05/12/2021 - 20:29

"الضمير": انتهاكات حقوقيّة خطيرة للسلطة عقب اغتيال بنات

شدّدت مؤسسة حقوقية فلسطينية في تقرير نشرته اليوم الإثنين، أن الفترة التي تبِعت اغتيال الناشط الفلسطينيّ، نزار بنات من قِبل أجهزة الأمن الوقائي الفلسطيني؛ قد "شكّلت ضربة لمنظومة العدالة الفلسطينيّة"، مؤكدة ارتكاب "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من قبل السلطة التنفيذيّة

(أ.ب)

شدّدت مؤسسة "الضمير" لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في تقرير نشرته اليوم الإثنين على أن الفترة التي تبِعت اغتيال الناشط الفلسطينيّ، نزار بنات من قِبل أجهزة الأمن الوقائي الفلسطيني؛ قد "شكّلت ضربة لمنظومة العدالة الفلسطينيّة"، مؤكدة ارتكاب "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من قبل السلطة التنفيذيّة ممثّلة بالأجهزة الأمنيّة، من خلال الاعتداء على التجمّعات السلميّة، وانتهاك حقّ المواطنين في الحريّة، والتجمّع السلميّ، وحريّة الرأي والتعبير، والحقّ في الخصوصيّة".

وذكر التقرير أنّ مسيرتان خرجتا في "24/6/2021 بعد انتشار خبر مقتل نزار... وتعرّضتا للقمع الشديد من قِبل الأجهزة الأمنيّة والشّرطيّة، باستخدام قنابل الصوت والغاز والضرب بالهراوات، تبعها عددٌ من المسيرات والتجمّعات السلميّة، ووصل عدد التجمّعات التي دعت لها الحراكات ما بين 24/6/2021 حتّى 25/8/2021 إلى ما يقارب 17 تجمُّعا سلميّا، منها: 13 تجمّعا مركزيّا في رام الله، ومن أصل 17 تجمّعا في رام الله والخليل وبيت لحم، تعرّضت 9 تجمّعات؛ 8 في رام الله وواحد في بيت لحم، للاعتداء من قبل الأجهزة الأمنيّة والشرطيّة بلباس عسكريّ ومدنيّ، إضافة إلى مواطنين مدنيّين اعتدوا على المتظاهرين".

وأفاد بأن "الأجهزة الأمنيّة بالزيّ العسكريّ والمدنيّ قامت بالاعتداء على الصحافيّين الذين قاموا بتغطية التجمّعات السلميّة، وذلك من خلال الضرب، وتحطيم الكاميرات، وسرقة الهواتف في إطار تقييد عمل الصحافيّين، ومَنْعهم من تغطية الانتهاكات التي ارتُكبت بحقّ المتظاهرين السلميّين، إضافة إلى الاعتداء على موظّفي المؤسّسات الحقوقيّة المحليّة والدوليّة الذين تواجدوا في التجمّعات السلميّة لرصد الانتهاكات وتوثيقها".

وأوضح التقرير أنه "في المقابل، وفي إطار التمييز الذي مارسته السلطة التنفيذيّة بحقّ المواطنين الفلسطينيّين بشكلٍ مخالف للقانون، أقامت حركة فتح خلال الفترة المذكورة 12 تجمّعا ومهرجانا في عدد من محافظات الضفة الغربيّة؛ دعما لرئيس السلطة الفلسطينيّة (الرئيس الفلسطيني، محمود عباس)، وللأجهزة الأمنيّة، ولم تتعرّض أيّ من هذه التجمّعات للاعتداء، بل على العكس، قامت الأجهزة الشرطيّة بتأمين سيرها، على الرغم من أنّ أحد هذه التجمّعات التي دعت لها حركة فتح في رام الله يوم الأحد 27/6/2021 شابها أعمال شغب، وأخلّ المشاركون بها في الأمن والنظام العام بشكل مخالف للقانون، وقاموا بالتوجّه باتّجاه تجمّع آخر مقابل، والاعتداء على المواطنين بالضرب، والسحل، والنشل، وسرقة المقتنيات، إضافة إلى التحرّش بالنساء، والاعتداء على الصحافيّين، وذلك كلّه على مرأى ومسمع عناصر الشرطة الذين تواجدوا في المكان، دون أن يحرّكوا ساكنا في مخالفة صارخة لواجبهم بالحفاظ على الأمن وإنفاذ القانون بحقّ الجميع دون تمييز".

