06/12/2017 - 17:34

"الفجوات في الخدمات الصحية انعكاس لغياب العدالة الاجتماعية"

أظهر تقرير وزارة الصحة الإسرائيلية، الذي صدر مؤخرًا، نتائج مقلقة حول الفوارق الكبيرة في معدلات الوفيات بين العرب واليهود، وأن وفيات الرضع في المجتمع العربي تفوق 3 أضعاف المجتمع اليهودي، ما يكشف عن نقص حاد في الخدمات الصحية في البلدات

أرشيفية (أ ف ب)

أظهر تقرير وزارة الصحة الإسرائيلية، الذي صدر مؤخرًا، نتائج مقلقة حول الفوارق الكبيرة في معدلات الوفيات بين العرب واليهود، وأن وفيات الرضع في المجتمع العربي تفوق 3 أضعاف المجتمع اليهودي، ما يكشف عن نقص حاد في الخدمات الصحية في البلدات العربية.

وفي هذا السياق، أكد رئيس جمعية تطوير صحة المجتمع العربي، د. بشارة بشارات، في حديث لـ"عرب 48" أن "الفوارق في الخدمات الصحية لا تردم دون سد الفجوات الأخرى أيضا، فهناك حاجة لتطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية، وليس فقط قانون مساواة صحية، فالفقر يؤدي بطبيعة الحال إلى تراجع في الخدمات الصحية".

عرب 48: هناك فوراق نسبية بين معدل أعمار الرجال والنساء في المجتمع العربي عن المجتمع اليهودي، بماذا تفسر ذلك؟

د. بشارة بشارات

د. بشارات: إن معدل حياة الإنسان العربي في البلاد أقل بـ4 سنوات عن نظيره اليهودي ، متوسط حياة الرجل العربي يبلغ 76 عاما، فيما يبلغ المتوسط 81 عاما للرجل اليهودي.

الأمر كذلك بالنسبة للنساء العربيات؛ من المعروف في العالم أن معدل حياة الإنسان، أو صحة المجتمع غير منوطة فقط في الجهاز الصحي وإنما بأجهزة اخرى، فإذا أعطي لفقير وغني نفس الخدمات الصحية، غالبا ما يعيش الفقير سنوات أقل رغم توفر نفس الخدمات.

كان لدينا أمل بمساواة في الخدمات الصحية بالتزامن مع بداية العمل بقانون التأمين الصحي، ولكننا نلاحظ أن الفوارق في ازدياد، فبخدمات متساوية في مجتمعات مختلفة لن يقضي على الفوارق، لذلك نرى أن الخدمات يجب أن تكون ملائمة للمجتمع العربي ومكثفة أكثر وبجودة أفضل، فالمجتمعات الضعيفة (اقتصاديًا) يجب أن تتوفر لها خدمات متطورة ومكثفة أكثر من غيرها، وهذا ما لا يتوفر حتى اليوم.

عرب 48: لو دققنا بالمعطيات، هل نجد أن الخدمات الصحية متاحة لليهود أكثر؟

د. بشارات: نعم هناك بُعد جغرافي واضح عن الخدمات الصحية المتطورة، والإحصائيات تظهر أن البعد الجغرافي للمواطن العربي عن المراكز الطبية المتطورة أعلى بكثير، وحتى نسبة ساعات الأطباء من أصحاب الاختصاص في المجتمع العربي أقل، وكذلك في الأرياف بمنطقة الشمال والجنوب أقل بكثير، وهي مناطق التوزيع الديمغرافي للعرب فيها مرتف جدًا، وكذلك نسبة الأطباء فيها أقل.

نسبة الأطباء في الشمال نصف النسبة المتوفرة لدى سكان "المركز"، رغم أن عدد أفراض الأسرة مماثل، فالخدمات مختلفة ومجتمعنا بحاجة ماسة إلى نظام الوقاية من الأمراض خاصة مع آفة السكري والتدخين.

عرب 48: لماذا يشكل السكري نسبة عالية جدا من مسببات الوفيات بشكل خاص في المجتمع العربي بحوالي 7.5%؟

د. بشارات: المعطيات أكبر من ذلك، فلو أخذنا السكري بصورة مباشرة هي 7.5% وهي ضعف اليهود، ولكن إذا أخذنا العوامل الأخرى التي يسببها السكري لوجدنا النتائج أعلى بكثير. على سبيل المثال، في أمراض القلب وجدنا النسب أعلى.

إن إسرائيل مدرجة في المراتب الأولى في الوفيات بسبب مرض السكري بين الدول الصناعية، ومن يرفع هذه النسبة هو المجتمع العربي، وهذا يعود إلى تغيير نمط حياتنا بصورة جذرية بزمن قياسي، أخذنا ثقافة استهلاك غربية بشكل مضاعف.

مثال على ذلك في الغرب يعودون إلى تناول الخبز الأسمر، ولا زلنا في نمط استهلاك الخبز الأبيض، وهذا مثال بسيط للسكريات التي تملأ سلة الاستهلاك في المجتمع العربي.

ذكرت الخبز على وجه التحديد لأنه مركب أساسي في وجباتنا كمجتمع عربي، وهنا لا بد أن أشير إلى حقيقة سياسة تدعيم المنتجات التي لم تتغير وفقا للضرورات الصحية، فمثلا التدعيم موجود للخبز الأبيض وليس متوفر للخبز الأسمر، وبطبيعة الحال الفقير سيسعى لاستهلاك الأرخص كونه مدعم، وهناك مشروع قادم مع وزارة الصحية سنكون شريكين فيه مع جمعية الجليل ونأمل أن يرى النور قريبًا، في سلم أولياته السكري السمنة والتغذية السليمة.

عرب 48: وفيات الرضع العرب 3 أضعاف اليهودي، أرقام خطيرة للغاية...

د. بشارات: نعم هذه الأرقام جد خطيرة، ولم تنخفض مع مرور السنوات، بحسب التقارير السابقة، مثلا في تقرير عام 2012 كان معدل وفيات الرضع العرب في الجنوب 11 حالة وفاة في كل 1000 طفل، وفي عام 2016 الرقم بقي على حاله، بينما ينخفض لدى اليهود باستمرار.

لدى اليهودي المعدل 2.2 حالة وفاة في كل 1000 طفل، لدى الأطفال الرضع العرب في الجنوب 11 حالة، أي 5 أضعاف عن اليهود.

هذا يشير بشكل واضح إلى نقص الخدمات الصحية في النقب وأيضا في الجليل، ثم العوامل الأخرى الذاتية، مثلا زواج الأقارب الذي ينتشر بشكل واسع في المجتمع العربي، وارتفاع ما يسمى الموت السريري، ما يسببه التدخين السلبي داخل البيت، وغياب التطوير الصحي في صناديق المرضى، وهذا يعيدني إلى موضوع الوقاية الصحية الغائبة في مجتمعنا، والتي تغيب سواء على مستوى رفع الوعي أو جهد الحكم المحلي في توفير خدمات صحية أعلى، لربما لانشغالها فيما هو أساسي أكثر.

 

التعليقات