03/11/2016 - 19:28

رغم إعاقتها البصريّة: سمر... قياديّة وفاعلة في المجتمع

رغم إعاقتها البصريّة منذ سن صغيرة، تم اختيارها كواحدة من أكثر الشخصيات النسائيّة تأثيرًا وقيادةً في المجتمع العربيّ، ضمن حملة "اعرفها" الصادرة عن جمعيّة نساء ضد العنف، فقد تحدّت بخطوات واثقة كلّ ما واجهها من تحديات...

رغم إعاقتها البصريّة: سمر... قياديّة وفاعلة في المجتمع

سمر أبو قرشين

رغم إعاقتها البصريّة منذ سن صغيرة، تم اختيارها كواحدة من أكثر الشخصيات النسائيّة تأثيرًا وقيادةً في المجتمع العربيّ، ضمن حملة 'اعرفها' الصادرة عن جمعيّة نساء ضد العنف، فقد تحدّت بخطوات واثقة كلّ ما واجهها من تحديات حتى تكون تلك الشخصيّة الاستثنائيّة المعطاءة.

سمر أبو قرشين، من شفاعمرو، التي أنهت اللقب الأوّل بالعمل الاجتماعي والتربية، هي موجهة مجموعات وحاصلة على شهادة معلمة مؤهلة للتربية الجنسانيّة، تعمل حاليًا في مركز الطفولة، ومركز سواسية للأشخاص مع إعاقة ولذويهم، وهو مركز يقدم توعية حول الحقوق والخدمات المستحقة لهم من المؤسسات المختلفة، وهي متطوعة كذلك في مركز مساعدة ضحايا الاعتداءات الجنسيّة والجسديّة للنساء.

تم اختيارك واحدة من النساء القياديات اللواتي أثّرن في المجتمع العربيّ ضمن حملة 'اعرفها' الصادرة عن جمعية نساء ضد العنف، ماذا يعني لكِ هذا؟

اختياري كان مفاجئًا ومؤثرًا جدًا بالنسبة لي، وأعتقد أنّ كل امرأة هي قياديّة ومؤثرة،  وبالطبع اختياري هذا منحني شعورًا جميلاً، فهو يعبر عن تقدير لمساري الذي مررتُ به مسبقًا، وبأنني مرئية ولي أثر، فنتيجة ما يمرّ به الإنسان يوميًا من ضغوطات تجعله يشعر أنّه لوحده وأنّ ما من أحد يسمعه ويراه، أما مشاركتي اليوم في هذه الجملة فهذا يعني أنّ الناس ترى دوري وإنجازاتي في المجتمع.

مجتمعنا يعتقد أنّ من لديهِ إعاقة هو عاجز، فماذا تقولين من خلال مسيرتك الحافلة بالنجاح؟

كل إنسان لديهِ قدرات وإعاقات معيّنة، منها إعاقات بارزة ومنها إعاقات مخفيّة تظهر في الحياة اليوميّة كصعوبة التعامل مع أمور بعينها، ولكن المجتمع معتاد على رؤية الإعاقات الجسديّة فقط، كالإعاقة البصريّة أو الجسدية، ولكن على الإنسان أن يؤمن بذاته وقدراته، وهذا يتم عن طريق الحصول على فرص حتى يتعرّف إلى ذاته بشكل أكبر ليستطيع معرفة ما يستطيع وما لا يستطيع، واكتشاف القدرات الكامنة، عن طريق مواجهة المواقف التي يضطر الإنسان لمواجهتها.

عن طريق المواجهة يستطيع الإنسان التعرف إلى ذاته بشكل أكبر، فالإنسان الذي يحصل على دعم وهو مؤمن بقدراته وتُتاح له فرص التجربة، يعلم ما إذ كان قادرًا على القيام بها أم لا، وبالنهاية لا يوجد إنسان قادر على فعل كل شيء، وبذات الوقت لا يوجد إنسان لا يستطيع فعل أي شيء، وكنتُ أحاول دائمًا مواصل طريقي من منطلق إيماني بأنّي أستطيع، واجهتُ أشخاصًا دعمتني وبالمقابل هناك من لم يدعمني وأغلق باب الأمل في وجهي، ولكنني واصلت البحث عن أبواب أخرى وفرص حتى وجدت في كل مرحلة من مراحل حياتي فرصة وقمت بانتهازها حتى النهاية حتى تطوّرت الأمور معي'.

