مقدّمة المترجم
يتناول كاتب المقال، شاؤول أوسترليتز، علاقة هوليوود بالحركة الصهيونية وإسرائيل منذ تأسيسها حتى الوقت الحاضر، عبر تلخيصٍ وتحليلٍ لكتاب «تاريخ هوليوود وإسرائيل» أو «Hollywood and Israel: A History» من تأليف توني شو وجيورا غودمان. وقد يبدو المقال المنشور على موقع فورين بوليسي مقالًا وصفيًا، إلا أنه مكتوب بنبرة حزن وأسىً تنحاز إلى دولة الاستعمار الاستيطاني وتأسف على توتر العلاقة (العاطفية) بين الطرفين.
يتبنى المقال (عن قصدٍ أو دون قصدٍ) لغة توراتية في طريقة سردهِ للأحداث، خصوصًا أنه يتناول أفلامًا وأعمالاً وأسماء صهيونية يهودية بالمقام الأول، وذلك إلى جانب استخدامه لتعبيرات ونكت توراتية (وإنجيلية) في سياق حديث عن العلاقة بين هوليوود وإسرائيل، وقد تبدو هذه التعبيرات مُعلمنة أحيانًا، إلا أنها لا تفقد ارتباطها الديني، خصوصًا أنها تفقد معناها خارج سياقها المسيحي/ اليهودي، وتصير ضمن «المُتعذر ترجمته».
وفي تناوله للأمور ذات العلاقة بفلسطين والفلسطينيين، فهو يلجأ أحيانًا إلى صيغة المجهول عند ذكره لتهجير القرى الفلسطينية وتدميرها والمجازر المصاحبة لها عندما يكون الحديث عن قضايًا تسبق قيام دولة إسرائيل (1948). كما أنه وفي سياق حديثه عن افتقار الفلسطينيين للحقوق الأساسية، فهو يتبنى لغة قمعية قائمة على الحذف والإخفاء بجعله الفلسطينيين «أقلية» وأنهم موجودون فقط داخل حدود الدولة العبرية، وأنهم يعانون هناك في الحصول على حقوق متساوية، عوضا عن كونها قضية استعمار استيطاني. تعمل هذه اللغة على تقويض تمثيل الفلسطينيين، وتُلغي وجودهم داخل اللغة نفسها بما أنهم موجودون في الضفة الغربية وقطاع غزّة والشتات وأراضي 48، وتخفي حقيقة نضالهم ورغبتهم في التحرر الوطني.
يستمر هذا القمع اللغويّ في غياب كلمة فلسطين في المقالة إلا إذا كان الحديث عن الهجرة اليهودية إلى «فلسطين الانتدابية» قبل قيام دولة إسرائيل (ذُكرت مرة واحدة)، وبعدها يصير الحديث فقط عن «الفلسطينيين» (ذكرت 5 مرات)، ويعمل هذا الحذف على تعزيز الصُورة الإسرائيلية التي روَّجت لها الهسبرا الصهيونية الإسرائيلية في أنهم وجدوا في فلسطين أرضًا بلا شعب، وبعد وصولهم إليها انتفى عنها اسمها وصارت «إسرائيل» (ذُكرت 55 مرَّة) أرضًا للإسرائيليين (ذُكرت 17 مرَّة).
كما أن الكاتب، وحين يصف التوتر الذي وقع بين إسرائيل وهوليوود (وأميركا من بعدها)، فهو لا يتحدث عن أفعال الدّولة المُجرمة بحد ذاتها بقدر ما يتحدث عن فشلها في جهود الهسبرا الإعلامية، وفي تغطيتها لهذه الجرائم، ملقيًا باللوم على رئيس الحكومة الإسرائيلي اليميني بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب، لأنهما صعَّبا العملية، وأنهما بأفعالهما أحرجا إسرائيل، ووضعاها في موقف الطرف الذي يرفض الحوار مع الفلسطينيين وأنهما لا يرغبان في السَّلام.
ويعمل الكاتب على قرن أميركا وإسرائيل معًا على أنهما ديمقراطيات متساوية، وأن المشاكل التي تواجههما الآن مرتبطة بأزمة الديمقراطية؛ نظرًا لظهور اليمين فيهما، إلى جانب اليمين العالميّ، وأن إسرائيل مثل أميركا، لها مُثل عُليا (صهيونية) قائمة على حماية يهود العالم والدّفاع عن البشر في العالم الحر ضد الإرهاب، وأن ما تفعله من مجازر وهدم، وأنّ ما ترتكبه من تطهير عرقي بحق الفلسطينيين ليس إلا استثناءً وانحرافًا عن تلك القيم، عوضا عن توصيفها على أنها جُهد منهجي ومؤسسّي ومقصود وجزء بنيوي في تشكيل الحركة الصهيونية قبل النكبة ودولة الاستعمار الاستيطاني حتى هذه اللحظة. وهذا التناول الإشكالي في قرن أميركا وإسرائيل معًا، في أن مشكلتهما فقط في اليمين، يتغافل عن المشاكل البنيوية في النظام الأميركي نفسه، وفي تعامله مع فئات مُجتمعهِ غير البيض، على مستويات مُختلفة مثل التعليم والرعاية الصحية والوصول إلى الفرص والقضاء وغيرها.
