مساءلة وردود

في هذا الجزء من التحقيق، نجري مساءلة صحافيّة، حيث توجّهنا بالأسئلة إلى أكثر من جهة؛ سواء من أعضاء لجنة التحقيق، أو من بعض الموظّفين المفصولين من دويتشه فيله

مساءلة وردود

في هذا الملفّ من تحقيق موقع عرب 48، توجّهنا إلى أكثر من جهة للحصول على ردود على أسئلتنا. وصلتنا بعض الردود، في حين أنّ آخرين لم يقوموا بالردّ، وفي حال وصولها، سنقوم بنشرها فورًا.

توجّهنا بعدد من الأسئلة للوزيرة السابقة زابينه لويتهويزر - شنارينبرغر، عضوة لجنة التحقيق المستقلّة المكلّفة من دويتشه فيله، لكنّها لم تقم بالردّ أيضًا. سألناها عن التناقض في موقفها من التهم الموجّهة للمؤسّسات الفلسطينيّة الشريكة لدويتشه فيله، بحسب ما صدر في تقرير لجنة التحقيق، وما صرّحت به لاحقًا حول عدم موافقتها على هذه التهم، بحسب ما أخبرنا به مديرو بعض المؤسّسات خلال اجتماع معها في مدينة القدس.

زابينه لويتهويزر - شنارينبرغر

حاولنا كذلك استيضاح موقفها عن الخلط بين انتقاد إسرائيل ومعاداة الساميّة الحاصل في ألمانيا، واعتماد التحقيق لتعريف معاداة الساميّة الخاصّ بالتحالف الدوليّ لذكرى المحرقة (IHRA). سألناها كذلك إن كانت على اطّلاع بما يخصّ الاتّهامات الموجّهة إلى زميلها في لجنة التحقيق أحمد منصور بالإسلاموفوبيا، والتي ذكرناها في تحقيقنا، وموقفها منها.

كذلك حاولنا الاستيضاح منها حول دورها في التحقيق، وإن كانت ضمن مؤسسة Mind Prevention التي يديرها أحمد وبياتريس منصور، أم إنّها كانت متعاونة مع المؤسّسة، وذلك بسبب عدم ذكر اسم المؤسّسة في البيان الأوّل الذي نشرته دويتشه فيله حول انطلاق لجنة التحقيق، وإنّما ذُكِر اسم منصور والقاضية، لكن في البيان الثاني المتعلّق بصدور النتائج، ذُكِرت مؤسّسة Mind Prevention على أنّها مشرفة على التحقيق.

لم يصل موقع عرب 48 أيّ ردّ من السيدة زابينه لويتهويزر- شنارينبرغر.

توجّهنا إلى أحمد منصور، عضو لجنة التحقيق الخارجيّة عن دويتشه فيله، وسألناه عن إعلان دويتشه فيله بدايةً إسناد التحقيق إليه وللسيّدة لويتهويزر- شنارينبرغر، ثمّ صدور التقرير الخاصّ لاحقًا باسم مؤسّسة Mind Prevention، والتي يرأس مجلس إدارتها مع زوجته بياتريس. لاحقًا، صدر التقرير الخاصّ باسم مؤسّسة Mind Prevention التي يرأس مجلس إدارتها مع زوجته بياتريس، وقال: "بياتريس منصور تعمل معي في هذا المجال منذ عام 2010، وتشغل منصب المديرة التنفيذيّة لـMind Prevention منذ عام 2017. لقد جرى الاتفاق في العقد على أن تُوكل المهمة لـMind Prevention وليس لي وحدي. قمنا بالمهمّة كفريق، وفي كلّ اجتماع قدّمنا ​​أنفسنا نحن الثلاثة كأشخاص، وشرحنا مهامنا بالتفصيل. شغلت زابينه لويتهويزر- شنارينبرغر منصب وزيرة العدل الاتّحاديّة لمدّة ثماني سنوات، وأولت أهميّة كبيرة للإنصاف والشفافية والقواعد الواضحة، وقمنا بالالتزام بهذه القواعد والتوجيهات في كافّة محادثاتنا/ اجتماعاتنا".

