، لا يأتي من بضع مئات من الإسلاميّين المتعصّبين، وإنّما من جيل كامل من الشباب المسلمين - جيل الله - الذين يتعرّضون جميعًا لخطر التطرّف الإسلاميّ".

الأمر ليس مختلفًا على الإطلاق في ما يخصّ لقاءاته الإعلاميّة، إذ وجدنا له تصريحات جدليّة مشابهة، يمكنكم الاطّلاع على بعضها من هنا:

علاقات مع مؤسّسات داعمة لإسرائيل

خلال بحثنا، اكتشفنا أنّ لمنصور أيضًا بعض العلاقات مع مؤسّسات إسرائيليّة أو داعمة لإسرائيل، إذ عَمِل منصور بحسب عدّة مصادر، بصفته مدير برامج استشاريّ لدى المؤسّسة الأوروبيّة للديمقراطيّة في بروكسل. وفعلًا، حتى الثامن من آذار/ مارس 2022، كان هذا مدرجًا على الصفحة الرسميّة للمؤسّسة، إلّا أنّه حُذِف لاحقًا، ولا نتمكّن من العثور على أيّ أثر لذلك على محرّك البحث غوغل.

تصوير شاشة: الصفحة التي حُذِفت من موقع المؤسّسة الأوروبيّة للديمقراطيّة، وتُثبت أنّ منصور كان مدرجًا ضمن طاقم عمل المؤسّسة (المصدر: archive.org)

بحسب دراسة أكاديميّة صادرة عن جامعة "باث" البريطانيّة، فإنّ المؤسّسة هي واحدة من اللوبيّات الإسرائيليّة في الاتّحاد الأوروبيّ وتعمل على نشر الإسلاموفوبيا، وتربطها علاقات مشبوهة باليمين الأوروبيّ والأميركيّ المعادي للمهاجرين، والداعم لمنظّمات استيطانيّة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عام 1967.

من مموّلي المؤسّسة، منظّمات وشخصيّات مثل "عائلة هوخبيرغ" و"بودمان" و"ماركوس"، بالإضافة إلى الملياردير بول سينجر، إذ يموّلون جميعهم منظّمات ومؤسّسات صهيونيّة عديدة، منها منظّمة تدعم الجيش الإسرائيليّ، ومنتدى الشرق الأوسط المعادي للمسلمين، والذي يعمل على تشجيع قبول إسرائيل بين الفلسطينيّين والعرب ضمن أهداف أخرى، كذلك MEMRI TV و Aish HaTorah اللتان تعملان على نشر البروباغندا الصهيونيّة.

قمنا بمراسلة المؤسّسة الأوروبيّة للديمقراطيّة في بروكسل للاستفسار، لكن لم يصلنا أيّ ردّ.

كان منصور مدرجًا ضمن فريق عمل المعهد الدوليّ لمحاربة الإرهاب في هرتسيليا، دون أيّ توضيح لماهيّة عمله في معهد الأبحاث التابع لجامعة رايخمان الإسرائيليّة، والمعروف بعلاقاته الوثيقة جدًّا مع المؤسّستين الإسرائيليّتين، العسكريّة والأمنيّة، والتي استخدمت الصورة ذاته والنصّ لتعريفه لدى المؤسّسة الأوروبيّة في بروكسل، لكن هذه الصفحة الخاصّة به كأحد أعضاء الطاقم، اختفت بعد التاسع من آذار/ مارس 2022، ولا يمكن العثور عليها عبر محرك غوغل للبحث.

تصوير شاشة: الصفحة التي حُذِفت من معهد مكافحة الإرهاب التابع لجامعة رايخمان الإسرائيليّة، والتي تثبت أنّ منصور كان مُدرجًا ضمن طاقم المعهد (المصدر: archive.org)

المدير العامّ للمعهد هو البروفيسور غانور شيمش، الذي عمل مستشارًا في مجال مكافحة الإرهاب في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي، ووزارة الأمن، ومجلس الأمن القوميّ، وهو الذي قام بتقديم نصيحة لرئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، في كتابه "الحرب على الإرهاب". أمّا مجلس إدارة المعهد، فيرأسها رئيس جهاز الموساد السابق شبتاي شبيت. يُعْقَد المؤتمر السنويّ للمعهد بتاريخ 11 أيلول/ سبتمبر من كل عام، إذ تفاخرت الصفحة الرسميّة لجامعة رايخمان على موقع فيسبوك، بأنّ المؤتمر السنويّ لعام 2022، استطاع جمع كافّة الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة في مكان واحد، كما أُعِطَيت الكلمة الرئيسيّة في هذا المؤتمر لرئيس جهاز الأمن العامّ الإسرائيليّ "الشاباك"، رونين بار.

قمنا بمراسلة معهد مكافحة الإرهاب في هرتسيليا للاستفسار، لكن لم يصلنا أيّ ردّ.

