28/11/2016 - 16:45

"الأغاني النصراوية"... إرث باق من الزمن الجميل

احتضن الفنان بشارة عوّاد عالمًا واسعًا يجمع الفن والتراث النصراويّين والفلسطينيّين، وتميَّز بصوته واختياراته الفنيّة. هو أحد أركان الزمن الجميل، عاصر وواكب الفن منذ خمسينيات القرن الماضي، وأضاف بسخاء واهتمامٍ كبيرين للفن المحلي في الداخل.

"الأغاني النصراوية"... إرث باق من الزمن الجميل

الفنان بشارة عوّاد (تصوير: سامي جبالي)

المطرب بشارة عواد: 'الفلكلور النصراوي هوية لنا، حافظنا عليها ويجب أن نعمل على استمراريتها للأجيال القادمة'


احتضن الفنان بشارة عوّاد عالمًا واسعًا يجمع الفن والتراث النصراويّين والفلسطينيّين، وتميَّز بصوته واختياراته الفنيّة. هو أحد أركان الزمن الجميل، عاصر وواكب الفن منذ خمسينيات القرن الماضي، وأضاف بسخاء واهتمامٍ كبيرين للفن المحلي في الداخل الفلسطيني، سواء بحفظه وغنائه للفلكلور النصراوي الأصيل، أو برصيده الكبير من الأغاني المحلية التي سجلها بصوته، اختار كلمات وألحان لخيرة الشعراء والملحنين المحليين، وأحيا العديد من حفلات الأعراس في الناصرة والمنطقة لأكثر من ثلاثين عامًا.

من بيته القائم على قمّة أحد جبال الناصرة، خصّ الفنان والمطرب النصراوي، بشارة عواد، لـموقع عرب 48، بهذا اللقاء الذي أبحرنا به مع ذكرياته وتفاصيل مسيرته الفنيّة، على مدار العقود الماضية.

- جديدك، أغنية 'يا زيتون بلادي الأخضر'، والتي أطلقتها مؤخرًا بالتزامن مع موسم الزيتون الذي يطل علينا كل سنة، حاملًا الخير والبركة، وتحديدًا في ذكرى رحيل ياسر عرفات، والسؤال: ما قصة هذه الأغنية؟

كتب كلمات الأغنية الشاعر طوني كرّام، وهي تعود إلى أوائل السبعينيات، كنت قد توجهت للموسيقار الراحل مارون أشقر، الذي لحنها قبل وفاته بفترة قصيرة، وهي من آخر أعماله، لكن لم تُسجل. مؤخرًا، وإحياءً للتراث وبعد إلحاح من أبنائي، عملتُ على تسجيل الأغنية بالتعاون مع المايسترو حسام حايك، الذي أبدع بالتوزيع الموسيقي، والمنتج نزار يونس الذي أنتج الأغنية بطريقة الفيديو كليب، وصوّرت في أقدم كرم زيتون في البلاد لصاحبه ناصر خطيب من دير حنا، وأطلقت رسميًا في ذكرى رحيل أبو عمار، للتذكير بأهمية الزيتون لشعبنا، ورسالة السلام التي حملها أبو عمار، عندما قال جملته الشهيرة في الأمم المتحدة عام 1974: 'لقد جئتكم بغصن الزيتون في يدي، وببندقية الثائر في يدي الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي'.

- في رصيدك من الأغاني الخاصة أكثر من ثلاثين أغنية، هل أنت راضٍ عن جميع هذه الأغاني، التي قُمت بتسجيلها؟

أعتقد أنّ أغنياتي جميعها لاقت الانتشار الجماهيري المرجو في تلك الفترة، ولا أستطيع إلا القول إنني راضٍ عن جميع الأعمال التي قدمتها. في الحقيقة أنه بمقاييس تلك السنوات يعتبر رصيدي من الأغاني كبيرًا، وهذا يدل على الهامات الكبيرة التي كانت في مجتمعنا من شعراء وملحنين، لكنه، أيضًا، قليل مقابل كثرة الأعمال التي كانت تُعرض عليّ لأدائها، ولم أكن أوافق على كل ما يعرض علي إذ كنت أحرص على اختيار الكلمة المناسبة من ناحية المضمون واللحن، ليشكلوا مع الأداء الأساس لنجاح الأغنية.