أحمد منصور

وحول المعايير التي اعتُمِدَت في تقييم تصريحات أو أفعال على أنّها معادية للساميّة، أجاب: "استندنا إلى تعريف التحالف الدوليّ لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA)، الذي تعتمد عليه الحكومة الاتّحادية الألمانيّة، وهذا كان مدرجًا في العقد المبرم مع دويتشه فيله".

كذلك توجّهنا إليه بالسؤال عن حقيقة الاحتلال الإسرائيليّ في الضفة الغربيّة والقدس الشرقيّة والجولان، كما تعرّفه الدولة الألمانيّة والمواثيق الدوليّة للأمم المتّحدة، وإن كان يعترف بوجود هذا الاحتلال. قال: "أنا مع حلّ الدولتين، أنتقد سياسة الاستيطان الإسرائيليّة وغيرها من الإجراءات السياسيّة، خاصّة الحكومة الحاليّة".

سألناه أيضًا كيف جرى اعتبار مصطلحات مثل "الاحتلال" و"المحتلون" في التحقيق الذي أجراه لمؤسّسة دويتشه فيله على أنّها معادية للساميّة؟ فقال: "لا أعتبر انتقاد إسرائيل أو الاحتلال الإسرائيليّ معاديًا للساميّة"؛ علمًا أنّه في التحقيق الذي أجراه منصور، ورد مصطلح "احتلال" 6 مرات، "محتلّون" 5 مرات، "سلطة الاحتلال" 5 مرات، "جيش الاحتلال" مرّة واحدة في الصفحات (15، 18، 30، 32، 33، 46، 47، 51، 55)، حيث جرى استخدام المصطلحات في سياق استشهاد لجنة التحقيق ضدّ ضيف الأستوديو في أحد برامج دويتشه فيله العربيّة، بالإضافة إلى ضيفة عبر الأثير لدى قناة دويتشه فيله العربيّة، وكذلك ضدّ تلفزيون "رؤيا"، ووكالة "معًا"، وهيئة الإذاعة والتلفزة الفلسطينيّة، ومؤسسة "بيالارا"، و"راديو نساء"، وتنمية وإعلام المرأة "تام"، ومنصّة كامبجي الإعلاميّة، وعلى وجه التحديد، فقد جرى توجيه النقد والاتهامات لمحطات التلفزة الإعلاميّة (رؤيا، وكالة معًا، وهيئة الإذاعة والتلفزة الفلسطينيّة) لاستخدامهم هذه المصطلحات أو بعضها في تقاريرهم الإخباريّة وبرامجهم الإعلاميّة.

سألناه أيضًا لماذا جرى اعتبار هاشتاغ #أنقذوا_الشيخ _جرّاح بروباغندا فلسطينيّة معادية للساميّة في التحقيق؟ فأجاب: "هذا غير صحيح. هذا التصريح بحدّ ذاته غير معادٍ للساميّة، ولم يتمّ تقييمه على أنّه معادٍ للساميّة. الإشارة إلى هذا التصريح كانت متعلّقة بالمعايير الصحافيّة، أي إذا كان من المسموح لموظّفي دويتشه فيله التعاطف مع قضيّة ما. لكنّ هذا التصريح بحدّ ذاته لم ولن يتمّ تقييمه على أنّه معادٍ للساميّة". يُذكر أنّ هاشتاغ #أنقذوا_الشيخ _جرّاح كان قد ورد في تقرير لجنة التحقيق الذي حمل عنوان "تحقيق خارجيّ في اتّهامات معاداة الساميّة" سبع مرّات في خمسة مواقع مختلفة من التحقيق، وذلك في الصفحات (2، 17، 34، 45، 51).

في الصفحة الثانية، حيث الدليل، خُصِّصَت فقرة من قبل كاتبي التقرير للدلالة على أهميّة هاشتاغ #أنقذوا_ حيّ_الشيخ _جرّاح في التحقيق.

وفي الصفحة 17، ضمن تقييم استخدام الهاشتاغ من قبل حساب برنامج السلطة الخامسة، التابع لقناة دويتشه فيله، في تغريدة على موقع تويتر، يرصد فيها البرنامج أحداث الشيخ جرّاح، ورد حرفيًّا ما يلي: "استخدام هاشتاغ #أنقذوا_حيّ_الشيخ_جرّاح يندرج ضمن بروباغندا فلسطينية ذاتيّة وهو غير مناسب".

