08/12/2011 - 23:06

ليلة القبض على زهرة / سعد جرادات*

ينظر صلاح إلى أمه مخاطبًا: "سأطلب من لجنة الزكاة بعد موافقة أخي شريف أن تخصص لك مخصصًا شهريًّا، وسأقوم بالدعاء لك وعلى جنود الاحتلال بعد صلاة الفجر، بعد موافقة أخي شريف طبعًا."

ليلة القبض على زهرة / سعد جرادات*

صوت الصراخ يتعالى.. الجارات يغلقن الشبابيك والأبواب، اختفى الأطفال من أزقة المخيم.

لا صوت يعلو فوق صوت صراخ زهرة التي كان يغتصبها جنود الاحتلال في تلك اللحظة تحديدًا.

ينهي الجنود فعلتهم بكل هدوء. يصطفّون بانتظام لأخذ الصور التذكارية مع الضحية، ينهى ضابط المجموعة سيجارته ويومئ بإصبعه للجنود ليصعدوا إلى سيارتهم العسكرية، ثم ينصرفون.

أرسلت الجارات من باب رفع العتب بعض المعلّبات التي قاربت صلاحيتها على الانتهاء، وبطانية، تضامنًا مع زهرة، واسترسلت الجارات في الدعاء و النواح. 

كان شريف أول الواصلين..

"أين كنت وقد فعل جنود الاحتلال فعلتهم بأمك؟! تسأل إحدى الجارات.

شريف: "كنت في المقر أمارس هواية التنسيق الأمني وأمارس رياضة التحقيق مع أحد الانقلابيين! ثمّ ينظر إلى أمه مخاطباً: "لا تقلقي يا أمي، ستخصص لك وزارة الشؤون الاجتماعية راتبًا شهريًّا، وتحدثت مع أحد المسؤولين في مكتب الارتباط ووعدنا بأن يتمّ التنسيق في المرة القادمة."

يصل خالد الابن الثاني لزهرة.. 

"أين كنت وقد فعل جنود الاحتلال فعلتهم بأمك؟! تسأل إحدى الجارات.

خالد: "أنا ناشط لا عنفي، كنت في بلعين حيث زارنا اليوم أحد المسؤولين المهمين. رافقناه مع موكب من الصحافة، التقطنا مجموعة من الصور معه وتنشّقنا قليلاً من الغاز."

 ينظر خالد  إلى أمه ويقول: "أتمنى يا أمي أن لا تكوني قد  قاومتِ بأيّ سلاح، فقضيتنا لاعنفية، وإن اغتصبوك فهم لم يغتصبوا روحك، فلا تغضبي.. غدًا سيقوم وفد أجنبي بالتضامن معك، وسيقومون بنشر صور مفصّلة وبالألوان لما حدث، يااااااه كم كنت أتمنى لو أنك صوّرتِ شريط فيديو لما حدث.

يصل صلاح الابن الأكبر لزهرة..

"أين كنت وقد فعل جنود الاحتلال فعلتهم بأمك؟!"، تسأل إحدى الجارات.

صلاح: "كان يومًا طويلاً، فقد زرت أخي شريف في المقر، وشبحني لعدة ساعات. وأخلى سبيلي بعد أن وعدته بأن أكتفي بالصلاة المفروضة فقط؛ دون أداء السنن، وأن لا أطلق اللحية، وأن لا أشاهد أو أفكر بمشاهدة أي محطة أخرى باستثناء تلفزيون فلسطين."

ينظر صلاح إلى أمه مخاطبًا: "سأطلب من لجنة الزكاة بعد موافقة أخي شريف أن تخصص لك مخصصًا شهريًّا، وسأقوم بالدعاء لك وعلى جنود الاحتلال بعد صلاة الفجر، بعد موافقة أخي شريف طبعًا."

تنظر زهرة في وجوه من حولها، وترى الحسد في عيون جاراتها.

تحاول أن تصرخ.. لكن الكل مشغول بتفاصيل المبالغ وآليات الصرف. تصرخ بأعلى صوتها: "شرفــــــــــــي!؟"

الجميع بصوت واحد: "كم أنت طماعة يا زهرة!"

 

* رام الله

 

التعليقات