"حواجز محبة" فلسطينية لمحاصرة انتشار فيروس كورونا

يتطوّع مجموعة من الشبّان الفلسطينيّين في الضّفّة الغربيّة في نصب حواجز مدنيّة تهدف لقياس درجة حرارة المارّين، بغية المساعدة في احتواء انتشار وباء فيروس كوفيد-19 في البلاد.

(وفا)

يتطوّع مجموعة من الشبّان الفلسطينيّين في الضّفّة الغربيّة في نصب حواجز مدنيّة تهدف لقياس درجة حرارة المارّين، بغية المساعدة في احتواء انتشار وباء فيروس كوفيد-19 في البلاد.

وارتدى أحد الشبان المتطوعين، مؤيد سمحة، وهو محامٍ متدرب قميصا برتقاليا ووضع كمامة واقية وقفازات بلاستيكية، على حاجز أمام قرية عين بيرودـ وكان يقيس درجة حرارة المسافرين وهم داخل مركباتهم من خلال جهاز إلكتروني، ونقلت وكالة أنباء "فرانس برس" عن المتطوع قوله إنّ "نقوم بقياس الحرارة، ونحاول قدر الإمكان رصد المصابين بالفيروس وفق الإمكانات المحدودة لدينا".

ولا يقتصر عمل سمحة التطوعي على قياس درجة الحرارة، بل يتعداه إلى إجراء فحص آخر بسيط لأولئك الذين يشير الجهاز إلى ارتفاع درجة حرارتهم. فيطلب من الشخص حبس أنفاسه لمدة تتراوح ما بين 10 إلى 15 ثانية، وإذا تبين أنه يعاني من أية آلام، يتصل مباشرة بالجهات الطبية في مدينة رام الله لتتولى التثبت من الموضوع.

وليس بعيدا عن مؤيد يقف أربعة شبان يرتدون الزي نفسه. كما يوجد غيرهم على حاجزين آخرين في محيط القرية. وتنحصر مهمة هؤلاء بالتأكد من هوية المارين ومعرفة وجهتهم وإن كانوا قادمين من قرى ومدن فيها إصابات، فتتم إعادتهم من حيث أتوا.

ويقول مسؤول الحاجز محمد حويح: "نحن نقف هنا لتنسيق أمور الناس، ومعرفة أين يتوجهون والأماكن التي سيتوقفون فيها". ويضيف في حديث لوكالة "فرانس برس" أنّ "هناك سكان من قرى مسموح لهم التوقف في وسط القرية للشراء، وسكان آخرون من قرى ومدن غير مسموح لهم التوقف في القرية".

وبلغت حصيلة الإصابات بفيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية 260 إصابة، بينها 13 إصابة في قطاع غزة المحاصر، ووفاة في الضفة الغربية المحتلة. وأغلب الإصابات المسجلة هي في صفوف عمال فلسطينيين عادوا من إسرائيل، وأشخاص مخالطين لهم.

وعلقت إلى جانب الحاجز لافتة كبرى كتب عليها "حاجز المحبة"، في إشارة إلى أن الحاجز هو لحماية المارين وليس للتضييق عليهم.

ويقيم العديد من الشبان في قرى ومخيمات بعيدة عن المدن الرئيسية في الضفة الغربية، حواجز مماثلة، ووفق وزارة الداخلية الفلسطينية، فإن تشكيل لجان مدنية للعمل على مداخل القرى والمخيمات في المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال، كان بقرار اللجنة الرسمية لمواجهة الفيروس.

وقال الناطق باسم الوزارة غسان نمر لوكالة فرانس برس " قررنا تشكيل هذه اللجان مع بداية أزمة كورونا، وهي تعمل بإشراف محافظ المدينة والمجالس القروية والبلدية والأجهزة الأمنية".

وعن سبب تشكيلها، يوضح نمر أن مرده "عدم قدرة السلطة الفلسطينية العمل في المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال، إضافة إلى عدم توفر العدد الكافي من رجال الأمن الفلسطيني لتغطية كل أنحاء الضفة الغربية".

وينسق الشبان على الحواجز في ما بينهم من خلال تطبيق "زيلو" على الهواتف المحمولة. ويقول حويح إن التنسيق بين العاملين المتطوعين الشباب يتم طوال 24 ساعة من خلال هذا التطبيق، كما يتم التنسيق مع الحواجز في القرى القريبة الأخرى.

وفي قرية دورا القرع المجاورة، ارتدى الشبان قمصانا بلون أصفر كتب على ظهرها "مجلس قروي دورا القرع"؛ فعند مدخل القرية، أوعز الشبان لشاحنة كبيرة وصلت للتو بالوقوف وطلبوا من سائقها فتح الأبواب الخلفية وتم التأكد من هويته ووجهته قبل أن يسمح له بالمرور.

ويقول مسؤول حاجز دورا القرع عبد الرحمن حسين: "قمنا بتشكيل هذه المجموعات بناء على طلب السلطة الوطنية لأن إخواننا في السلطة لا يستطيعون الوصول إلينا في هذه المناطق، ويتم التنسيق معهم في حالات الطوارئ الشديدة".

وأضاف في حديث لوكالة "فرانس برس" أنّه "نسمع دائما عن عمال يأتون من الداخل المحتلّ، بعضهم مصاب بالفيروس"، مبيّنًا أنّه "تمكنّا هنا على حاجز دورا القرع من ضبط أربع حالات لمصابين بفيروس كورونا من خلال التنسيق مع حواجز مماثلة في مخيم الجلزون وعين يبرود والأجهزة الأمنية".

وكثفت الحواجز المدنية على مداخل القرى مؤخرا وتيرة عملها بعد ظهور إصابات خارج مراكز المدن الرئيسية، فيما تتخوف السلطة الفلسطينية من ارتفاع نسبة الإصابات خلال الأيام المقبلة، خصوصا مع بدء الأعياد اليهودية في إسرائيل وعودة العمال الفلسطينيين إلى أماكن سكنهم في الضفة الغربية.

وتقدر وزارة العمل الفلسطينية عدد العمال الفلسطينيين في مناطق الداخل المحتل بـ 53 ألف عامل، في حين تشير نقابات العمال إلى أن العدد يزيد على 100 ألف عامل، جزء كبير منهم يعملون بدون تصاريح رسمية.

التعليقات