أمّا في الصفحة 34 ضمن الاستنتاجات والتوصيات، ورد ما يلي: "3. تمّ ارتكاب أخطاء جسيمة في التقارير، بما في ذلك: (...) المشاركة في حملة #أنقذوا_حيّ_الشيخ _جرّاح… لا يمكن تحديد معاداة ساميّة بشكل منهجيّ في فريق تحرير الشرق الأوسط".

وفي الصفحتين 45 و 51 جرى الاستشهاد ضمن ما ورد من اتّهامات في التقرير ضدّ مؤسّستي بيالارا وتنمية المرأة والإعلام - تام، استخدامهما هاشتاغ #أنقذوا_حيّ_الشيخ _جرّاح في منشورات خاصّة على موقع التواصل الاجتماعيّ فيسبوك.

كذلك توجّهنا بالسؤال لمنصور بعد صدور عدّة أحكام، قضت ببطلان فصل بعض الموظّفين وإعادتهم لوظائفهم في دويتشه فيله ودفع مستحقّاتهم، حيث قامت اللجنة بتقييم منشوراتهم على أنّها معادية للساميّة، واقترحت فصلهم على أثر ذلك، فأجاب: "لم يطالب التقرير بفصل الموظّفين، إنّما قام فقط بتقييم تعليقات الموظّفين على وسائل التواصل الاجتماعيّ. نحن لسنا جزءًا من جلسات المحكمة ولا علاقة لنا بها. لم تتمّ دعوتنا، ولم نقدّم أيّ تقييم، ولا يُسمح لنا بالتعليق على هذا بسبب اتّفاق عدم الإفشاء". علمًا أنّ تقرير لجنة التحقيق في الصفحة التاسعة، خلص إلى أنّ منشورات الموظّفين المتّهمين التي قامت اللجنة بفحصها وفق تعريف التحالف الدوليّ لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) معادية للساميّة، وورد ضمن هذا التقييم: "الإيقافات عن العمل المطبّقة تبدو لنا مبرّرة".

لم يجب منصور عن سؤالنا، إن كان سيتراجع عن التحقيق، ويعتذر للموظفين والمؤسّسات الذين تمّ اتّهامهم في تقرير لجنة التحقيق بمعاداة الساميّة، في حال قامت المحاكم الألمانيّة بالحكم لصالح الموظّفين المفصولين.

ونفى منصور الاتّهامات التي أخبرنا بها أحد الموظّفين الذين تمّ التحقيق معهم، بأنّه قام بطرح أسئلة مثل "كيف تمّ تربيتك من قبل أهلك في ما يتعلّق بإسرائيل؟" و"هل لديك علاقة مع حماس؟"، و"هل تؤمن بوجود إسرائيل؟"، قائلًا: "هذا غير صحيح، كلّ الأسئلة التي طُرِحَت تتعلّق فقط باتّهامات معاداة الساميّة".

أمّا عن عمله سابقًا أو حاليًّا مع مؤسّسات إسرائيليّة وعن طبيعته، فنفى ذلك قائلًا: "أنا عربيّ إسرائيليّ، وعشتُ في إسرائيل حتى بلغت سن الثامنة والعشرين. عملت في إسرائيل في مستشفى وفي بناء الطرق وفي مركز للعملاء وفي شركة اتّصالات. منذ قدمتُ إلى ألمانيا لم أعمل لدى أيّ شركة إسرائيليّة. قمتُ هناك بإلقاء محاضرة في الجامعة لمرّة واحدة فقط حول موضوع الحريّة في العلوم".

توجّهنا إلى معهد مكافحة الإرهاب في جامعة هرتسليا، وهو المعروف بصلاته مع المؤسّسات الأمنيّة الإسرائيليّة، وقمنا بسؤالهم في ما إذا عمل منصور معهم، وما سبب وجود اسمه ضمن طاقم العمل في موقعهم سابقًا، ولماذا تمّت إزالته من الموقع؟ ولم يصلنا أيّ ردّ منهم، وفي حال قاموا لاحقًا بالردّ، سنقوم بنشره. وكذلك الأمر مع المؤسّسة الأوروبيّة للديمقراطيّة، إذ لم نحصل على ردّ منهم يجيب على استفساراتنا في ما يخصّ حذفهم اسم منصور من طاقم المؤسّسة في الموقع.