استهداف محتجين بقنابل الغاز في رام الله (أ ب)

وأشار التقرير إلى "حمل متظاهرين من حركة فتح الأسلحة الناريّة في عدد من التجمّعات التي تمّت الدعوة لها، وارتدوا اللثام في مخالفة لنصّ المادّة 8 من اللائحة التنفيذيّة لقانون الاجتماعات العامة رقم 12 لسنة 1998 التي تنصّ على أن: ’يُحظر على المشاركين في الاجتماع أو المسيرة التلثّم، أو حمل أيّة أسلحة ناريّة، أو أسلحة بيضاء، أو أيّة آلات حادّة، أو عصيّ، أو أيّة موادّ مؤذية مهما كان نوعها’، وذلك دون أن يتعرّض أيّ منهم للاعتداء، أو الملاحقة، أو الاعتقال من قبل عناصر الشرطة والأجهزة الأمنيّة".

وأضاف أنه "إضافة إلى التجمّعات المذكورة، دعت عائلات عناصر الأمن الوقائيّ الموقوفين والمتّهمين بقتل نزار بنات إلى وقفتين احتجاجيّتين للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم بحجّة أنّ المتّهمين قاموا ’بتنفيذ القانون’، عُقدت إحدى هذه الوقفات أمام هيئة قضاء قوى الأمن في رام الله في ظلّ تواجد قوّات الشرطة، والأخرى أمام مبنى محافظة الخليل. ولم تتعرّض أيّ من هذه التجمّعات المطالبة بالإفراج عن المتّهمين بقتل نزار لأيّ قمع، أو اعتداء، أو ملاحقة من قبل الأجهزة الأمنيّة؛ ما يكرّس سياسة التمييز التي تنتهجها السلطة التنفيذيّة بحقّ المواطنين الفلسطينيّين".

وأكّد أن "انتهاكات السلطة التنفيذيّة بأجهزتها، لم تقف في الفترة الماضية عند القمع والاعتداء على التجمّعات السلميّة، بل امتدت لتشمل تنفيذ حملة اعتقالات واسعة ضدّ الأشخاص المشاركين في التجمّعات السلميّة بشكلٍ تعسفيّ. حيث اعتقلت في الفترة المذكورة ما يقارب 70 شخصا أثناء توجُّههم للتجمّعات السلميّة، أو أثناء مشاركتهم بها، ومنهم: نساء، ومسنّون، ونشطاء، ومدافعون عن حقوق الإنسان، وأطبّاء، ومحامون، ومحاضرون، في الجامعات، وأسرى محرّرون".

وأضاف البيان أنه "جرى الاعتداء على القسم الأكبر منهم بالضرب والسحل، وتعرضوا جميعا لظروف اعتقال صعبة، حيث قضوا فترات اعتقالهم في زنازين تفتقر إلى الحدّ الأدنى من مقوّمات المعيشة الإنسانيّة، وفي ظروف بيئيّة وصحّيّة سيّئة، لم يُراعَ فيها الحدّ الأدنى من التدابير الوقائيّة؛ لحمايتهم من خطر تفشّي الفيروس".

وتابع: "اعتُقل معظم المعتقلين على ذمّة جهاز الشرطة –المباحث العامّة-، بعضهم تم الإفراج عنهم بعد ساعات من الاعتقال، والبعض جرى تحويله للنيابة العامّة التي قامت إما بتمديد التوقيف، أو إخلاء سبيلهم، والبعض الآخر جرى تحويله للمحكمة المختصّة لاستكمال إجراءات المحاكمة بتهم التجمهر غير المشروع، وقَدْح المقامات العليا، وإثارة النعرات الطائفيّة، وتم إخلاء سبيلهم من قبل المحكمة بكفالات شخصيّة وماليّة إلى حين انتهاء إجراءات المحاكمة".

شهادات ضحايا؛ اعتداءات دون فتح التحقيق

وأفاد التقرير بأن "الصحافيّ (أ. ح) تعرّض للاعتداء أثناء تواجده في دوّار الساعة يوم الأحد 27/6/2021؛ لتصوير التجمّع السلمي الذي دعت الحراكات له، حيث كان الصحفيّ يقوم بممارسة عمله الصحفيّ والتصوير، فتوجّه له شخص بلباس مدنيّ، وقام بتهديده ’ممنوع التصوير وإذا بتصوّر بنكسرك أنت والكاميرا’. أكمل الصحافيّ التصوير انطلاقا من حقّه بممارسة عمله الصحافيّ، وبعد ما يقارب 15 دقيقة، توجّه إليه اشخاص عدّة بلباس مدنيّ، وقاموا بضربه، وأحد الأشخاص حاول سرقة الكاميرا منه، وآخرون استمرّوا بضربه على رأسه ووجهه، وواحد حاول عرقلته ليسقط أرضا، قبل أن يتمكن من الهرب من بين أيديهم. هذا مع العلم أنّه كان يرتدي زيّ الصحافة الكامل: درع واقٍ، وخوذة".

