هل تكذب الروبوتات وتتلاعب بنا؟

تتوزّع مختبرات الذكاء الاصطناعيّ في العالم كلّه، إلّا أنّ شركة "سان فرانسيسكو"، تعتبر واحدة من أكثرها طموحًا، نظرًا للتطوّرات الأخيرة التي أحدثتها الشركة، من خلال برنامج "تشات جي بي تي"

هل تكذب الروبوتات وتتلاعب بنا؟

صورة تمّ إنشاؤها على روبوت "دال" (getty)

من خلال دردشة افتراضيّة (روبوت)، أمضى الباحث المتخصّص في العلوم الاجتماعيّة والاقتصاديّة، الألمانيّ جوناس ثيل، وقته في الدردشة عبر الإنترنت مع بعض الفلاسفة السياسيّين. بالطبع، هؤلاء الفلاسفة ليسوا حقيقيّين، وإنّما روبوت دردشة يُطلق عليه اسم "كاركتر آي". بالنسبة لجوناس، فقد كانت الشخصيّة المفضّلة بالنسبة له، هو الروبوت الذي قلّد كارل كاوتسكي، الاشتراكيّ اليساريّ. وعندما طلب جوناس بعض النصائح من الروبوت من أجل رفاقه الاشتراكيّين المعاصرين، اقترح عليهم الروبوت إطلاق صحيفة. مبرّرًا بأنّه يمكنهم استخدامها من أجل وظيفتين أساسيّتين، وسيلة لنشر الدعاية الاشتراكيّة، وتنظيم الطبقة العاملة.

من خلال هذا الروبوت، كان بإمكانه اختيار أيّ شخص تقريبًا، حيًّا أو ميتًا، حقيقيًّا أو متخيّلًا، فلا فرق. لقد تطوّر الأمر، وأصبح بإمكان المستخدمين الدردشة مع الملكة إليزابيث، أو ويليام شيكسبير، أو حتّى إيلون ماسك! من تريده للدردشة سيكون جاهزًا على الأغلب!

هذا الموقع الذي أسّسه دانيال وشاريز، وهما باحثان سابقًا في شركة غوغل، يقوم على نوع جديد من الدردشة القائمة على الروبوتات. في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، كشف مختبر للذكاء الاصطناعي في سان فرانسيسكو عن روبوت "أوبن إي آي" الشبيه، ونظرًا لأنّ هذه الروبوتات تتعلّم من خلال البيانات المنشورة على الإنترنت، فإنّها كثيرًا ما تولّد الأكاذيب أو العنصريّة والكراهية… وغيرها، ويمكن أن تصبح أكثر طريقة فعّالة في إدارة حملات معلومات مغلوطة على الإنترنت!

بالنسبة لروبوت "كاركتر إي آي"، فإنّ القائمين عليه قد وجدوا أنّ الروبوت لديه الموهبة في الحديث وانتحال الشخصيّات، وكذلك يمكنه ترجمة أفكار شخصيّاته إلى الإنجليزيّة العاديّة. وفي الوقت الحاليّ، تُعدّ هذه الروبوتات مصدرًا للترفيه، لكنّها من جانب آخر، بدأت تستغلّ في إحداث الضرر على الإنترنت، وترويج الأكاذيب والمعلومات المغلوطة.

الصعود المقلق للروبوتات

Getty

تعرّف الشركة المسؤولة عن روبوت "أوبن إي آي" نفسها بالقول "قمنا بتدريب "تشات جي بي تي" للتحدّث، والإجابة على أسئلة المتابعين، والاعتراف بالأخطاء، وتحدّي المعلومات غير الصحيحة".

تتوزّع مختبرات الذكاء الاصطناعيّ في العالم كلّه، إلّا أنّ شركة "سان فرانسيسكو"، تعتبر واحدة من أكثرها طموحًا، نظرًا للتطوّرات الأخيرة التي أحدثتها الشركة، من خلال برنامج "تشات جي بي تي" وبرنامج "دال إي 2" وبرنامج "جي بي تي 3"، حيث تستطيع الروبوتات في هذه البرامج، إنشاء صور رقميّة بسيطة عن طريق الوصف فقط، والكتابة والجدال والبرمجة الفوريّة، وبالطبع، الكلام!