توجّهنا كذلك إلى دويتشه فيله ومديرها العامّ، بيتر ليمبورغ، بمساءلة صحافيّة، وحصلنا على ردّ من المتحدّث الرسميّ لدويتشه فيله، كريستوف يومبيلت، الذي أكّد لنا تعرّضهم لضغوط إعلاميّة بعد تقرير صحيفة ’زود دويتشه تسايتونغ’ قائلًا: "نعم صحيح. وسائل الإعلام تناولت الموضوع بعد ظهور تقرير في صحيفة يوميّة ألمانيّة. بمجرّد أن أصبحت المزاعم معروفة، كلّفت دويتشه فيله على الفور بإجراء تحقيق خارجي، وتواصلت بشفافيّة حول المسار والنتائج. تمّ الرد على الاستفسارات الصحافيّة وعُقد مؤتمر صحافيّ"، ولم يُجِب عن سؤال تعرضّهم لضغوط سياسيّة، مشيرًا إلى أنّ البوندستاغ (مجلس النوّاب الألمانيّ الاتّحاديّ) لم يلعب أيّ دور، بل إنّ "إدارة دويتشه فيله قرّرت التكليف بالتحقيق بعد أن أصبحت المزاعم معروفة. كان من الواضح لنا أنّ الادّعاءات يجب أن يجري التحقّق منها خارجيًّا".

وحول سؤالنا إن كانت دويتشه فيله قد أبلغت الموظّفين المعنيّين بشكل واضح بأسماء جميع أعضاء لجنة التحقيق وتكليف مؤسسة Mind Prevention بذلك، اكتفى بالقول إنه "قامت دويتشه فيله بتسهيل الاتّصال لإجراء محادثات مباشرة بين الموظّفين الذين جرى تقديم الادّعاءات ضدّهم والمحقّقين الخارجيّين".

أمّا عن اتّهام عدد من الموظفين المفصولين لدويتشه فيله بتشويه سمعتهم بسبب تهم معاداة الساميّة غير الصحيحة بحقّهم، بسبب منشورات سياسيّة عبّروا فيها عن رأيهم، قال: "أدّت التصريحات المعنيّة إلى فتح التحقيق. حسب معلوماتنا، لم يكن هناك خلاف في المحادثات بين الموظّفين والمحقّقين الخارجيّين".

ورفض المتحدّث الإعلاميّ التعقيب على نتائج قرار ثلاث محاكم لصالح موظّفين المفصولين، قائلًا إنه "لا نقوم بالتعليق على الإجراءات القانونيّة". وكانت إجابته هي نفسها عن سؤال إعادة الموظّفين المفصولين للعمل، بعد قرار المحاكم الذي حكم لصالح الموظّفين.

أمّا عن سبب استدعاء موظّفين عرب فقط للتحقيق دون موظّفين من أقسام أخرى في دويتشه فيله، فاكتفى بالقول إنه "قامت دويتشه فيله بمعالجة كافّة الحوادث المعروفة".

وعن البنود الجديدة المتعلّقة بمعاداة الساميّة، والتي وُضِعَت في عقود الشراكات والتعاون مع مؤسّسات عربيّة، قال إنه "تمّ القيام بذلك، ولكنّه لا يؤثّر فقط على الاتّفاقيات مع وسائل الإعلام في العالم العربيّ، وإنّما مع شركاء دويتشه فيله في كافّة المناطق المستهدفة في أنحاء العالم. لقد قدّمنا لهم ’إعلان القِيَم’ الخاصّ بنا للاطّلاع عليه. تشرح دويتشه فيله ما هي القِيَم التي تمثّلها، وما تدعو إليه من خلال محتواها، وتشمل هذه القِيَم التزامنا ضدّ معاداة الساميّة، والقِيَم الأخرى مثل المساواة وتفاهم الشعوب".