أعي تمامًا أن هذه المقالة لم تكن موجهة لقارئ عربي أو فلسطينيّ، ولا أطلب من المؤلّف أن يكون مُنحازًا للرواية الفلسطينية، بل أتناول هذه الإشكاليات في طريقة عرض المقالة لما فيها من محتوى يؤكد وجود علاقة توتر حقيقية بين الهسبرا الصهيونية والرأي العام الدولي، وأني بترجمة هذه المقالة (كما هي دون تعديل) أضعها في سياقها لقارئٍ فلسطيني وعربيّ.
(مُلاحظة: هوامش المقالة جميعها من المُترجم)
نُشر في عام 1947 إعلان على طول صفحة كاملة في النشرة التجارية الخاصة بصناعة الأفلام الأميركية، والتي صارت مجلة «Variety» حاليًا، وأشاد الإعلان بجهود الرئيس الأميركي آنذاك هاري ترومان لتشجيعه الحكومة البريطانية على قبول الهجرة اليهودية المتزايدة إلى فلسطين. ووقّع على الإعلان وقتها عددٌ من الشخصيات البارزة في هوليوود مثل المُغنِّي فرانك سيناترا والممثل إدوارد ج. روبنسون[5] والمخرج ويليام وايلر[6]، الذي حاز فيلمه عن المحاربين العائدين من الحروب «أجمل سنوات العُمر The Best Years of Our Lives» (1946)[7] جائزة الأوسكار لأفضل فيلم. وكانت مسألة «هل اليهود الأوروبيون مهاجرون؟» قضية تشغل الرأي العام إلى جانب أنها كانت مسألة شخصية للغاية للعديد من الموقِّعين.
قضى المخرج جورج ستيفنز (مُخرج وقت الميل Swing Time 1936) سنوات الحرب رئيسًا لطاقم الفيلم الوثائقي التابع لفيلق الإشارة بالجيش الأميركي، حيث صوَّر عملية تحرير داخاو[8] والعدد الكبير للقتلى المتروكين هناك، وكان الكاتب والمخرج بيلي وايلدر (مُخرج البعض يُحبَّون الإثارة Some Like It Hot 1959) قد فر من برلين قبل تمكَّن النازيين منه، تاركًا والدته وزوج والدته وجدته هناك، حيث قُتلوا جميعًا في معسكرات الاعتقال. دعم الموقَّعون الحركة الصهيونية بعد الحرب العالمية الثاني حيرة منهم وتفكيرًا في سؤال عمَّن كان سيبقى على قيد الحياة، ويهرب من جحيم أوروبا بوجود وطن قوميٍ لليهود.
تلا إدوارد روبنسون، في العام التالي، وبعد قيام دولة إسرائيل، إعلان استقلالها في تجمع حاشد في مدرَّج بهوليوود، بما في ذلك دعوة الإعلان الصريحة إلى «المساواة الاجتماعية والسياسية الكاملة للجميع مواطنيها دون تمييز؛ بسبب العرق أو العقيدة أو الجنس».
ترجع صناعة هوليوود بجذورها، مثل إسرائيل، إلى الجهود البطولية لمجموعة صغيرة من اليهود المهاجرين من أوروبا الشرقية الذين اعتقدوا أنهم يفرضون إرادتهم على منطقة قاحلة، إلا أنهم كانوا ينكرون ذواتهم في أغلب الأحيان. (لاحظوا الإشارة إلى النكتة التي تقول إن موسى أراد من الله أن يعطيه كاليفورنيا موطنًا له، إلا أنه لم يأخذ منها إلا الحرف الأول حينما أُعطي أرض كنعان بدلاً منها)[9].
كانت دولة إسرائيل على مدى السنوات الـ 75 الماضية منخرطة في جهد يسميه الإسرائيليون بالـهسبراة[10]، والتي تعني ترجمتها الحرفية من العبرية «التوضيح/الشرح/التفسير»، وكان جهد الدولة، كما وثَّقه المؤلفان توني شو وجيورا غودمان في كتابهما الجديد والممتع «تاريخ هوليوود وإسرائيل»، يتألف غالبًا من محاولات ذات دوافع سياسية لترجمة التجربة الإسرائيلية إلى مصطلحات يسهل فهمها خارج حدود إسرائيل، فضلاً عن كونها تروج لإسرائيل بطريقة غير رسمية على أنها دولة تعي مكانتها وقيمتها في المنطقة.
يحاجّ شاو وغودمان بأن «هوليوود كانت دائمًا جزءًا محوريًا في استراتيجية «الهسبراة» الإسرائيلية، سواء على الشاشة أو حواليها». ركزت جهود الهسبراة حول أخذ التجربة الأجنبية الأساسية للحياة الإسرائيلية، التي تتكوَّن من أجزاء متساوية من اليوتوبيا الاشتراكية والفانتازيا الميتيلوروبية[11] لما له علاقة بالشرق الغامض والواقعية العسكرية الصلبة، واستغلالها للترويج لرسالة أن الإسرائيليين هم أبناء عمومة للأميركيين وأنهم مثلهم يحبون الحرية، وأنهم يعملون أيضًا على بناء ديمقراطية متعددة الأعراق، وأنهم حماة اليهود في عالم ما بعد الهولوكوست والمدافعون عن الإنسانية ضد جحافل الإرهابيين، أو أي شعار آخر قد يدفع الأثرياء وذوي النفوذ الأميركيين للنشاط السياسي أو للدعم المادي لإسرائيل. وأدت الروابط العميقة بين إسرائيل وصناعة السينما الأميركية إلى دعم شخصيات بارزة في هوليوود لإسرائيل باستخدام شهرتهم وقدرتهم على التأثير في الناس، وكان بين هؤلاء المؤلف ليون يوريس (الذي سمح للمسؤولين الإسرائيليين بإجراء تعديلات مسبقة على روايته Exodus قبل نشرها) والممثل كيرك دوغلاس[12]، الذي «عمل عن كثب مع مسؤولي الهسبراة لإقناع وسائل الإعلام الدولية بأن الغزو الإسرائيلي للبنان كان ضروريًا في عام 1982»، والممثلة إليزابيث تايلور.
