في محاولة جريئة لاستعادة هيمنتها على سوق أشباه الموصلات المتطور، أعلنت شركة إنتل عن خطة استراتيجية جديدة تهدف إلى تطوير شرائح ذكاء اصطناعي محليًا، بعد سلسلة من الصفقات والإخفاقات السابقة التي كبّدت الشركة خسائر كبيرة، وأفقدتها موقعها المتقدم أمام منافستها اللدودة، إنفيديا.
وتُعد هذه الخطوة تحوّلًا جذريًا في سياسة إنتل، التي لطالما اعتمدت على الاستحواذات كمحرك للنمو في مجال الذكاء الاصطناعي، دون أن تُحقق النتائج المرجوة.
وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس بالنسبة لإنتل، حيث تواجه ضغوطًا متزايدة من السوق، مع تراجع حصتها أمام شركات مثل إنفيديا وTSMC، التي عزّزت مكانتها في أسواق شرائح الذكاء الاصطناعي والحوسبة عالية الأداء.
ووفقًا لمصادر داخلية في الشركة، فإن إنتل تخطط لتوجيه استثمارات ضخمة نحو فرق البحث والتطوير، بهدف بناء سلسلة من المنتجات الذكية التي تُعتمد بالكامل على التقنيات والخبرات المحلية داخل الشركة، دون اللجوء إلى الاستحواذات الخارجية.
وفي تصريح حديث، أكد مسؤولون في إنتل أن الشركة تعمل حاليًا على تطوير جيل جديد من الشرائح الحوسبية التي تستهدف تحسين الأداء في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لا سيما في مجالات الحوسبة السحابية، مراكز البيانات، وتكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة.
وستُركّز الشركة في هذه الشرائح على تحقيق توازن بين الأداء العالي وكفاءة استهلاك الطاقة، وهو المجال الذي تتفوق فيه إنفيديا حاليًا من خلال سلسلة شرائح H100 وB200.
وقد كانت إنتل في السنوات الماضية قد استحوذت على شركات مثل Nervana Systems وHabana Labs بهدف اقتحام سوق الذكاء الاصطناعي، لكنها فشلت في تحقيق عوائد ملموسة، ما دفعها إلى إعادة التفكير في نهجها.
وفي ظل قيادة جديدة، تتبنّى الشركة الآن فلسفة "التجديد من الداخل"، مع رؤية واضحة لتقليل الاعتماد على الشركاء الخارجيين وتطوير قدراتها الذاتية.
ويرى محللون أن نجاح إنتل في هذا المسار سيعتمد على مدى قدرتها على مواكبة التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، وعلى قدرتها على تقديم منتجات قادرة على جذب عملاء كبار مثل شركات الحوسبة السحابية، التي تعتمد حاليًا بشكل كبير على منتجات إنفيديا.
ويُضيف الخبراء أن هذه الخطوة تنطوي على مخاطر كبيرة، لكنها قد تفتح أمام إنتل آفاقًا جديدة للعودة إلى ساحة المنافسة، إذا ما تم تنفيذها بكفاءة ودون تأخير.
ويُذكر أن سوق شرائح الذكاء الاصطناعي يُعتبر من أسرع الأسواق نموًا في قطاع التكنولوجيا، حيث يُتوقع أن يتجاوز حجمه 150 مليار دولار بحلول عام 2027، مدفوعًا بالطلب المتزايد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب الحياة الحديثة.
وفي هذا السياق، تُدرك إنتل أن تأخرها أكثر من ذلك قد يجعل من الصعب عليها استعادة موقعها الريادي، ما يفسر الجدية والحزم في خططها الأخيرة.
التعليقات