تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى الترويج لـ"خطة شتات جديدة لسكان قطاع غزة"، بحيث تدفع دولا في الشرق الأوسط إلى تبنيها والمشاركة الفاعلة فيها، في محاولة لضمان غطاء عربي للمخطط الذي يستهدف الكتلة السكانية في القطاع البالغ عدد سكانه نحو 2.3 مليون نسمة، تمهيدا لفرض واقع أمني جديد على قطاع غزة "في اليوم التالي للحرب".
تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في تلغرام
جاء ذلك بحسب ما نقلت صحيفة "العربي الجديد"، اليوم الإثنين، عن مصادر مصرية ودبلوماسية غربية في القاهرة؛ وبحسب مصدر مصري مطلع على تحركات القاهرة، فإن "صمود المقاومة في القطاع ساهم بقدر كبير في تعديلات متكررة بشأن الخطط الغربية والأميركية المتعلقة بالتعامل مع قطاع غزة ومستقبله".
تصور مغلوط حول قدرات المقاومة
وأوضح المصدر أن "التصور الأولي الذي طرحته حكومة الاحتلال على الإدارة الأميركية وبعض الداعمين الغربيين قبيل بدء العدوان، كان يتضمن تقديرات ميدانية أقل كثيرًا مما ظهر في الميدان لقوة المقاومة وحركة حماس وقدرتها على المواجهة، وهو ما تسبب في ارتباك واسع في خطط الإدارة الأميركية".
وبحسب المصدر، فإن الحكومة الإسرائيلية "قدمت تصورًا للإدارة الأميركية في بداية العدوان يشير إلى القضاء على الجانب الأكبر من قدرات المقاومة خلال أسبوعين على أقصى تقدير، يُستخدم خلالهما حجم نيران ضخم وغير معتاد". لافتا إلى أن ذلك التصور "كان يهدف إلى الحصول على الدعم الأميركي إزاء الضغوط التي ستتولد من جراء حجم النيران المستخدمة".
مخططات التهجير "تراود بعض الدوائر الغربية"
وأفاد المصدر بأنه "حتى الوقت الراهن، تحرص وفود أوروبية وأممية على التوجّه إلى شمال سيناء" المصرية، وأضاف أن "مخطط التوطين أو النقل المؤقت لعدد من سكان القطاع إلى سيناء لا يزال يراود بعض الدوائر الغربية"، رغم موقف مصر الرافض للمخطط، "نتيجة موقف ممانع من أجهزة ومؤسسات نافذة في البلاد".
وأوضح المصدر أنه "لوحظ أن بعض الوفود الأوروبية الموجودة في شمال سيناء حاليًا تجمع معلومات تفصيلية عن الوضع في المنطقة، من حيث عدد السكان، وحجم المساحات غير المأهولة، ومقومات المنطقة بشكل عام"، مؤكدا أن "مصر كثفت خلال الأيام الأخيرة من وجود قوات حرس الحدود على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة".
وكشف المصدر عن "زيادة عدد نقاط المتابعة والتمركز على الشريط، البالغ طوله 14 كيلومترًا، بنحو عشر نقاط جديدة"؛ في حين نقلت الصحيفة عن "دبلوماسي غربي في القاهرة" أن "هناك تقدمًا في أحد التصورات المطروحة بشأن سكان القطاع"، على حد تعبيره.
وأفاد الدبلوماسي الغربي بأن "الإدارة الأميركية تعمل على تصور يقود في نهاية الأمر لاستيعاب مليون ومائة ألف من سكان القطاع في عدد من الدول العربية، وسط مواطنيها والأجانب العاملين فيها، وليس في صورة مخيمات أو تحديد مناطق محددة لهم".
وأوضح الدبلوماسي الغربي أن "عددًا من دول بالمنطقة، وخارجها، أبدى استعدادًا لبحث الموافقة على الخطة وتحديد أعداد يمكن استيعابها على أراضيه"، وقال إن "بعض الدول يمكنها استيعاب 250 ألف غزّي لديها"، الأمر الذي اعتبره رئيس الدائرة السياسية لحركة "حماس" في غزة، باسم نعيم، "هدفا إستراتيجا" لسلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح نعيم أن "حماسة" الأوروبيين والغربيين لمخططات التهجير "تراجعت" في ظل "اصطدامهم بتمسك أسطوري لأبناء شعبنا بأرضهم ووطنهم، وبمقاومة شرسة، وبموقف عربي وإسلامي متماسك برفض فكرة التهجير وتكرار مشهد النكبة"، مشددا على ضرورة التوصل إلى "حل في إطار رؤية سياسية متكاملة".
سيطرة إسرائيلية كاملة على كل ما يدخل إلى غزة
ونقلت الصحيفة عن مصدر مصري آخر قوله إن "عملية إدخال المساعدات من مصر إلى قطاع غزة باتت تحصل بشكل كامل وفقًا للشروط الإسرائيلية". وأوضح ان "وفدًا تقنيًا أمميًا يقيم في مدينة العريش (الحدودية) للإشراف على تسلّم المساعدات وتفريغ الطائرات ومراجعة حمولتها".
ومسار المساعدات إلى غزة يبدأ من معبر كرم أبو سالم (بين مصر وغزة وإسرائيل) أو العوجة (بين مصر وإسرائيل) "حيث تصل الشاحنات المحملة بالمساعدات، ليتسلمها فريق أممي آخر ويراجعها مرة أخرى ويفتشها بشكل دقيق"، موضحا أن هذه الإجراءات كانت "شروطاً إسرائيلية للموافقة على تمرير القدر البسيط من المساعدات الإنسانية".
وقال إن "هذه هي المرة الأولى، خلال مواجهات الصراع والعدوان من جانب إسرائيل على القطاع، التي يتولى فيها فريق أممي الإشراف على دخول المساعدات من مصر"، موضحًا أنه في السابق "كان يتسلم الهلال الأحمر المصري شحنات المساعدات ويقسمها ويوزعها ويراجعها حتى الدخول إلى الأراضي الفلسطينية".
التعليقات