تواجدت القصص اليهودية في هوليوود في الفجوة بين حقيقة أصحاب صناعة الأفلام وبين الصورة التي كانوا يرنون إلى تصديرها عن أنفسهم، حيث وبالنسبة لأباطرة الاستوديوهات، جاء دعمهم المتأخر لإسرائيل نتيجة لفشلهم شبه الكامل في تناول قضية التضحية بيهود أوروبا في أثناء الحرب.
لم تصنع الاستوديوهات، باستثناء وارنر براذرز، أفلامًا قبل الهجوم على بيرل هاربر[13] لتشير إلى التهديد النازي، وحتى عندما صنعوها، أدانت تلك الأفلام بطريقة ما النازية دون استخدام كلمة «يهودي». واستمر الأمر حتى عام 1947، أي بعد عامين من تحرير أوشفيتز، أنتجت صناعة السينما الأميركية أول أفلامها حول أهوال معاداة السامية «اتفاقية الشرف Gentleman's Agreement»، من إخراج إيليا كازان، وحائز على جائزة أفضل فيلم في ذلك العام، حيث حاول غريغوري بيك (الأنغلوسكسوني البروتستانتي الأبيض) تأدية دور صحفيٍ يحاول أن يبدو يهوديًا وتركز موضوعه عن التمييز في فندق فخم. لم تكن القضية الصهيونية وقتها على رادار هوليود.
صارت إسرائيل بعدها موضوعًا ووجهة جذابة لإنتاجات الاستوديوهات، لا سيما في الخمسينيات من القرن الماضي، عندما أدى ظهور التلفزيون إلى ازدهار قصير في أساليب الترفيه التوراتية. حتى في تلك المرحلة الأولى من تحولها إلى دولة شركات ناشئة ورأسمالية مفرطة، كان لدى إسرائيل عدد كبير جدًا من أبراج الكهرباء وأسلاك الهاتف تمنعها من تصدير نفسها على أنها أرضٌ إنجيلية بسهولة.
كانت الهسبراة تعني أحيانًا التغاضي عن قسوة ومدى شرّ فعل اليوم لرواية قصص الماضي، ومثال ذلك كيفية استفادة إنتاج فيلم «سالومي Salome» (1953) من حظر التجول الليلي المفروض على مدينة الناصرة العربية، والذي كان يُفرض رأسًا من أجل التصوير. وبالمثل، فيلم «لاعب الخفة The Juggler» (1953) من بطولة كيرك دوغلاس حيث أدَّى دور أحد الناجين من المحرقة، والذي صُوِّر جزئيًا في قرية إقرت[14]، حيث طُرد السكان العرب قبل التصوير بخمس سنوات فقط، كما دمر الجيش الإسرائيلي منازلهم قبل التصوير بعام. قال المُخرج إدوارد دميتريك إن «بناء قرية عربية مدمرة مثل إقرت سيكلف ربع مليون دولار»، إلا أن حدثًا تاريخيًا مأساويًا كان قد وقع وأُجبر كثير من الناس على ترك بيوتهم ليتمكن المنتجون من التصوير في موقعٍ رخيص نسبيًا.
أشار شو وغودمان إلى صورة الممثل الجميل ذي العيون الزرقاء بول نيومان وهو يخرج بلا قميص من البحر في الفيلم المقتبس عن رواية الخروج Exodus مرتديًا «عِقْد نجمة داوود المتلألئ على صدره»، باعتبارها لحظة فارقة في أيقونية الحياة اليهودية في فترة ما بعد الحرب. وكان يُفترض لشخصية نيومان المثالية الصهيونية أن تُمثل نموذجًا مثاليًا للشمولية متعددة الأعراق لإسرائيل، والتي وصلت إلى أوجها في عصر ما قبل حرب الأيام الستة[15]. ويشير كتاب «تاريخ هوليوود وإسرائيل»، إلى أن هذا الفيلم أراد إيصال رسالة مفادها أنه «بدلاً من اختيار طريق المنفى المرهق، يطلب بِن كنعان[16] من العرب البقاء في منازلهم وأن يصبحوا جزءًا متساويًا من الدولة اليهودية». أرادت إسرائيل أن تُصوَّر من خلال أفلام السينما الساحرة على أنها أرض المحاربين العظام مفتولي العضلات اللامعة، وقد صدَّر هذا الفيلم صورة مَهيبة لإسرائيل في المخيلة الأميركية.
يرى شو وغودمان أن حرب الأيام الستة، بمخاوفها المروعة المؤدية إلى الانتصار البهيج، قد مثلت لحظة زهو للفخر الصهيوني في هوليوود. ظهر الممثل الكوميدي ميلتون بيرل في تجمع لدعم إسرائيل في يونيو 1967، مطالبًا بإسرائيل لأن تكون خليفة وطنية للولايات المتحدة: «إسرائيل في نفس موقف الولايات المتحدة في حرب 1812 [...] تقاتل من أجل الديمقراطية». يحاجّ شاو وغودمان: «بالنظر إلى الماضي فإن العقد ونصف العقد بين حرب عام 1967 واتفاقية السلام التاريخية بين إسرائيل ومصر التي دخلت حيز التنفيذ في أوائل الثمانينيات، قد شكَّلت عصرًا ذهبيًا في التعاطف الأميركي، وخاصة اليهودي الأميركي مع إسرائيل».