كذلك سألنا دويتشه فيله إن كان يُسْمَح للموظفين بنقد الاحتلال الإسرائيليّ، فقال المتحدّث الإعلاميّ: "بالتأكيد، إنّ انتقاد الحكومة الإسرائيليّة مسموح به. جزء من مهمّتنا الصحافيّة هو تقديم التقارير بشكل نزيه ومستقلّ وباهتمام عالٍ، وبالطبع من وجهات نظر متعدّدة. توضّح إرشاداتنا وقواعد الحِياد هذا الأمر لجميع الموظّفين".

كما أكدّ أنّ دويتشه فيله "تستشهد بموقف الحكومة الألمانيّة في ما يتعلّق بالاحتلال الإسرائيليّ، وتوضّح في تقريرها تصنيف الأمم المتّحدة المستوطنات في الضفّة الغربيّة المحتلّة والقدس الشرقيّة على أنّها غير قانونيّة بموجب القانون الدوليّ"، دون تفسير سبب وجود تعليقات في تقرير لجنة التحقيق، تصف استخدام مؤسّسات فلسطينيّة مصطلحات مثل "الاحتلال" و"المحتلون" على أنّها معادية للساميّة.

وفي السياق ذاته، يُذْكَر أن عددًا من الموظفين في دويتشه فيله أبلغونا عن تخوّفات حقيقيّة داخل القسم العربي في التعامل مع القضية الفلسطينيّة أو نقد ممارسات الحكومة الإسرائيليّة، خلال عملهم، أو على حساباتهم الشخصيّة في مواقع التواصل.

أيضًا في السياق ذاته، في ما يخصّ تخوّف الموظّفين من انتقاد إسرائيل، كون القواعد السلوكيّة الجديدة لا تضع خطًّا فاصلًا مع معاداة الساميّة، بحسب ما أُبلِغْنا من قبل أكثر من موظّف، وعن الرقابة الذاتيّة وتجنّب الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعيّ حول فلسطين/ إسرائيل، قال: "هناك العديد من الأماكن التي يمكن للموظّفين اللجوء إليها (يُقصد داخليًّا) إذا شعروا بعدم الأمان أو اليقين. تدعم رئاسة التحرير أقسام التحرير الفرديّة في جميع الموضوعات. نحن نُشير على موظّفينا ضمن إرشادات وسائل التواصل الاجتماعيّ الخاصّة بنا، أنّه يمكن أيضًا أن يُنظر إليهم علنًا كممثّلين لدويتشه فيله في حساباتهم الخاصّة".

وحول دويتشه فيله وتبنّيها للمضمون والتعليقات السياسيّة في تحقيق اللجنة المستقلّة، فقد جاء في تعليقات التحقيق - على سبيل المثال - أنّ "دور النساء في الاحتجاج ضدّ الاحتلال الإسرائيليّ على حدود غزّة، وفي الضفّة الغربيّة بروباغندا فلسطينيّة ومعادية للساميّة". وحول إذا ما كان هاشتاغ #أنقذوا_حيّ_الشيخ_جرّاح "بروباغندا فلسطينيّة ومعاديًا للساميّة"، قال: "أودّ في البداية أن أشير إلى أنّ التقرير صادر عن جهة خارجيّة مستقلّة. عليكم مناقشة هذه التصريحات مع كاتبيها. نحن لا نقوم بتقييمها. الأمثلة التي تذكرونها في سؤالكم لا تتعلّق باتّخاذ مواقف. انتقد تقرير التحقيق الخارجيّ، أنّه كان على دويتشه فيله توفير المزيد من السياق هنا. في الحقيقة نحن نسعى دائمًا لتوفير سياق كافٍ. هذا مهمّ لفهم المحتوى، ويحظى هذا بتقدير متابعينا. كذلك الأمر في ما يتعلّق بحياديّتنا. لذا، فإنّ استخدام الهاشتاغات الخاصّة بالناشطين دون تفسير أو سياق، لا يتوافق مع قواعدنا".