وبحسب التقرير، فقد تمّ "توثيق الاعتداء على الصحافيّ من قبل صحافيّين تواجدوا في المكان بواسطة الفيديو، واستصدر الصحافيّ تقريرا طبّيّا أوّليّا من مجمّع فلسطين الطبّيّ، يفيد بوجود كدمات وخدوش في وجهه ورأسه. وتقدّمت مؤسّسة الضمير ببلاغ للنائب العام للتحقيق الفوريّ في الشكوى المقدّمة للمؤسّسة من الصحافيّ، تضمّن صورا للأشخاص الذين قاموا بالاعتداء على الصحافيّ، والتقرير الطبّيّ الذي يوضّح وضعه الصحّيّ؛ وذلك لملاحقة الأشخاص المعتدين الذين استطاع الصحافيّ تمييزهم، واتّخاذ المقتضى القانوني اللازم بحقّهم؛ حمايةً للحقّ الأساسيّ بالسلامة الجسديّة، وبالعمل الصحافيّ، واحتراما للقانون الأساسيّ الفلسطينيّ، والاتّفاقيّات، والمواثيق الدوليّة التي وقّعت عليها دولة فلسطين دون تحفّظات، إلّا أنّه حتّى هذه اللحظة لم يتمّ فتح التحقيق".

عناصر أمن ومسلّحون في رام الله لقمع محتجين

كما "تعرّضت الطبيبة (د. أ) للاعتداء الشديد من قبل عناصر الشرطة بتاريخ 5/7/2021 أثناء مشاركتها في تجمّع سلميّ أمام مقر شرطة البالوع في مدينة رام الله؛ احتجاجا على اعتقال مجموعة من المواطنين، الذين تمّ اعتقالهم من دوّار المنارة قبل موعد التجمّع السلميّ، الذي كان مفترضا أن يكون في تمام الساعة السابعة مساءً؛ تنديدا بالاعتقال السياسيّ"، وفق التقرير.

وأوضح التقرير أن "الطبيبة وصلت إلى مركز شرطة البالوع وكان هناك 10 أشخاص تقريبا، معظمهم من أهالي المعتقلين الذين جرى اعتقالهم من دوّار المنارة، جزء منهم كبار بالسنّ وأطفال، ولم يكن هناك أيّة هتافات باستثناء هتاف واحد من زوجة أحد المعتقلين، ويقتصر فقط على التنديد بالاعتقال السياسيّ".

وأضاف أنه "بعد فترة من تواجدهم هناك، ازداد عدد المشاركين وانضم للتجمّع شخصيّات حقوقيّة وصحافيّون، وكان التجمّع على أساس الوعد بإطلاق سراح جميع المعتقلين بحسب أقوالها. ثم أبلغت المشاركين عناصر من الشرطة والأجهزة الأمنيّة بزيّ عسكريّ ومدنيّ بضرورة مغادرة المكان خلال 10 دقائق، وبعد النقاش معهم حول سبب إصدار القرار، ومنع التجمّع، أخبروا المشاركين أنّه بناءً على قرار رئيس الوزراء (محمد اشتية) بمنع التجمّع لأكثر من 7 أشخاص".

وتابع: "قام المشاركون على إثر ذلك بالتفرّق، ووقفوا على الرصيف المقابل لمقرّ الشرطة على شكل 7 أفراد، كلّ سبعة معا، وتقول الطبّيبة في إفادتها لمؤسّسة الضمير: خلال أقلّ من 10 دقائق وصلت قوّة أمنيّة كبيرة بعدد من السيّارات، وقاموا بالهجوم والاعتداء على كلّ الموجودين بطريقة وحشيّة بالهراوات، وقبل أن نتحّرك للابتعاد تفاجأت بسحلنا وجرّنا على الأرض، لمسافة 10 أمتار تقريبا حتّى المدخل الخارجي لمقر الشرطة، في البداية بدأ السحل من خلال جرّنا بعنف، وتمّ إكمال ذلك من قبل الشرطيّات بجرّنا من شعرنا مع لكمات على الوجه، وكنت أنا، ولم أعلم مَن أيضا اعتُقل معي، حتى وصلنا الباب الداخليّ لمقر الشرطة، حيث تمّ اعتقالنا، وإدخالنا غرفة مساحتها لا تتعدّى 3*2 متر ، داخل المقر".