يوثق كتاب «تاريخ هوليوود وإسرائيل» المبحوث بعمق والمكتوب بعناية، القدرة الواسعة والعبثية أحيانًا لأذرع كاليفورنيا وتأثيرها. أقام الممثل نيومان صداقة مع الرئيس الإسرائيلي المستقبلي عيزر فايتسمان[18] خلال تصوير فيلم الخروج Exodus. جمعت الممثلة تايلور والممثل ريتشارد بيرتون ما يقرب من مليون دولار لإسرائيل بعد حرب الأيام الستة «في عشاء للنجوم في مقهى رويال بلندن». وفي أعقاب عملية عنتيبي[19] عام 1976، أرسل مدير الاستوديو لو واسرمان برقية مباشرة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين[20] للتفاوض على حقوق الفيلم الحصرية للقصة. إلا أن شركة أخرى، ميرف غريفين إنتربرايزس، «افترضت أن لديها الأسبقية في أخذ حقوق عنتيبي لأن رئيسها، موراي شفارتس، كان بالفعل من بين الرهائن».
خصصت الجامعة العبرية في القدس في عام 1978 مركز فرانك سيناترا الدولي للطلاب، الذي دفع ثمنه المغني الأسطوري والنجم الحائز جائزة الأوسكار عن فيلم «من هنا إلى الخلود From Here to Eternity» (1953). ووفقًا لقصة غير موثَّقة أو غير مؤكَّدة، فإن رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت كان هو من أسمى فيلم «پريتي وومان Pretty Woman» (1990) وذلك بفضل علاقته بمنتج الفيلم أرنون ميلشان[21]. بالإضافة إلى إنتاج «پريتي وومان»، لاحظ المؤلفان، أن ميلشان كان قد أشرف أيضًا على «حملة دعائية» نيابة عن حكومة جنوب إفريقيا في عهد الفصل العنصري، وأنه «اشترى أسلحة وعمل سراً لصالح منظمة استخبارات إسرائيلية سرية مسؤولة عن توفير التكنولوجيا والمواد الأساسية لبرنامج إسرائيل النووي».
بدأ العمه الأخلاقي الذي سمح للأفلام ذات الميزانيات الكبيرة بالتصوير على أنقاض القرى العربية بالتلاشي مع حرب لبنان عام 1982 ومذبحة صبرا وشاتيلا، كما ساعدت المجزرة في إلهام الفيلم المقتبس عن رواية المؤلف جون لو كاريه «فتاة الطبال الصغيرة The Little Drummer Girl» (1984)[22]، حيث قال لو كاريه عن غزو لبنان أن «من المفارقات الأكثر وحشية أن [رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن] وجنرالاته يُلحقون الوحشية التي أُلحقت بهم قبل فترة وجيزة بشعب آخر وبمعايير مُشينة».
كان الحل، كما هو الحال دائمًا، المزيد من الهسبراة. كتب شو وغودمان يلخصان رد أحد المطلعين في هوليوود بعد أحداث 11 سبتمبر: «كانت إسرائيل مخطئة لفشلها في إيصال رسالتها ... ولأنها واصلت تصوير نفسها في شخصية جالوت بينما كانت في واقع الأمر داوودًا على طول الطّريق»[23]. انتهى عصر الإنتاج الأميركي، من الناحية السينمائية، في إسرائيل ليفتح طريقًا جديدًا من الإنتاج الإسرائيلي في لوس أنجلوس، على يد أقطاب الصناعة الإسرائيليين، مثل صانع الأسلحة الذي صار منتجًا أرنون ميلشان وسيد التفاهة[24] مناحيم غولان[25]، مما بدأ عصرًا جديدًا يصير فيه التلفزيون الإسرائيل مزرعة أفكارٍ لأعمال يُعاد إنتاجها للتلفزيون الأميركي، وقد حصل ذلك مع مُسلسلات من قبيل «أرض الوطن Homeland»[26] ومسلسل «تحت المعالجة In Treatment»[27] بالإضافة إلى المسلسلات الإسرائيلية الشهيرة مثل مُسلسل «فوضى Fauda»[28] ومُسلسل «آل شتيسيل Shtisel»[29].
أثبت كتاب «تاريخ هوليوود وإسرائيل» بشكل قاطع، أن القصص الإسرائيلية تمثل مواضيع مُربحة ومثيرة على الساحة الدولية، لكن عصر الهسبراة قد انتهى، وصارًا محكومًا بالموت نظرًا لفشل عملية أوسلو للسلام وظهور تيار إسرائيلي محافظ غاضب لا يريد الحوار مع الفلسطينيين. لا أحد اليوم يستطيع قراءة نص روبنسون من إعلان الاستقلال حول «المساواة الاجتماعية والسياسية الكاملة لجميع مواطنيها» دون الشعور غريزيًا بزيف هذه الادعاءات لافتقار ملايين الفلسطينيين إلى أي شكل من أشكال المساواة في الحقوق.
«لقطة ثابتة من فيلم عمر الذي رشح لجائزة الأوسكار».