لكن الجدير بالذكر أنّ الحساب الرسميّ لدويتشه فيله على موقع تويتر، نشر في الثالث من مارس/ آذار 2022 تغريدة باللغة الإنجليزيّة قال فيها: "نقف معًا في الأوقات الصعبة: أعرب موظّفو دويتشه فيله عن تضامنهم مع زملائهم العاملين في #أوكرانيا اليوم. تجمّعوا خارج مقرّنا الرئيسيّ في بون. #حريّة_الإعلام" وضمنّها بصور للموظّفين العاملون وهم يحملون لافتات بألوان العلم الأوكرانيّ الأصفر والأزرق كُتب عليها، بالإضافة لشعارات التضامن الواضحة، "نتضامن مع زملائنا في أوكرانيا" باللغتين الإنجليزيّة والأوكرانيّة.

أمّا في ما يخصّ سؤالنا حول توقّف شراكات مع مؤسّسات عربيّة وفلسطينيّة ذُكِرَت في التحقيق، واتُّهِمَت بمعاداة الساميّة، قال: "نحن في حوار مكثّف مع الشركاء والموزّعين. نحن لا نعلّق علنًا ​​على هذا التبادل" وقدّم الإجابة نفسها عن سؤالنا إن كانت دويتشه فيله قد قدّمت اعتذارًا رسميًّا للمؤسّسات عمّا ورد في التحقيق، وهل هم على استعداد لنشره علنًا.

حصلنا في موقع عرب 48على رسالة رسميّة صادرة من دويتشه فيله، موجّهة لمؤسّسات شريكة مع أكاديميّة دويتشه فيله، بصيغة اعتذاريّة عن "أيّ ضرر للمؤسّسة أو أفراد الفريق بسبب الاتّهامات بمعاداة الساميّة التي ذُكِرت في تحقيق دويتشه فيله". وأكدّت الرسالة على عدم وجود معاداة للساميّة للمؤسّسات المُرسل لها هذه الرسالة، بخلاف ما جاء في تقرير لجنة التحقيق.

رسالة دويشته فيله الموجّهة للمؤسّسات الشريكة

وفي ما يخصّ تعديل النصوص في بعض الموادّ المنشورة على موقع دويتشه فيله المتعلّقة بالقضيّة الفلسطينيّة مثل (هذه المادّة التي تتحدّث عن مسيرات العودة في غزّة، والتي جرى تعديلها بتاريخ 18/12/2021، أي خلال الفترة التي كانت تعمل بها لجنة التحقيق، على الرّغم من أنّ اقتراح التغيير هذا كان بالضبط كما هو مقترح في تقرير التحقيق في 02/07/2022)، قال: "قُمنا بفحص جميع التقارير في أثناء التحقيق، وقمنا على الفور بتصحيح الأخطاء الفرديّة، أو عدم الدقّة التي وجدناها في بعض النصوص. لن يكون انتظار انتهاء التحقيق مهنيًّا من الناحية الصحافيّة. تقرير التحقيق أكّد صحّة التصحيحات".

وعن تعديل مصطلحات في مادّة منشورة بالألمانيّة عن النكبة الفلسطينيّة، قال: "جرى تصحيح هذا النصّ أيضًا في أثناء التحقيق. نكتب في نهاية المقالة بوضوح وشفافيّة سبب تعديل النصّ، كما نفعل دائمًا في مثل هذه الحالات. نحن لا ننكر تهجير الفلسطينيّين، كما أنّ المقالة التي تربطها في سؤالك تُشِير إلى هذه الحقيقة". جدير بالذكر أنّه تمّ حذف مصطلح "تهجير" من كامل النصّ واستبداله بكلمات مثل "هروب" أو "خسارة الوطن والممتلكات".

لم يُجِب المتحدّث الإعلاميّ عن سؤالنا حول العلاقة بين افتتاح مكتب لدويتشه فيله في إسرائيل مع قضايا تتعلّق بمعاداة الساميّة وفصل موظّفين عن العمل، حيث افتُتِح في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2022 في القدس (الغربيّة) ، مكتب جديد لدويتشه فيله، حضر افتتاحه المدير العامّ ومسؤولون من دويتشه فيله، واكتفى بإحالتنا إلى البيان الصحافيّ بشأن افتتاح المكتب، والذي جاء فيه على لسان المدير العامّ بيتر ليمبورغ، أنّ هذه الخطوة "تأتي في سياق معالجة قضايا معاداة الساميّة، وضمن تنفيذ خطّة النقاط العشر المقدّمة في ربيع 2022"، وهي الخطّة التي أعلنت عنها دويتشه فيله في أعقاب نشر تقرير لجنة التحقيق الخارجيّة. واعتبر ليمبورغ أن توسيع مكتب دويتشه فيله في إسرائيل "نقطة واحدة من النقاط التي نريد أن نتناولها من أجل أن نكون في وضع أفضل بشأن هذا الموضوع في المستقبل (يقصد معالجة معاداة الساميّة)، وأيضًا لفعل الأشياء بشكل مختلف عن السابق". ولم يُفهم من البيان أو من المتحدّث الإعلاميّ بشكل واضح كيف سيكون ذلك، أو علاقة هذا الأمر مع قضيّة فصل الموظّفين.