كان منصور وجهًا رئيسيًّا لحملات تبرّع لمؤسّسة كيرين هايسود (صندوق التأسيس/ الاستثمار المشترك لإسرائيل)، وهي أكبر مؤسّسة صهيونيّة لجمع الأموال والتبرّعات حول العالم، وتَتْبع للمنظّمة الصهيونيّة "الهستدروت هيسرائيليت". تأسّست كيرين هايسود عام 1920، ولعبت دورًا أساسيًّا في تمويل الهجرات الصهيونيّة إلى فلسطين التاريخيّة، و"دعمت بناء المستوطنات الصهيونيّة الأولى، وجلبت 3 ملايين مهاجر"، ومن المستوطنات ما كان قد أُنشئ على أنقاض قرى فلسطينيّة مهجّرة، إذ دعمت بناء "900 مستوطنة خلال 30 سنة قبل النكبة"، وبالتالي، فقد ساهمت في التطهير العرقيّ في فلسطين ونكبة 1948، كما أنّها قامت بدعم الاستيطان في القدس الشرقيّة المحتلّة، بحسب تحقيق لصحيفة "هآرتس" عام 2016.

بعض المؤسّسات والمجموعات التي قامت بتكريم منصور، لها مواقف مناهضة للفلسطينيّين ومؤيّدة للبروباغندا الإسرائيليّة؛ على سبيل المثال، فقد منحت منظّمة اللجنة اليهوديّة الأميركيّة - فرع برلين منصور جائزة رامر للدفاع عن الديمقراطيّة لعام 2013، وهي إحدى منظّمات اللوبي الإسرائيليّ المعروفة عالميًّا، وتحديدًا فرعها في برلين الذي يُعارض انضمام فلسطين لليونسكو، ويحارب حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) ويعتبرها معادية للساميّة، ويدّعي مظلوميّة إسرائيل وأنّها تُعامَل بشكل جائر، خصوصًا من قبل الأمم المتّحدة، وقاد عام 2016 حملة للمطالبة بإلغاء معرض فنيّ يتحدّث عن النكبة الفلسطينيّة في جامعة غوتينغن الألمانيّة، إذ أنكر مسؤوليّة إسرائيل عن حدوث النكبة وتهجير الفلسطينيّين.

فرع الجمعية الألمانيّة الإسرائيليّة في مدينة هانوفر، وهي جمعيّة معروفة بمناهضتها للفلسطينيّين وتأييدها الشديد لإسرائيل، منح منصور جائزة تيودور ليسينغ لعام 2019، ومن أبرز مواقفها وأنشطتها إنكار النكبة الفلسطينيّة وتبرئة إسرائيل منها، ومحاربة حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) واتّهامها بمعاداة الساميّة، والمطالبة بحظر المظاهرات المُناصرة لفلسطين في برلين، بتهمة معاداة الساميّة.

إنفوغراف

  1. تحقيق خاصّ | دويتشه فيله ومعاداة الساميّة... لجنة تحقيق منحازة لإسرائيل

    تحقيق خاصّ | دويتشه فيله ومعاداة الساميّة... لجنة تحقيق منحازة لإسرائيل

    تحقيق صحافيّ لموقع عرب 48 يستقصي قضيّة دويتشه فيله ولجنة "التحقيق" وفصل موظّفين من القسم العربيّ بتهم «معاداة الساميّة». التحقيق الذي جرى العمل عليه لأكثر من سنة، يستعرض الأسس التي اعتمدت عليها التُّهم الموجّهة للموظّفين، ويغوص في كواليس القضيّة. 19/03/2023
  2. الموظّفون

    الموظّفون

    في هذا الجزء من التحقيق، نحاور بعض الموظّفين والعاملين المفصولين من القسم العربيّ في دويتشه فيله، للاطّلاع على وجهة نظرهم والاستماع إلى أقوالهم فيما يخصّ القضيّة التي أثارت العديد من ردود الفعل في ألمانيا والعالم العربيّ 19/03/2023
  3. المؤسّسات

    المؤسّسات

    نستقصي في هذا الملفّ القضيّة المتعلّقة بالشراكة بين دويتشه فيله ومؤسّسات فلسطينيّة وعربيّة، بعد اتّهام هذه المؤسّسات بـ"معاداة الساميّة"، بحسب ادّعاءات لجنة دويتشه فيله. 19/03/2023
  4. تقييم التحقيق

    تقييم التحقيق

    يقيّم الخبير والأكاديميّ موشيه تسوكرمان "تقرير لجنة التحقيق المستقلّة في اتّهامات معاداة الساميّة" في دويتشه فيله، ونفحص مدى مصداقيّة اللجنة في توجيه تهم معاداة الساميّة للموظّفين المفصولين. 19/03/2023
  5. مساءلة وردود

    مساءلة وردود

    في هذا الجزء من التحقيق، نجري مساءلة صحافيّة، حيث توجّهنا بالأسئلة إلى أكثر من جهة؛ سواء من أعضاء لجنة التحقيق، أو من بعض الموظّفين المفصولين من دويتشه فيله 19/03/2023
  6. خلاصة التحقيق

    خلاصة التحقيق

    يستعرض عرب 48 في الجزء الأخير خلاصة التحقيق الذي أجراه حول قضيّة فصل الموظّفين العرب من دويتشه فيله، بالإضافة إلى الطريقة التي جرى فيها التحقيق من الموظّفين بتهم معاداة الساميّة. 19/03/2023

التعليقات