حدّثينا عن طفولتكِ، كيف كانت؟

في طفولتي كنتُ أتدرب الجمباز، وكان نظري في حينها يتراجعُ إلى الأسوأ، وقد قام المدربون بالتراجع عن تعليمي بسبب خوفهم أن أصاب بأذى أثناء التمرين، عدا عن أنهم لم يكونوا يملكون معرفة كيفية التعامل معي، فتوقفتُ عن تعليم الجمباز، وذهبتُ حينها لأبحث عن هواية أخرى أمارسها، ألّا وهي الرقص، لكن أماكن تعليم الرقص لم تكن على دراية بكيفيّة تعليم فتيات مع إعاقة بصريّة، فالدروس تعتمد على رؤية الحركة وتقليدها، أما أنا فلا أستطيع رؤيتها وأحتاج أن يتم التطبيق معي بشكل منفرد، ولهذا لم تتوفر فرصة لي بسبب عدم استعداد مدارس الرقص وإمكانياتهم.

قبل عدّة سنوات تعرّفتُ على مدرب للخيل أبدى استعداده لتعليمي وإعطائي فرصة حتى أتدرب، وهذا ما حصل، فأنا اليوم أركب الخيل، وهذا يعود للأستاذ الذي سمح لنفسهِ فرصة التعليم بطريقة مختلفة.

كيف تصفين وضع النساء العربيّات من ذوي الاحتياجات الخاصة؟

كلنا نعلم أنّ النساء في مجتمعنا يعانون من تهميش مضاعف، فهم نساء في مجتمع عربيّ ذكوريّ ضمن أقليّة عربية في دولة إسرائيل، وتعيشُ النساء في ضواحي البلاد التي لا تحتوي على الكثيرة من الخدمات، وليس في مدن متطورة، فأن تكون امرأة ومع إعاقة هذا يعني أنّها ستعاني من مستويات تهميش متعددة، فوضع النساء العربيات بشكل عام صعب، والنساء العربيات مع إعاقة صعب جدًا.

هذا الوضع يتطلب من المرأة مع إعاقة أن تواجه الكثير من التحديات كي تثبت وجودها وكيانها كجزء لا يتجزأ من المجتمع، وجزء فعال ومنتج، وهذا ليس بأمر سهل.

حدّثينا عن تطوعكِ في مساعدة النساء؟

من خلال تطوعي بمركز مساعدة ضحايا الاعتداءات الجنسيّة والجسديّة للنساء، أشعر أنّ عملي هذا هو رسالة ودعم لكل فئة يمكنني أن أساعدها، وهذا ما افتقدته حين بدأت أفقد نظري، فلم أتلقَ الدعم والإرشاد والتوجيه اللازم في وضعي الجديد لأتغلب على الصعوبات.

 وأعلم، من خلال تجربتي الشخصيّة، كم يكون الدعم عنصر مساعد ومخفف وموجه، ولهذا قررتُ أن أعطي الدعم لفئات وأشخاص مهمشة، كالنساء اللواتي يفتقدن الدعم والتوجيه، وأشعر أنّ هناك مسؤولية على عاتقي لمساعدتهم والتخفيف عنهم قدر المستطاع، كي يتغلبوا على التحديات التي لم أجد أحدًا في الماضي يساعدني بالتغلب عليها بشكل كافٍ، وكنت أحبّ لو وجدت الدعم.

متى شعرت أنك كنتِ بحاجة إلى الدعم والتوجيه ولم تجديه؟

أعتقد أنّ كل إنسان في كل مراحل حياته بحاجة لتوجيه، وفي كل مرحلة هناك صعوبات، إن كانَ من ناحية أزمات صحية، نفسية، جسدية، عائليّة، أيًا كانت، وعن حالتي فقد كانت الأزمة حين بدأت أفقد نظري، ولا شكّ أنّني كنتُ بحاجة إلى دعم في التعليم بالمدرسة والجامعة، والحصول على فرص عمل، فجميع الاعتقادات السائدة أنّ شخص مع إعاقة، خاصةً امرأة، هو أمر سلبيّ، فكان يتم رفضي، وكنت بحاجة إلى دعم من أحد يؤمن بي وبقدراتي ويتيح لي فرصة متساوية بأي أحد آخر سواي، حينها إما سأثبت قدراتي وأؤدي واجباتي كأي شخص آخر أو أكتشف أنّ هذا العمل غير مناسب لي وأبحث عن فرصة أخرى.

اقرأ/ي أيضًا | أريج خطيب: تركت الطب لصالح البيولوجيا

التعليقات