ديمقراطية إسرائيل، مثلها مثل ديمقراطية الولايات المتحدة، معيبة للغاية، ومهددة بفعل قوى داخلية نافذة فقدت الثقة في الحكم الديمقراطي. لكن الطرق التي تقصر بها إسرائيل معاملتها الوحشية على الأقلية الفلسطينية، وارتياحها في منح الجنسية الكاملة لبعض سكانها، ولكن ليس كلهم، لهي إخفاقات لا يمكن لأي قدر من «التفسير» أو لأي فيلم ناجح أن يحلّها أو يقوّمها أو يخفيها، حتى لو كان من مستوى أفلام «ميونخ Munich» (2005) من إخراج ستيفن سبيلبرغ (والذي حاول التعامل مع تعقيدات اللغز الأمني لإسرائيل).
يتعرض المدافعون عن المُثل الصهيونية العُليا، التي أنقذت وحمت ملايين اليهود من الإرهاب والموت، اليوم لضغوط شديدة ليقولوا إن إسرائيل ديموقراطية مزدهرة، ولن يكون أي ظهور لغال غادوت Gal Gadot كافيًا للتغلب على وضع إسرائيل المتدهور بعد عقد من حكم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو.
يرسم المرشحون الجدد لجوائز الأوسكار مثل فيلم «الحارسون The Gatekeepers»[30] وفيلم «خمس كاميرات مُحطمة5 Broken Cameras»[31] وفيلم «عمر Omar»[32] صورة مختلفة عن إسرائيل، غير تلك التي رسمها فيلم الخروج Exodus في الماضي، وبينما لا تزال هوليوود مؤيدة لإسرائيل، فقد تغيرت طبيعة هذه المودة، وخفَّت بسبب نتنياهو والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. يُحاجّ شو وغودمان «الأمر ببساطة: لم تعد هوليوود مُعجبة بإسرائيل في سبعينياتها بقدر ما أحبتها في ثلاثينياتها».
وما ينطبق على هوليوود، ينطبق على أميركا.
إحالات:
[1] ممثل ومخرج أميركي يهودي (1925 - 2008) حاز على جائزة الأوسكار كأفضل مثل عن دورهِ في فيلم لون المال عام 1986.
[2] فيلم تاريخي درامي أميركي يتحدث عن قيام دولة إسرائيل، ويًصنّف على أنه «ملحمة صهيونية» في طريقة تصويره المُتأثرة بالمشاعر والعقيدة الصهيونية. صُوِّر الفيلم في فلسطين وقبرص.
[3] فيلم مبني على رواية «الخروج» المنشورة عام 1947، وهي رواية تاريخية تتحدث عن قيام دولة إسرائيل ابتداءً من رحلات الهجرة البحرية في سفينة «الخروج»، وهي سفينة بخارية بُنيت في الولايات المُتحدة الأميركية، وأفرزت في عام 1947 لتشارك في عليا بِت ونقلت 4515 مهاجرًا يهوديًا غير شرعيٍ إلى فلسطين، ويُطلق اسم عليا بت رمزيًا على هجرة اليهود غير الشرعية إلى فلسطين في الأعوام بين (1934 - 1948) بما يُخالف قيود الكتاب الأبيض البريطاني، وتُميز عن عليا ألف، والتي تعبر عن الهجرة اليهودية التي سمحت بها السلطات البريطانية في الفترة نفسها. يجدر الذكر أن القوات البحرية البريطانية أوقفت سفينة الخروج في عرض البحر وقادتها إلى ميناء حيفا، ثُمَ إلى فرنسا، ثم إلى منطقة في ألمانيا تحت السيطرة البريطانية وأنزلت المهاجرين في مخيمات مُتعددة هُناك، ولكن وبحلول شهر أبريل من عام 1948 كان أكثر من ثلثيّ المهاجرين قد هربوا إلى مناطق تحكمها الولايات المُتحدة ثم أكملوا رحلتهم على فلسطين من جديد.
[4] روائي أميركي يهودي (1924 - 2003)، من أشهر أعماله رواية «الخروج» ورواية «الثالوث». قضى يوريس في فلسطين عامًا كاملًا بعد الحرب العالمية الأولى قبل عودته إلى الولايات المُتحدّة، كما أنه اشتق اسمه من كلمة «Yerushalmi» والتي تعني ابن القدس.
[5] ممثل أميركي يهودي (1893 – 1972)، ولد باسم إيمانويل غولدبيرغ، وُلد في رومانيا، واشتهر في عصر هوليوود الذهبي بدور الرجل الشديد في أفلام العصابات، مثل فيلم قصير صغير Little Caesar، كما عُرف بتأييده العلني لإسرائيل ولما تمثله وعمل على جمع أموال التبرعات لصالحها.
[6] مخرج ومنتج وكاتب أميركي-سويسري يهودي (1902 – 1981)، حاز عدة جوائز أوسكار في الكتابة، ومن أهم أفلامه «بن هور Ben-Hur» (1959) المبني على رواية لويس والاس «بن هور: حكاية عن المسيح» (1880)، وهو فيلم ملحمي ديني صامت يتحدث عن صلب المسيح، وقد صُوّرت مشاهد من الفيلم بالقرب من قرية لِفتة الفلسطينية (كموقع بديل للقدس، والتي لم تكن تحت سلطة الاستعمار الاستيطاني بعد)، وقد دمرت العصابات الصهيونية لِفتا وأجبرت أهلها على الرحيل في مطلع عام 1947 مع بداية المجازر وعمليات التجهير المنظم في فلسطين.
