"نتنياهو على خطى السيسي"

"ما فعله الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بالإخوان المسلمين منذ يوليو ٢٠١٣، يقوم بمثله رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن موشيه (بوغي) يعالون تجاه حماس"

مع مرور الأيام واكتشاف حجم الإخفاق الأمني الإسرائيلي في قضية أسر المستوطنين الثلاثة في الضفة الغربية، تتجه الخيارات إلى إعلان إسرائيل حربًا على حركة حماس في الضفة الغربية تحديدًا. وللحصول على شرعية لهذه الحرب، تحاول إسرائيل إجراء مقاربات وخلط الأوراق من خلال مقارنة حربها على حماس بحرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على تنظيم الإخوان المسلمين، أو من خلال مقاربة بين حماس وتنظيم "داعش".

وفي هذا السياق، كتب المحلل العسكري في موقع "واينت"، رون بن يشاي، اليوم مقالاً تحليلياً تحت عنوان "نتنياهو على خطى السيسي" يؤكد فيه أن الحكومة الإسرائيلية قررت المباشرة بحملة عسكرية واسعة لتوجيه ضربة قاصمة لـ"حماس" في الضفة الغربية.

وكتب بن يشاي أن "ما فعله الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بالإخوان المسلمين منذ يوليو ٢٠١٣، يقوم بمثله رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن موشيه (بوغي) يعالون تجاه حماس. وكما فعل السيسي بشكل ممنهج لمنع انبعاث الحياة السياسية للإخوان المسلمين في مصر، تقوم حكومة إسرائيل من خلال الجيش والشاباك بإحباط إمكانية أن تقوم حماس، التابعة للاخوان المسلمين في مصر، بالسيطرة على الشارع الفلسطيني في "يهودا والسامرة". لكن الفرق واضح: إسرائيل تنشط في الأيام الأخيرة بشكل منتظم وجذري ضد حماس، لكن من دون عنف ومن دون وحشية. أسلوب السيسي كان مغايرا لكن الهدف مشترك".  

وتابع بن يشاي: "في العامين الأخيرين قلقت الأجهزة الأمنية من تسرب الإسلام السياسي والإسلام المتطرف إلى حدودنا وإلى يهودا والسامرة. وأول من حذر من ذلك هم أفراد قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات في الجيش. لكن في الشاباك كان القلق أقل. وقد زاد القلق عندما أعلن رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن ورئيس حكومة حماس في غزة حتى فترة وجيزة، إسماعيل هنية، عن المصالحة، وقد تحول القلق المتزايد إلى حالة شبه هستيرية عندما اتضح أن التهديد يتحقق، أي بمعنى أن المصالحة بدأت بالتكون في شكل حكومة مشتركة. شبه الهستيريا هذه تحولت إلى هستيريا تامة بعد سيطرة تنظيم "داعش" الذي يعمل وفق رؤية بن لادن على شمال العراق".

وكتب بن يشاي أن إسرائيل أصبحت ترى فيما تصفه بتهديد الإسلام الجهادي المتطرف خطرًا بالمستوى ذاته تقريباً لخطر المشروع النووي العسكري الإيراني، حسب تعبيره. وأضاف أن حماس قد تعتقد بأن عملية الاختطاف قد منحتها عدة نقاط في الشارع الفلسطيني، لكن هذا الانجاز هو للمدى القصير، لأنه على المدى البعيد فإن حماس قد تخسر بسبب العملية فرصة تحقيق هدفها الإستراتيجي وهي السيطرة على الساحة الفلسطينية، وبالأساس على الضفة الغربية، لأن قطاع غزة صار تحت سيطرتها.