تتعلّم الروبوتات مهاراتها من خلال شبكات عصبيّة أيضًا، معتمدة على نظام رياضيّ صمّم على شكل الخلايا العصبيّة في الدماغ! هذه التقنيّة نفسها، تستخدم في الترجمة الآلية اليوم في "جوجل" وغيرها، وهي نفسها التي تتعلّم منها السيارات ذاتيّة القيادة.

بدأت الفكرة بتدريب شبكة عصبيّة مبتكرة على التعلّم من الحوارات، من سجلّات الدردشة التي أُخذت من مواقع التواصل الاجتماعيّ وغيرها. الفكرة كانت بسيطة في بدايتها، إلّا أنّها كانت تتطلّب قوّة هائلة للمعالجة الحاسوبيّة. وبدأت الروبوتات بالتعلّم شيئًا فشيئًا، باستخدام ما يسمّى تقنيّة LSTM، وهي أشبه بالذاكرة طويلة المدى، لكن سرعان ما أصبح هناك تحوّلات هائلة في هذه التقنيّات، وأصبحت التقنيّة التي تقرأ كلمة واحدة في كلّ مرّة، تستطيع قراءة مستند بأكمله في كلّ مرّة.

البداية

Getty

خلال عام 2021، بدأ المشروع يكبر شيئًا فشيئًا، وأخبر مهندس في غوغل صحيفة واشنطن بوست أنّ الروبوت أصبح واعيًا. كان هناك مبالغة في هذا الوصف، إلّا أنّ الروبوتات تحسّنت بشكل كبير وسريع، ومقلق أيضًا.

في البداية، تردّدت شركة "غوغل" في إطلاق التكنولوجيا الخاصّة بها، لما قد تستخدم في المعلومات المضلّلة والكاذبة، ممّا قد يلحق الضرر بالشركة نفسها، إلّا أنّ السيّد دي فيرتاس، مهندس المشروع، قرّر ترك شركة غوغل، وإطلاق التكنولوجيا لأكبر عدد من الناس من خلال شركة "كاركتر إي آي".

أمّا بالنسبة لروبوت "تشات جي بي تي"، وهو الذي أطلقته شركة "أوبن آي"، ليعمل كمحرّك بحث، فإنّ الباحثين أشاروا إلى مخاطره، والتي تتلخّص في أنّ المستخدمين لا يعرفون متى يمكن للروبوت اختلاق الأشياء! قد يخبرك مثلًا، أنّ العملة الرسميّة لسويسرا هي اليورو، إلّا أنّها على أرض الواقع، الفرنك السويسريّ. ويطلق الباحثون على هذا الجيل من الروبوتات، "روبوتات الهلوسة"...

استثمارات قادمة

Getty

وكان موقع سيمافور الإخباريّ التقنيّ، قد ذكر، نقلًا عن مصادر مطّلعة، إنّ شركة مايكروسوفت تجري في هذا الوقت، محادثات من أجل استثمار عشرة مليارات دولار في شركة "أوبن إي آي"، المالكة لتطبيق "جي بي تي".

وقال لتقرير، إنّ التمويل سوف يؤدّي إلى تقييم الشركة التي تتّخذ من سان فرانسيسكو مقرًّا لها، عند 29 مليار دولار. ويشمل التمويل استثمارات أخرى داخل البرنامج.

وتأسّست شركة "أوبن إي آي" على يد الرئيس التنفيذيّ لشركة "تسلا" إيلون ماسك، وأتاحت تطبيقها عبر شبكة الإنترنت في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، وهو روبوت مصمّم لمحاكاة المحادثات البشريّة استنادًا إلى التعليمات التي يقدّمها المستخدمون داخل هذا التطبيق.

التعليقات