عقب صدور قرار محكمة العمل في بون في السابع من يوليو/ تمّوز 2022 ببطلان فصل مرام سالم من عملها في دويتشه فيله، قامت سالم بالمشاركة مع محاميها أحمد عابد بصياغة بيان يوضّحان فيه قرار المحكمة، ونُشر على مواقع التواصل الاجتماعيّ، حيث لاقى تفاعلًا كبيرًا، وأعلنا فيه بإيجاز حيثيّات قرار محكمة العمل ببطلان قرار الفصل بحقّ سالم من وظيفتها في المحطّة الألمانية، ومما جاء فيه: "قالت المحكمة في الجلسة، إنّ المنشورات التي اتُهِمَت بها على فيسبوك ليست معادية للساميّة، وإنّ الفصل كان غير قانونيّ"، وطالب البيان دويتشه فيله بتحمّل المسؤوليّة والاعتذار علنًا لسالم والتراجع عن الاتّهامات الموجّهة ضدّها، والتوقّف عن محاولات فصل الموظّفين الفلسطينيّين، لمجرّد حديثهم حول انتهاكات حقوق الإنسان الإسرائيليّة بحق الفلسطينيّين، وتابع "نتيجة المحقّقين أحمد منصور، زابينه لويتهويزر - شنارينبرغر وبياتريس منصور، أن سالم كتبت منشورات معادية للساميّة على فيسبوك، وقامت المحكمة بتقييمها على أنّها خاطئة".

بيان مرام سالم والمحامي أحمد عابد فيما يخصّ قرار محكمة العمل ببطلان فصلها

حاولنا في فريق عمل تحقيق موقع عرب 48 الحصول على تعليق رسميّ من قِبَل دويتشه فيله على قرارات المحاكم الألمانيّة ببطلان فصل بعض الموظّفين، لكنّ المتحدث الإعلاميّ الرسميّ للقناة، كريستوف يومبيلت، رفض ذلك قائلًا: "لا نقوم بالتعليق على الإجراءات القانونيّة".

ولكنّنا استطعنا الحصول على تعميم داخليّ في دويتشه فيله، توجّهت فيه الإدارة إلى موظّفيها تحديدًا، في ما يخصّ قرار محكمة العمل في بون، في قضيّة فصل مرام سالم دون ذكر اسمها، لكنّها كانت الموظفة الوحيدة التي قامت برفع قضيّتها ضدّ دويتشه فيله أمام محكمة العمل في بون.

وورد في هذا التعميم الداخليّ الآتي:

"قامت محكمة العمل في بون، يوم الأربعاء الماضي، من خلال جلسات قضائيّة في ما يخصّ حماية فصل موظّفة سابقة من عملها في دويتشه فيله، بإصدار قرار قضائيّ. بعد الاطّلاع على منشورات وسائل التواصل الاجتماعيّ، والتي فُهِمَت من قِبَل دويتشه فيله أنّها معادية للساميّة بعد نتائج تحقيق مستقلّ، قامت دويتشه فيله بفصل الموظّفة.

قامت الموظّفة باتّخاذ الإجراءات القانونيّة ضدّ قرار الفصل.

على عكس ما تمّ تداوله في بعض وسائل الإعلام - وقبل كلّ شيء في شبكات التواصل الاجتماعيّ - لم تصرّح المحكمة بوضوح حول ما إذا كانت الموظّفة قد أدلَت بتعليقات معادية للساميّة أو ناقدة لإسرائيل. اكتفت المحكمة بالقول إنّ ’سببًا مهمًّا لفصل استثنائيّ دون سابق إنذار’ هو أمرٌ مشكوكٌ فيه.