[7] فيلم أميركي ملحمي ودرامي من إنتاج عام 1946 ويتحدث عن الجنود العائدين من الحرب بعد سنوات بعيدًا عن بلادهم، وكيف كان لازمًا عليهم أن يعيشوا في مجتمع يشهد تغيرات اجتماعية كثيرة، وذلك إلى جانب تطور الحياة المدنية، وتروى القصة عبر شخصية ثلاثة مُحاربين برتب مختلفة غير متوافقة مع خلفية طبقتهم الاجتماعية. صٌنّف الفيلم ضمن أول 25 فيلم في مكتبة الكونغرس لدوره المُهم ثقافيًا وتاريخيًا وجماليًا.
[8] معسكر اعتقال أنشأته السلطات الألمانية بعد فترة وجيزة من وصول هتلر للسلطة، ويعتبر أول معسكرات الاعتقال النازية وأشهرها، واستمر في العمل لمدو 12 عامًا، ومات فيها أكثر من 41,500 مُعتقل من أكثر من 200,000 مُعتقل. وصلت القوات الأميركية إليه في 29 أبريل 1945، وحررّته، واليوم يوجد نصب تذكاري في مكان المعتقل – المُترجم.
[9] نكتة أميركية تُشير إلى اليهود الذي صاروا يشتغلون في هوليوود (كاليفورنيا) وبناء صناعة السينما، وكأنها مُهمّة دينية، بحيث يعمل بعض اليهود في أرض كنعان Canaan، وبعض الآخر في أرض كاليفورنيا California، ومربط الفرس في إن الاسمين يبدآن بالصوت نفسه Ca.
[10] أو تعرف باسم الدبلوماسية العامة في إسرائيل، وتشير إلى جهود العلاقات العامة للدعاية الإسرائيلية، وهي جهد منظم تقوده الدولة وأنصارها لنشر صورة إيجابية عن إسرائيل وأفعالها مهما كانت خاصةً بالنظر إلى التحديات التي واجهتها صورة إسرائيل باستمرار منذ تأسيسها عام 1948، نظرًا للمجازر التي نفذتها بحق الفلسطينيين قبل وبعد التأسيس والتي تستمر حتى هذا اليوم.
[11] مُصطلح ألماني يُشير إلى أوروبا الوسطة، ولكنه صار يُستخدم لاحقًا بمعانٍ أخرى، حيث يُستخدم أحيانًا مثلًا للإشارة إلى الدول التي خلفت تقسيم المملكة النمساوية المجرية، كما يُستخدم ثقافيًا للإشارة إلى أي منطقة أو إقليم خصب ثقافيًا وفنيًا، ويعرفه الكاتب اليهودي المجري جيورجي كونراد على أنه مصطلح يفيد «بالحساسية الثقافية التي تسمح بالتعقيد وبتعدد اللغات».
[12] ممثل أميركي هودي من أصل روسي (1916 - 2020) كان بطل فيلم لاعب الخفة The Juggler (1953) والذي كان أول فيلم هوليوودي روائي يُصوَّر في فلسطين. يُعد دوغلاس وابنه من أشرس المُدافعين عن إسرائيل في المحافل الدولية.
[13] هجوم بيرل هاربر Pearl Harbor أو العملية زِد حسب اليابانيين: غارة جويّة باغتت فيها البحرية الإمبراطورية اليابانية الأسطول الأميركي في قاعدته البحرية بيمناء بيرل هاربر بجزء هاواي في ديسمبر 1941، وغيَّر هذا الهجوم منحى الحرب، إذ أرغم الولايات المتحدة على دخول الحرب العالمية الثانية وترك موقفها الانعزالي. تسبب الهجوم في قتل أكثر من 2400 شخص بين عسكري ومدني أميركي، وأوقع أكثر من 1300 جريح، إلى جانب الخسائر المادية والخسائر في العتاد العسكري من بوارج، ومدمرات، وسفن، وطائرات.
[14] إقرث أو أقرت، وهي قرية فلسطينية مسيحية مُهجّرة كانت موجودة على تل شديد الانحدار بالقرب من الحدود اللبنانية، احتلت القوات الإسرائيلية القرية في أكتوبر 1948 وطردت سكانها بذريعة الخطر العسكري القادم من لبنان، ونسفت قوات الجيش بيوت القرية عام 1952 تجنبًا لمطالبة أهلها بالرجوع إليها.
[15] أو حرب حزيران أو نكسة حزيران أو نكسة 67، والتي أفضلت إلى احتلال إسرائيل شبه جزيرة سيناء وقطاع والضفة الغربية والجولان، ومن نتائجها صدور قرار مجلس الأمن 242 وانعقاد قمة اللاءات الثلاث العربية في الخرطوم وتهجير معظم سكان مدن قناة السويس ومعظم مدنيي محافظة القنيطرة السوريّة وتهجير عشرات آلاف الفلسطينية من الضفة ومحو قرى بأكملها وفتح باب الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية بعد فصلها عن السيدة الأردنيّة، وقبل العرب منذ مؤتمر مدريد 1991 بمبدأ «الأرض مقابل السلام».
[16] من الشخصيات الرئيسة في الفيلم والرواية.
[17] حائط البراق.
[18] سياسي وعسكري إسرائيلي والرئيس السابع لإسرائيل (1924 - 2005)، كان طيارًا في عصابة الهاغانا الصهيونية خلال حرب 1948، كما انه قادر الهجوم الجوي المفاجئ على قواعد الجو المصرية في عام 1967.