- كانت لك صداقة مميزة بالموسيقار ميشيل ديرملكنيان، حدثنا عنها؟

الأستاذ ميشيل ديرملكنيان علمني أصول النوتة والعزف على العود نهاية الخمسينيات، واستمرت صداقتنا وتعاوننا الفني حتى رحيله، وهو مَن لحن القسم الأكبر من أعمالي، منها قصيدة 'الرسالة الزرقاء'، 'الدنيا نور وأمل' و'يا جارتي السمراء' للشاعر حبيب شويري، 'حلمك علينا'، 'شجرة العناب' و'درب الهوى' للشاعر جورج فرح، 'ع دروب الفل' و'ميعاد' للشاعر حنا أبو حنا و'ميلي على دروب الهوى'، للشاعر فهد أبو خضرة.

- في عودة للبدايات، إضافة للغناء كانت لك مشاركة في حدث فني ضخم على مستوى الناصرة، خبّرنا عنه

في العام 1964، أديت دور البطولة مع الراحلة أمال قزموز، في الإسكتش الغنائي الأول الذي كتبه ولحنه وأنتجه الأستاذ مارون أشقر، 'عرس الناصرة'، بمشاركة جوقة بنات راهبات المخلص والذي عُرض لأول مرة في قاعة جمعية الشبان المسيحية في الناصرة، وأقيمت، لاحقًا، عروضًا إضافية، بعد النجاح الكبير.

- نفهم أنّ تعاونًا كبيرًا كان بينك وبين طوني كرام؟ حدثنا عن هذا التلاقي؟

الأغنية الأولى التي غنيتها للشاعر طوني كرام، كانت عام 1969، وهي أغنية 'عمّ الفرح'، وكانت أول أغنية أؤديها من ألحاني الخاصة، وفعلًا حققت نجاحًا بعد تسجيلها.

- هل تكرّرت تجربة التلحين لأغانيك الخاصة؟

كما قلت كانت أغنية 'عمّ الفرح' هي التجربة الأولى في مجال التلحين، ووجدتُ أنني أرتاح لما ألحنه بنفسي وأغنيه بصوتي، مع نجاح الأغنية لحنتُ وغنيت للشاعر الراحل فوزي عبد الله، وللشاعر سعود الأسدي، لميشيل حداد، ولجورج فرح إذ لحنت وغنيت من كلماته عدة أغانٍ منها 'لما علينا طلت الحلوة' وضمنتها لحنًا شعبيًا مميزًا كان يردده أهالي الناصرة في أعراسهم، عندما كانوا يقولون 'يا شمس غيبي من السما ع الأرض في عنا عريس'.

- غنيتَ النصراويات ولك تسجيلات لمجموعة مختارة من الأغاني النصراوية، حدثنا عن النصراويات في تلك الفترة من الخمسينيات والستينيات؟

الجميع غنى النصراويات، وأهل الناصرة حفظوا أغانيهم التراثية عن ظهر قلب وكانوا يطربون لها، حتى أنّ سهرات كاملة كانت تُغنى بها فقط الأغاني والمواويل النصراوية. وأنا حفظت وغنيت النصراويات، وكانت مساهمتي الإضافية بتسجيلي كلمة ولحنًا لمجموعة مختارة من الأغاني النصراوية.

- هل هناك برأيك ما يمكن فعله لإحياء هذا التراث من جديد؟

من ناحية الجيل الصاعد من الفنانين المحليين يجب عدم التنازل عن تقديم اللون الفلكلوري، كجزء لا يتجزأ من هوية أي فنان محلي، فالفلكلور النصراوي هوية لنا حافظنا عليها، ويجب أن نعمل على استمراريتها للأجيال القادمة. أما كمجتمع فأرى أنّ على المدارس كمؤسسات تعليميّة واجب ترسيخ الفولكلور النصراوي بل وتدريسه تدريسه وغنائه في دروس الموسيقى أو عبر إنتاج برامج ثقافيّة تعنى بالفلكلور النصراوي، بما فيه إعادة إنتاج وعرض إسكتشات الراحل مارون أشقر.

التعليقات