بشكل عامّ، قامت المحكمة برفض ثلاث من إجمالي أربع نقاط من الدعوى المرفوعة. التبرير الكتابيّ غير متوفّر لأي جهة بعد. الحكم القضائي ليس ملزمًا بشكل قانونيّ بعد.

لأسباب تتعلّق بحماية الخصوصيّة، لا تقوم دويتشه فيله عادةً بالتعليق على الحالات الفرديّة. مع ذلك، وبسبب العرض الموجز والمضلّل للحادثة في وسائل الإعلام، تودّ دويتشه فيله تصحيح ذلك".

صورة عن التعميم الداخليّ لإدارة دويتشه فيله لموظّفيها

قمنا بالتواصل مع المحامي أحمد عابد، الموكّل من قبل مرام سالم، والذي قال إنّ محكمة العمل في بون "أكّدت صراحةً عدّة مرّات خلال جلسة الاستماع في 6 تمّوز/ يوليو 2022، أنّ مرام سالم لم تقم بالإدلاء بأيّ تصريحات معادية للساميّة. وأقرّت المحكمة عدم صلاحية فصلها من عملها".

جدير بالذكر أيضًا، أنّ دويتشه فيله لم تقم بالاستئناف ضد القرار القضائي لمحكمة العمل في بون ببطلان فصلها من عملها.

  1. تحقيق خاصّ | دويتشه فيله ومعاداة الساميّة... لجنة تحقيق منحازة لإسرائيل

    تحقيق خاصّ | دويتشه فيله ومعاداة الساميّة... لجنة تحقيق منحازة لإسرائيل

    تحقيق صحافيّ لموقع عرب 48 يستقصي قضيّة دويتشه فيله ولجنة "التحقيق" وفصل موظّفين من القسم العربيّ بتهم «معاداة الساميّة». التحقيق الذي جرى العمل عليه لأكثر من سنة، يستعرض الأسس التي اعتمدت عليها التُّهم الموجّهة للموظّفين، ويغوص في كواليس القضيّة. 19/03/2023
  2. الموظّفون

    الموظّفون

    في هذا الجزء من التحقيق، نحاور بعض الموظّفين والعاملين المفصولين من القسم العربيّ في دويتشه فيله، للاطّلاع على وجهة نظرهم والاستماع إلى أقوالهم فيما يخصّ القضيّة التي أثارت العديد من ردود الفعل في ألمانيا والعالم العربيّ 19/03/2023
  3. المؤسّسات

    المؤسّسات

    نستقصي في هذا الملفّ القضيّة المتعلّقة بالشراكة بين دويتشه فيله ومؤسّسات فلسطينيّة وعربيّة، بعد اتّهام هذه المؤسّسات بـ"معاداة الساميّة"، بحسب ادّعاءات لجنة دويتشه فيله. 19/03/2023
  4. تقييم التحقيق

    تقييم التحقيق

    يقيّم الخبير والأكاديميّ موشيه تسوكرمان "تقرير لجنة التحقيق المستقلّة في اتّهامات معاداة الساميّة" في دويتشه فيله، ونفحص مدى مصداقيّة اللجنة في توجيه تهم معاداة الساميّة للموظّفين المفصولين. 19/03/2023
  5. لجنة التحقيق

    لجنة التحقيق

    هذا الجزء من التحقيق يراجع مواقف وعلاقات أعضاء لجنة التحقيق الخارجيّة المكلّفة من قبل دويتشه فيله، والتي جرى التحقيق فيها مع موظّفين في القسم العربيّ بتهم تتعلّق بـ"معاداة الساميّة". 19/03/2023
  6. خلاصة التحقيق

    خلاصة التحقيق

    يستعرض عرب 48 في الجزء الأخير خلاصة التحقيق الذي أجراه حول قضيّة فصل الموظّفين العرب من دويتشه فيله، بالإضافة إلى الطريقة التي جرى فيها التحقيق من الموظّفين بتهم معاداة الساميّة. 19/03/2023

التعليقات