صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الخمسون (صيف 2024) من الدورية المحكّمة تبيُّن للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية. احتوى العدد على ملفٍّ خاصٍّ يتناول فلسفة القانون، مركِّزًا على القضايا الفلسفية المتعلقة بالعلاقة بين القانون والأخلاق والعدالة والمجتمع. تسلط هذه الدراسات الضوء على كيفية تأثير هذه المفاهيم في النظم القانونية الحديثة وتحديات تحقيق العدالة في المجتمعات المعاصرة.
وتأتي في مقدمة هذه الدراسات دراسة جاكوب دال رينتورف "في القانون والعدالة: من الواقعية القانونية إلى القانون بوصفه تأويلًا"، التي يناقش فيها النظرية القانونية من زاويتَي التنبؤ والعدالة، ويستعرض صلة الواقعية القانونية بنظريات العدالة الحديثة، بهدف نقد واقعية ألف روس القانونية وربطها بنظريات يورغن هابرماس وجون رولز.
أما دراسة غوستافو غوزي فإنها تقدم مقارنةً بين "الدستورية الغربية والدستورية الإسلامية"، حيث يُطرح مفهوم الدستورية في النماذج الغربية، ويُقارن بتصورات الدستورية في المجتمعات الإسلامية، ويعالج كيفية تحقيق الدستورية وفقًا للرؤى المختلفة حول حقوق الإنسان والواجبات.
ويناقش باسكال ريشار في دراسته "القصدية ونظرية المعايير: مساهمات الفلسفة المعاصرة في مسألة المعيارية" إسهامات الفلسفة المعاصرة في فهم دور القواعد القانونية من منظور فلسفي، وذلك من خلال تناول القصدية والمعايير الاجتماعية ودورها في تشكيل السلوك القانوني، مع التطرق إلى طبيعة القوانين التي تجمع بين العمل والتفسير.
وفي دراسة الزواوي بغورة "القانون والعدل والحرية في الفلسفة الاجتماعية: قراءة في فلسفة القانون عند هيغل"، يجري تسليط الضوء على العلاقة الفلسفية بين العدل والحرية والقانون في أعمال هيغل. وتبرز هذه الورقة تأثير فلسفة هيغل في الفلسفة القانونية المعاصرة، وكيف جرى دمج هذه الأفكار في الماركسية والمقاربات الحديثة لنظريات العدالة.
أما رجا بهلول في دراسته حول "القانون الطبيعي: طبيعته وقانونيته"، فيبحث في مفهوم القانون الطبيعي وتطوره التاريخي ودوره في الفلسفة القانونية، محاولًا تفسير ما إذا كان هذا القانون طبيعيًا وكيفية فهم طبيعته وقانونيته.
كما شمل العدد مجموعة متنوعة من المقالات التي تتناول قضايا فلسفية متعلقة بالدين والسياسة، كما في دراسة رشيد الحاج صالح "نقد فلسفة طه عبد الرحمن الائتمانية: تداخل السياسة والدين والأخلاق والحداثة"، التي تتناول مشروع طه عبد الرحمن من حيث علاقة الدين بالسياسة والأخلاق، وتأثيره في المشهد الفكري.
ويستعرض المولدي بن علية في دراسته "القراءة الديكولونيالية لحالة ما بعد الأسلمة" العلاقة بين الدين والتحولات الاجتماعية والسياسية، من خلال تحليل ظاهرة "إسلام السوق" وتأثيرها في القيم الإسلامية والتصورات الحداثية.
أما الدراسة الأخيرة في هذا العدد، فهي لمحمد العربي العياري، وتتناول "فينومينولوجيا الزمن ومفهوم التسارع في الحداثة المتأخرة" بناءً على المشروع النقدي لهارتموت روزا. وتدرس تأثير التسارع التكنولوجي والاجتماعي في الثقافة والهوية، وتسعى إلى فهم كيفية تأثير هذه التحولات في العلاقات الاجتماعية والزمنية في المجتمعات الحديثة.
يُختتم العدد بمراجعات نقدية لكتب تغطي موضوعات فلسفية واجتماعية، تعزز النقاشات الأكاديمية والفكرية التي تسعى إلى استكشاف أبعاد جديدة في الفلسفة والنظريات الاجتماعية.
التعليقات