وأضافت: "وأثناء تواجدي في هذه الغرفة، شاهدت عدد من عناصر الشرطة تقوم بالتناوب بالاعتداء على ضرب المعتقلين من الشباب، وهنا أبلغت الشرطة والأمن الموجود في هذه الغرفة أنّني طبيبة، وأظهرت لهم بطاقتي كطبيبة، وطلبت منهم التوقّف عن الضرب بهذه الطريقة العنيفة لجميع المعتقلين. ثم بعد فترة بدأ عدد المعتقلين بالتزايد من الأشخاص رجالا ونساءً، حيث كانوا يبقون الشباب على الأرض، ويستمرّون في ضربهم بطريقة وحشيّة وعنيفة، لدرجة توقّعت أنّه قد يكون هناك وجود حالات خطيرة نتيجة هذا الضرب الوحشيّ، ومن الممكن أن تؤدّي للوفاة".

وقالت: "حاولنا أنا وبعض المعتقلات الوقوف والطلب من المسؤولين أن يكفّوا عن ضرب المعتقلين، وكنت أصرخ عليهم بأنّ المعتقلين سيُقتلون إذا ما استمرّوا في ضربهم، وأثناء صراخي قام أحد عناصر الشرطة في دفعي وضربي بالحائط، لكنّني أصررت على معاينة المضروبين، حيث إنّ أحدهم فقد وعيه نتيجة الضرب، وطبعا سمحوا لي بالمعاينة بعد فترة طويلة من الإلحاح والإصرار على طلب معاينتهم. ففورا طلبت إحضار سيّارة إسعاف لنقلهم إلى المستشفى، ولم يتمّ ذلك إلّا بعد فترة تتعدّى 3-4 ساعات".

وأضافت: "أثناء تواجدنا كان هناك باب يصل إلى ممرّ بجانب الغرفة التي كنت متواجدة فيها، حيث كانوا يُدخلون الشباب المعتقلين داخلها، وكنّا نسمع أصوات صراخ شديد وضرب، وكان ضرب جميع الموجودين في هذه الغرفة لا يتوقّف، مع العلم أنّ جزءا من المعتقلين كانوا صحافيّين ومحامين وكانوا يصرّحون بذلك، ولكن لا أحد من الأمن اهتمّ. بعد ما يقارب الساعة والنصف من وجودنا داخل هذه الغرفة، تمّ فصلنا عن الشباب المعتقلين، وتمّ إدخالنا لغرفة داخليّة مكثنا فيها ما يقارب الساعتين، بعدها طُلب منّا التوجّه للطابق العلويّ لتوقيع تعهّد، حيث أخبرونا أنّه سيتمّ الإفراج عنّا بعد التوقيع على هذا التعهّد، طلبنا الاطّلاع عليه ولكنّهم رفضوا، فطلبنا الاتّصال بمحامي من أجل الاستفسار والاستشارة القانونيّة، وبعد رفضنا جميعا التوقيع، وتمّ السماح لنا بالاتصال مع محام، وأبلغناه عن التعهّد، وطلب بدوره منّا عدم التوقيع على أيّ ورقة، وأبلغونا أنّه نتيجة رفضنا سيتمّ توقيفنا، وأنّهم سيتّبعون الإجراءات ليتمّ عرضُنا في اليوم الثاني على النيابة. وبالفعل بدأوا معنا إجراءات التوقيف، وتسليم الأمانات، وأخبرونا بتجهيز أنفسنا للذهاب إلى الفحص الطبّيّ عند الخدمات الطبّيّة؛ من أجل النقل إلى السجن، وبعد أقلّ من ساعة، تمّ إبلاغنا أنّه سيتمّ الإفراج عنّا دون تعهّد، وبالفعل تمّ ذلك".

وذكر البيان أن مؤسّسة الضمير تقدّمت ببلاغ للنائب العام العسكريّ للتحقيق الفوريّ في الشكوى المقدّمة للمؤسّسة من الطبيبة حول الاستخدام المفرط، وغير المبرَّر للقوّة من قبل عناصر الشرطة الذين اعتدوا على الطبيبة؛ لملاحقتهم، واتّخاذ المقتضى القانونيّ اللازم بحقّهم، إلّا أنّه حتّى هذه اللحظة لم يتمّ فتح التحقيق".

التعليقات