[19] عملية اختطاف رهائن منفذتها مجموعة من الفلسطينيين واليساريين الأمميين الألمان في يونيو/حزيران، وبدأت بخطف طائرة تابعة للخطوط الفرنسية مع 248 راكبًا كانت قد أقلعت من مطار بن غوريون، واختطفت في أثينا وعلى متنها 248 مسافرًا بينهم 103 إسرائيلي إلى جانب طاقمها، ثم حلَّقوا بها إلى مطار عنتيبي بأوغندا، حيث أرسلت إسرائيل قوات كوماندوز إلى المطار لتحرير الرهائن، وانتهت العملية بمقتل المُختطفين و3 رهائن وأيضًا الضابط الإسرائيلي جوناثان شقيق رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو.
[20] سياسي وجنرال عسكري إسرائيلي (1922 - 1995)، وكان جزءًا من فرق البلماح، النخبة المقاتلة من عصابة الهاغانا، وكان خلال حرب 1948 قائدًا للواء هارئيل الذي قاتل في القدس، وأشار المؤرخ إيلان بابي في كتابه التطهير العرفي في فلسطين بأنه كان أحد مُخططي ومنفذي عملية ترحيل الفلسطينيين (الترانسفير) التي نفذتها الحركة الصهيونية على أرض فلسطين.
[21] رجل أعمال ومنتج أفلام وجاسوس إسرائيلي (مواليد 1944)، انخرط في إنتاج حوالي 130 فيلم روائي، وقد شاركت شركته الإنتاجي ريجنسي في إنتاج عددٍ من أشهر الأفلام مثل نادي القتال Fight Club و12 عامًا من العبودية 12 Years a Slave وغيرها، وقد ترشحت أفلام ميلشان للأوسكار مرتين عن فيلم «إل إيه سري للغاية L.A. Confidential» (1997) وفيلم «العائد The Revenant» (2015). عمل ميلشان في المخابرات الإسرائيلية من أواسط الستينيات وحتى أواسط الثمانينيات. اشتهر مؤخرًا في قضايا الفساد والرشوة مع رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو.
[22] فيلم جاسوسية أميركي من بطولة ديان كيتون.
[23] يُعتبر جالوت واحدًا من أبرز الشخصيات في كتاب التناخ اليهودي والعهد القديم المسيحي، ويصوَّر في هذه القصة مواجهة المحارب الفلستي العملاق جالوت (جليات أو جوليات) ضد الشاب داوود (صغير الحجم والخبرة القتالية)، والذي يُصبح ملك إسرائيل المُستقبلي. تُستخدم القصة دون سياقها الديني (مُعلمنةً) في الثقافة الأوروبية والأميركية لتصوير أي معركة أو مواجهة أو منافسة في الحياة العامة بين شخص أو شركة أو جماعة صغيرة ضد أخرى كبيرة ذات موارد وخبرة أكثر، ويُعطي هذا النفس دائمًا حس المظلومية أو الاستضعاف للصغير، وتسمح بنشر مقولات يسهل انتشارها في سياق «فوز الرياضيّ/الشركة/المتنافس الصغير ضد الكبير». وهنا وحتى بعد أكثر من 74 على النكبة، نرى أن إسرائيل لا تزال تصور نفسها بنفس مظلومية الضحية والمحرقة وغيرها، وفي الوقت نفسه، تريد أن تصدر نفسها على أنها دولة نووية قادرة على إبادة أعدائها، وهو ما تفشل به على الدَّوام، فلا يمكن لأحد أن يكون المُستضعف والأقوى في الوقت نفسهِ، وهذا ما نراه في اهتزاز صورتها «المًستضعفة» إبان هبّة أيار 2021.
[24] مُصطلح عامي أميركي يُستخدم للإشارة إلى صانعي الأفلام والمسلسلات الرديئة وعديمة الذوق والتي تسعى فقط لتحقيق الربح أو لإغراق السوق بمنتجات فنية غير رديئة لا تحمل رسالة فنية أو أخلاقية.
[25] مُخرج ومنتج إسرائيلي (مواليد 1929 – 2014) أنتج في حياته أكثر من 200 فيلم عبر شركته (The Cannon Group)، والمشهورة بإنتاج أفلام مثل ذا دلتا فورس، أي أفلام الإثارة والمواجهة والتي عادة ما تكون رخيصة نسبيًا من ناحية الميزانية. تحول غولان بميله في بداية الألفية الجديدة نحو المُسلسلات التلفزيونية، ولكن لعدم وجود ريع كافي، أعلن في عام 2008 إفلاس شركته.
[26] مُسلسل جاسوسية أميركي (2011 – 2020) مبني على مُسلسل إسرائيلي يحمل اسم «أسرى حرب Prisoners of War» أو بالعبرية «هاتوفيم» والتي تعني «المخطوفين»، ويروي المسلسل الإسرائيلي قصة ثلاثة أسرى إسرائيليين في لبنان يخرجون للحرية بعد 17 عامًا من الاعتقال ونتيجة مفاوضات مريرة لإخراجهم. يتحدث المسلسل عن عملية اندماج وتكامل المخطوفين مع المُجتمع ومع عائلاتهم وحياتهم. أما المُسلسل الأميركي، فيتحدث عن ضابطة في وكالة المخابرات المركزية مصابة باضطراب ثنائي القطب وتعتقد أن زميلها رقيب البحرية الأميركية والذي خطفته القاعدة في العراق، قد صار عميلًا لديهم، وأنه بعد خروجه من الأسر، تحوَّل عدوًا وتهديدًا لأميركا ويُخطط لعمليات إرهابية على أرضها. عُرف عن المسلسل بشكل عام تصويره وتمثليه العنصري ضد المُسلمين إذ أنه يلجأ إلى التبسيط وعلم النفس الزائف لصناعة ملحمة تمجد ما فعلته أميركا في العراق، كما أنه يشيد بالسياسة الخارجية لأميركا في المنطقة العربية والشرق الأوسط.