وتابع بن يشاي أن على المواطنين في إسرائيل وعلى الفلسطينيين في الضفة أن يدركوا بشكل واضح أن الحملة العسكري التي توسعت ليلة أمس إلى نابلس ومخيمات اللاجئين القريبة وإلى بيت لحم تستهدف "حماس"، ولا تسعى إلى تحرير المختطفين وإنما إلى إحباط سيطرة حماس على السلطة الفلسطينية وعلى منظمة التحرير الفلسطينية، وأشار إلى أن الحملة تشمل أيضًا المؤسسات الدعوية والخيرية التابعة لحماس في الضفة الغربية والتي تعتبر غطاء للعمل العسكري لحماس في الضفة.

العصا والجزرة

وأضاف بن يشاي أن هذه العملية قد تساهم في العثور على المختطفين لأنها تشكل ضغطاً على المدنيين الفلسطينيين وتضع قادة حماس في إشكالية، وهي هل عليها تفضيل المصالح السياسية بعيدة المدى للحركة في الضفة وإعطاء إسرائيل ما تبحث عنه، أم الاستمرار في إخفاء المختطفين والتفاوض حتى على تحريرهم في صفقة على الرغم من إدراكها بأن كل يوم يمر دون تحرير المختطفين يعني أن الحركة تبتعد عن المصالحة السياسية في الضفة الغربية. وتابع أنه قد تتعرض حماس لما تعرض له تنظيم الإخوان في  مصر بسبب اندفاعية الرئيس المعزول، محمد مرسي، ورجاله.

شرعية دولية

ولفت بن يشاي إلى أن أحد عوامل نجاح الحملة الإسرائيلية ضد حماس هو توفر الشرعية الدولية لعمليات عسكرية في الضفة ضد الحركة. وأضاف أن لهذه الشرعية عدة مصادر، منها عملية الاختطاف نفسها التي يرى العالم بأنها عملاً إرهابياً، إضافة للدعم الأميركي والأوروبي لنشاط الجيش في ظل التطورات الدامية في العراق ونيجيريا، التي تثير الفزع والقلق لدى أميركا ودول أوروبا، حسب تعبيره.

وقال بن يشاي إن الجيش والشاباك يحاولان تجميع المعلومات الاستخبارية من خلال الاعتقالات والتحقيقات التي شهدت تطوراً معيناً، حسب تعبيره. وأشار إلى أن تقديرات الأجهزة الأمنية تفيد بأن منفذي العملية ينتمون لمعسكر داخل حماس يرفض المصالحة الفلسطينية ويحاول إفشال المصالحة. وأكد أن عباس أصدر تعليماته لأجهزته بالتعاون الأمني الكامل مع إسرائيل في كل ما يتعلق بعملية الاختطاف.

وكرر بن يشاي قوله إن العالم الغربي بدأ يدرك بأن الإسلام الجهادي أصبح يشكل خطراً حقيقياً وحضارياً عليها بشكل لا يقل عن خطورته على الأنظمة في العراق وسوريا. لذا فإن إسرائيل لديها الحرية في قمع حماس شريطة ألا يتسبب ذلك في خرق جدي لحقوق الانسان، مثل العقوبات الجماعية وسفك الدماء، كما قال.

وتابع أن إسرائيل عضو في تحالف دول شرق أوسطية يجمعها القلق من الإسلام المتطرف، كما أنها تعاني منه وتصر على التخلص منه وإحباطه، وعلى رأس هذه الدول مصر والأردن. وأوضح أن مصر تطالب إسرائيل بـ"ضبط النفس" في حملتها في الضفة الغربية، لكنها لم تطلب حتى الآن وقف العملية ضد حماس. ولفت إلى أنه ليس من قبيل الصدفة أن تطالب الأردن بضبط النفس لكن بعبارات أقل حزماً، لأنها ترى بحماس خطراً أيضًا.

وخلص بن يشاي إلى أن على إسرائيل الحفاظ على الوضع القائم وألا تتسبب بإثارة الدول العربية مثل مصر والسعودية والأردن في أعقاب عملية عسكرية واسعة في غزة، لأن ذلك من شأنها أن يثير الشارع العربي التي ستضغط على الأنظمة.

التعليقات