انتصار الحياة في غزّة: جرحى مسيرات العودة يتقدّمون لاختبارات التّوجيهي

على أسرّة مستشفى غزّة الأوروبّي جنوب القطاع، التقى ثلاثة شبّان فلسطينيّين لم تتجاوز أعمارهم بعدُ سبعة عشر عامًا، مصابين مسيرات العودة في أكثر من منطقة، وهم محمد قديح، عمر أبو هاشم، باسل القرا، ليؤدّوا ثلاثتهم امتحانات الثّانويّة العامّة.

انتصار الحياة في غزّة: جرحى مسيرات العودة يتقدّمون لاختبارات التّوجيهي

محمد قديح، عمر أبو هاشم وباسل القرّا يجرون امتحاناتهم في المشفى (الأناضول)

على أسرّة مستشفى غزّة الأوروبّي جنوب القطاع، التقى ثلاثة شبّان فلسطينيّين لم تتجاوز أعمارهم بعدُ سبعة عشر عامًا، مصابين مسيرات العودة في أكثر من منطقة، وهم محمد قديح، عمر أبو هاشم، باسل القرا، ليؤدّوا ثلاثتهم امتحانات الثّانويّة العامّة.

كان محمد قد أصيب مرّتين بطلقٍ ناريٍّ في بطنه، وبقنبلة غازٍ انفجرت في وجهه، حين كان في مسيرة العودة في بلدة خزاعة شرقي خان يونس، فيما أصيب باسل بعيارٍ ناريٍّ في قدمه تسبّب بعرقلة حركته، حين كان في المنطقة ذاتها. أمّا عمر فقد نال العيار الناري المتفجر من قدمه اليُمنى وأفقده نصفها، شرقي رفح.

وعانى ثلاثة الشّجعان وما زالوا من أوجاعهم وآلام جراحهم الغائرة، وممّا سبّبته رصاصات الاحتلال لهم من إعاقة وعرقلة للحركة، لكنّهم أصرّوا على التّقدّم لامتحانات الثّانويّة العامّة الّتي تحتاج لبذل طاقةٍ ومجهودٍ عظيمين أكثر من أيّ عامٍ قبلها.

وكلما جاء موعد أحد الامتحانات، عاد الثلاثي للقاء مُجددًا في ذات القاعة، وهم على ذات الأسِرة، التي لا يتمكنون بدونها من التحرك للقاعة، المُخصصة لهم بتنسيق بين إدارة المستشفى ومدير التربية والتعليم – شرق خان يونس؛ فيما تزال الدماء تنزف من مكان إصابتهم.

تحرر محمد قليلاً من سريره مُستعينًا بوالده الأربعينيّ وصديقه الذي يساعده في دراسته أكرم أبو دقة، ونزل للجلوس على مقعد مُمدّدًا قدميه على مقعد آخر، ومتّكئًا على مقعد ثالث. أمسك بكتاب اللغة العربية المخصّص لطلاب فرع العلوم الإنسانية – الأدبي، وباشر بمراجعة ما يمكن مراجعته قبل بدء الامتحان بدقائق.

قال محمد "أصبت في التاسع والعشرين من آذار أثناء المشاركة في التحضيرات لمسيرات العودة السلمية، بعيار ناري في البطن، وعدتُ مُتكئًا على عكازي مُجددًا بعد أيام، وأصبت بقنبلة غاز في الوجه في ذات المنطقة بخان يونس، ونقلت للمستشفى حتى الآن أمكث أتلقى العلاج".

وأضاف محمد، فيما كان يضغط بيده على مكان إصابته أسفل البطن، "رغم الوجع والألم الذي أعاني منه، سأستمر في حياتي ومسيرتي العلمية، وسأكمل الثانوية العامة، وأتمنى أن أنجح وأكمل حياتي ومشواري الدراسي".

وأكّد محمّد أنّ الاحتلال - بإصابته له ولبقية الجرحى- لم يتمكّن من النّيل من عزائمهم، فلن يستسلموا للواقع المرير الذي حاول فرضه عليهم، باستهدافه لهم بمختلف أنواع الأسلحة؛ وسيستمرّون برفض الحصار الذي يفرضه المُحتلّ منذ أكثر من 11عامًا عليهم؛ مشدّدًا على أنّ "العلم أقوى سلاح نواجه به المُحتل".

أما صديق والد محمد، أكرم أبو دقة (40عامًا)، فحرص منذ إصابة محمد على الوقوف بجوار الجريح وأسرته، خشية أن تؤثر الإصابة على نفسيّته، ويتراجع عن إكمال مشواره الدراسي؛ فتطوّع لمساعدته في دراسة مواد الثانوية العامة، والبقاء معه حتى دخول قاعة الامتحان في المستشفى مع جرحى آخرين.

وأشار أكرم إلى أن الاحتلال عند استهدافه لهؤلاء الشباب لم يكن عشوائيًّا أبدًا، بل نابعًا من إدراك الاحتلال لقيمة الثّروة البشريّة في مسيرة حضارة وحرّيّة أيّ شعب، والّتي تتمثّل في الشّباب الحرّ الّذي خرج رافضًا للحصار ولكلّ وضعٍ غير إنسانيّ.

ورغم الاستهداف الواضح لم يبخل هؤلاء على الوطن بالتضحية؛ ورغم التضييق والجوع والحصار والاستهداف، يواصلون التسلح بالعلم، وخير دليل وجود نسبة كبيرة من هؤلاء الشباب تصر على العلم، ونسبة كبيرة من شعبنا متعلمين كذلك؛ وهذا يدل على أحقيتنا في وجودنا بهذه الأرض المقدسة.


 

التعليقات