[27] مسلسل دراما أميركي (2008 - 2021) من إنتاج إتش بي أو، ومبني على مسلسل إسرائيلي باسم «باتي بول» ومعناه «خاضع للعلاج»، ويتحدث المُسلسل الإسرائيلي عن الحياة الشخصية والمهنية للدكتور النفسي الإسرائيلي رؤوبين دغان، والذي يُقدم الرعاية لمرضاه 5 أيام في الأسبوع عبر عيادته، ثم يتوجه للخضوع للعلاج النفسي أيام الراحة، ويحمل المُسلسل الأميركي الفكرة نفسها تقريبًا. جدير بالذكر أن العمل جرى تبنيه وتطويره إلى أكثر من 15 مُسلسلٍ في عدة دول ومنها الأرجنتين وصربيا وكرواتيا وسلوفينيا والبرتغال وبولندا والمجر وجمهورية التشيك وسلوفاكيا ورومانيا وغيرها.
[28] مُسلسل إسرائيلي بدأ عرضه في عام 2015، وقد صُوّر الموسم الأول منه في كفر قاسم في أثناء عدوان إسرائيل الوحشي على غزة عام 2014. يستخدم المنتجين خبرتهما في جيش الاحتلال لكتابة المُسلسل، وهو ما عنى أن المُسلسل، مثله مثل المسلسلات الأميركية التي صُنعت في عصر «مكافحة الإرهاب»، ليس معنيًا بقل أي صورة حقيقية، بل هو أداة من أدوات الهسبراة الصهيونية، وينشر معلومات مضللة وكاذبة وزائفة عن الاستعمار الاستيطاني في فلسطين وعن صورة الفلسطينيين قطاع غزة وباقي أماكن فلسطين، وأشارت الدكتورة يارا هواري في مقالة لها على موقع الجزيرة بأن البرامج التلفزيونية التي تركز على تصدير إسرائيل مؤخرًا على أنها قوة خير في مواجهة الشر (مثل مسلسل المسيح 2020 ومسلسل فتياننا Our boys 2019 من إنتاج إتش بي أو) لا تقل عنصرية عن الأعمال السينمائية الاستشراقية، بل ربما تكون أكثر ضررًا وخطرًا منها. كما وصف كثير من النقاد المُسلسل أنه يأتي ضمن تصنيف «ضربني وبكى، سبقني واشتكى».
[29] مسلسل دراما إسرائيلي (2013 - 2021) يتحدث عن عائلة من يهود الحريديم تعيش في جيؤلا في القدس من دون ووصول للإنترنت، ويتتبع العمل التقاليد الصارمة للحريديم وكيف أنه اخترق قواعد هذا المُجتمع تؤدي إلى الفوضى داخل العائلة، ويُظهر العائلة أن اليهود في جيؤلا أكثر انفتاحًا للحياة العلمانية من أقرانهم في حي مئة شعاريم والمعروفون بتطرفهم الدينيّ.
[30] فيلم وثائقي (2012) يتحدث هن جهاز الشاباك من منظور ستة من رؤسائه السباقين ويعتمد على المقابلات المُتعمقة واللقطات الأرشيفية لعرض دوه جهاز الشين بيت في أمن إسرائيل منذ حرب 1967 حتى الوقت الحاضر، وترشح لجائزة أفضل وثائقي في حل الأوسكار الخامس والثمانين. اختلت ردود الأفعال على الفيلم، واعتبره البعض داعمًا للسردية المضادة لإسرائيل في الغرب، في حين اعتبره كثير من المسؤولين الإسرائيليين دليلًا على قوة الديمقراطية في إسرائيل. الفيلم من إخراج صانع الأفلام والمخرج الإسرائيلي درور موريه.
[31] فيلم وثائقي (2011) من إخراج الفلسطيني عماد برناط والإسرائيلي غاي ديفيد، ويتحدث عن نضال سكان قرية بلعين شمال غرب مدينة رام الله في الضفة الغربية ضد جدار الفصل العنصري المقام على أراضيهم، وأغلب لقطات الفيلم من تصوير المزارع عماد برناط. ركَّز الفيلم على تحطيم كاميرات برناط ويدور حول تطورات عائلة برناط على مدار السنوات السبع التالية لإقامة الجدار. فاز الفيلم بعدة جوائز دولية وترشح في عام 2013 للأوسكار.
[32] فيلم دراما فلسطيني (2013) من إخراج هاني أبو أسعد، ويتحدث عن الفلسطيني عُمر الذي يُعتقل خلال مواجهة مع جنود الاحتلال ويُتهم بقتله إسرائيليًا، ويعرض عليه جنود الاحتلال العمل معهم مُخبرًا مقابل حريتهِ. يعد هذا الفيلم ثاني ترشيحات المخرج للأوسكار بعد فيلم الجنة الآن (2005).
التعليقات